تعتبر الكثير من الأنماط السلوكية ملائمة لمرحلة تطورية ما من عمر الطفل ، وينظر إليها على أنها مرضية الطابع في أعمار متقدمة، فالكذب والتهور والتحدي وحبس النفس والطبع الحاد مألوفة في الأعمار 2 – 4 سنوات في سياق بدء الحاجة للاستقلال دون توفر المهارات الاجتماعية والحركية اللازمة للحصول عليه بشكل ناجح، وتنجم تلك المظاهر عادة عن الإحباط والغضب على سبيل الاحتمال. يتم جلب حوالى نصف الأطفال في سن ما قبل المدرسة إلى الأطباء في الولايات المتحدة في وقت ما بسبب العصيان والسلوك التخريبي، إضافة إلى ذلك يسود الاعتقاد إلى أن نصف مراهقي أمريكا يقدمون بصورة متقطعة على مظاهر سلوكية ممزقة ومعادية للمجتمع.
لا يعتبر حبس النفس breath holding تصرفا غير اعتيادي في سنوات الحياة الأولى إذ يسعى الرضع والدارجون من خلاله للاحتفاظ بحاضنتهم والتمسك ببيئتهم، ورغم ان بعض الأطفال يحبسون نفسهم إلى درجة فقدان الوعي مما قد يطور الأمر أحيانا إلى نوبة اختلاجية، ولا توجد خطورة زائدة لديهم من تطور الاضطراب الصرعي لاحقاً.. ينصح الوالدان أن تكون استجابتهما إهمال القضية ومجرد مغادرة المكان عند حدوثها، إذ سرعان ما يتلاشى الأمر ما لم يجد معززاً له.
يستخدم الأطفال بين عمر 18 شهرا إلى 3 سنوات التحدي والمعارضة والطبع الحاد نتيجة شعورهم بالإحباط الناجم عن رغباتهم المتصارعة بغية البقاء على صلة مع المحيط والحياز على الرعاية والدلال، ويعتبر ارتكاس الوالدين تجاه ذلك أمراً بالغ الأهمية، إذ يدفع الارتكاس العقابي الغاضب إلى تعزيز سلوك التحدي عند الطفل وتعليم الطفل أن رد الفعل الملائم للإحباط هو الانفعالات الخارجة عن السيطرة. يطلب من الوالدين إزاء الطبع الحاد والمعارضة إفهام الطفل لفظياً بأن أسباب الإحباط عنده هي موضع تقدير لديهم لكنهم غير راضين عما ينجم من استجابات تجاهه، ولا بد هنا من منح الطفل الوقت والمجال كي يتعافى. إذا لم يتمكن الطفل من التخلص من هذه العادات واستمرت لديه على نحو متصاعد ينصح الوالدان بمنح الطفل الوقت اللازم أو تركه لوحده لبرهة في غرفته بغية نيل تكيف ملائم منه دون انفعالات.
يصاب الأطفال عادة بالذعر نتيجة شدة وعمق مشاعر الغضب التي تجتاحهم وكذلك شدة مشاعر السخط التي يسببونها لوالديهم، وهنا يلعب ارتكاس الوالدين دوراً هاماً في تقديم الأنموذج الذي يتم بواسطته ضبط تلك المشاعر، فالكثير من الآباء يمتعضون من فقدان أبنائهم القدرة على السيطرة على الغضب الذي يعانون منه لا يرون أنهم يسبقونهم لفعل ذلك أولا، وبالتالي يحرمونهم من المساعدة على كبت ذلك الغضب والسيطرة عليه في داخلهم، وهنا يبرز دور الطبيب بأن يعرف كيفية ارتكاس الوالدين وتعاملهم مع الغضب قبل إسداء التوصيات عن سبل حل المشاكل التي تعترض الطفل. يوجد سبيل واحد لمنح الطفل الإحساس بالاستقلال وبالقدرة على ضبط الأمور و هو منحه حرية اختيار بعض الفعاليات التي تنال رضا الوالدين، وحينما يمنح الطفل تلك الخيارات تنحسر لديه مشاعر فقدان القوة والإرباك والانغماس في متاعبه، ولا شك أن لتلك المشاعر السلبية آثارا سيئة على تطور العلاقات مع الآخرين والألفة معهم وكذا تطور الشخصية لاحقاً.
ساحة النقاش