سيكولوجية اللعب
ماهية اللعب:

لقد فطر الله النفوس علي اللعب، لهذا الغرض فتراه عامًا بين الأطفال والشبان وبين جميع الكائنات الحية، فالطفل يولد مزودًا بعدة ميول ودوافع تتنقل إليه بالوراثة وتدفعه لأن يسلك سلوكًا معينًا ليحقق أغراضًا خاصة به، فاللعب استعداد فطرى وطبيعي وهو عند الطفل ضرورة من ضروريات حياته مثل الأكل والنوم، فالطفل ليس في حاجة إلى تعلم اللعب ولكنه في حاجة فقط إلى الإشراف والتوجيه، مما يثبت لك ببرهان محسوس أنه شرط أساسي في تنمية القوى وترقية المواهب.

فنجد الطفل يقضى كل زمن صحوه ونشاطه في اللعب، وليس من السهل علي الكبار أن يوقفوا تيار اللعب الجارف ولا أن يقفوا حائلاً دون تحقيق هذه الرغبة وهذا النشاط.

ومن الصعب الفصل بين الطفولة واللعب، بسبب الدور الأساسي الذي يقوم به اللعب في حياتهم، فالأطفال مولعون بإعادة تصوير خبراتهم في لعبهم، ويكشفون عن عالمهم الخاص وعلاقاتهم بالناس عن طريق اللعب، وهذا يجعلهم يعبرون عن خيالهم، ويتيح لهم فرصة التعبير عن حياتهم، فيخففون من مشاعر القلق التي يعانوها.

واللعب لا يختص بالطفولة فقط فهو يلازم أشد الناس وقارًا، ويكاد يكون موجودًا في كل نشاط أو فاعلية يؤديها الإنسان.
وتتنوع أنشطة اللعب في الطفولة من حيث الشكل والمضمون، ويتوقف هذا التنوع علي احتياجات الطفل في كل مرحلة من مراحل نموه، وكذلك علي الظروف البيئية التي تحيط بالطفل.
ويمكن تحديد معنى اللعب، فيما يلي:
هو نشاط إرادي مغمور بالحماس والرغبة، وهو يصدر عادة من طبيعة الإنسان نفسه ولا يفرض عليه من الخارج، ويقوم الإنسان بهذا النشاط لمجرد شعوره باللذة الارتياح.
أهمية اللعب:
ويمكن إجمال أهمية اللعب في ضوء الحقائق التالية:
- يعد اللعب ميل طبيعي يدفع الإنسان لمزاولته.
- اللعب يشبع حاجة أساسية للإنسان، فهو طريق الطفل لاكتساب الخبرة، وهو للصبي والشاب وسيلتهم الطبيعية لاستنفاذ طاقتهم الزائدة، ومع أن حياة الكبار وما تتطلبها من مسئوليات وواجبات تجعل اللعب يأخذ المكان الثاني، إلا أن الحاجة إلى اللعب أساسية لدرجة لا يمكن إغفالها.
- يساهم اللعب في تكوين الشخصية المتزنة وتنميتها، وهذا غرض أساسي من اللعب المنظم، فإذا سلك اللعب الطريق الصحيح، فإنه يساعد علي تقوية الجسم وتحسين الصحة، ويساعد علي النمو العقلي، وخلق روح المرح، وإتاحة الفرصة للتغيير الاجتماعي وتقويم الأخلاق.
- اللعب تمرين طبيعي لقوي الإنسان المختلفة، وسبيل إلى تنمية هذه القوي، ففي اللعب يجد الإنسان المؤثرات والدوافع التي تجعله يستخدم أعضائه وحواسه وعقله، الأمر الذي يساعد في تنميتها، والحركات الكثيرة التي تصاحب اللعب تجعل هذه التنمية متزنةً طبيعية لا تكلف فيها، فضلاً عما يكتسبه الجسم من عناصر اللياقة البدنية.
- أن الإنسان يجد في اللعب فرصة للتعبير عن نفسه، وهذا يحقق له السرور والاستمتاع ويجلب له السعادة.
- إن السرور الذي يصاحب اللعب يدفع الإنسان للعمل، ومن ثم نادى الخبراء بتنظيم برامج للألعاب ضمن مجالات العمل لزيادة الإنتاج.
- يعمل اللعب علي رفاهية المجتمع، فالشخصية المتزنة أساس العلاقات الطيبة مع الغير، والمعيشة في جماعات سر حياة الإنسان، وجماعات اللعب تتيح الفرص التي لا تبارى لدعم هذه لعلاقات الإنسانية الجميلة والصداقة القوية الممتعة التي تولد الاتحاد والانسجام.
قيمة اللعب النفسية:
يذكر أن أفلاطون Plato، كان أول من أدرك القيمة العملية للعب، وكذلك رأى أرسطو Aristote، ضرورة تشجيع الأطفال علي اللعب بالأشياء التي سوف يحتاجون جهدًا إلى استخدامها في الكبر.
ويعد اللعب في مرحلة الطفولة المبكرة ذا أهمية كبرى، ويقدره الباحثون كل التقدير لعظمة تأثيره في مراحل النمو، فمعظم العلماء لا ينكرون قيمة مرحلة الطفولة ومدى تأثيرها الكبير في تكوين شخصية الإنسان في كيفية مواجهته للحياة وتوقعه منها وفي طريقة معاملته مع الآخرين.
ويوجد مغزى ومعنى وراء اللعب، وخاصة بين الأطفال المضطربين نفسيًا أو أولئك الذين يشعرون بالحرمان أو الإهمال أو المعاملة السيئة أو القسوة أو نتيجة أزمات واضطربات منزلية، كما في حالات الطلاق أو شرب الخمر أو غيبة طويلة في الخدمة العسكرية أو اضطرار الأم إلى الخروج للعمل، فالأطفال الذين يؤتون من منازل مضطربة يجدون في النشاط اللعبي أكبر معين لهم للتعبير عن مشكلاتهم الخاصة والتنفيس عنها.
ولقد وجد أن طريقة اللعب العلاجي Play Therapy ، تعد من الطرق الفعالة للعلاج النفسي وخاصة مع الأطفال، واستخدم فرويد، اللعب لأول مرة مصادفة في العلاج النفسي، إلا أن آرائه عن اللعب في أنواع العلاج المختلفة والمستمدة من نظرية التحليل النفسي كان لها أثارًا مباشرة، وطبقت علي الأطفال ذوى الاضطراب النفسي، ومعظم هذه الأنواع من العلاج استخدم فيها اللعب التلقائي واللعب الخيالي.
وقد استخدمت ميلاني كلين Melanie Klein، اللعب التلقائي في علاج الأطفال المضطربين نفسيًا، وافترضت أن ما يقوم به الطفل خلال اللعب الحر يرمز إلى الرغبات والمخاوف والصراعات غير الشعورية.
وقد استخدم كل من سيموندس Symonds، وآمن ورينسيونAmen and Renison اللعب الخيالي لعلاج حالات القلق والتوتر عند الأطفال.
كما استخدمت هيرمين هيوج هلموث Hermine Huge Hellmuth، ظاهرة اللعب مع الأطفال المضطربي العقل بغرض ملاحظتهم وفهمهم.
ومع بداية عصر النهضة زاد الاهتمام بأهمية اللعب، ولقد نادى بذلك المربين في ذلك الوقت.
ويعتبر هربرت سبنسر Herbert Spencer، أن اللعب هو أصل الفنون، ويؤكد هويزنجا Huizinga، علي أن اللعب يعد من أقدم أنواع الثقافة، وأن الحضارة مستمدة من اللعب، فمظاهر النشاط الابتكاري كالفن والمهن والكشف العلمي… جميع هذه الأشياء تمت بصلة وثيقة إلى اللعب.
فقد نادى جون جاك روسو Johan Jacques Rousseau، بمنح الطفل حرية كبيرة في الحركة واللعب إيماناً منه بالتربية وفقًا للطبيعة.
وكان كومينوس Comenuis، يرى أن الجسم يجب أن ينمو عن طريق الحركة، كما ينمو العقل عن طريق الكتب، ولذا قسم اليوم المثالي للطفل إلى ثلاث فترات: فترة للنوم، وفترة للنمو العقلي، وفترة للترويح البدني المتعدد الأنواع.
أما فريدريك فروبل Friedrick Frobel، فقد أظهر المغزى الفلسفي للعب واقترح أيضًا كيفية الاستفادة من اللعب في العملية التربوية والتعليمية، إذ يقول
'أن اللعب نشاط تلقائي ونفسي، وفي الوقت نفسه مثال للحياة البشرية في مجموعها، ولذلك كان مقترنًا دائمًا بالفرح والحرية والرضا والراحة النفسية والجسمية والسلام العالمي'.
وقد أكد جيمس سالي James Sally، أن اللعب ضروري للنشاط الاجتماعي، وأنه حالة سارة إذ أن الأطفال يغلب عليهم الضحك أثناء لعبهم، فالضحك يكون بمثابة دلالة علي السرور.
و يقول لوينفيلد Lowenfeld، أن في الإنسان طاقة زائدة يحسن أن يصرفها عن طريق الضحك في الوقت المناسب، وإذا لم تصرف هذه الطاقة عن هذا الطريق يكون لها أثر سيء علي النمو العقلي فتعطله وتعوقه عن التقدم.
وأشارت ماريا منتسوري Maria Montessori، إلى أهمية إعطاء الأطفال حرية واسعة النطاق في حركاتهم وألعابهم واستخدام لعبهم، واقتصر عمل المربى علي عملية الإشراف والتوجيه، وكذلك اهتمت بتدريب الحواس والإدراك الحسي لدي الأطفال.
وقد أكدت البحوث والدراسات التي أجريت حول هذه الظاهرة، علي أن اللعب هو مدخل وظيفي لعالم الطفولة، ويؤثر في تشكيل شخصية الإنسان في سنوات طفولته، وهى تلك الفترة التي يتفق علماء النفس حول أهميتها كركيزة أساسية للبناء النفسي للإنسان في مراحل نموه المتتالية.
فإذا استطعنا غرس حب اللعب الشريف في نفوس الأطفال، الذي يحقق إيمانهم بالقيم الخلقية ويعودهم علي السلوك وفق هذه القيم، فإننا نكون قد حققنا شيئًا عميق الأثر في النهوض بمجتمعنا.

دعوا الأطفال يلعبون، بل دعوا الجميع يلعبون


نظريات اللعب:
لقد حاول المربون البحث في منشأ اللعب وطبيعته، والسبب في تشابه ألعاب الأطفال الذين في سن معين دون اتصال بين هؤلاء الأطفال، والسبب في تعدد أنواع اللعب، كما أرادوا معرفة السبب في انكباب الأطفال عليه، وما إلي ذلك من دراسات تتعلق باللعب.

وفيما يلي عرض لأبرز نظريات اللعب، وهي:
نظرية الطاقة الفائضة (الزائدة): Surplus Energy:
وقد نادي بهذه النظرية كل من فردريك شيلر في سنة 1759م – 1805م، وهربرت سبنسر في سنة 1820م – 1903م، وتذهب هذه النظرية إلي القول بأن اللعب يكون عادة نتيجة وجود طاقة زائدة لدي الكائن الحي وليس في حاجة إليها.
إن اللعب هو تعبير عن تراكم الطاقة الفائضة، فمعدل النمو عند الأطفال عالِ، ولكنه لا يستنفذ كل ما يتولد لديهم من الطاقة فيدفعهم فائض الطاقة إلي اللعب.
إن حرمان الأطفال من الغذاء الكافي يؤدي إلي تبلدهم، ولكنه لا يوقف نموهم، فإن كان شديد الوطأة، فهو أيضًا لا يحول دون سير النمو في طريقه، ولكنه لا يتيح للأطفال فائضًا من الطاقة يجعلهم يلعبون ويمرحون.
ووفقًا لهذه النظرية فإن المشاعر الجمالية العليا ونمو الملكات الفنية ينشأ نتيجة لممارسة اللعب، وهذا كشف هام من الناحية التربوية، حيث أنه في هذه النظرية ينظر إلي اللعب علي أنه تنفيذ غير هادف للطاقة الزائدة عند الإنسان.

نظرية الغريزة ( نظرية جروس ):
تفيد هذه النظرية بأن لدى الإنسان اتجاهًا غريزيًا نحو النشاط في فترات عديدة من الحياة، فالطفل يتنفس ويضحك ويصرخ ويزحف، وينصب قامته، ويقف، ويمشي، ويرمي في فترات متعددة من عمره، هذه أمور غريزية، وتظهر طبيعته خلال مراحل نموه، ولهذا فإن اللعب ظاهرة طبيعية للنمو والتطور بلا تخطيط وبلا هدف معين كاستثمار وقت الفراغ أو الوقت الحر مثلاً، بل ويعتبر جزءًا من التكوين العام للإنسان.
نظرية الترويح: Recreation:
يؤكد جونس مونس، رائد التربية البدنية الأول في ألمانيا القيمة الترويحية للعب في كتابه ألعاب التدريب والترويح للجسم والعقل.
وتفترض هذه النظرية أن الجسم البشرى يحتاج إلي اللعب كوسيلة لاستعادة حيويته، فاللعب وسيلة لتنشيط الجسم بعد ساعات العمل الطويلة، وهو أيضًا يساعد علي استعادة الطاقة المستنفذة في العمل، وهو مصل مضاد لتوتر الأعصاب والإجهاد العقلي والقلق النفسي.

نظرية الاستجمام: Relaxation:
تشبه نظرية الترويح، حيث أن اللعب يحث الإنسان علي الخروج إلي الخلاء وممارسة أوجه نشاط قديم مثل: الصيد - السباحة - المعسكرات، ومثل هذا النشاط يكسب الإنسان راحة واستجمامًا يساعدانه علي الاستمرار في عمله بروح عالية.

نظرية الميراث (التلخيصية): Recapitulation:
وقد وضعها ج. ستاني هول في سنة 1844م – 1924م، وهي تفيد أن الماضي هو مفتاح اللعب، فلقد انتقل من جيل إلي جيل، فاللعب والألعاب جزءًا لا يتجزأ من ميراث كل إنسان.
فالمجتمع أنما يكرر الأشكال الأساسية للعب التي استخدمها القدماء، فابتهاج الأطفال باللعب وإصرارهم مثلاً علي تسلق الأشجار والتأرجح علي الأغصان يكشف عن بقايا الحياة البدائية لدي أسلافهم الأولين، وهذه النظرية كان لها تأثير فائق في تعميق الاهتمام بدراسة سلوك الأطفال في مختلف الأعمار.

نظرية الاتصال الجماعي:
يولد الإنسان من أبوين أعضاء في جماعة معينة ذات ثقافة معينة وطابع معين، وعلي هذا فإن الإنسان يلتقط أنماط النشاط التي يجدها سائدة في مجتمعه وبيئته، ومن الطبيعي أن يمارس الإنسان نفس الألعاب التي يمارسها سائر أعضاء الجماعة، فمثلاً اللعبة السائدة في جمهورية مصر العربية كرة القدم، وفى الولايات المتحدة الأمريكية اللعبة السائدة البيسبول، وإنجلترا الكريكيت، وأسبانيا مصارعة الثيران، والنرويج الانزلاق علي الجليد.
نظرية أدلر في اللعب:
يري أدلر، أن في لعب الأطفال مرآة لحاجات الطفولة، ويمكن إشباع هذه الحاجات من خلال النشاط الجسمي والتخيلي.

نظرية التعبير الذاتي:
وهي أحدث نظريات اللعب، وقدمها برناردس ماسون، فهو يشير إلي أن الإنسان مخلوق نشط ومع تكوينه الفسيولوجي والتشريحي يفرض بعض القيود علي نشاطه، ويضاف إلي هذا أن درجة لياقته البدنية تؤثر كثيرًا في أنواع النشاط التي يستطيع ممارستها وأن ميوله النفسية التي هي نتيجة احتياجاته الفسيولوجية وعاداته واستجاباته واتجاهاته تدفعه إلي أنماط معينة من اللعب.

والنظريات السابقة كلها لا تتنافس في تفسير اللعب وطبيعته، ولكنها تتكامل فتفسر كل نظرية منها مظهرًا من مظاهر اللعب، والمهم في الأمر كله من الجهة العملية التطبيقية هو أننا لو تناولنا أية نظرية فلا يمكن إنكار أن الميل للعب قوي وطبيعي وتلقائي، وهو بهذه الصفة أصبح من الوسائل الفعالة المستخدمة في التربية.

وقد ناقش براتيل، اللعب ونظرياته، ويري أن النظريات السابقة لم تعطى تفسيرًا شاملاً لوظيفة اللعب، ولكن الجميع يتفقون علي نقاط معينة في أن اللعب ما هو إلا تعبيرًا تلقائيًا عن السرور، فاللعب شأنه شأن أي نشاط إنساني آخر لابد له من دوافع.

واللعب في الطفولة المبكرة ناشئًا عن دوافع نفسية داخلية، فمعظم النظريات التي تبحث في أسباب اللعب تثبت أن طبيعة التكوين النفسي للإنسان هي التي توجه طريقة اللعب لديه سواء بطريق مباشر أو غير مباشر، فالطفل يتجه إلي بعض أنواع الألعاب لتناسبها مع ميوله وطبيعته وتحقق له اللذة والسرور، ويتطور نشاط الطفل في اللعب بتطوير نموه وميوله ودوافعه الكامنة، فمهما تعددت التفسيرات والنظريات، فاللعب هو سلوك ظاهري لدي جميع الأطفال ويكفي أن يسلم كواقع موجود له أهدافه.
تجربة مع طفل معاق
في تمام الواحدة ظهرًا - يوم الأحد الموافق 11 إبريل لسنة 1999م، بعد أن انتهيت من الإشراف علي طلبة التدريب الميداني بمدرسة النيل الابتدائية النموذجية المشتركة رأيت طفلاً لم يتجاوز ثمان سنوات معاق رأيته يركل الكرة، فتجرى الكرة، فيذهب ورائها مهرولاً، ثم يركلها مرة ثانية، ويذهب ورائها وهكذا.

فذهبت له وقلت له: الله أنت بتلعب بالكرة كويس قوي! فنظر إلي وسكت فقلت له ما اسمك فقال محمد، فسألته عن المدرسة والسنة الدراسية فقال لي أنه بالصف الثاني الابتدائي بمدرسة...، فزعمت أني أعرف تلك المدرسة وقلت له أن لي أخ صغير بالصف الثاني أيضًا بتلك المدرسة، وذلك حتى أتقرب منه، وقلت أن أخي اسمه محمد وسألته هل تعرفه فقال لي نعم ده صاحبي.

فقلت له لنلعب معًا بالكرة ووقفت في المرمى، وأخذ يصوب علي وأتركه يصيب أهدافًا وأشعره أنى أحاول أن أمنع هذه الأهداف من دخولها في المرمى، ولكن لا أستطيع، وأصد البعض الآخر من الكرات التي يصوبها علي، وأقول له حين يدخل هدف أنه لاعب ممتاز وأنه يلعب كرة أحسن من أخي محمد (الذي قلت له عليه)، وقلت له أنى سأحضر أخي لكي يتعلم منه كيف يلعب الكرة فقال لي ماشى وها علمه علام - أعلمه أزاي ينط علي الكرة.

وبعد ذلك جعلته يقف في المرمي، وأخذت أصوب عليه الكرات برفق حتى يستطيع صدها، وكنت أقول له قبل أن أشوطها (بص علي الكرة دي ها شوطها جامدة قوى) وطبعًا أشوطها برفق حتى ينجح في صدها فأقول له (إنك تلعب كرة ممتاز، وتقف جول ممتاز – إنك ستكون لاعب كبير، ولكن إذا لعبت كتير) فأعطيت له الثقة في نفسه وشعر بتقدير لذاته وأحس أنه لاعب كويس.

وجاءت والدته، وهي معلمة بالمدرسة، وأخذت تأنب ابنها لأن حذائه به طين وتجاهلتني تمامًا ولم تشعر بالدور الذي أقوم به تجاه ابنها، وذهبت وتركتني دون أن تشكرني أو تلم علي لولا أن أحد طلبة التدريب الميداني قال لي كلم يا دكتور... وهنا نظرة المعلمة لي، وقالت أنا متأسفة قوي يا دكتور، وقالت الولد ده ها يجنني... مش عارفه أعمل معاه إيه، فقلت لها سوف أرسل لك كتاب مع أحد أساتذة التدريب الميداني لكيفية التعامل مع متحدي الإعاقة.. ففرحت والدة الطفل كثيرًا.

ملحوظة:
الولد معاق وغير قادر علي التحكم في عضلاته والسيطرة علي حركاته، فحركاته عشوائية تلقائية، فكان يرمي الكرة بعيدًا وسط الملعب ثم يجرى ورائها ويركلها ثانية بعيدًا دون الشعور لماذا يفعل ذلك، ولكنه يفرغ طاقة مكبوتة لديه، وذلك من خلال الجري والركل.

نتائج التجربة مع الطفل المعاق:
- النزول لمستوى الطفل.
- معاملته حسب درجة ونوع إعاقته.
- إيجاد النشاط المناسب لإعاقته ولرغبته.
- التفريغ المنتظم للطاقة المكبوتة بصورة سليمة تعود عليه بالنفع.
- محاولة بث روح المرح والسرور.
- التشجيع والإثابة، ولكن مع عدم المغالاة.
- لا يجب أن نشعر الطفل بعجزه أو أننا نشفق عليه.
- ضرورة توجيه الانتباه للوالدين لكيفية معاملة مثل هؤلاء الأفراد.

وبعد هذه التجربة... قررت إجراء بحث علي عينة من الأولاد والبنات في سن مــــن 7 إلي 10 سنوات لمحاولة التعرف علي أثر ممارسة بعض الألعاب الصغيرة علي تنمية قدراتهم العقلية.


رابعًا: دور التربية البدنية والرياضة في مواجهة الضغوط النفسية:
بدأت الضغوط النفسية أ، ما يعرف بالهموم مع خلق الإنسان علي وجه هذه الأرض، وهي جزء من الحياة، وقد زادت الضغوط التي تواجه الإنسان مع ازدياد تقدم الحضارة والمدنية.

فعلاقة الجسم والنفس علاقة وطيدة لا تنفصم عراها فكلاهما يؤثر بالأخر ويتأثر به، ويظهر دلك بوضوح عندما يمر الإنسان بموقف ضاغط أو بمشكلة ما ويلاحظ ما يحدث لجسمه من تغيرات، حيث يزداد معدلات ضربات القلب ويرتفع ضغط الدم، وربما تتضاعف مرات التنفس نتيجة أن انقباضات عضلية معينة في منطقة الصدر ... وغيرها من التغيرات الفسيولوجية.

والضغوط النفسية لها علاقة بالكثير من الأمراض العضوية، مثل: آلام الرأس – آلام الظهر - التهيجات المعوية - القرحة - أمراض القلب والشرايين، والمشكلة الحقيقية التي تواجهنا، هي أن الضغوط النفسية ليس لها دواء شاف أو علاج فعال، كما هو الأمر بالنسبة للكثير من الإمراض العضوية الأخرى.

وأسباب الضغوط النفسية كثيرة، وهي ناتجة عن مشاكل نفسية واجتماعية تؤثر في مخ الإنسان الذي يصدر أوامره وتعليماته إلي جميع أجزاء الجسم للقيام بالتعديل والضبط الملائم والمناسب لنوع وشدة المشكلة المسببة، وهنا تظهر الأعراض التي منها: الصداع - صعوبة الهضم - آلام العضلات - الأرق - الشعور بالإحباط - فقدان التركيز - زيادة التدخين، وفي بعض الأحيان اللجوء لتناول كميات أكبر من الطعام ثم تحدث المضاعفات السيئة.

وقد أوضحت العديد من الدراسات النفسية بأن الضغط النفسي يتسبب في الكثير من المضاعفات السيئة علي الصحة الجسمية بشكل عام، فعلاقته كبيرة بالكثير من الأمراض ابتداءً من آلام المعدة ومرورًا بالسكري والصداع وآلام الظهر والأمراض الجلدية وإنتهاءً بأمراض القلب والشرايين.
هذا عدا الآثار الأخرى التي تلحق بالصحة النفسية من شعور بالضيق والتعاسة والأرق وعصبية المزاج والحزن ... وغيرها.

كما تشير بعض الدراسات الحديثة إلي صلة قوية بين الضغوط النفسية وزيادة الوزن علي نحو يشكل خطرًا صحيًا، وخاصة علي أولئك الذين تجاوزوا الأربعين من العمر، فالذي يحدث أن مخ الإنسان الذي يتعرض لموقف ضاغط يقوم بإفراز هرمونات الضغط النفسي التي تستدعي ردود فعل تتسبب في أن خلايا معينة في الجسم تعمل علي المحافظة علي الدهون، أي أن الجسم البشري لديه ميل لتخزين الدهون عندما يتعرض لموقف ضاغط، وذلك بمثابة آلية دفاعية (ميكانزم) مثلمًا يقوم القلب بدفع كمية كبيرة من الدم للعضلات.

ويلجأ العديد من علماء النفس إلي استخدام تدريبات الاسترخاء، وهذا في الواقع لا يكفي، فقد تبين أن أفضل طريقة لإقفال الطريق أمام هرمونات الضغط النفسي، هو من خلال مادة الاندروفين التي تفرز أثناء التمرينات البدنية.

وتعد ممارسة أنشطة التربية البدنية والرياضة من أهم العوامل التي تستخدم لمقاومة ومعالجة الضغوط النفسية، كما أنها وسيلة للاسترخاء، وخاصة الأنشطة البدنية الأكسجينية، مثل: المشي - السباحة - ركوب الدراجات، حيث أنها تقلل من درجة القلق والحزن والهبوط والشد العضلي والتوتر.

ويمثل النشاط البدني عبئًا علي الجسم، ومقاومة هذا العبء من قبل الجهاز العصبي تؤدي إلي رفع كفاءة الجهاز العصبي في مواجهة ضغوط الحياة المختلفة.

وللتعامل مع الضغوط النفسية من خلال برنامج منتظم للنشاط البدني، فإنه يوصي برياضة المشي التي تعتبر في متناول الجميع، ولا تحتاج إلي تجهيزات أو ملاعب أو أدوات خاصة.

وفيما يلي، عرض لبعض الفوائد النفسية لرياضة المشي:
- يساعد المشي علي التخلص من الأرق.
- يمثل المشي أحد العوامل الرئيسة في الحياة المتحررة من ضغوط العمل وضغوط الحياة بشكل عام.
- يحسن مفهوم الإنسان عن ذاته.
- يزيد من مستوى تقدير الذات لدي الإنسان.
- يخلص الإنسان من الهموم الكثيرة والضغوط النفسية.
ويجب أن تكون شدة المشي مناسبة، ويمكن تحديدها عن طريق نبضات القلب، أي يجب أن تكون بمعدل 70 ـ 85% من المعدل الأقصى لضربات القلب.
ولمعرفة الحد الأقصى فإننا نستخدم المعادلة التالية:
المعدل الأقصى لضربات القلب = 220 – العمر*

فإذا كان عمر الإنسان 20 سنة مثلاً، فإن المعدل الأقصى لضربات القلب لديه، هو:
220 - 20 = 200 ضربة في الدقيقة، وربما أننا نريد أن نصل إلي 70 - 85% من الحد الأقصى، فإننا نضرب الرقم الناتج في النسبة التي نحبذها، فلو كنا نريد 80% من المعدل الأقصى علي سبيل المثال: فإن المعادلة تصبح:
200 × 80
ــــــــــــــــــــ ــــ = 160
100
أي أن ضربات القلب أثناء المشي يجب أن تصل إلي هذا المعدل لتحقيق الفائدة المرجوة وبالنسبة للأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب ... وغيرها، فمن الممكن أن يتم تعديل هذه المعادلة لتتلاءم مع حالتهم الصحية، ويتم ذلك من خلال استشارة الطبيب.
أما بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من السمنة، فيجب تعديل المعـــــــــــــــا دلة: بدلاً من 70-85% من الحد الأقصى لضربات القلب تكون بحدود 50% تقريبًا.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
* العمر محسوب بالسنوات الميلادية.
كيفية التعامل مع التوتر في عضلات الرقبة:
يصيب هذا النوع من التوتر معظم الناس، وبصفة خاصة الطلاب المكتبيين، وغالبًا ما يترافق الضغط النفسي مع توترات عضلية في مناطق معينة من الجسم، وفي أكثرها منطقة الرقبة، وينصح هؤلاء بتمرين الاسترخاء التالي:
- من وضع الجلوس علي الكرسي.
- اليدان تتدليان بجانب الجسم دون أي توتر.
- تدوير الرأس برفق 360 درجة باتجاه عقارب الساعة.
- الدورة الواحدة تأخذ ما بين من 5 إلي 10 ثواني، مع ضرورة المحافظة علي استرخاء الرقبة.
- يؤدي التمرين3 مرات قبل أن يتم تغير الاتجاه، والعمل بعكس عقارب الساعة 3 مرات أخرى.

الجهد البدني وأثرة على معالجة حالات الاكتئاب:
منذ عدة سنوات كانت هناك دلائل تشير إلى الأثر الإيجابي لأي مجهود بدني على الحالة النفسية للأشخاص الأصحاء، ولكن تبقى هناك الحاجة لإثبات مثل هذه الآثار الإيجابية علي الذين يعانون من حالات الاكتئاب من أجل ذلك يتوجب علي الباحثين التأكد من عدم الجمع بين العلاج الدوائي والمجهود البدني في نفس الحالة إذا كان الغرض إثبات فعالية المجهود البدني وحده.
وبالفعل يوجد دراسات عديدة في هذا الموضوع أشارت بوضوح للآثار الإيجابية لممارسة المجهود البدني علي تحسن الحالة النفسية بدرجة قد تفوق أي علاجات سلوكية أخرى، علمًا بأن أجراء المجهود البدني المنتظم أقل كلفة من غيره من الوسائل العلاجية، هذا بالإضافة إلي الآثار الإيجابية المعروفة للمجهود البدني على اللياقة البدنية بشكل عام وجهازي الدورة الدموية والجهاز التنفسي بشكل خاص.
وقد أثبتت الدراسات الفائدة من المجهود البدني علي تحسين الحالة النفسية للمرضى بعد العمليات الجراحية، بما في ذلك عمليات نقل نخاع العظم.
وفي بحث نشر حديثًا* تركز الاهتمام علي أثر المجهود البدني الهوائي قصير المدة علي المرضى الذين يعانون من حالات الاكتئاب الجسيمة.

وقد أجري البحث علي أثني عشر مريضًا متوسط أعمارهم 49 عامًا، خمسة ذكور وسبع إناث يعانون من حالات الاكتئاب الجسيمة، التي صنفت من الدرجة الرابعة حسب التصنيف المتبع من قبل الجمعية الأمريكية للأمراض النفسية، وكان متوسط فترة المعاناة من الاكتئاب 35 أسبوعًا.

أخضع المرضى لبرنامج مجهود بدني بالمشي على سير متحرك Treadmillلفترة ثلاثين دقيقة تكرر يوميًا علي مدي عشرة أيام متتالية.

أثبتت النتائج تحسنًا ملحوظًا في حالات الاكتئاب إذا نزل معدل تصنيف الاكتئاب بما في ذلك الأعراض الجسيمة ... وغيرها، التي كان يشكو منها المرضي والتي كانت كلها تنسب إلى الاكتئاب وليس لاعتلالات عضوية في أجسامهم.

hany2012

شذرات مُتجدده مُجدده http://kenanaonline.com/hany2012/

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 392 مشاهدة
نشرت فى 22 نوفمبر 2011 بواسطة hany2012

ساحة النقاش

هـانى

hany2012
موقعنـا موقع علمى إجتماعى و أيضاً ثقافـى . موقع متميز لرعاية كل أبنـاء مصر الأوفيـاء، لذا فأنت عالم/ مخترع/مبتكر على الطريق. لا تنس"بلدك مصر في حاجة إلى مزيد من المبدعين". »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,768,285