مقدمة
لكل مجتمع عادات و تقاليد و معايير و طقوس دينية ، تعمل على توجيه سلوك الإفراد و ضبطه ، إذ تمارس دوراً فعالاً و حيوياً في تحريك الأفراد و تيسير أمور حياتهم و طبيعة عملهم و نشاطاتهم ، و بذلك تمارس هذه المعايير و الطقوس الدينية دور الضمير الإنساني و الحضاري لأفراد المجتمع .
أن لوجود هذه المعايير و الطقوس الدينية سعادة و رخاء المجتمع ، إذ تدخل في تكوين الاتجاهات و القيم ، و في نمو شخصية الإنسان و تطورها . فإذا تمتع أفراد المجتمع بقيم صالحة و اتجاهات سوية ، تمتع أفراد ذلك المجتمع بالأمن ، و الراحة ، و الثقة المتبادلة ، و التقدير ، و التواصل مع الآخر ، و إشباع مختلف الحاجات النفسية و الاجتماعية ، على العكس أذا ضعفت هذه المعايير في توجيه الإفراد ، أو تنشئة القيم الصالحة لديهم ، أحس أفراد هذا المجتمع بالغربة ، و الضعف ، و الضياع ، و التنافس ، و انعدام الضمير ، و عدم الإحساس بالمسؤولية ، و العنف ، و سوء الصحة ، و تفشي الإمراض الخلقية . أن لهذه المعايير و الطقوس قوة و مكانة مجتمعية كبيرة ، في استمرار المجتمع و إدامة الحياة فيه ، فصلاحها صلاح المجتمع ، و انحدارها ضعف المجتمع و تفككه .
أن التطرف هو أحد مظاهر سوء التوافق المجتمعي ، الذي يعبر عن وجود فجوة كبيرة في انحراف القيم و المعايير عن مستواها الطبيعي و المتوسط ، إذ لا ينتج عن اعتدال و وسطية في تطبيق الإحكام و القواعد ، أنما يعبر عن تجاوز و إسراف و مبالغة كبيرة ، و لا شك أن هذه المبالغة لا تكون نتيجتها ألا تعاسة الفرد و الآخرين .
من هذه المقدمة نجد أن دراسة التطرف ، و منها التطرف الديني من المواضيع الهامة و الضرورية التي تهم المجتمع و قضاياه ، و خاصة عندما نجد أن التطرف الديني عامل مساعد في نشوء عدم التوافق و الانحلال و الطريق نحو الإرهاب و الانتماء إلى الجماعات العنيفة والمتطرفة ، لا سيما ما نجده الآن في المجتمع العراقي من معاناة لحالات تطرف كبيرة ، في مختلف المفاهيم والقضايا الدينية ، والتي هي سبب ضياعنا و تفرقنا و عدم إحساسنا بالأمن .
أننا نحاول من خلال هذه الورقة العلمية ، أن نوضح و بصورة مختصرة و مفيدة ، بعيداً عن التكرار ، تعريف التطرف ، و توضيح ماهيته ، و أسباب نشوءه ، و هل هو حالة مرضية أو صحيحة في المجتمع ؟ ، ثم تناولت الورقة تعريف التطرف الديني و أنواعه ، و ما هي أهم الأسباب التي أظهرته على ساحة المجتمع العراقي ؟ ، و ما علاقة التطرف الديني بالإرهاب ،محاولين أن نجد العلاقة بينهما ، و أخيرا تختتم هذه الورقة بمجموعة من التوصيات والمقترحات العلمية ، التي لا بد من أجرائها و تطبيقها في المجتمع . و تعمد الباحث في هذه الورقة أن يطرح الموضوع و مفاهيمه على صيغة سؤال وجواب ، مستنداً على مختلف المصادر و البحوث العلمية ، التي تختص بموضوع الإرهاب و التطرف ، و بشكل منظم و شائق ، و ذلك من أجل خدمة مجتمعنا و أصلاحه .
ما هو التطرف ؟
ربما كانت كلمة التطرف من أكثر الألفاظ إلحاحاً في كتابات الباحثين و الإعلاميين و السياسيين في هذا الوقت ، و هي كلمة مولدة غير أصيلة ، و يفترض أنها تعني عند من يطلقها وقوف الإنسان في طرف بعيد عن مركز الوسط ، و التطرف تجاوز على عدل الشرائع السماوية ، و يعد أزمة حقيقية في تاريخ الحضارات و الثقافات كلها ( العودة / 2006 / ص 58 ) .
يعرف التطرف ( لغوياً ) بأنه الغلو و الإسراف ، أو الشطط بعيداً عن التوسط و الاعتدال ، ويعرف ( اجتماعياً ) بأنه الخروج عن المفاهيم و الأعراف و التقاليد و السلوكيات العامة ( المهدي / 2002 / ص 16 ) ، كما يعرف ( نفسياً ) بأنه سلوك مضطرب يعكس بنية نفسية راسخة في أعماق النفس البشرية ، تقوم على كراهية الآخر ، و العجز عن فهمه و تقبل وجهة نظره ( الغربي / 2005 / ص 2 ) .
أن التطرف ينتج عن الانفعال و الفكر المنحرف ، الذي هو إجراء يائس من شخص أو جماعة ضد طرف أخر ، فإذا أقترن التطرف بالعنف و الأعمال الفعلية الإجرامية ـ التي تفزع الناس ، و تهدد الأمن ، و تقلق أمن المجتمع ـ أصبح من الأعمال الإرهابية للشخص أو الجماعة ، لأن التطرف أصبح يثير الفزع و الخوف و الرعب ، وهو أقصى درجات اليأس المدمرة ( الهيراري / 1425هـ / ص 5 ) . و التطرف يختلف من مفهوم إلى أخر ، بل يختلف مفهومه داخل المجتمع الواحد للجهة التي تحاكم سلوك الشخص ( المهدي / 2002 / ص 17 ) .
و يرى ( أحمد / 1990 ) أن التطرف هو أسلوب مغلق للتفكير ، يتسم بعدم القدرة على تقبل أي معتقدات تختلف عن معتقدات الشخص أو الجماعة ، أو على التسامح معها . أذ يؤمن أو يعتقد أن معتقده ـ أي الشخص المتطرف ـ يقوم على ما يلي : ـ
1. أن معتقده صحيح ، و هادف ، و صادق صدقاً مطلقاً و أبدياً .
2 . يصلح لكل زمان و مكان و لأي شخص و جماعة .
3. لا مجال للمناقشة و لا للبحث عن أدلة تؤكد خطأه أو نفيه.
4 . أن المعرفة ـ حسب ما يعتقده المتطرف ـ بمختلف قضاياها لا تستمد قوتها و أسسها ، ألا من خلال هذا المعتقد دون غيره .
5 . إدانة كل أفكار أو معتقدات تختلف عن معتقد المتطرف .
6 . الاستعداد لمواجهة الاختلاف في الرأي أو حتى التفسير المعاكس في الإكراه و القمع و العنف .
7 . فرض المعتقد على الآخرين و لو بالقوة .
هل أن التطرف ظاهرة مرضية ؟
أن التطرف يعد ظاهرة مرضية بكل معنى الكلمة ، و على المستويات النفسية الثلاثة :
أولا ً : المستوى العقلي : ـ و يرتبط بالجمود المعرفي و التزمت الشديد و ضعف القدرة على تقبل أراء الغير ، و يظهر في الأفكار الجامدة ، و المعتقدات اللامنطقية ، و المعلومات الخاطئة.
ثانياً : المستوى الانفعالي : و يرتبط بالشحنات الانفعالية القوية ،التي تتسم بالاندفاعية و بشدة الانفعال و التطرف فيه ، فالكراهية المطلقة للمخالف في الرأي أو للمعارض ، و مشاعر النبذ تجاه الطرف الأخر ، و الرغبة الشديدة في إيذاءه أو نفيه أو أبادته ، لا تظهر ألا من خلال المحرك الانفعالي .
ثالثاً : المستوى السلوكي : ـ و فيه نجد السلوك الذي يميل إلى العنف و إيذاء الأخر , و عدم التعامل معه ، أو سلبه كافة حقوقه و امتيازاته كمواطن حر .
كيف ينشأ التطرف ؟
ينشأ التطرف من الحرمان الاجتماعي ، ومن اضطراب العلاقة بين الفرد و رموز السلطة في الأسرة و المدرسة أو في المسجد ، كما ينشأ التطرف من الفهم الخاطئ أو جهل المعتقد و المذهب ( المهدي / 2002 / ص 17 ) كذلك ينشأ التطرف من الظلم و مشاعر الاضطهاد و العدوان و استعمال القسوة ضد البشر ، و يساعد انعدام الحوار أو رفضه و الفقر و البطالة التي يعاني منها الشخص أو الجماعة على التطرف ، كما ينشأ التطرف من التمركز حول هوية الجماعة ، من خلال تفضيلها على بقية الجماعات الأخرى ( الفضل / 2005 / ص 5 ) و ( الريماوي و أخرون / 2009 )
و توجد الآن وجهة نظر مشوهة و خاطئة في كثير من البلدان العربية و الاجنبية ، أن بداية التطرف نشأ عن الدين الإسلامي ، و هذه النظرة خطرة تهدف إلى تشويه الإسلام و أهله ، و بعيدة كل البعد عن التعاليم المعتدلة للدين الإسلامي الحنيف . و من الدراسات التي بحثت عن أسباب التطرف ، منها
دراسة ( إسماعيل / 1996 ) حول سيكولوجيا التطرف ، أجريت هذه الدراسة في المجتمع الكويتي على عينة بلغت 327 فردا من الراشدين ، و لمستويات ثقافية متنوعة من مختلف شرائح المجتمع الكويتي ، أذ وجدت هذه الدراسة نتائج هامة حول أسباب التطرف و شخصية المتطرف ، و هي ما ياتي :
ـ أن 81 % من أفراد العينة يرون أن التطرف ينشأ عن الظروف النفسية و الاجتماعية غير الصحية التي يمر بها الفرد أو الجماعات .
ـ 82 % من إفراد العينة يرون أن الرغبة في التدمير و القتل من دوافع المتطرفين .
ـ 64 % يعتقدون بأن المتطرف شخص مريض نفسيا .
ـ 73 % يرون بأن المتطرفين ينساقون لقياداتهم دون تفكير.
ـ 58 % يرون بأن التطرف يحمل عقلية قديمة بالية .
ـ 84 % يرون أن الإسلام ليس بحاجة على التطرف .
ـ 89 % يرون أن التطرف يتعارض مع الطبيعة السمحاء للإسلام .
ـ 76 % يرون أن التطرف الديني ظاهرة تختفي وراء الدين.
ما هو التطرف الديني و ما أنواعه ؟
التطرف الديني هو التمسك الشديد بالآراء و المعتقدات و الأفكار الدينية ، دون نقد أو تحليل أو منطق ، و هذا التمسك مشحون انفعاليا بالكره و الحقد و مشاعر الرفض ، و يعبر عنه من خلال التحفظ المتزمت بالرأي و العداء و النبذ ، و قد يصل إلى حد القتل ( الباحث ) .
يقسم التطرف الديني إلى عدة أنواع و مظاهر ، و أهم هذه المظاهر هي :
1 . التطرف الكلي ألاعتقادي : ـ و المراد به ما كان متعلقاً بكليات الشريعة الإسلامية ، و أمهات مسائلها ، فهو محصور في الجانب ألاعتقادي ، الذي يكون منتجاً للعمل بالجوارح ، و أمثلة هذا النوع كثيرة منها الغلو في الأئمة ، أو الغلو في البراءة من المجتمع العاصي ، و تكفير إفراده و اعتزالهم ، و هو أشد خطراً ، و أعظم ضررا ً .
2 . التطرف الجزئي العملي : ـ و المراد به ما كان متعلقاً بجزئية أو أكثر من جزيئيات الشريعة الإسلامية ، و المراد بالتطرف العملي ما كان متعلقاً بباب الإعمال و تطبيق الإحكام الدينية ، فهو محصور في جانب الفعل سواء أكان قولاً باللسان ، أو ما كان عملاً . و الضرر في التطرف الجزئي يقع على المتطرف نفسه ، على العكس من التطرف الكلي الذي يقع على جميع الإفراد . ( اللويحق / 2003 / ص 19 ) .
ما هي الأسباب التي دفعت الفرد العراقي لاعتناق التطرف الديني ؟
في دراسة قدمتها الجمعية النفسية العراقية و ضمن نشاطات مركز البحوث النفسية في جامعة بغداد أذار 2008 . بعنوان ( سيكولوجية العنف و ثقافة التطرف ) و دراسة ( الحسن / 2006 ) ،كان الغرض منهما تحليل الدوافع و الإبعاد التي تكمن وراء العنف و ثقافة التطرف الديني ، توصلت كلا الدراستان إلى أن أهم الأسباب التي تقف وراء التطرف الديني في المجتمع العراقي هي ما يلي :
1 . الانفلات الأمني و الفراغ الفكري في العراق .
2 . الأوضاع المتدهورة التي سادت العراق خلال العقود الماضية .
3 . غياب و ضعف أجهزة الدولة .
4 . تدني مستوى التعليم .
5 . تسخير الدين إلى الأمور و القضايا السياسية .
6. تحرك و دعم مختلف النوازع الشريرة لكل حالات التطرف و الانحراف .
7 . المشاكل الاقتصادية التي بدأ يعاني منها المواطن ، كالفقر و البطالة.
8 . التحيز للهوية الاجتماعية .
ما علاقة التطرف الديني بالإرهاب ؟
أن التطرف هو المغالاة السياسية أو الدينية أو المذهبية أو الفكرية . ألا أن أغلب الدراسات التي تناولت العوامل المساعدة على الإرهاب ، كانت تشير إلى التطرف الديني كسبب رئيسي إلى الانتماء للجماعات الإرهابية.
من هذه الدراسات دراسة ( العيسى) التي أجريت على عينة مقدارها ( 100 ) طالباً و طالبة من المدارس الثانوية في مصر و طلاب جامعتي المنيا و الكويت من 1992 ـ 1994 ، من خلال استبيان يتناول العوامل المؤدية إلى الإرهاب ، ومن نتائج هذه الدراسة ، توصلت أن من العوامل المساعدة في نشؤ الإرهاب هي : فوضى الثقافة الدينية داخل المجتمع ، و الشك و عدم اليقين في الإحكام و التفاسير الدينية ، و الجهل بأصول الدين و أحكامه ( عيد / 1999 / ص 131 ) . و في دراسة أخرى أجراها ( القرني / 2000 ) لدور الأسرة في تعزيز الأمن الفكري و مكافحة التطرف و الإرهاب ، على عينة عشوائية في المجتمع السعودي ، نشرتها مجلة العلوم الاجتماعية على الانترنيت ، توصلت هذه الدراسة إلى أن ( 79.9 % ) من أفراد العينة ، يؤيدون أن الإرهاب نتاج للانحراف الفكري في العقائد الدينية ، فيما أشارت أكثر من نصف العينة ، إلى أن علاج الإرهاب يكون من خلال الابتعاد عن ـ الغلو ـ أو التطرف في تطبيق الشرع ( القرني / 2000 / ص 6 ) . وهو ما يؤيده ( دعيبس / 1995 ) بأن التطرف الديني هو نتاج للتعصب في الرأي حتى لو كان خاطئا دون تسامح أو مرونة ، ينتج عن الفراغ الفكري ، و الفهم الخاطئ للدين ، إذ أن الفهم الخاطئ للدين ومبادئه و أحكامه ، و الإحباط الذي يلقاه الشباب نتيجة افتقارهم إلى المثل العليا التي يؤمنون بها ، يعطي الفرصة للجماعات المتطرفة لشغل هذا الفراغ بالأفكار التي يروجونها و ينشرونها ( دعيبس / 1995 / ص 301 ) في حين يرى ( أحمد / 1990 ) في دراسه عن الإرهاب ، بأن الانتماء إلى الجماعات المتطرفة يمثل مخرجاً مغرياً ، و أملاً محاذياً في الخلاص من المشكلات ( الثقافية ، و الاجتماعية ، و الاقتصادية ) فهو يقدم بديلاً وهمياً للتجمع الذي يعيشه الشباب ويعانونه ( أحمد / 1990 / ص 226 ) . و يرى ( اليوسف / 2006 ) أن غياب الحوار المفتوح من قبل علماء الدين لكل الأفكار المتطرفة ، و مناقشة الجوانب التي تؤدي إلى التطرف في الرأي يرسخ الفكر المتطرف لدى الشباب ، والى رفض الأخر و أعمال العنف ( اليوسف / 2006 / ص 78 ) .
كما أن هناك عدة عوامل قد تؤدي إلى حدوث ردود أفعال عند الشباب ،قد تدفع بهم إلى التشدد و الغلو منها : ـ
1 . اتهام المراكز التربوية الإسلامية و المدارس القرآنية و منابر الدعوة من قبل جهات معينة ( بالانحراف ) .
2 . استفزاز المشاعر الدينية من خلال تسفيه القيم و الأخلاق أو المعتقدات بالقول و الفعل ( مثال ذلك الرسوم المسيئة لشخصية الرسول ( ص ) .
3 . التنفير من الدين و تشويه أهله .
4 . أظهار شيوخ و علماء المسلمين بصورة ساخرة و منفرة.
5 . تشدد و تطرف المناهج ( الدينية ـ التعليمة ) في تدريس المبادئ و الأحكام الدينية .
6 . تشدد و تطرف بعض معلمي و أساتذة مادة التربية الدينية ، و نقل هذا التطرف إلى المتعلمين .
7 . ضعف المؤسسات الدينية في محاربة الأفكار و المعلومات الدينية الخاطئة و المتطرفة ، مع انعدام الحوار و سبل التفاهم .
أن هذا كله يسبب التطرف و الغليان ، خاصة في نفوس الشباب الذين يتطبعون على مناهج خاطئة ، أومن يسمعون اتهامات كاذبة توجه أليهم و إلى مؤسساتهم ، وهم لا يملكون ألا الاحتقان و الانفعال ، و لا تتاح لهم حرية الرد الايجابي ، مما يزرع الكراهية للأخر ، و مناصبة العداء له ، الأمر الذي يدفع بالشباب المسلم إلى التشدد و الغلو ، و اتخاذ الموقف المدافع عن دينه وعقيدته . مما قد يلجأ بالبعض إلى أتباع طرق خاطئة من خلال انتمائهم إلى الجماعات الإرهابية و المتطرفة ( الهراري / 2004 / ص65 ) .
و في دراسة قدمها ( O Donell / 1994 ) عن دور التطرف الديني لدى رجال الدين في أعمال العنف و الإرهاب ، توصل الباحث إلى مجموعة أسباب مسؤولة عن ظاهرة الإرهاب الذي يتكأ على الدين في تحقيق أغراض و أهداف مفتعلة ، من هذه الأسباب:
1 . الجهل و ضيق التفكير إلى يعتري رجال الدين و يدفعهم الى افتعال الإرهاب ضد الأشخاص الين لا يشاطرونهم الرأي و العقيدة .
2 . المصالح و إشباع الحاجات الضيقة لدى بعض رجال الدين ، إذ أن لهؤلاء حاجات و مصالح مادية و معنوية ضيقة لا يمكن تحقيقها إلا من خلال القيام بإعمال الإرهاب ضد المناوئين لهم ، و الخصوم فيما يتعلق بالعقائد و الأفكار و القيم الدينية التي يؤمنون بها .
3 . رغبة العديد من رجال الدين بالاستحواذ على مراكز القوة و الحكم ، فهذه الرغبة تدفعهم إلى القيام بالإعمال الإرهابية الشنيعة ضد خصومهم السياسيين و الدينيين من اجل التخلص منهم.
4 . طبيعة التلقين الذي يتلقونه أثناء تنشئتهم الاجتماعية و التربوية التي يتلقاها رجال الدين من محيطهم الاجتماعي ، و التي تجعلهم يلجأون الى الأساليب الإرهابية لتصفية خصومهم و أعدائهم في الدين ، و ليس عن طريق المحاورات الفكرية .
5 . ضعف الوعي الاجتماعي و السياسي و الثقافي عند رجال الدين مما يجعل نظرتهم الى الأمور أحادية و متمركزة في اتجاه واحد ( الاتجاه المتطرف ) .
( الحسن / 2006 / ص 56 ) .
أن نتيجة التطرف الديني هو الحكم بالقتل على الفرد أو الجماعة التي تُكفر ، لأن الكافر مضل ، يستتاب ، فأن تاب ( أي قبل بتبني الأفكار المتطرفة للجماعات المتطرفة بأفكارها و أصولها ) غفر له ، و ألا قتل كافراً مرتداً ـ حسب اعتقاد المتطرف أو الجماعة المتطرفة ـ و بذلك يكون ماله و عرضه و دمه حلالاً . لأن الهدف من تكفير الفرد أو الجماعة ، و نعت الضحية بالكفر ، هو لأن الكافر يجب قتله ، أو نعته بالمجرم لأن المجرم يستحق العقاب لأجرامه ، أو بالحيوان لأن الحيوان يجوز ذبحه ( ثاني / 2000 / ص 7 )
أن الجماعات المتطرفة ( الدينية ) تبرر كل صنوف القتل و الآبادة ، و تعلن الحرب و القتل على كل من لا يقف في صفها ، تحت شعار الرسالة المقدسة ، وصلاحية الأفكار و العقائد التي لا يصلح ألا سواها ( مصطفى / 2004 / ص 22 ) .
ماذا نستنتج ؟
نستنتج من ذلك أن التطرف الديني يحدث نتيجة الجهل بأصول الدين ، و قواعده ، و من خلال ما يلي : ـ
أولاً : ضعف المؤسسات الدينية و مناهجها و أساليبها في نشر الفكر السليم ، و تنشئة الشباب المسلم و رجال الدين بصورة معتدلة و وسطية ، و هو ما يدفع بهم إلى دروب العنف و التسلط الفكري .
ثانياً : الاجتهادات الدينية الخاطئة من قبل رجال الدين المتطرفين ، من خلال فهمهم وتفسيرهم للنصوص الدينية المقدسة بنهج و تفسير خاطئ يخرج عن إطاره الأصلي ، أضافه إلى توظيف هذا التفسير و النص وفق رغبات عدائية خاصة ، أو وفق عملية يبرر من خلالها رجال الدين المتطرفين رغباتهم ، التي يوجهونها ضد جماعات موضع الكراهية .
ثالثاً : جهل المقلد ، و انغلاقه الفكري الأعمى ، بعدم معرفته لأصول دينه وقواعده و أحكامه معرفة صحيحة و معتدلة ، و تمسكه بمصدر واحد في تيسير عباداته و أمور دينه بعيداً عن البحث و التفتيش عن الحقيقة الدينية من أكثر من مصدر ، الأمر الذي يدفع به بعيداً عن الوسطية و الاعتدال الديني ، أذ يرمي به في (تقليد أعمى ) .
وهذا ما يؤكده ( يوسف /2006 ) أن استيعاب المفاهيم الدينية الخاطئة و شيوع الفراغ الديني المعتدل ، و تفسير النص بوجه أخر أو غير ما هو عليه ، يمكن أن يذهب بسلوك الفرد إلى دروب التطرف المظلمة ، و إلى مدى بعيد في ارتكاب العنف الذي يصل به إلى حد إبادة الأخر و رفضه ، و يذهب بصاحبه إلى ساحات القتل حيث لا يعني الموت فيه شيء ، سوى تقبله بسعادة و انشراح ، مما يربطه بالإرهاب ارتباطا وثيقاً ، ليمثل التطرف الديني عنده أكثر صور التطرف حدة ( اليوسف / 2006 / ص 83 ) . و بهذا يمثل التطرف الديني عامل مهم و مساعد في دفع الشخص نحو الانتماء إلى الجماعات الإرهابية و الإرهاب .
التوصيات و المقترحات
يوصي الباحث بعدد من التوصيات و المقترحات الهامة في معالجة هذه الظاهرة الخطرة :
التوصيات
1 . تقوية دور المؤسسة الدينية في محاربة الأفكار المتطرفة ، و يتم ذلك من خلال توضيحها لأفراد المجتمع و شرحها و تفسيرها و تحليل مصادرها و القضاء عليها .
2 . تصحيح المناهج الدينية من الأفكار المتطرفة ، و يتم ذلك من خلال تعديلها ، واستبدالها بأفكار معتدلة و صحيحة دينياً و روحياً .
3 . صقل و تنقية رجال الدين من جميع شوائب أفكار التطرف ، و استبدال أفكارهم المتطرفة بأفكار الاعتدال و الوسطية .
4 . أقامة الندوات والمؤتمرات الدينية ، وخاصة التي تتعلق بقضايا التسامح الديني و أموره.
5 . نشر الكتب و الدراسات التي تشجع على تقارب الأديان و المذاهب الدينية
6 . محاربة كافة مظاهر التطرف و الشائعات و الأفكار الدينية المنحرفة ، التي تحاول استفزاز الشباب المسلم و انحرافه نحو التطرف والعنف .
7 .تشجيع الشباب المسلم على البحث نحو مصادر الحقيقة الدينية ، و يتم ذلك من خلال الإطلاع على قراءة الكتب الدينية المعتدلة .
8 . تشجيع الشباب المسلم على الإطلاع و البحث و المشاركة و الحضور إلى المؤتمرات و الندوات التي تبحث في أصول دينه و في عقائد و أفكار المذاهب و الأديان الأخرى.
المقترحات
1 . القيام بدراسة تقوم على قياس مستوى الوعي الديني لدى عينة من الشباب المسلم .
2 . القيام بدراسة تقوم على قياس مستوى التطرف لدى عينة من الشباب المسلم .
3 . القيام بدراسة تقوم على قياس مستوى التطرف بين عدد من المذاهب الدينية الإسلامية ، أو بين عدد من الطوائف الدينية ـ من مسلمين و مسيح و صابئة و أيزيدية .
نشرت فى 21 نوفمبر 2011
بواسطة hany2012
هـانى
موقعنـا موقع علمى إجتماعى و أيضاً ثقافـى . موقع متميز لرعاية كل أبنـاء مصر الأوفيـاء، لذا فأنت عالم/ مخترع/مبتكر على الطريق. لا تنس"بلدك مصر في حاجة إلى مزيد من المبدعين". »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
1,769,886
ساحة النقاش