القهوة مشروب يعد من بذور البن المحمصة، وينمو البن في أكثر من 70 بلدا. ويقال أن البن الأخضر هو ثاني أكثر السلع تداولا في العالم بعد النفط الخام.[1] ونظرا لاحتوائها على الكافيين، يمكن أن يكون للقهوة تأثير منبه للبشر. ويعد القهوة اليوم واحدة من المشروبات الأكثر شعبية في جميع أنحاء العالم.[2]
من المعتقد أن الأثيوبيين، أجداد قبيلة أورومو، كانوا هم أول من اكتشف وتعرف على الأثر المنشط لنبات حبوب القهوة.[3] ولم يُعثر على دليل مباشر يكشف بالتحديد عن مكان نمو القهوة في إفريقيا، أو يكشف عمن قد استخدمها على أنها منشط أو حتى يعرف عن ذلك قبل القرن السابع عشر.[3] وظهر أقرب دليل موثوق به سواء على شرب القهوة أو معرفة شجرة البن، في منتصف القرن الخامس عشر، في الأديرة الصوفية في اليمن في جنوب شبه الجزيرة العربية. وقد انتشرت القهوة من اليمن إلى مصر وإثيوبيا، وبحلول القرن الخامس عشر وصلت إلى أرمينيا وبلاد فارس وتركيا وشمالي أفريقيا. وقد انتشرت القهوة من العالم الإسلامي، إلى إيطاليا، ثم إلى بقية أوروبا وإندونيسيا وإلى الأمريكتين.[4]
يتم إنتاج ثمار البن التي تحتوي على حبوب القهوة عن طريق عدة أنواع من الشجيرات دائمة الخضرة الموجودة بشجر البن. والنوعان الأكثر شيوعا هما كافيا كانيفورا (المعروفة أيضا باسم كافيا روبوستا)، وكافيا ارابيكا؛ أما أقل الأنواع شيوعا فهي liberica ،excelsa ،stenophylla ،mauritiana ،racemosa. حيث يتم زراعتهم غالبا في أمريكا اللاتينية، جنوب شرق آسيا، وإفريقيا. وبمجرد نضوجها، يتم قطف حبوب القهوة، وتجهيزها، وتجفيفها. ثم يتم تحميص البذور، قبل مرورها بعدة تغيرات فيزيائية وكيميائية. حيث يتم التحميص بدرجات متفاوتة، اعتمادا على النكهة المطلوبة. ثم يتم طحنها وغليها لعمل القهوة. حيث يمكن إعدادها وتقديمها بطرق متنوعة.
وقد لعبت القهوة دورا هاما في كثير من المجتمعات على مر التاريخ. فقد كانت تستخدم في أفريقيا واليمن في الاحتفالات الدينية. ونتيجة لذلك، حظرت الكنيسة الاثيوبية استهلاكها المدني حتى عهد الامبراطور منليك الثاني من اثيوبيا.[5] وقد تم حظرها في العهد العثماني في تركيا في القرن السابع عشر لأسباب سياسية، [6] حيث ارتبطت بالأنشطة السياسية المتمردة في أوروبا.
تعد القهوة سلعة تصدير هامة. ففي عام 2004، كان البن أعلى الصادرات الزراعية ل 12 بلدا، [7] وفي عام 2005 أصبح في المركز السابع للصادرات الزراعية المشروعة من حيث القيمة.[8]
ظهر بعض الجدل حول زراعة البن وأثرها على البيئة. فقد قامت العديد من الدراسات بالبحث في العلاقة بين استهلاك القهوة وبعض الحالات الطبية، ولا يزال هناك جدال حول ما إذا كانت الآثار العامة للقهوة إيجابية أم سلبية.[9]
تم أخذ لفظ "كافي" المستخدم في أوروبا من اللفظ التركي كويف، الذي تم اشتقاقه بدوره من"قهوة". [10][11] كما تم اشتقاق أصل المصطلح العربي إما من منطقة كافا في غرب اثيوبيا، حيث كان يزرع البن، أو تم اقتطاعه من قهوة البن، التي تعني "خمر الحبة" في اللغة العربية. وقد استخدم اللفظ الإنجليزي كافي لأول مرة من أوائل إلى منتصف القرن السابع عشر، واستخدمت صياغات مبكرة من الكلمة في العقد الأخير من القرن السادس عشر.[12] أما في اريتريا البلد المجاور لإثيوبيا، يستخدم لفظ "بن" (الذي يعني أيضا "خمر الحبة" في اللغة التجرينية).[13] وفي اللغة الأمهرية وعفان أورومو تسمى القهوة ببونا.
من المفترض أن الاثيوبيين أجداد قبيلة جالا، كانوا أول من اكتشف وتعرف على الأثر المنبه لنبات حبوب البن.[3] ومع ذلك لم يُعثر على دليل مباشر يكشف بالتحديد عن مكان نمو القهوة في أفريقيا، أو يكشف عمن قد استخدمها على أنها منشط أو حتى يعرف عن ذلك قبل القرن السابع عشر.[3] حيث لم تظهر قصة الخالدي -راعي الماعز الاثيوبي الذي اكتشف القهوة في القرن التاسع- في الكتابة إلا في عام 1671 وربما تكون ملفقة.[3] وقد ظهر أقرب دليل موثوق به سواء على شرب القهوة أو معرفة شجرة البن، في منتصف القرن الخامس عشر، في الأديرة الصوفية في اليمن في جنوب شبه الجزيرة العربية.[3] حيث انتشر البن من إثيوبيا إلى مصر، واليمن[14] وقد كان العرب هم أول من قاموا بتحميص وغلي حبوب البن، على غرار الطريقة التي تتم بها اليوم. وبحلول القرن الخامس عشر، كان البن قد وصل إلى بقية الشرق الأوسط وبلاد فارس، تركيا، وشمال أفريقيا. ثم انتشر البن من العالم الإسلامي إلى إيطاليا، ثم إلى بقية أوروبا، واندونيسيا، وإلى الأمريكتين.[4]
في عام 1583، قام الطبيب الألماني راؤولف ليونارد بوصف القهوة بعد عودته من رحلة إلى الشرق الأدنى استمرت عشر سنوات:[15]
“ | A beverage as black as ink, useful against numerous illnesses, particularly those of the stomach. Its consumers take it in the morning, quite frankly, in a porcelain cup that is passed around and from which each one drinks a cupful. It is composed of water and the fruit from a bush called bunnu. | ” |
مما يوحي بأنها لم تكن معروفة قبل ذلك التاريخ في أوروبا.
انتقل البن من العالم الإسلامي، إلى إيطاليا. وقد جلبت التجارة المزدهرة بين البندقية وشمال أفريقيا; مصر، والشرق الأوسط، العديد من السلع، بما في ذلك القهوة إلى ميناء البندقية. حيث انتشرت من البندقية إلى بقية أوروبا. كما حازت القهوة على قبولا واسعا بعد أن تم اعتبارها من المشروبات المسيحية عن طريق البابا كليمنت الثامن في عام 1600، على الرغم من النداءات لحظر "المشروب الإسلامي." وقد تم افتتاح أول مقهى أوروبي في إيطاليا في عام 1645.[4] حيث كان الهولنديين هم أول من أول قام باستيراد البن على نطاق واسع، حيث كانوا من أول من تحدى الحظر العربي على تصدير النباتات والبذور غير المحمصة عندما قام بيتر فان دين برويك بتهريب شتلات من عدن إلى أوروبا في عام 1616.[16] ثم قام الهولنديون في وقت لاحق بزرع المحصول في جاوة وسيلان.[17] حيث كانت الصادرات الأولى من القهوة الإندونيسية من جاوة إلى هولندا في عام 1711.[18] ومن خلال الجهود التي بذلتها شركة الهند الشرقية البريطانية، حظا البن بشعبية في إنجلترا أيضا. وقد تم تقديمها لأول مرة في فرنسا في عام 1657، وفي النمسا وبولندا بعد معركة فيينا عام 1683، عندما تم الاستيلاء عليها إمدادات الأتراك الذين هُزموا.[19]
عندما وصلت القهوة إلى أمريكا الشمالية خلال الفترة الاستعمارية، لم تحظى في البداية بنفس النجاح الذي كانت عليه في أوروبا. ومع ذلك فقد زاد الطلب على القهوة كثيرا خلال الحرب الثورية، مما جعل التجار يقوموا بادخار المخزون الضئيل ورفع الاسعار بشكل كبير، وكان هذا أيضا نتيجة لانخفاض توافر الشاي من التجار البريطانيين.[20] وبعد حرب عام 1812، التي قامت بريطانيا خلالها بقطع واردات الشاي مؤقتا، زاد تذوق الأميركيين للقهوة، وارتفع الطلب خلال الحرب الأهلية الأمريكية جنبا إلى جنب مع التقدم في تكنولوجيا الغلي، مما أدى لتأمين موقف القهوة كسلعة يومية في الولايات المتحدة الأمريكية.[21]
أصبحت القهوة من المحاصيل النقدية الحيوية لدول كثيرة في العالم الثالث. حيث أصبح أكثر من مائة مليون شخص في البلدان النامية يعتمد على القهوة كمصدر أساسي للدخل (بونتي 1). كما أصبحت القهوة من الصادرات الرئيسية، والعمود الفقري لدول أفريقية مثل أوغندا، بوروندي، رواندا، واثيوبيا[22]، وكذلك العديد من بلدان أمريكا الوسطى.(1)
يُزرع نبات الكافيا في أفريقيا شبه الاستوائية، وجنوبي آسيا.[23] وهو ينتمي إلى فصيلة من عشرة أنواع من النباتات المزهرة من عائلة روبياسي. وهي شجيرة أو شجرة صغيرة دائمة الخضرة قد تنمو لطول 5 مترا بدون تشذيب. وأوراقها أخضر داكن ولامع، عادة ما يترواح طولها بين 100-150 ملليمتر وعرضها 60 ملليمترا. وتنتج مجموعات من عبق الزهور البيضاء التي تزدهر في وقت واحد. وثمرتها بيضاوية، وطولها حوالي 15 ملليمترا، [24] ولونها أخضر وهي غير ناضجة، لكن تتحول للون الأصفر بعد النضج، ثم قرمزي، لتصبح سوداء عند التجفيف. وتحتوي كل ثمرة عادة اثنين من البذور، ولكن نسبة 5-10 ٪ من الثمرات[25] تحتوي على واحدة فقط وتسمى بيبيري.[26] وتنضج الثمرة في فترة من سبعة إلى تسعة أشهر.
تزرع شجرة البن على ارتفاعات من الأرض، تتراوح بين 1500 و6000 قدم، وأحسن البن هو الذي يأتي من الشجر المزروع على ارتفاع 3000 و6000 قدم، فعندئذ تكون في البن النكهة المستطابة. والشجرة تحتاج إلى جو دافئ رطب، ومن أجل هذا تفضّل لها التلال والمناطق الجبلية. وهكذا هي اليمن. وشجرة البن تستنبت من البذور المباشرة، أو من طيّ فرع من فروع الشجرة حتى يمس الأرض، ثم دفنِ طرفه في التربة، وتركه فيها. وبعد نحو 4 أشهر تتكون بهذا الفرع جذور في الأرض، وصبح نباتاً جديداً. وشجرة البن تبدأ تثمر في السنة الثالثة، وهي تظل تنتج البن السنوات الطويلة حتى لتبلغ 50 أو ستين عاماً ولكنها في الأغلب تنتج بوفرة كافية مدة تتراوح بين 25 أو 30 عاماً. وشجرة البن تحتاج على تقليم كل حين لأن من عادتها الاتساع والامتلاء حتى ليصبح مظهر شجرة البن مظهر النبات البري.
تتكاثر القهوة عادة عن طريق البذور. والطريقة التقليدية لزراعة البن هي وضع 20 بذرة في كل حفرة في بداية موسم الأمطار؛ حيث يتم القضاء على نصفها بشكل طبيعي. وغالبا ما تزرع القهوة مع المحاصيل الغذائية، مثل الذرة والحبوب، أو الأرز، خلال السنوات القليلة الأولى للزراعة.[
يزرع نوعان رئيسيان لنبات البن هما: كافيا كانيفورا وكافيا ارابيكا. حيث تعتبر "قهوة ارابيكا" أكثر ملاءمة للشرب من روبوستا المستخرجة من "قهوة كانيفورا"؛ وتميل روبوستا إلى أن تكون أكثر مرارة وأقل نكهة ولكن لديها قوام أفضل من بن ارابيكا. لهذه الأسباب، فإن نحو ثلاثة أرباع من القهوة المزروعة في أنحاء العالم هي كافيا ارابيكا. [23] ومع ذلك، فتعتبر كافيا كانيفورا أقل عرضة للأمراض من كافيا ارابيكا ويمكن زراعتها في بيئات حيث كافيا ارابيكا لن تزدهر. وتحتوي قهوة روبوستا قهوة أيضا على حوالي 40-50 ٪ كافيين أكثر من قهوة ارابيكا.[27] لهذا السبب، فإنها تستخدم كبديل رخيص لارابيكا في العديد من توليفات البن التجارية. وقد تستخدم الروبوستا ذات النوعية الجيدة في بعض توليفات الإسبرسو لتوفير أفضل رغوة، ونتيجة كاملة القوام، وخفض تكلفة المكونات.[28] وتشمل الأنواع المزروعة الأخرى كافيا ليبركا، وكافيا اسليكا، حيث يُعتقد أنهما يرجعان إلى ليبريا وجنوبي السودان، على التوالي.[27]
تنشأ معظم حبوب بن ارابيكا إما من أمريكا اللاتينية، شرق أفريقيا والجزيرة العربية، أو آسيا. وتنمو حبوب بن روبوستا في غربي ووسط أفريقيا، وفي جميع أنحاء جنوب شرق آسيا، وإلى حد ما في البرازيل.[23] وعادة ما تمتلك الحبوب من البلدان أو المناطق المختلفة، خصائص مميزة مثل النكهة والرائحة والقوام، والحموضة.[29] ولا تتوقف خصائص الطعم فقط على مكان نمو القهوة، وإنما أيضا على السلالة الجينية (varietals) والتجهيز.[30] وتعرف الفاريتال عموما من المنطقة التي تزرع بها، مثل جافا أو كونا الكولومبية.
تعد البرازيل هي الدولة الرائدة عالميا في إنتاج البن الأخضر، تليها فيتنام وكولومبيا التي تنتج قهوة أكثر ليونة.
[عدل] الآثار البيئية
شجرة كافيا ارابيكا مزهرة في مزرعة برازيليةتمت زراعة البن، في الأصل، في ظل الأشجار، حيث توفر موئلا لكثير من الحيوانات والحشرات.[33] وعادة ما يشار لهذه الطريقة بالأسلوب التقليدي المظلل أو "المزروعة في الظل". وقد قرر العديد من المزارعين تغيير أسلوب الإنتاج لأسلوب الزراعة في الشمس، وهي طريقة تزرع فيها القهوة في صفوف تحت الشمس مع أو بدون مظلة غابات. مما يؤدي لنضج الحبوب بسرعة أكبر وإنتاج الشجيرات لغلات أكثر، ولكنها تتطلب إزالة الأشجار وزيادة استخدام الأسمدة والمبيدات.[34] وبالمقارنة مع الزراعة في الشمس نجد أن الطريقة التقليدية في إنتاج البن تؤدي لنضج الحبوب ببطء أكثر وانخفاض عائد الإنتاج، ولكن بجودة متفوقة لنوعية القهوة.[بحاجة لمصدر] بالإضافة إلى ذلك فإن الطريقة التقليدية المظللة هي صديقة للبيئة وتوفر مكان للعيش لكثير من أنواع الحياة البرية. ويقول معارضو زراعة الشمس أن المشاكل البيئية مثل إزالة الغابات، التلوث، مبيدات الآفات، تدمير الموائل، وتدهور التربة والمياه هي الآثار الجانبية لهذه الممارسات.[33] كما قام كلا من الجمعية الأمريكية للطيور، مركز سميثونيان للطيور المهاجرة، تحالف الغابات المطيرة، ومؤسسة يوم الشجرة بحملة من أجل "الزراعة في الظل" والبن العضوي، التي يقال عنها ان حصادها مستدام.[35] ومع ذلك، في حين أن أنواع معينة من نظم الزراعة المظللة للبن أبدت قدر أكبر من التنوع البيولوجي من نظم الزراعة في الشمس، فإنها لا تزال ضعيفة بالمقارنة مع الغابات الأصلية من حيث قيمة الموائل.[36]
هناك مسألة أخرى تتعلق بالقهوة هي استخدام المياه. فوفقا لنيو ساينتست، فقد تتطلب زراعة البن اللازم لإنتاج فنجان قهوة حوالى 140 لترا من المياه، وغالبا ما تزرع القهوة في البلدان التي يوجد فيها نقص في المياه، مثل اثيوبيا.[37]
يبلغ متوسط تناول القهوة حوالي ثلث تناول مياه الصنبور في أمريكا الشمالية وأوروبا.[2] وفي الفترة من 1998 إلى 2000 تم إنتاج نحو 6.7 مليون طن متري من القهوة سنويا في جميع أنحاء العالم، ويتوقع الارتفاع إلى 7 ملايين طن متري سنويا بحلول عام 2010.[38]
لا تزال البرازيل أكبر دولة مصدرة للبن، ولكن في السنوات الأخيرة، أصبحت فيتنام منتجا رئيسيا لحبوب الروبوستا.[39] وتعد اندونيسيا ثالث أكبر مصدر وأكبر منتج لبن أرابيكا. ويتم تداول بن روبوستا في لندن بأسعار أقل بكثير من أرابيكا في نيويورك، ولذلك فهي المفضلة من قبل عملاء الصناعة الكبار، مثل الأفران متعددة الجنسيات ومنتجي القهوة سريعة الذوبان، بسبب انخفاض التكلفة.
لقد بدأ مفهوم توسيم التجارة العادلة، والذي يضمن لمزارعي البن سعر متفاوض عليه قبل الحصاد، مع برنامج توسيم مؤسسة ماكس هافيلار في هولندا. وفي عام 2004، تمت التجارة العادلة في 24.222 طن متري (من 7.050.000 المنتجة في العالم)، وفي عام 2005، تمت التجارة العادلة في 33.991 طن متري من أصل 6.685.000، ممثلا زيادة من 0.34 ٪ إلى 0.51 ٪.[40][41] وهناك عدد من الدراسات أظهرت أن التجارة العادلة للقهوة لها تأثير إيجابي على المجتمعات التي تقوم بزراعتها. وكشفت دراسة في عام 2002 أن التجارة العادلة عززت من منظمات المنتجين، وحسنت عوائد صغار المنتجين، وكان لها تأثير إيجابي على كيفية الحياة.[42] كما خلصت دراسة في عام 2003 إلى أن التجارة العادلة قد تؤدي ل"تحسن كبير في الرفاهية على نطاق مزارعي البن وأسرهم"[43] من خلال توفير فرص الحصول على القروض الخارجية وتمويل التنمية [44] وزيادة فرص الحصول على التدريب، ومنحهم القدرة على تحسين جودة ما ينتجوه من قهوة.[45] كما شهدت أسر منتجي التجارة العادلة استقرارا عن أولئك الذين لم يشاركوا في التجارة العادلة، وحصل أطفالهم على تعليم أفضل.[46] وكشفت دراسة في عام 2005 لمنتجي البن في بوليفيا أن إشهاد التجارة العادلة كان له أثر إيجابي على أسعار البن المحلية واقتصاديا يعود بالنفع على جميع منتجي البن، سواء مصدقين من التجارة اعادلة أو لا.[47]
قد نما إنتاج واستهلاك قهوة التجارة العادلة في السنوات الأخيرة حيث أن بعض سلاسل المقاهي المحلية والوطنية بدأت في تقديم بدائل التجارة العادلة.
في حين أن القهوة ليست سلعة من الناحية التقنية (فهي من المنتجات الطازجة، التي تتضرر قيمتها مباشرة بطول الوقت الذي يتم حفظها فيه)، ويباع البن ويشترى من قبل الأفران والمستثمرين والمضاربين كسلعة قابلة للتداول. ويتم تداول العقود الآجلة لقهوة أرابيكا من الدرجة الثالثة في بورصة نيويورك التجارية (نايمكس) تحت رمز مؤشر KT، حيث تسلم العقود التي تحدث كل سنة في شهر مارس ومايو ويوليو وسبتمبر وديسمبر.[49] أما قهوة أرابيكا من الدرجات الأعلى والأدنى فتباع من خلال قنوات أخرى. ويتم تداول العقود الاجلة لبن روبوستا في سوق لندن لايف اكستشينج، ومنذ عام 2007 في نيويورك أي سي إي اكستشينج. واعتبارا من عام 2006 يعد البن الأخضر هو ثاني أكثر السلع المتداولة في العالم.
تخضع حبوب وبذور القهوة لعدة عمليات قبل أن تصبح البن المحمص المألوف. أولا، يتم قطف حبوب القهوة، باليدين غالبا. ثم يتم فرزها من حيث النضج واللون، ثم تتم ازالة لب الحبوب بواسطة آلة عادة، والبذور التي تسمى عادة بالحبوب يتم تخميرها لإزالة الطبقة الغروية من الصمغ التي لا تزال موجودة على الحبة. وعندما يتم الانتهاء من التخمير، يتم غسل الحبوب بكميات كبيرة من المياه العذبة لإزالة بقايا التخمر، والتي تولد كميات هائلة من فضلات البن السائلة الملوثة. وأخيرا، يتم تجفيف البذور. أفضل (ولكن الأقل استعمالا) طريقة لتجفيف البن هو التجفيف باستخدام طاولات التجفيف. في هذا الأسلوب يتم نثر البن الملبب والمخمر بلطف على سرائر مرتفعة، والتي تسمح للهواء بالمرور على جميع اطراف القهوة، ثم يتم خلط القهوة باليد. حيث يكون التجفيف في هذا الأسلوب أكثر تجانسا، والتخمير أقل احتمالا. حيث يتم تجفيف معظم البن الأفريقي بهذه الطريقة، كما بدأت بعض مزارع البن في جميع أنحاء العالم باستخدام هذا الأسلوب التقليدي. ثم يتم فرز البن ووسمه كبن أخضر. وهناك طريقة أخرى بتجفيف حبوب البن وهي وضعهم على فناء اسمنتي وأشعال النار عليهم في ضوء الشمس. وتستخدم بعض الشركات اسطوانات لضخ الهواء الساخن لتجفيف حبوب البن، وتستخدم هذه الطريقة غالبا في الأماكن التي تكون فيها الرطوبة عالية جدا.[50]
الخطوة التالية في التجهيز هي تحميص البن الأخضر. حيث تباع القهوة عادة في حالة التحميص، وكل البن يتم تحميصه قبل استهلاكه. ويمكن أن يباع البن المحمص من جانب المورد، أو يمكن أن يتم تحميصه منزليا.[51] حيث تؤثر عملية التحميص على طعم المشروبات عن طريق تغيير حبوب القهوة فيزيائيا وكيميائيا على حد سواء. وينقص وزن الحبوب حيث تفقد النداوة، وتزيد في الحجم، مما يجعلها أقل كثافة. وتؤثر كثافة الحبة أيضا على قوة القهوة ومتطلبات التعبئة والتغليف. ويبدأ التحميص الفعلي عند درجة حرارة داخل الحبة تصل إلى 200 درجة مئوية، في حين تختلف الأصناف المختلفة من الحبوب في الرطوبة والكثافة، وبالتالي تحمص بمعدلات مختلفة.[52] وخلال التحميص، يتم إنتاج الكراميل حيث تقوم الحرارة الشديدة بتحلل النشا في الحبوب، وتغييرها إلى سكر بسيط الذي يتحول للون البني، مغيرا لون الحبوب.[53] ويفقد السكروز بسرعة أثناء عملية التحميص وربما يختفي تماما في التحميص الأكثر قتامة. وخلال التحميص، تقوم الزيوت العطرية، الأحماض، والكافيين، بتغيير النكهة؛ على 205 درجة مئوية، وتبدأ الزيوت بالتطور.[52] واحد من هذه الزيوت هو زيت البن، الذي يظهر عند حوالي 200 درجة مئوية، وهو مسؤول إلى حد كبير عن رائحة ونكهة القهوة.[17]
اعتمادا على لون الحبوب المحمصة كما تراها العين البشرية، سوف يتم وسم الحبوب ك; فاتح، فاتح متوسط، متوسط، داكن متوسط، داكن، وداكن جدا. وهناك طريقة أكثر دقة للتعرف على درجة التحميص تنطوي على قياس الضوء الذي ينعكس من الحبوب المحمصة المضيئة عن طريق مصدر ضوء في طيف الأشعة تحت الحمراء. ويستخدم مقياس الضوء المفصل هذا، عملية يطلق عليها التحليل الطيفي ليعود بعدد يشير باستمرار إلى درجة تحميص البن المحمص أو تطور النكهة. وتستخدم مثل هذه الأجهزة عادة لضمان الجودة من قبل شركات تحميص البن.
تتميز الحبوب الداكنة بأنها أكثر نعومة، لأن لديها محتوى أفل من الألياف ونكهة أكثر سكرية. أما الحبوب الأفتح فتتميز باحتوائها على كافيين أكثر، مما يؤدي إلى مرارة طفيفة، ونكهة أقوى من الزيوت العطرية والأحماض التي لم تهلك بأوقات التحميص الأطول.[54] وخلال التحميص تنتج كمية صغيرة من القش من الجلد المتروك على الحبة بعد التجهيز.[55] وعادة ما يزال القش من الحبوب بحركة الهواء، ومع ذلك يتم إضافة كمية صغيرة إلى أنواع البن المحمص الداكن لامتصاص الزيوت من على الحبوب.[52] ويعتبر نزع الكافين أيضا جزءا من عملية التجهيز التي تمر بها بذور القهوة. حيث يتم نزع الكافين من البذور عندما تكون لا تزال خضراء. ويمكن استخدام طرق عديدة لنزع الكافيين من القهوة، ولكن تنطوي جميعها إما على نقع الحبوب في الماء الساخن أو تبخيرها، ثم تستخدم المذيبات لإذابة الزيوت التي تحتوي على الكافيين.[17] ويتم نزع الكافين غالبا عن طريق شركات التجهيز، وعادة ما يباع الكافين المستخرج لصناعة المستحضرات الصيدلانية.[17]
جب تخزين حبوب القهوة على النحو الصحيح بمجرد تحميصها، للحفاظ على الطعم الطازج للحبوب. ومن الناحية المثالية، يجب أن تكون الحاوية محكمة الغلق وتظل باردة. تأتي العوامل البيئية المسؤولة عن افساد النكهة في حبوب القهوة، مرتبة من حيث الأهمية كالآتي: الهواء، الرطوبة، الحرارة، والضوء.
تعد الاكياس المطوية طريقة شائعة لشراء المستهلكين للقهوة، وهي ليست الطريقة المثالية للتخزين طويل الأجل لأنها تسمح بدخول الهواء. والحزمة الأفضل هي التي تحتوي على صمام وحيد الاتجاه، حيث يمنع الهواء من الدخول.
ساحة النقاش