في المفهوم العام المبسط هي تلك الأمور المؤدية لتعابير الوجه بغض النظر عن ماهيتها ومكنوناتها و بغض النظر عن صدقها أو عدمه وهي المحركة للنفس في طرق الرد و التعابير اللاحقة و أعمال الجوارح والحواس في حسابات المراقب .
لقد كانت بداية المشاعر الإنسانية مقرونة ببعث الروح فسيدنا (آدم) حين بعثت الروح فيه تحرك تلقايئاً ثم أن ما تبع كان بداية لكل أمر قد تم فالوارد إلينا عند إقتراب الشيطان ودخوله من (فيه) وخروجه من (دبره) بعد التثاؤب الأول بعث إلى أول المشاعر الإنسانية في الخليقة حيث كانت الدهشة ثم الإستغراب ثم الغضب ثم بعد أن كلم الله سيدنا (آدم) وأمره بأن يضع يده على فيه في حالة التثاؤب حتى لا يتكرر الأمر فكانت مشاعر الرضا ممن أمر ولما أمر ..
ثم أن المشاعر الإنسانية أخذت بالتدرج أكثر فأكثر ففي قصة سيدنا هابيل وقابيل بعد القتل جائت بمشاعر الأسى والندم في إختلاف واضح على المشاعر التي كانت في الجنة حين ندم سيدنا (آدم) بعدما أكل من الشجــــــره
فهنا ندم أقل بدرجات كثيرة من ندم القتل حتى أن المولى تبارك وتعالى أقر أمراً (أن من قتل نفساً فكأنما قتل الناس جميعاً) ..
ولذا فإن المشاعر الإنسانية بدأت في حالة جديدة هي حالة لم تكن معهودة أو بسيطة لعظم الذنب ..
وبعد توالي المشاعر كانت حالات الوجه تتغير بإستمرار حسب المكنونات والتأثيرات الحاصلة و هي مكنونات متراكبة بعضها فوق بعض و منها ما يكون سبباً لبعضها البعض فمن ندم فسيأسف ومن أسف سيحزن ومن حزن سييأس وهكذا ..
ولما أتقن الإنسان المشاعر بكامل مدلاولاتها إما بالقياس و إما بالتمثيل وإما بكامل التأثر أصبح رقيقاً أي شيء يؤثر فيه فأودع الله فيه نعمة النسيان حتى لا يبقى صريعاً لتلك المشاعر و حتى تسير الخليقة لما خلقت له .
لقد قال الله تعالى في كتابه العزيز (ولو كنت فضاً غليظ القلب لأنفضوا من حولك) ..
ما حقيقة هذا القول ..
إن القلب هو أساس المشاعر الإنسانية كيفما كانت وكيفما أدت من المكنونات فنحن إن أحببنا كان القلب من أحب وإن بغضنا كان القلب هو الأساس ، غير أن العلم الحديث في العديد من التجارب يحاول إثبات غير ذلك ـ فما بالك بمن تعطل قلبه و تم تغييره فالسؤال هنا هل يبقى يحب أولئك الناس الذين كانوا معه أولاً ويبغض من كان أولاً أم أنه سيحب من كان يحبهم قلبه الجديد ويبغض من يبغضه قلبه الجديد ـ الأمر لا يقاس على هذا النحو فقد قمنا بالتقديم بالقول أن الله قد أودع نعمة لا يستهان بها وهي نعمة النسيان وهذه النعمة مكانها العقل لا القلب فالعقل هو المتحكم بهذا الأمر من جهة تيسير السبل للقلب لينسى من أساء أو من أحسن أو حتى من أثر تمام التأثير على المشاعر فذلك حقيقة عمله في المشاعر بيد أنه مهما قام بالتأثير يبقى القلب تشوبه الشوائب من المشاعر بغض النظر عن قوتها في التأثير على الإنطباعات أو الإنتقالات الفسيولوجية في التعاملات الخارجية .
ومن هنا يتأتى القول ( غليظ القلب ) فالغلظة هنا هي غلظة المشاعر و غلظة الطبائع الأمره بالتحولات الفسيولوجية في طبيعة التعاملات البشرية و التي لا تكون من العقل بأي حال من الأحوال فمن منا غليظ العقل ؟؟ وحينما يكون الإنسان غليظاً في التفكير كيف يفكر فيأمر فيطاع ؟؟ او حتى إن كان غليظاً هل سيبقى من شيء يفعل ؟؟
الأمر واضح لا يحتاج لسعة التفكير فالعقل وجد للتفكير والقلب وجد للميل والتأثير أما أن يدعى أحدهما للتحكم الكامل بالجسد فالجواب سيكون إما إنعدام في المشاعر من ناحية العقل و إما إنعدام في التوازن من ناحية القلب .
كيف لا فنحن إن أغفلنا دور القلب كان العقل متحكماً متحيزاً مؤدياً دور الآمر الناهي لما يجوز و لا يجوز غير مهتماً لمن حوله فإن كان نجاحه على حساب مشاعر من سواه لم يأبه لذلك أبداً محرقاً أدنى المشاعر و ضاراً بكل العواطف و الأمر لن يكون أفضل إن كان القلب متحكماً كلياً فإنه سيؤدي إلى إغفال حقوق الجسد .
كل هذا الكلام ينتهي إلى سؤال كبير يطرح نفسه بقوه ألا وهو كيف يأتي التوازن في العقل و القلب معاً لإسعاد المرء .. ؟؟؟
إننا من خلال هذا البحث سنقوم على سرد الأسباب الموجبة لقوة العقل و الموجبة لتجلي قدرات القلب في إبراز نفس المرء بغض النظر عنه صغيراً أم كبيراً إمراءة أم رجل فتى أو فتاة وذلك من خلال :
1. طرق التوازن بين العقل والقلب .
2. تجليات العقل في التفكير الإنساني القويم .
3. تجليات القلب في أسمى المشاعر ( الحب ) على سبيل المثال لا الحصر .
4. حل المشكلات النفسية الناشئة عن التجارب الفاشلة .
بسم الله الرحمن الرحيم
1. طرق التوازن بين العقل والقلب :
في البداية لا بد من درء الأفكار الباعثة إلى إستنساخ النفس والتي تفضي إلى عدم الإدراك لصحيح المشكله فالأمر لا يؤخذ جزافاً دون سعة في التفكير فالكثير منا يعتقد أنه قادر على بعث هذا التوازن قائلاً في نفســـــــــه ( أنا أستطيع ذلك ) .
نعم نحن نستطيع ذلك لكننا لا نمتلك صقلاً لهذه الموهبة وأقول موهبة لأن الأمر يأتي بالطبع البشرية هبة من الله لن نستطيع إيجاد هذه الموهبة بسهولة ويسر أو بكثير أوقليل لكننا نفتقد إلى إحيائها ودليل الإفتقاد أن الكثير من الناس يمتلك بين جوانحه قلباً رقيقاً ينهاه عن حقوقه ويبيحها لسواه ويحدثه عقله بالتنازل عن حقوقه في سبيل إسعاد سواه وهنا لابد من دور لنا في إيقاف هذا النزيف .
والدور المتمثل في إيقاف نزيف القلب و (تجلط) العقل يتأتى بأمور تؤخذ في الحسبان منها مايلي :
• إن كنت سأتبادل الأدوار فأي الأدوار سأختار الظالم أم المظلوم و ما هو سبب إختياري للدور ..
• ماذا لو كان الطرف المقابل مكاني هل سيفعل مثلما أفعل ..
• هل هنالك سبيل أخر لإرضاء نفسي و لإرضاء الطرف الأخر ..
• إن كنت سأختار إرضاء نفسي ما أقسى فعل سيقوم به الطرف الأخر وهل لدي الشجاعة للرد عليه وما هو ردي وهل ردي رادع كاف أم أنه سيخبر خصمي عن ضعف في ثنايا نفسي ..
• هل صمتي يكفي حتى يدرك خصمي أنه قد تجرأ علي ..
• إن كنت سأبدأ في نقاش خصمي هل أستطيع إقناعه ..
• هل لدي مخزون كافي من الأمثلة لإقناع خصمي ..
• هل خصمي من النوع الذي تؤثر فيه الإيماءات والإيحاءات ..
• هل خصمي مقتنع بحقي في الأمر أم أنه غير مقتنع أصلاً ..
• هل نقاشي سيكون عقيماً ..
إن هذه التسؤلات و أجوبتها ستفضي إلى أمور جديدة لم تكن في حسبان المرء تؤدي به إلى طرح المشكلة بشكل أوسع مما كانت عليه مما يؤثر إيجاباً على حل المشكلة وما هي إلا باب …
نعم كانت هذه التسؤلات باباً لخلق التوازن بيد أن الأبواب تختلف بإختلاف المشكلة ولعل القارىء الكريم إن أمعن في ما مضى سيدرك أن هنالك أبواب لا تحصى لخلق التوازن .
سعة الإطلاع على الشخوص :
لعلنا في طرح هذا الباب سنجد أن هنالك ضعفاً واضحاً لدينا في معرفة ماهية الشخوص المقابلة لنا .. ماهي طباعها وردود أفعالها و ما دورها في الحياة و وسائل إيذائها الفكرية و العاطفية و هل يمكن قيادتها أم أنها مسؤولة ..
و أقول أن كل شخص خلق على البسيطة يمر بمراحل متعددة من النفسية المتراكبة تجد فيها ما تشاء من التناقضات غير أن الدخول فيها لا يمكن إلا بمعرفة الباب الصحيح وذلك لا يأتي إلا من خلال تتبعها ودراستها بتأن فأما إن ضاق الوقت لديك فإنك تستطيع ذلك بدقة الملاحظة من خلال طرح التسؤلات أو حتى سرد القصص أو الإستشارة المبطنة للإستشفاف عن ماهية الشخصية ، فأنا إن ضاق الوقت لدي ولم أعرف ماهية الشخصية المقابلة أخذت بالتعليق مثلاً على شخصية أعرفها و من خلال التعبير على وجهه أو رده أستطيع بناء أفكار من خلالها أحكم ..
و سأطرح مثلاً للاستدلال :
جائني صديق ويدعى أنس وقام بتعريفي على شخص أخر إسمه أحمد و من خلال الجلسة الأولى عرفت أن أنس يريد أن تتوطد العلاقة بيننا الثلاثة لنكون أصدقاء فقمت بالتحرش بأنس كلامياً والتعليق عليه مع ذكر أنني لا أحبذ المزاح باليد كون أنس رد فعله على سليط لساني بيديه فكانت ردة فعل أحمد قوله ( كيف تريده أن يرد بعد هذا الكلام ) ..
لعلك عزيزي القارىء ستدرك أنني قمت بتحليل شخصية (أحمد) وعلى النحو التالي :
أ ـ أحمد ذو شخصية مهزوزه تستطيع قيادته إن أقنعته و مفتاحه الكلام .
ب ـ قد يكون بحاجة للصداقة من أنس أكثر مني تبعاً لرد فعله .
ج ـ قد تكون صداقته من أنس لحاجة و تنتهي بعد إنتهاء الحاجة .
د ـ صداقة أحمد لن تضفي شيئاً على شخصيتي و ذلك لضعف إنتصاره لأنس و هو بحاجة إلى من يدعمه أصلاً .
هذه بعضاً من التحاليل لشخصية أحمد وقد يستطيع سواي أن يحلل أكثر أو أقل لكن المهم هو إيجاد وسائل التحليل بينك وبين نفسك لإضفاء القوة على شخصيتك مع التركيز على أدق التفاصيل .
ومن خلال ما مضى ستدرك أخي القارىء أن النفس البشرية تستطيع السيطرة على قوة التوازن بين العقل والقلب فإذا ما أردت بمثالي أن أغلب العقل على القلب قمت بالإساءة المباشرة لأحمد وإنهاء الصداقة قبل أن تبدأ .. وإذا ما غلبت القلب على العقل أخذت برأي صديقي أنس وإعتبرت ضيفه صديقي دون الإمعان بمعنى الصداقة لدي ، و على الرغم من ذلك قمت بالإيماء لأحمد أنني أثقل على أنس أمامك حتى أثير إنطباعاته المبطنة وحتى تعلم أنك إن أردت صداقتي فعليك أن تدرك شيئاً من شخصيتي .
تبيان الحدود :
إن العمل على تعريف الحدود الفاصلة بين العقل في التدخل في أي أمر والقلب في البت في الأمر يعمل على التوازن الصحيح .
وإن ذلك ليس بالشيء الهين فنحن نستطيع التواصل لحل لكننا لا نستطيع الجزم أن تدخل العقل كان منطقياً لم يتجاوز حدوده في البت في الأمر المعني أو أن القلب كان طاغياً في إبداء الرأي ، ولذا فمن الواجب علينا إيجاد الحدود المناسبة لدرء كلاً منهما فلا تكون الغلبة لأحدهما على الأخر أما طرق وضع الحدود فهي تتلخص بالأمور التالية :
• قبل البت والحكم في الأمر أخذ الرأي الفاصل في الموضوع لكل من العقل و القلب على حدى فإذا ما رأيت أن الرأي سيكون لثورة في العقل فإعلم أنه حكم جائر و إذا ما رأيت أن الرأي سيكون لعاطفة جياشة فإعلم أن الحكم أيضاً جائر .
• من خلال الطرح ستتبين الميل القلبي والفكري فمن رأيت أنه يشدك أكثر حاول التقليل من تأثيره على نفسيتك .
• عند البت في الحكم عاود طرح الموضوع على نفسك مرة أخرى فإن رأيت أن هنالك شكاً دائراً حول البت فيه فإعلم أن الحكم ليس بقويم وأنه غير مناسب و إن رأيت أن الحكم يأخذ جانب الرضا من كلا الطرفين فإعلم أن الحكم صحيح .
• إذا ما رأيت تباعاً للموضوع رداً قاسياً لأحدهما و إستفزازياً و تعليقاً ساخراً ولوماً فإعلم أن حكمك سابقاً لم يكن متوازناً كأن تحكم في أمر فيأتي العقل بعد إتضاح أمر على الشخص المقابل قد أخذ بلومك على ما حكمت فأعلم أن حكمك غير صحيح من البداية و العكس بالعكس .
تقوية الشخصية و تعزيز الثقة بالنفس :
كثيراً ما تكون النفس المحبطة و الواقعة في عدة مشاكل بحاجة إلى ما يقويها لأخراجها من مستنقع الفشل إلى حيز الإبداع غير أننا إن ظللنا الطريق بحاجه إلى أمور تعيد النصاب لوضعه الصحيح و يتأتى ذلك من خلال هذه النقاط :
• الإستشارة :
يقولون ما خاب من إستشار لكننا إن أخطأنا التقدير وقعنا في فخ التبعية حيث أننا نقوم بإستشارة فلان أو علان بحثاً عن حل لمشكلة ما والأساس أن في الإستشارة الإستدلال على أخطاء طرح المشكلة فإذا ماقام المستشار بتبيان جوانب أخرى للقضية خفية علينا فإننا ننجح في الإستشارة و ننجح في وضع الحلول لأي مشكلة كانت .
كل ذلك بغير الإعتماد الكلي بحيث أن نصبح تابعاً لحلال المشكلات فالأساس أن نعاود الكرة مرة أخرى بعد إيجاد الحل ولطالما كانت هنالك حلول أخرى فالواجب إيجادها للنجاح في أي أمر وحسب هذه المعادلة :
مشكلة إستشارة الحل الحل الأمثل
الأمر الذي يؤدي لاحقاً بالإستغناء عن المستشار لحل المشكلات السهلة و إبقائه لما إستصعبت من الأمور وتباعاً ستجد أن أكبر المشكلات بصواب طرحها من جميع الجوانب سيكون لها حلاً بإذن الله مما يعزز الثقة بالنفس ويقويها .
• حسن طرح القضية أو المشكلة :
إننا في الأغلب لا نقوم بطرح المشكلة بالشكل الصحيح فذلك يعزى لعدم سعة التفكير وإلى إستحواذ المشكلة علينا فالواجب إذاً أن نضع المشكلة جانباً و نتخيل أنها لا تعنينا وأنها مشكلة شخص أخر فإذا ما إستطعنا ذلك قمنا بطرحها من جديد فنكتشف أن جوانب كثيرة قد تم كشفها لنا على طاولة الطرح فإذا ما قمنا بمحاولة حلها فإنني أعتقد أننا سنتوصل إلى حل وكلما أخذنا وقتاً إضافياً كلما كان الحل مثالياً و ذلك تعزيز لقوة الطرح و تعزيز للقوة الكامنة في شخصيتنا .
• مراقبة الغير في التعامل مع مشكلاته :
إن مراقبة أخطاء الغير في التعامل مع مشكلاته سيفضي بنا إلى تخيل أننا من وقع في هذه المشكلة فندعوا أنفسنا لحل هذه المشكلة فإذا ما وجدنا حلاً مثالياً فإننا سنقوم بطرحه بشكل أمثل على مقابلنا مما يعزز حضورنا في نفوس من حولنا و الذي سيؤدي تباعاً إلى فرح غامر في داخلنا أننا إنتقلنا من جانب المتفرج الذي لا يتقن سوى فن الإستماع إلى جانب المستشار ذو القدرة على الحل و هذا تعزيز أمثل لقوة الشخصية .
• إستثارة النفس بتجارب الغير:
إن النجاحات من حولنا كثيرة فإذا ما إتخذنا فلان مثالاً يحتذى بتجربته فإننا سنحاول جاهدين أن نصل لذلك المستوى فطلاب العلم مثلاً أو أولئك المثقفين الذين يشاركون في أي طرح ولديهم القدرة على النقاش هم مثلاً يحتذى من الواجب علينا التعلم منهم لتعزيز قدراتنا الشخصية مع علمنا الأكيد أن لكل مرء منا قدرات ومواهب و حذاري من تحميل النفس فوق طاقتها أو الوقوع في فخ التمثيل والتقليد الأعمى فكثيراً هم من سقطوا نتيجة عدم إدراكهم أن لكل شخص قدرات ومواهب تختلف عن الأخر .
إذاً فالواجب التعلم وليس التقليد الأعمى فالعلم راسخ يؤدي لمهارات أخرى أما التقليد فإنه مثير للضحك أو مؤدي للسخرية مما لا يعزز القدرات بقدر ما يحبط النفس و يقلل من ثقتها .
• تعزيز القدرة بالكلام مع النفس :
إنك إن جلست مع نفسك و رددت معي ( أنا أستطيـــــــــــــع .. أنا أفكر .. أنا قادر ) ستقوم بالتأكيد بتحفيز نفسك وإستثارة هممها فكم هم أولئك الضعاف الذين قد إستطعوا صنع المعجزات فأين موقعك أنت لابد لك أن تصنع من وقتك شيئاً يكون لك فخراً .. أمسك بقلمك و سطر من الكلمات ما تشاء فبعد فترة ستجد أن هنالك إبداعاً كامنناً في نفسك يحتاج إلى صقله في حين أن سواك لا يملك شيئاً مما تملك .
منع الوسوسة من السيطرة على النفس :
كثيرة هي وساوس النفس لكننا إن تركنا الأمر على ماهو عليه فقد تتطور بنا الأوضاع إلى حقيقة ضعف تكمن في خلايا أنفسنا ، غالباً ما تصبح مرضاً مستعصياً يتطلب الكثير من الجهد للقضاء عليه أو حتى الشفاء من بعض أثاره ولذا فالواجب إيجاد الأسباب للحيلولة من إستعصاء هذا البلاء و أحسب أنني في هذا الباب سأذكر بعضاً من النقاط لإيقاف الوسوسة بشكل تدريجي وهي على النحو التالي :
• التردد :
كثيراً ما يكون ترددنا في الإختيار سبباً في تقوية الوسوسة و سبباً أعمق في السيطرة على النفس وإحباطها إذاً فالواجب أن لا يكون المرء منا متردداً في إختياره لا نقول أن يتسرع المرء في الإختيار ولن نسمي تمهلنا فيه تردداً فالتردد هو التأخر في كشف الجانب الحسن من السيء حتى لو كان ظاهراً لنا و إن كان ظاهراً وقد أخذنا نفساً عميقاً في التفكير وإختيار الصواب فكان من الأولى إيلاء ذلك الوقت لشيء أهم في حياتنا .
إذاً سنقوم بهذه المحاولة :
إختر ماشئت من الأمور البديهية ( فالأكل مثلاً باليمنى ودخول بيت الخلاء بالقدم اليسرى و الكتابة باليد اليمنى و نضع الساعة باليد اليسرى ) فإذا ما سؤلت في أي هذه الأمور هل تتردد بالإيجابة ..
و إذا ما سألتك كم يمنى ويسرى هل تتردد .. فإذا ما سألتك ما مدلول وضع الساعة باليد اليسرى وما مدلول الدخول لبيت الخلاء بالقدم اليسرى فأحسب أنك ستقف لوقت أكثر مما قبل لتجيب فإنني أقول لك أنك في الإيجابات الأولى كنت عالماً بشيء بديهي أما في أخر سؤال فأنت تريد سعة من الإطلاع لتجيب وليس الأمر بالسهل إلا من مر الأمر عليه قبلاً وكانت لديه الإجابة كالدخول لبيت الخلاء فإن النبي صلى الله عليه وسلم حين أمر بذلك كان خبره من الله و علمه من الله بحيث أن العلم الحديث أثبت أن من قدم اليسرى على اليمنى و وافته المنيه سقط إلى الخلف فالنبي أخبر عن كرامة جسد الأنسان فلن يسقطها الله في بيت الخلاء والعكس بالعكس بحيث عند خروجك من بيت الخلاء تقدم اليمنى على اليسرى فإن وافتك المنية كان سقوطك خارج بيت الخلاء …
إذاً فسعة الإطلاع و كثرة المطالعة و متابعة المستجدات ستفضي بك إلى سرعة الإجابة و عدم ترددك في الأمور البديهية سيقوم أدائك في ما سواها مما يعزز ثقتك بنفسك و يزيل عنك شيء من الوسواس .
• كثرة الحسابات بداع وبدون داع :
هنالك قائل يخبرني أنه عندما يهم بأمر فإن نفسه توسوس له دون إراده فعلى سبيل المثال إذا ما أراد التوجه إلى رحلة إستجمام فإنه يجد الكثير من الوسوسة ( قد يصيبك حادث ما ، قد لا تجد مكاناً يناسبك , قد تتعطل سيارتك ، قد يمس بيتك مكروه في غيابك ) فأنا أقول ما الداع لهذه الحسابات الغيبية و إذا ما تمعن فيها فإنها أمور قد تحدث وقد لا تحدث وإن حدثت فهذه ليست نهاية العالم .
و الواجب علي في هذه الأمور مثلاً أن أدع الخلق للخالق فأنا لن أمنع القدر بحساباتي ، و إذا ما أردت أن أبعد الوسوسة علي أن أفكر في أمور أخرى فإذا ما كان قراري أن أذهب في رحلة إستجمام علي أن أحسب كم ستكون فوائد رحلتي فلعلي سأخلع عني عناء وجهد العمل و قد أضفي على سواي أمر الإستمتاع وتغيير العامل النفسي ولعلي سأعود لأبدع في مجال عملي ..
• إستدراج الوسوسة :
كلنا نعلم أن كثرة الوسوسة ستستدرجك إلى إلغاء الكثير من الأمور و ستفضي بك إلى مراحل الإحباط النفسي و حتى الإخفاق في مسيرة الحياة فالواجب عليك إذاً إستدراج الوسوسة إلى إنهائها بحيث تخاطب النفس خطاب الإقناع أنك إن قمت بالعمل كم هي الفؤاد المرجوه منه فمثلاً تريد الذهاب إلى الطبيب لألم الأسنان مثلاً و توسوس لك نفسك أنك إن ذهبت فإنه سوف يزيد عليك الألم و سيخلع لك أسنانك و سيصبح مظهرك سيئاً من جراء الألم و هنا لابد من أن تتدخل بين وسواسك ونفسك فتقنع نفسك أنك إن ذهبت فسوف ترتاح من الألم و أن خلع السن السيء خير من إنتقال السوس في باقي الأسنان و أن إنتفاخ مكان الألم لن يطول أكثر من يوم أو يومان .
وفي حال بقاء الوسواس مسيطراً فلابد من القليل من الشجاعة فتخبر نفسك أنك لا تريد أن تضل تحت رحمة الوسوسة و أن هذا ضعف لابد من السيطرة عليه و أحسب أنك إن وصلت إلى هذه الجرءة فإنك ستستدرج الوسوسة من مخبئها للقضاء عليها أبداً .
• حسن التخطيط :
إن التخطيط الجيد يفضي إلى منع الوسواس من السيطرة على النفس ولذا فمن الأفضل أن نعتبر أنفسنا المخطط الوحيد في هذا الكون و أن أي شخص لن يستطيع القيام بالواجب المناط بنا و أن من يقوم بعملنا سيفشل .
و للمحاولة ردد معي ( أنا الأفضل .. أنا الأنجح .. أنا الأقوى .. أنا من يخطط و غيري ينفذ ) ستجد في نفسك تحدياً عليك إتمامه فمن يردد هذا الكلام عليه أن يكون على قدره و ستمنع تفكيرك الجانبي من السير بإتجاه الوسوسة إلى السير بإتجه حب العمل و إتقانه .
2. تجليات العقل في التفكير الإنساني القويم :
إن إغفال العقل في ضبط النفس البشرية يرمي إلى العديد من المشاكل التي لا حصر لها و إذا ما تم هذا الأمر فإن الجانب العاطفي سيكون معرضاً لضغوط كبيرة تفضي في كثير من الأحوال إلى آلام نفسية تترك أثراً بعيداً في النفس البشرية قد تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه فعلى سبيل المثال لا الحصر أن تحب شيئاً و تتعلق به تعلقاً كاملاً مغفلاً جانب العقل و الوسطية في التفكر بمدلول الإرتباط و حدوده الشرعية في هذا الشيء و يمر بك الوقت سريعاً فإذا بك تفقده دون مقدمات فتصور كم هي الألام و كم هي المشاعر التي ستؤثر على نفسيتك بشكل عكسي و التي قد تؤدي إلى عزلة تامة عن الناس أو فقدان الإحساس بالإمان من التعامل معهم و حتى إحباط فمرض نفسي معقد يصعب تجاوزه تباعاً .
و لعلنا إن جئنا بمثال الطفل الصغير الذي يرتبط بلعبة مثلاً فهو متعلق بها ويقضي جل وقته معها دون قيد أو شرط فالطفل ذو إرتباط عاطفي غير مدرك و هو لن يٌعمِل العقل في حسن ضبط عاطفته فتراه إن فقد هذه اللعبة يبكي ويصرخ و قد يؤذي من حوله في كثير من الأحيان بحثاً عن عودة ضالته دون طائل ولعله إن لم يسترجع لعبته ستترك في نفسه هذه الحادثة أثراً بعيداً ينمو معه كلما نمى و قد يغدو الطفل رجلاً عاقلاً بالغاً لكنه إن رأى تلك اللعبة و إفسح له المجال فلن يتوانى عن اللعب بها و هذا أمراً طبيعياً جداً .
إذاً فالأمر بحاجة إلى ضابط في النفس البشرية يوزع المهام بما يضمن التساوي فالوسطية في التأثر النفسي وتعلقها بما أحيط بها من أمور حتى لا يؤدي أياً من الطرفين دوراً إضافياً على حساب الآخر فتفضي الأمور إلى إنكسار و إنحسار في التشكيل النفسي وهذا كله مناط بالعقل مدار البحث في هذا الباب …
دور العقل في ضبط النفس :
على مر الزمان كانت و لا تزال النفس البشرية أمارة بالسوء فمن خلال قصة سيدنا يوسف عليه السلام يتضح ذلك حينما قرر الإخوة قتل أخاهم الصغير و في حين آخر في قصته عليه السلام مع إمراءة العزيز وهذا الأمر لا يخفى على الكثير منا بيد أن ما يخفى علينا أن أنفسنا تأمر بذلك أيضاً و لكن بطرق أخرى تخلتف حسب مقتضى الأمر .
ولذا فمن الواجب على كل شخص ضبط نفسه بعقله حيث أن ترك النفس في إختيار أمورها دون ضابط يؤدي في أكثر الأحوال إلى ظلم بغض النظر إن كان واقعاً على أنفسنا أو على سوانا ..
وهنا لابد من عرض بعض النقاط حينما يمر المرء بأمر و يهم به فعليه تحكيم العقل ففي جانب الناس مثلاً ..
• هل هذا الأمر يشكل خطراً على سواي ..
• هل هذا الأمر يبيحه الدين أو لا يبيحه ..
• هل هذا الأمر له من الفوائد الطاغية على سيئات القيام به ..
وفي جانب النفس مثلاً ..
• ماذا إن قمت بالأمر هل يسبب الأذى لي ..
• ماذا لو لم أقم بالأمر هل يسبب ضرراً لي ..
• هل قيامي بالأمر في وقته الصحيح أم أنني متأخر أم متسرع ..
وعلى هذا فإن دور العقل بارز في ضبط النفس ولكن يجب إبرازه بشكل مؤثر في كل جوانب الأمور مما يضفي دوراً رقابياً رادعاً يهدي إلى الخير في وقته ويهدي إلى تجنب السوء في وقته أيضاً و هكذا.
تنمية دور العقل في ضبط النفس :
وهذا الأمر يتطلب صبراً وتأن وشجاعة في مقاومة النفس حيث أنها لا تقبل الإ بالسير على هواها وإنك إن جئت تضبطها دفعة واحده فقدتها أو سببت الأذى لها دون أن تدرك ذلك و لذا فمن الواجب إتباع بعضاً من النقاط فمثلاً ..
أولاً .. إنني أقول أن أولى الأمور في تنمية هذا الدور الرقابي هو الإمعان بجوانب الأمور قبل تنفيذها بمعنى إعطاء وقت أطول للنفس في التفكر بماهية وجوانب القيام بها و تعطيل ردة الفعل المتسرعة مما يحفز الجانب الإنساني في النفس وينمي دور العقل في ضبطها .
ثانياً .. إننا بطبيعتنا سريعي الحكم على ظاهر الأمور وهذا الأمر تعطيل لدور العقل وإبراز لدورالنفس في التحكم إذاً فالأولى أن نتجنب قدر الإمكان سرعة الحكم على الأمور .
ثالثاً .. محاولة قلب الأمور رأساً على عقب فقبل تنفيذ أوامر النفس علينا أن نقنع أنفسنا بضرورة أن نكون في مكان من سينفذ الأمر عليه ثم نعرض المشاكل المترتبة على ذلك عرضاً وافياً مما يمهد إلى حسن الإختيار وتغليب العقل على النفس .
رابعاً .. الحكم على الأمور قياساً فأنت إن همت نفسك بفعل أمر عليك إقناعها أن فلان قد قام به و عليه فقد كانت ردة الفعل كذا و كذا فالأولى أن لا تقوم بالأمر خوفاً من تكرار العواقب بل يجب حساب الأمر على نحو مختلف و إختيار أمر أقل تأثيراً و أكثر نفعاً .
خامساً .. صرف إهتمامات العقل لكل ما هو مفيد حيث أن النفس غالبة في الهوى فإذا ما أمعنت في أمورها أدركت أنها تعنى بإهتمامات ليست ذا قيمة مما يؤثر سلباً على العقل فيصبح يجاريها في كل ماهو غير نافع فإذا ما صرفت إهتمامه لأمور نافعه أصبحت النفس تتهذب رويداً رويداً فتتبع العقل فيما صرف له .
سادساً .. تنمية المهارات حيث أن الفراغ مدعاه إلى تضييع الوقت في أمور لا يستفاد منها فأما إن قمت بتنمية مهاره لديك فإنك ستصرف نفسك نحو هذه المهاره بطبيعة الحال .
سابعاً .. تقسيم الوقت في إتمام الأمور مما يثير النفس لمحاولة تجنب كل ماهو غير مفيد فأنت في ضيق دائم من الوقت و لديك الكثير من الأعمال غير المنجزه .
إن هذه النقاط السابقة لم تكن سوى بعضاً من كل للضغط و إبراز صوت العقل في كافة المناحي و أنت إن جلست مع نفسك ستجد أن هنالك أكثر بكثير منها يستحق الذكر بيد أني أحاول إيجاد أبواب غير تقليدية في تنمية العقل و العقل بحاجة دائمة لمزيد من الإبداع فالمحتوى يسع الكثير ولكن لن يكون ذلك باليسير إلا بمزيد من البحث .
ضبط العقل في مسار الهوى :
إن القلب يعشق كثيراً لكننا إن تركناه يؤدي واجبه دون رقابه أصبح عاطفياً بشكل مؤذي و لذا فمن الواجب وضع حد منطقي للتصرفات العاطفية و هنا فالأولى البدء بإقناع العقل بمحذورات التنقل العاطفي و إبراز دوره في ضبط القلب دون إغفال أن الجسد بحاجة لعاطفة دائمة ولكن بدون أن يكون ذلك على حساب الراحة العامة .
وبلا شك بدون أن تكون العاطفة تصب في مصلحه دون مصلحه فأنت تستطيع أن تحب كما تستطيع أن تكره و الوسطية خير الأمور فأما أن تكره بحقد وأن تحب بفقد الجسد فهذا ما لا يصح وإننا سنحاول تباعاً أن نرصد أخطاء من أمعن في الأمرين دون ضابط العقل .
فكثيراً ما نسمع عن شخص أحب إلى حد الجنون وهذا أمر يستحق التوقف لديه للإستفاده من تجربته فهو قد أغفل الجانب العقلي و أبرز الجانب القلبي العاطفي ولذا فإننا سنراه متخبطاً بمأساته وعند طرح الموضوع ستجد أنه قد أغفل أيضاً أن كل شيء إلى فناء .
فعلى سبيل المثال .. فتاة أحبت أحد الأشخاص و حبها له دون تفكير حيث أنها وهبت نفسها له ثم فجأة تراه مع سواها .. ترى كم هذا الأمر سيترك لديها من أسباب الموت …
1. إحباط من التعامل مع الأشخاص بالشكل العام .
2. سخرية من كل شخصين يربطهما عاطفة .
3. تجرد من العواطف بسبب الخيانة .
4. خوف من القادم لأن المثال حاضر لديها .
ولعلك أخي الكريم ستجد العديد من الأمثلة الحاضرة و التساؤل هنا ترى لو أنها ضبطت عاطفتها عقلياً و تفكرت بالشخص ملياً هل تراها ستقع فريسة سهله لعاطفة جياشة أم أنها ستكون سداً منيعاً لن يستطيع أحد إختراقه .
و من هنا ستجد أن العقل لم يكن له دور و الواجب إبراز دوره في ضبط صاحبه دون المساس بالعواطف ولا يمكن إبراز هذا الدور إلا بتعريضه لحقيقة أنه لو كان مكان هذه الفتاة مثلاً فما هو فاعل ، ستجد أن العقل سيبدأ بالعمل من جديد .
صحيح أن صاحب الجرح أولى بألمه لكن الإنسان بطبيعته يتعلم من سواه سواء من خطأه أو صوابه و لعل العقل إن بدأ بالعمل في التعلم من أخطاء الأخرين ستجده قد سار على الطريق الصحيح في صيانة القلب و مساره الهوى .
أما على الصعيد الأخر فإن إدخال العقل كاملاً في كافة الأمور حتى الوصول إلى السيطرة على العاطفة فإنه عملاً خاطئاً يستحق النقاش ، حيث أننا سنجعل من العواطف باباً ثانوياً لن يأخذ كافة حقوقه في طرح القضايا الماسة به وسيؤدي بالإنسان إلى شخص عديم المشاعر يدمر مشاعر من حوله .
وكثيراً ما يكون تدميرها بكلمة قيلت لم يلق لها الشخص بالاً آثرت عميق الآثر بمن يقابله وحتى قد تكون ذات تأثير قاتل ، وإنني أحسب هنا أنني لم أبالغ في هذا الطرح فالشواهد من حولنا كثيرة .
و إن كنت سأضع الأمثلة فإن الحديث سيطول غير أنني سأضع مثالاً للإستدلال على واقع سيطرة العقل الكامنة والكاملة لشخصية كنت قريباً منها بحيث أنني تلمست واقعها و أحسست بمدلول تلك الوقائع عليها وحتى لا يفهم الأمر على نحو خاطىء فإنني سأقوم بتغيير شيء من الوقائع و الأسماء والقصة على النحو التالي :
شخص يدعى خليل قام بطلب فتاة أهلها ذوي مال كثير و هو لا يحبها وهي ليست على قدر من الجمال معروفة بسلاطة اللسان و سوء المعشر فإشترط أهلها متأخر صداق بألاف الدنانير فوافق هذا الشخص وتم الزواج وبعد فترة قام أهله بمقاطعته من سوء أخلاق زوجته و حتى أن الأ
ساحة النقاش