علم السموم والسمية
العوامل المحددة لدرجة التسمم
ميتابولزم المبيدات الكيماوية
ميكانزم التأثير السام للمادة السامة
امتصاص وانتقال المبيدات
علم السموم والسمية :
علم السموم : Toxicology
يمكن تعريف علم السموم بأنه العلم الذي يعني بدراسة طبيعة المواد السامة (Toxicant) وخواصها وتأثيرها والكشف عنها .
ونظرا للعلاقة المتشابكة بين هذا العلم والعلوم الأخرى فلا يمكن الإلمام بجميع الجوانب المطلوبة عند دراسة المادة السامة من قبل مختص واحد ونما تتطلب العملية تضافر جهود مختلف الاختصاصات سوية فدراسة طبيعة وخواص المادة السامة مثلا تقع على عاتق المختصين في الكيمياء العضوية واللاعضوية .
أما تأثيرها على الأحياء المختلفة فيتطلب اختصاصات مختلفة في العلوم الحياة كالحشرات والنبات وفسلجتها .
وتتطلب عملية الكشف عن المادة السامة وتقدير كمياتها في مختلف الأنسجة لاختصاصات الكيمياء الحيوية والتحليلية ولعل الفريق البحثي المتكامل خير تدبير لتحديد مثل هذه الدراسات وانجازها
ويمكن تقسيم علم السموم إلى ثلاثة أقسام :
1. علم السموم في مجال الزراعة Agricultural Toxicology :
ويشمل دراسة فعالية وتأثير المواد الكيماوية المستخدمة في مجال الزراعة كالمبيدات الكيماوية ومنظمات النمو والأسمدة وغيرها .
2. علم السموم في المجال الطبي : Medical Toxicology
ويهتم بدراسة فعالية وتأثير الأدوية والعقاقير الطبية من النواحي الضارة والنافعة .
3. علم السموم في المجال الصناعي : Industrial Toxicology
ويهتم بدراسة تأثير المواد الكيماوية المستخدمة في الصناعة على صحة العاملين في هذا القطاع .
وفي السنين الأخيرة قامت كثير من الجامعات في الدول مختلفة بفتح أقسام علمية متخصصة في علم السموم في حين قامت جامعات أخرى بضم جميع هذه الاختصاصات تحت اسم علم السموم البيئي Environmental Toxicology
ليكون شاملا لدراسة جميع المجالات المختلفة للمواد الكيماوية السامة في الطبيعة.
السمية : Toxicity
ويقصد بها مقدار الضرر أو التلف الذي تسببه مادة كيماوية لكائن حي معين .
ويمكن تقسيم السمية إلى قسمين :
1- السمية الحادة : acute toxicity
ويقصد بها مقدار تأثر الكائن الحي عند تعرضه إلى جرعة كبيرة واحدة من المادة السامة عن طريق الفم أو الجلد أو عن طريق الجهاز التنفسي والتي تؤدي إلى المرض الشديد أو الموت.
بالنسبة للمبيدات الكيماوية يتعرض الأطفال لمثل هذه الحالات من التسمم نتيجة الإهمال في حفظ المبيدات في المنازل وذلك بتأثر العمال المشتغلون في مصانع إنتاج المبيدات والعمال الزراعيون الذين يقومون بعملية المكافحة .
2- السمية المزمنة : chronic toxicity
ويقصد بها مقدار تأثر الكائن الحي بالسموم الكيماوية ونتيجة تعرضه المستمر إلى كميات ضئيلة منها ولفترة طويلة .
بالنسبة للمبيدات لا يقتصر التعرض لهذا النوع من التسمم على مجموعة معينة من الناس(كما في حالة التسمم الحاد ) بل يتعرض له معظم المستهلكين عن طريق تناولهم للخضراوات والفواكه والمنتجات الحيوانية التي تحتوي علي بقايا المبيدات pesticides residues
ولهذا النوع من السمية أهمية خاصة في حالة استخدام المبيدات التي تتجمع في أنسجة الكائن الحي نتيجة لتخوينها في لأنسجة الدهنية وبعض الأنسجة الأخرى كما في حالة المبيدات الحشرية التابعة لمجموعة الهيدروكابونات المكلورة والمبيدات الفطرية لزئبقية .
تقاس السمية الحادة على أساس الجرعة القاتلة lethal dose وبخاصة الجرعة المتوسطة القاتلة (للموت) والتي يرمز لها LD50
الجرعة النصفية القاتلة : Lethal dose (LD50)
ويمكن تعريفها تلك الكمية من المادة السامة التي تقتل 50% من الكائنات المستخدمة في التجربة المختبرة وتكون محسوبة على أساس عدد الملغرامات من المادة السامة لكل كيلوغرام من وزن الكائن الحي .
أما كيفية حسابها فكما يلي :
بمعاملة حيوانات التجربة بتراكيز مختلفة من المادة السامة لفترة معينة وبعدها تحسب نسبة الموت التي تسببها المادة السامة في كل تركيز ثم تمثل النتائج على ورق بياني حيث توضع الجرعة على المحور السيني والنسبة المئوية على المحور الصادي .
وتستخدم ج.ق50%لمقارنة سمية المبيدات المختلفة مع بعضها وذلك لان معظم الأفراد التي تتماثل أو تتقارب في حساسيتها للمبيد تتمحور حول التركيز الذي يقتل 50% من الأفراد.
كما أن المنحنى يكون شديد الحساسية للتغيير في التركيز القريب من هذه القيمة .
بينما نكون الاستجابة للتغير في التركيز في الجرعات التي تقتل (صفر%-100%) من حيوانات التجربة ضئيلة .
ولهذا السبب لا يمكن الاعتماد على مقارنة سمية المبيدات عند الحصول على نتائج (صفر%-100%) ولما كان التعبير عن النتائج بمنحنيات لا يعطي الفرصة لوجود مقاييس وصفية لمقارنة إحصائية دقيقة لسمية المبيدات بالإضافة لصعوبة تقدير التركيز كميا بصورة دقيقة .اتجهت الجهود لتحويل منحنى السمية إلى الخط مستقيم تقع القيم المستحصلة علية أو قريبة من حوله وذلك باستخدام القيم الاحتمالية للموت probity بدلا من النسبة المئوية للقتل ويمكن تحويل النسب المئوية للموت إلى قيم احتمالية للموت المقابلة لها باستخدام وحدات الانحراف المكافئ الطبيعي Standard deviation والتي يمكن الحصول عليها باستخدام لوغاريتم التراكيز بدلا من التركيز للحصول على خطوط مستقيمة
وفي حالة الخطوط المستقيمة يمكن الحصول على الجرعة المتوسطة للموت بشكل دقيق ويتم على ضوء ذلك تحديد كفاءة المبيدات المختلفة ضد الآفة المراد مكافحتها حقليا
كذلك يمكن استنتاج بعض الحقائق المهمة من الخطوط المستقيمة للسمية ومنها :
• كلما ازداد ميل الخط المستقيم للسمية دل ذلك على تجانس الحيوانات المختبرة وعلى ضد حساسيتها للمركب .
• إذا كانت خطوط السمية للمبيدين متوازية فيدل ذلك على التشابه في ميكانزم التأثير السام mechanism of toxic action لكليهما .
• إن تحرك خط السمية باتجاه اليسار لنفس المركب بعد فترة من الزمن يدل على زيادة تحمل الأفراد المختبرة للمبيد وهكذا ويمكن استخدام هذه الطريقة للتنبؤ بظهور سلالات المقاومة.
تتوقف دقة تقديرات الجرعة المتوسطة للموت على عوامل مختلفة ولهذا لا يمكن مقارنة نتائج الباحثين في هذا المجال إلا إذا كانت ظروف تجاربهم متشابهة تماما .
العوامل التي توثر على قيمة ج.ق50%
1- نوع الكائن الحي المستخدم في التجربة
تختلف الأنواع الحشرية في تحملها للمادة السامة نتيجة لاختلافات تركيبة وفسلجية وراثية تسبب اختلافا في امتصاص المبيد ونفاذيتة أو اختلاف القدرة عل تحويله إلى مركبات غير سامة داخل الأنسجة و نتيجة لاختلاف في طريقة تخزينه داخل الأنسجة المختلفة .
مثال :
فوجد أن ج.ق 50% من مبيد DDT كانت 2 ميكروغرام/غرام بالنسبة للذباب في حين كانت 114 ميكروغرام/غرام بالنسبة لنحل العسل .وتحت نفس الظروف
2- الجنس المستخدم في التجربة
بصورة عامة تكون الذكور أكثر حساسية من الإناث للمواد السامة بسبب الاختلافات الفسيولوجية في الهرمونات واحتواء الأنثى على المبايض ونسبة عالية من المواد الدهنية التي قد تلعب دورا مهما في خزن كميات من المادة السامة وبذلك تقلل من كمية المادة السامة اللازمة لإحداث التأثير السام ولقد وجد أن التجارب العديدة اختلافات في حساسية ذكور وإناث الذباب المنزلي للمبيدات DDT ولندين و براثيون كما أن LD50% للمبيد DDTللفئران كان 113 ملغرام للذكور 118 ملغرام للإناث عند إعطائه لها عن طريق الغذاء
3- السلالة والعمر والطور للكائن المختبر
تختلف سلالات النوع الواحد في تحملها للمادة السامة .
فالسلالات المقاومة من الذباب المنزلي للمبيد DDT و ملاثيون تتحمل جرعات عالية مقارنة بسلالات الحساسة أو غير المقاومة وير جع ذلك إلى اختلاف قابلية السلالة على تحويل المبيد السام إلى مركبات غير سامة وتعتبر السلالة من الذباب المنزلي مقاومة للمبيد DDT إذا كان لها القابلية على تحويل نسبة عالية من المبيد الممتص إلى مركب DDE غير السام بفعل أنزيم خاص وتوجد طريقة مختبريه لتعين درجة المقاومة في سلالات الذباب المنزلي للمبيد DDT عن طريق معاملة جدار جسم الحشرة ب 68ميكروجرام/ذبابة ثم تقاس نسبة التحول للمبيد الممتص وتحدد درجة المقاومة النسبية في السلالة .
كذلك يزداد درجة تحمل الحشرة للمبيد بتقدم العمر في الطور الواحد لكن عند حساب الجرعة على أساس وحدة الوزن قد لا توجد فروقات في تحمل الأطوار المختلفة من الناحية الأخرى قد يكون تأثير المبيد بالملامسة عالي في الطور اليرقي بعد الانسلاخ مباشرة وقبل أن يتصلب الكيوتكل
4- نوع المذيب المستخدم في إذابة المبيد
قد يؤثر نوع المذيب العضوي المستخدم في إذابة المبيد عند المعاملة على قيمة LD50% نتيجة لتأثيره على نفاذ المبيد إلى جسم الكائن المختبر فمذيب الأسيتون يزيد من سمية الجرعات المنخفضة ويقلل من سمية التركيزات العالية نتيجة لتطايره السريع مما يسبب في ترسيب المبيد بسرعة فلا تأخذ منه إلا نسبة صغيرة في حين نجد أن استخدام الزيوت المعدنية والمذيبات يؤدي إلى خفض LD50% لان هذه الزيوت قليلة التطاير وتساعد على انتشار وتوزيع المبيد
5- الظروف المحيطية للكائنات المختبرة أثناء التربية وبعد المعاملة
قد تؤثر الكثافة العددية والظروف التغذية ودرجات الحرارة والرطوبة والضوء تأثير مباشر أو غير مباشر على تقديرات الجرعة للمتوسطة للموت للمادة السامة فتزاحم أثناء عملية التربية والمعاملة يؤدي إلى كمية الغذاء الذي يتناوله الفرد وقلة الأوكسجين في المحيط فيزيد التنفس ويؤدي هذا إلى زيادة معدل الميتابولزم وان الغذاء المقدم أثناء التربية دور أساسي في زيادة التحمل أو الحساسية في المادة السامة حيث وجد إن الفئران المعطاة غذاء غني بالبروتينات والفيتامينات تتحمل أكثر من الفئران التي تعاني في تغذيتها من نقص هذه المواد نتيجة لقابلية الأولى على صناعة مستوى عالي من الأنزيمات المحللة للمبيد أولا ولاكتسابها مواد دهنية تساعدها على تحمل الجرعة وخاصة في حالة المبيدات التي تخزن في مواد دهنيه كالهيدروكاربونات المكلورة ومن الناحية الأخرى وجد إن حساسية الصرصور الأمريكي تزداد للمبيد DDT عند تغذيته على غذاء غني بالبروتين ولدرجة الحرارة أهمية كبيرة في تجارب تقدير سمية المبيدات للأسباب التالية
• إن هناك علاقة وثيقة بين زيادة تحمل الحشرة لجرعة معينة من المبيد ودرجة الحرارة المثلى وقد يعتمد ذلك على نوع المبيد الكيماوي المستعمل في تجربة حيث وجد انه عند معاملة الصرصور الأمريكي بجرعة معينة من مبيد DDT أدت إلى ظهور علامات التسمم بشكل واضح على درجة 15مئوي في حين كانت الحشرة الطبيعية عند معاملتها بنفس الجرعة من المبيد على درجة 35 مئوية وتتصف بعض المبيدات الشبيه من المبيد DDT بمعامل حراري سالب أي إن السمية تزداد عندما تنخفض درجة الحرارة وتقل بزيادتها في حين لا تلاحظ هذه الظاهر في المبيدات الحشرية الفسفورية كملاثيون .
• إن للحرارة تأثير كبير على نشاط الأنزيمات المسئولة عن تحطيم المبيدdetoxification أو تنشيطه activation
• تؤثر الحرارة ذلك على الخواص الفيزيائية والكيماوية للمواد السامة
تؤثر درجة الحرارة أثناء التربية على النمو الحجمي والسلوك الفسيولوجي للكائن في المختبر حيث وجد أن حساسية الصرصور الأمريكي وذبابة الدروسيفيلا تزداد للمبيد الكيماوي بزيادة درجة الحرارة أثناء تربية وذلك لصغر حجم الحشرات النسبي وقلت المواد الدهنية التي تحتويها أجسامها أما درجة الحرارة أثناء المعاملة وبعدها تؤثر على سرعة نفاذ المبيد وإثارة المتبقية وميكانزم وتأثيره السام ويلعب عامل الضوء والرطوبة دور اقل أهمية من عامل الحرارة في تجارب السمية ولقد أكدت بعض الأبحاث العلمية أن حساسية الذباب المنزلي لمبيد DDT تزداد في الضوء عن الظلام بسبب تأثيره على العمليات الحيوية كذلك وجد إن لرطوبة دور في تقليل سمية بعض المبيدات وزيادة سمية البعض الأخر نتيجة لتأثيرها على بقايا المبيد الموجودة على سطح الحشرة إضافة لدورها في نفاذيه المبيد خلال جدار الجسم
• ويمكن تقسيم المبيدات الكيماوية على أساس قيمة LD50% للفئران إلى
1- شديد السمية مثل بجلا نيس (BOTULINUS TOXIN)
2- عالي السمية مثل براثيون
3- متوسط السمية مثل DDT
4- منخفض السمية مثل البيرثرينات
5- عمليات غير سامه مثل ميثوكسي كلور
وضمن هذا التقسيم تقع سمية معظم المبيدات الحشرية ومبيدات القوارض في المجموعتين (2و3) بينما المبيدات الفطرية ومبيدات الأدغال في المجموعتين (4و5) ولا توجد مبيدات كيماوية مسجلة أو سمح باستخدامها تقع ضمن المجموعة (1).
العوامل المحددة لدرجة التسمم :
من المبادئ الأساسية لعلم السموم والتي تتوقف عليها درجة سمية المبيدات الكيماوية والمواد السامة الأخرى هي ما يلي :
1- الجرعة DOSAGE :
مما لا شك فيه إن الجرعة عالية من أي مادة وان كان ذات سمية قليلة تؤثر كثيرا على الكائن الحي وقد تؤدي إلى قتلة في حين قد يكون لجسم الكائن القابلية على تحمل الجرعات الواطئة من المادة السامة اقرب مثال هو مادة الأسبرين إن حبة واحدة أو اثنتين منها تكون ذات مفعول لعلاج الصداع بينما قد تسبب جرعه عالية منها الموت وتزداد احتمالية وصول المادة السامة إلى المناطق الحساسة SIT OF ACTION في أنسجة الكائن الحي القابلية على التخلص من المادة السامة عندما تكون بكميات قليلة عن طريق تحويلها إلى مركبات غير سامة وطرحها خارج الجسم وقبل أن تصل إلى المنطقة أو المادة الحيوية الحساسة تشمل أعراض التسمم المتعاقبة التي تظهر على الإنسان عند تعرضه لجرعات عالية من المبيدات الكيماوية فقدان الشهية والصداع وارتعاش جفن العين والتقيؤ وزيادة معدل التنفس وارتخاء في الأعصاب يتبعه ارتجا فات عامة وانعدام الرؤيا وثم صعوبة في التنفس ويتبعها شلل ثم الموت وأحيانا إذا كانت الجرعة قاتلة والإسعافات غير متوفرة .
2- معدل تحطم المادة السامة: DETOXICATION
إن جسم الكائن الحي على اتصال دائم بما يحيط به من عناصر البيئة المختلفة كالماء والهواء والغذاء والتي غالبا ما تحتوي على مواد غريبة كالمبيدات الكيماوية للسموم الطبيعية الموجودة أصلا في بعض المنتجات الزراعية أو تأتي كإفراز من قبل بكتيريا وفطريات قد تنمو على الكائن الحي وهذه المواد وان كانت سامة موجودة بكميات قليلا فيتخلص منها الجسم باستمرار بواسطة الأنظمة الأنزيمية الخاصة وعن طريق الجهاز الابرازي ففي جسم الإنسان مثلا تقوم أنزيمات معينة بتحطيم المبيد الكيماوي الذي يصل إلى الجسم بكميات قليلة أما الكميات الكبيرة فان الجسم قد يعجز عن تحطيمها ويعزى ذلك إلى توقف نشاط الأنزيمات مما يؤدي إلى تسمم أجهزة واختلالها الوظيفي
3- تخصص المادة السامة SELECTIVITY :
لما كانت المبيدات الكيماوية مركبات مختلفة تحتوي على بعض المجاميع الكيماوية أو تخلو منها المجاميع الكيماوية المعينة لذا كان تأثيرها على الكائنات الحية مختلفا أيضا .
وهكذا فان قابلية تحطيم مبيد معين من قبل كائنين قد يكون مختلف لان الأول قد يملك نظاما أنزيميا فعالا ضد هذا المبيد يفتقر آلية الثاني .
ويرجع الاختلاف في الحساسية الكائنات الحية لمادة سامة معينة لعوامل متعددة ومتداخلة لا يمكن تحديدها أو فرزها ما لم يتم تطوير طرق دقيقة لقياسها وبشكل عام يمكن اعتبار مبيدات الآفات الزراعية مواد سامه مخصصة إلى حد ما ضد هذه الآفات .
فالمبيدات الحشرية شديدة السمية للحشرات مقارنة بالكائنات الأخرى كالإنسان ومبيدات الفطريات سامه للفطر وقليلة السمية للكائنات الأخرى وهكذا بالنسبة لأنواع المبيدات الأخرى من ناحية أخرى نجد أن تخصص بعض المبيدات ضعيف كالمستخدمة في مكافحة القوارض حيث إن الفرق قي سميتها لقوارض والإنسان قليلة نتيجة للتشابه الفسلجي وفي الفعاليات الحيوية .
ويمكن تشخيص نوعين من التخصص للمبيدات الكيماوية هما :
• التخصص البيئي ECOLOGICAL SELECTIVITY
تلعب طبيعة معيشة الكائن الحي دورا أساسيا في عدم تعرض الكائن الحي لفعل المبيدات كما في حالة المبيدات الحشرية الجهازية التي نمتص وتنتقل إلى أجزاء النبات المختلفة وتسبب قتل الحشرات التي تتغذى على النبات وخاصة عند امتصاصها عصارته في حين لا تؤثر على الحشرات الطفيلية والمفترسة .
• التخصص الفسلجي PHYSIOLOGICAL SELECTIVITY :
عندما يتم تعريض نوعين من الكائنات الحية لمادة سامة معينة ويظهر فرق جوهري في سميتها للكائنين فهذا يعني إن هناك تخصصا فسلجيا في المادة السامة ويعود ذلك لواحد أو أكثر من العوامل لآتية :
- نفاية المادة السامة خلال جدار الجسم
قد يكون سبب الاختلاف في السمية ناتجا عن اختلاف في تركيب جدار الجسم الكائن الذي يجب إن تخترقه المادة السامة .
- اختلاف في ميتابولزم المادة السامة
- اختلاف في نفاية المادة السامة للموقع الحساس
4-طريقة ومدة التعرض
تؤثر طريقة التعرض(Route of exposure) الكائن الحي للمادة السامة ومدة التعرض (duration of exposure ) تأثيرا كبيرا على درجة تسممه .
ولقد وجد في الحشرات و اللبائن إن حقن الحيوان (injection) بالمادة السامة يفوق تأثير نفس الجرعة المعطاة عن طريق الفم (oral application) ثم تليها المعاملة عن طريق سطح الجسم (dermal or topical application) ويرجع سبب ذلك إلى سرعة الوصول المادة السامة للأنسجة والمواد الحساسة بكميات كافية لإحداث التسمم .
ويزداد تأثر الكائن الحي بالمادة السامة كلما زادت مدة التعرض في كثير من الأحيان قد لا يلاحظ فرق في قيمة LD50% بين كائنين أو سلالتين عندما يكون التعرض للمادة السامة لمدة قصيرة في حين يلاحظ الفرق بوضوح إذا كانت فترة التعرض طويلة حيث لا تتحمل الأفراد الحساسة للتعرض نفس التركيز المستخدم لمدة طويلة في حين تبقى الأفراد المقاومة محتملة له .
ميتابولزم المبيدات الكيماوية METABOLISM OF PESTICIDES
ويقصد بميتابولزم المبيدات الكيماوية :
جميع التحولات البايوكيميائية التي تحصل للمبيد داخل النبات والحيوان بفعل الأنزيمات أو نتيجة لاحتواء الأنسجة على بعض المركبات الكيماوية .
في الحالات النادرة يختص المبيد الكيماوي بعد دخوله إلى جسم الكائن الحي إلى نوعين من الميتابزلزم :
1- ميتابولزم تحطيمي Metabolism. DEGRADATION
وفي هذا النوع يتم تحويل المبيد السام إلى مادة أو مواد قليل السمية أو غير سامة
مثال : كتحويل مبيد DDT إلى DDE و ذلك بإزالة ذرةHوذرةCL2بواسطة أنزيم DDT dehydre chlornase
2- ميتابولزم تنشيطي activation Metabolism.
وفي هذا النوع يتم تحويل المركب إلى مادة أكثر سمية كتحويل مبيد الباراثيون في بعض اللبائن والحشرات إلى مبيد برا كسون الشديد السمية بالأكسدة بفعل مجموعة أنزيمات المايكروسومات Microsomal mixed function oxidases
ويتم التخلص من المادة السامة في الحيوان والنبات بمرحلتين :
• الأولى : الأكسدة والاختزال أو التحلل المائي للمادة لتحويلها إلى مركب قطبي ذائب في الماء
• وفي حالة عدم ذوبانه تتم المرحلة الثانية بربطه ببعض المركبات الكيماوية الحيوية كالسكريات والأحماض الامينية لتساعد على ذوبانه في الماء لكي يمكن التخلص منه وتسمى المرحلة الثانية بميتابولزم الارتباط conjugation metabolism
أما من الواجهة الأنزيمية فهناك ثلاثة أنواع من مجاميع الأنزيمات المسؤولة عن عملية ميتابولزم المبيدات الحشرية في الحشرات واللبائن وهي :
- Hydrolases
ولا تحتاج هذه المجموعة من الأنزيمات إلى عامل مساعد لنشاطها ويقع تحت هذه المجموعة الأنزيمات estrases – aliesterases – carboxyestrases – amidases – phosphatases وتعمل معظم هذه الأنزيمات علة المبيدات العضوية الفسفورية ويربط فعلها بظهور المقاومة في الحشرات ضد المبيد .
- Glutathion S-transferase
تحتاج هذه الأنزيمات إلى الحامض الاميني Glutathione لنشاطها والذي تحصل علية من الحشرة عند دخول المبيدات إلى جسمها أما في حالة التجارب المختبرية فيجب إضافة هذا الحامض كي يستقيم عمل الأنزيمات وتعد هذه المجموعة أنزيمات تحطيم أساسية لا تكون مركبات وسطية ومن الأنزيمات التابعة لها DDT- dehydrochlorinase الذي يحول مبيد DDT إلي مبيد DDE .
وأنزيم Dechlorinase الذي يزيل ذرات الكلور من مبيد HCH (hexachloro cyclohexane) وكذلك الأنزيمات demethylases التي تزيل مجموعة المثيل من المبيدات التي تحولها كالمثيل براثيون .
- Microsomal oxidases
المايكروسومات عبارة عن جسيمات صغيرة متكونة من بروتين وحامض نووي RNA وتحتوي على مجموعة من الأنزيمات غير المشخصة والتي تلعب دورا أساسيا في ميتابولزم المبيدات الكيماوية وتسمى (Mixed function oxidases ) وتحتاج هذه الأنزيمات لنشاطها عند عزلها من النسيج إلى مادة NADPH واوكسجسين .
وتلعب هذه الأنزيمات دورا مهما في ميتابولزم DDT والمركبات القريبة منه ومبيدات السايكلودايين كالاندرين والكلوردين والالدرن .
طرق الميتابولزم الشائعة:
1- الأكسدة Oxidation
وتتم بعدده طرق وهي كما يلي :
- إضافة مجموعة هيدروكسيل hydroxylation
وهي من العمليات المهمة التي نساعد الحيوان أو النبات على التخلص من المواد السامة إذ تعمل على تكوين مركبات قطبية ذائبة في الماء ( مبدءا عام كلما كان المبيد أكثر ذائبة بالماء تقل سميته) ومن الأمثلة على ذلك ميتابولزم مبيد السفن في اللبائن .
- أكسدة السلسلة الجانبية side chain oxidation
كتحويل مبيد DDT في الحشرات إلى مركب الكلثين
- أكسدة الكبريت Sulfur oxidation
وينتج عن هذه العملية مبيدات أكثر سمية من المركب الأصلي كمركبات السلفوكسايد.
2- الاختزال Reduction
وهو استبدال الأوكسجين بالهيدروجين في مجموعة النيترو للمبيد
وتعد من الطرق النادرة في ميتابولزم المبيدات الكيماوية حيث تقتصر على قابلية بعض الأحياء الدقيقة والنباتات في اختزال المبيد ولقد وجد أن الأحياء الدقيقة الموجودة في الجهاز الهضمي للأبقار يمكنها اختزال مجموعة النيترو لمبيد البراثيون وتحويله إلى مبيد اقل سمية كما يمكن لبعض نباتات الأدغال اختزال نفس المجموعة .
3- التحلل المائي hydrolysis
وتعتبر من طرق الميتابولزم المهمة للمبيدات الكيماوية داخل الأنسجة الحيوانية والنباتية وتكون بعدة أشكال :
- كسر مجموعة اميدية amide cleavage
كما في حالة ميتابولزم مبيد الأدغال بروبانيل في نبات الرز بواسطة أنزيم aryl acylamidase
- كسر الاستر ester cleavage
كما في حالة تحويل المبيد الحشري ملاثيون إلى ملاثيون أحادي وثنائي الحامض بواسطة أنزيم carboxyestrase
- تحلل مركبات ترايزين triazines hydrolysis
تتحول مبيدات الأدغال كالسمزان والاترازين في نبات الذرة إلى مركبات تحوي على مجموعة هيدروكسيل نتيجة لوجود بعض المركبات الكيماوية في أنسجة النبات كمركب (2,4-dihydroxy 7-methoxy -1,4-benzoxazin-3-one) وليس بفعل الأنزيمات ويمكن اعتبار هذه الطريقة من الميتابولزم تحللا مائيا.
ميكانزم التأثير السام للمبيد الكيماوي
Mechanism of toxic action
يتكون جسم الكائن الحي من مركبات عضوية ولا عضوية مركبة بشكل تمكنه من القيام بالعمليات الحيوية المختلفة كالاستفادة من الطاقة وصناعة المركبات الحيوية من خلال الميتابولزم والتكاثر وغيرها .
ومن طرق القتل التي تؤدي إلى الإخلال بهذا النظام في الكائن الحي ما يلي :
أولا: القتل الميكانيكي :
وتعني حوادث التحطم الكلي أو الجزئي للكائن الحي كسحقه أو حرقة ولا يدخل تأثير المواد السامة في هذا النوع من القتل .
ثانيا : القتل الفيزياوي :
قد يكون لبعض المواد الكيماوية تأثير فيزياوي عن طريق إحداث خلل بمكونات جسم الكائن الحي كتأثير المذيبات العضوية على الصفات الفيزياوية للمواد الدهنية وكذلك فعالية بعض المواد في خدش الطبقة الشمعية لجدار جسم الحشرة مما يؤدي إلى فقدان الماء وموت الحشرة نتيجة للجفاف كمسحوق السيلكا silica aero gels كذلك تدخل تأثيرات الحرارة والرطوبة والموجات فوق الصوتية ultrasonic waves والموجات الكهرومغناطيسية electromagnetic waves ضمن التأثير الفيزياوي على الكائن الحي .
ثالثا : القتل الكيماوي :
في هذا النوع من القتل تتخصص المادة الكيماوية كالمبيدات في تأثيرها على نسيج معين مركب حيوي أو تفاعل مضر في جسم الكائن الحي مما يؤدي إلى الإخلال في إحدى الفعاليات الحيوية الضرورية لبقاء الكائن كتفاعل المبيدات العضوية الفسفورية في الأنسجة العصبية مع أنزيم (acetyl cholinesterase) المهم في نقل الأوامر العصبية (impulses) وينتج عن إيقاف عمل هذا الأنزيم قتل الكائن الحي
يعبر عن مجموع التأثيرات التي تحصل للكائن الحي عند استعمال مبيد كيميائي عليه بمصطلحين هما :
• طريقة التأثير mode of action
وهو جميع العمليات ابتداء من دخول المبيد الكيماوي إلى البيئة وانتهاء بموت الكائن الحي والتي تتضمن امتصاصه وانتقاله في النبات ونفاذة إلى جسم الكائن وعملية الميتابولزم التي تجري داخل أنسجة الكائن وأعراض التسمم وغيرها .
• ميكانزم التأثير السام mechanism of toxic action
هو التلف البيوكيميائي أو البيوفيزيائي (primary biochemical or biophysical lesion ) للمبيد الكيماوي والذي يسبب قتل الكائن الحي .
وتعد الدارسات المتعلقة بميكانزم التأثير السام للمبيد الكيميائي وتعين المادة الحساسة الأولية لفعل المبيد (primary sit of action) مهمة صعبة بنفس الوقت وترجع صعوبة هذه الدارسات للتداخل التفاعلات والفعاليات الحيوية في أنسجة الكائن لحي مما يتطلب تتبعا دقيقا للمادة السامة داخل النسيج الحي وتقيم تأثيرها على التفاعلات الحيوية المختلفة مما يؤكد هذه الحقيقة هو أن معظم ميكانزم التأثير السام لمعظم المبيدات الكيماوية ومن ضمنها مبيد DDT الذي استخدم لمكافحة الآفات منذ أربعين عام مازال مجهول .
ومن الخطوات المتبعة لدراسة ميكانوم التأثير السام للمادة السامة ما يلي :
1- تتميز أعراض التسمم و قد يستدل من أعراض لتسمم التي تظهر على الكائن الحي بعد تعرضه للمادة السامة على الأجهزة والأنسجة المتأثرة بفعل المادة فمثلا تدل الإرتجافات أو الشلل التي تحدثها المادة السامة على تأثيرها على الجهاز العصبي كذلك يدل اصفرا النبات بعد معاملة بمبيد الأدغال على تأثيره على البلاستيدات الخضراء (Chloroplast) وان هناك خلل في صناعة مادة الكلوروفيل في حين يدل اللون الأحمر في أوراق النبات على وجود مادة الانثوسيانين مما يدل على أن المبيد قد سبب خلل في عملية أو نقل السكريات في النبات وهكذا .
2- تحديد المكان الذي تتجمع فيه المادة السامة في أنسجة الكائن الحي المختلفة باستخدام طرق تحليل دقيقة كاستخدام المبيدات المعلمة بالكربون 14 أو فسفور 32 ونتيجة لاختلاف الأنسجة المختلفة لتركيز معين من المادة السامة فان وجودها بتركيز عالي في نسيج أو جهاز لا يعني أن ميكاتزم المبيد ينحصر هناك لان المادة السامة قد تؤثر في التركيز الواطئة على نسيج أخر لحساسيته العالية .فمثلا يمكن عزل مبيد DDT عند إعطائه للحيوان من أجهزة مختلفة كالكبد والكلية والجهاز العصبي و بتراكيز عالية ولكن وجد إن هناك علاقة وثيقة بين تراكيز هذا المبيد في أنسجة العصبية وظهور أعراض التسمم .
3- أجراء بعض الدراسات لتوضيح العلاقة بين تركيز المادة السامة والوقت اللازم لظهور الأعراض وتعين التركيز الذي يسبب ظهور الأعراض وبنفس الوقت يمكن للكائن الحي إلى الرجوع إلى الحالة الطبيعية إن هذه الدراسات توضح فيما إذا كان هناك علاقة بين ميتابولزم المادة السامة وتراكيز التي يمكن للكائن الحي أن يتخلص منه نتيجة التحطيم الذي يجري في الأنسجة الحية بفعل الأنزيمات .
4- عمل مستخلص خام من الأنسجة المتأثرة للكائنات الحية المعاملة بالمادة السامة ودراسة تأثير التركيزات المختلفة على كمية بعض المركبات الكيميائية الحيوية ونشاط الأنزيمات التي يحتويها المستخلص كذلك يجب تحديد الخطوات المتأثرة في سلسلة التفاعلات الحيوية فمثلا إذا كان هناك تأثير على عملية التركيب الضوئي فيجب تحديد فيما إذا كان التأثير على تفاعلات الضوء أو تفاعلات الظلام وإذا كان التأثير على عملية التنفس فيجب تحديد المادة على دورة مركب (kreb cycle) أو على عملية التخمر (glycolysis) وغيرها
5- تنقية الأنزيم أو المادة الكيماوية المتأثرة ودراسة تأثير التركيز المختلفة من المادة السامة عليها ومقارنة ذلك بالنتائج التي تم الحصول عليها بالخطوات السابقة وإذا تطابقت النتائج التي تم أخذها من الكائن الحي المعامل بالمادة السامة (in vivo) وتلك المجرات على الأنسجة والمستخلصات المعزولة منة (in vitro) فعندئذ يمكن التوصل لتحديد ميكانزم التأثير السام للمادة المدروسة وفي كثير من الأحيان تستخدم مادة سامه قياسية ذات ميكانزم معروف لمقارنة تأثيرها مع المادة المراد دراستها .
ويمكن حصر ميكانزم التأثير السام للمبيدات الكيماوية بالطرق العامة التالية :
1- منع إنتاج الطاقة (ATP production )
والتي تقع تفاعلاتها في السايتوبلازم والمايتوكندريا كما في حالة مبيد خماسي كلور الفينول (pentachlorophenol) الفعال ضد فطريات ونباتات الأدغال .
; font-weight: bold
المصدر: موقع الخيرات
نشرت فى 10 نوفمبر 2011
بواسطة hamdimisr
مهندس حمدي محمود
العلوم الزراعية الحديثة جمهورية مصر العربية 01068191759 01068635566 01004120734 01128385555 »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
409,908