في خضم تلاطم الأمواج تبرز أهمية البوصلة في المحافظة على السير في الاتجاه الصحيح , عاصمة من الزلل , حافظة من التيه , و إذا كان هذا لازما و حتميا مع أمواج البحر .. فإنها مع أمواج الأفكار و الرؤى أشد ضرورة و حتمية وإن أخشى ما يخشاه المرء على أصحاب المبادئ و الدعوات أن يفقدوا البوصلة , فيبتعدون عن جادة الطريق , ويصرفون جهودهم فيما لا طائل من ورائه .. ثم يجدون أنفسهم في النهاية يحاربون في غير ميدان المعركة الحقيقي .

إن ميدان المعركة الحقيقي الذي ينبغي أن تنصرف إليه الجهود و توجه له الطاقات هو النفس البشرية , فالإنسان هو المحور و الأساس في عملية التغيير المنشودة , و بدون إصلاح النفس البشرية .. و بدون إصلاح الفرد أولا يصبح الحديث عن التغيير محاولة بائسة لزراعة صحراء قاحلة جرداء لا خير فيها و لا نماء هنا يسطع بنوره ذلكم القانون الإلهي الخالد ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) تلك هي سنة الله في الخلق , و لن تجد لسنة الله تبديلا و لن تجد لسنة الله تحويلا . و في هذا يقول أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ناصحا ( أيها الناس ميدانكم الأول أنفسكم , فإن انتصرتم عليها كنتم على غيرها أقدر , و إن أخفقتم في جهادها فأنتم عما سواها أعجز , فجربوا الجهاد معها أولا ) .
رأيي المتواضع : أن نعيد للإنسان إنسانيته المفقودة التى ضيعتها عقود من حكم أنظمة فاسدة مستبده وأن نرجعه إلى نفسه السوية , فإن كثيرا مما نواجهه في حياتنا اليومية من فوضي وبلطجة و سيادة قانون الغاب بل و إدمان مخالفة كل ما هو إنساني .. كل هذا لا يمكن صدوره عن أناس أسوياء

إن جانبا كبيرا من محنة الناس يكمن قي فساد الأذواق و انحراف الطباع  فلا يقبل القبح إلا صاحب نفس معكوسة منكوسة , وسوي النفس إلى الإيمان أقرب فصاحب النفس السوية التي فطر الله الناس عليها يتذوق الجمال فيأنس إليه و يحبه , و يتذوق القبح فينفر منه و يهجره .
فلكي لا نكون مستعمرين يجب أن نتخلص من القابلية للاستعمار فإن مبتدأ التغيير هو نحن .. و أن المشكلة الحقيقية تكمن في قابليتنا للاستعباد والتبعية و هكذا .. إذا أردنا أن نعيش أحرارا فيجب علينا أولا أن نتخلص من قابليتنا للاستعباد و إذا أردنا أن نعيش كراما فينبغي أن نتخلص أولا من قابلية نفوسنا للهوان

إن الضعفاء يلقون نفس مصير الذين استكبروا من الهلاك. لم يشفع لهم أنهم كانوا ذيولاً وإمعات ! ولم يخفف عنهم أنهم كانوا غنماً تساق ! لا رأي لهم ولا إرادة ولا اختيار  لقد منحهم الله الكرامة . كرامة الإنسانية . وكرامة التبعة الفردية . وكرامة الاختيار والحرية . ولكنهم هم تنازلوا عن هذا جميعاً . تنازلوا وانساقوا وراء الكبراء والطغاة والملأ والحاشية . لم يقولوا لهم:لا . بل لم يفكروا أن يقولوها
فلا يجوز لنا أن نغفل الحقائق , فالحكومة مهما كانت ما هي إلا آلة اجتماعية تتغير تبعا للوسط الذي تعيش فيه وتتنوع معه , فإذا كان الوسط نظيفا حرا فما تستطيع الحكومة أن تواجهه بما ليس فيه , و إذا الوسط كان متسما بالقابلية للاستبداد فلابد من أن تكون حكومته استبدادية

تعالوا نعيد تقديم أنفسنا للناس من جديد تعالوا نعيد للحياة جمالها و زينتها بأخلاقياتنا التي تسمو على الوحل و ترفرف في السماء تعالوا نسمع الناس تعالوا نعمر بيوت الله و نذكر فيها اسمه و نسبح له فيها بالغدو و الآصال , تعالوا نصلح ما أفسده المفسدون في العلاقة بين الناس و كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم  تعالوا نعيد اللحمة للصف الوطنى والصف الاسلامى
لهذا فليعمل العاملون , وفي ذلك فليتنافس المتنافسون , و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

hamada33

عزيزى الزائر لا تحرمنى من التعليق برأيك

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 272 مشاهدة
نشرت فى 16 فبراير 2013 بواسطة hamada33

ساحة النقاش

حماده عبد الله عبد العال

hamada33
مـوقـع خــاص وشـامـل ويهتـم بكـثـيـر مـن الموضوعـات السـيـاسـيـة والاجـتـمـاعيـة والادبـيـة والتعليميـة وهـذا الموقـع لا يمثـل مؤسسـة أو شـركة أو منظمة أو نشاطا تجاريا أو غيره بـل هـو موقـع شخصـى ونتـاج جـهـد شـخـصـي وتـم إنشـاء هـذا الموقع يوم الأربعاء 8 ديسمبر 2010 »

ابحث داخل الموقع

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,274,637

مــرحـبــاً بــكــم مـعـنـا

هذا الموقع ملك لكم ولجميع الزوار ونرحب بجميع مقترحاتكم لتطوير الموقع صححوا لنا خبرا . أرسلوا لنا معلومة . اكتبوا لنا فكرة . لا تحرمونا من أرائكم بالتعليق على المقالات

---------------

 

 

 
Google

*
*


*

*