إذا تأملت الصور المصاحبة لهذا التحقيق فربما لن تكون فى حاجة لأن تقرأ التحقيق.. إن هذه الصور التى التقطتها مجلة «المصور» للرئيس المخلوع مبارك حين صار نائبا.. صور عمرها أكثر من 35 عاما.. تبدلت فيها حقائق كثيرة.
وتحولت هذه الأسرة المصرية البسيطة إلى مافيا مخيفة.
اقرأ الصورة جيدا وتأمل المظهر البسيط لهذه الأسرة.
البدلة «السفارى» التى كانت الزى شبه الرسمى للموظفين المصريين
الذين كان مبارك واحدا منهم قبل أن يتحول إلى فرعون ونصف إله.. قارن هذه البدلة بالبدلة التى كان مبارك يرتديها فى أعوامه الأخيرة التى يكتبون له فى نسيجها اسمه بحروف الذهب وتتكلف 25 ألف يورو! واسأل من أين له هذا؟
انظر للمظهر البسيط والمتواضع لزوجته سوزان مبارك.. للفستان بالغ التواضع.. وقارن ذلك بالعنجهية وملامح الصلف.. والغرور واللقب الذى اختارته لنفسها «الهانم»!
وتأمل هذين الشابين.. اللذين لا يختلفان فى المظهر عن والديهما.. وقارن ذلك بالمليارات والقصور والشركات.. إلخ، تأمل الصورة لتعرف منها مسار المستقبل.. حيث يقف الابن الأكبر «علاء» دائما فى ناحية والده.. بينما يلوذ الأصغر جمال بحضن والدته.. وهو التقسيم الذى استمر حتى وقعت الكارثة.. ورغم أن جمال كان دائما بجوار والدته.. إلا أن ذلك لم يمنع من أن يكون لعنة والده.. الخاصة.
الاب يذاكر لعلاء دروسه ... وجمال لم يكن فى الصورة
والحقيقية أنه لو كان المثل يقول إن الولد سر أبيه، فالأكيد أن جمال مبارك هو سر انهيار أبيه، ولعله اللعنة الخاصة التى طاردته وحرمته من أن يحسن الله خاتمته، وهى الدعوة البسيطة التى يرددها ملايين المصريين كل صباح، ولا أحد يعرف إن كان مبارك الأب قد رددها أم لا، لكن الأكيد أنها لم تصل لأبواب السماء فى كل الأحوال..
على أن وصف جمال مبارك بأنه اللعنة التى طاردت والده لا يعنى أن الأب المخلوع يستحق أن يلعب دور الضحية، فقد شارك فى كل شىء من البداية للنهاية، واستسلم طائعا لنفوذ الابن وشلته حتى اليوم الأخير له فى قصر الرئاسة.
مبارك ظل عشرين عاما من حكمه يعتمد على رجال الدولة المصرية فى
حكم مصر حتى جاء جمال ونقل الحكم لشلة اصدقائه
وإذا كان جمال مبارك هو اللعنة التى طاردت والده وقادته إلى هذه النهاية، فالأكيد أنه هو أيضا يعانى من لعنة خاصة هى لعنة عدم القبول، وهى لعنة تدركها جيدا الأمهات المصريات اللاتى يحرصن على أن يحصن أبناءهن ضدها بالدعاء الشهير «ربنا يحبب فيك خلقه»، ولا أحد يعرف أيضا إذا كانت سوزان مبارك قد دعت هذه الدعوة لابنها جمال فى يوم من الأيام أم لا؟ لكن الأكيد أن الدعوة لم يستجب لها، ليبقى الابن حائرا معذبا، فهو يملك كل شىء، من الثروة إلى السلطة، ومن القوة إلى الشهرة لكنه لا يملك نعمة «القبول» التى يمكن أن تجعل المصريين يرضون به رئيسا لهم، والأكيد أنه كان يعرف أنه لا يملك هذه النعمة، وأنه حاول عبر عشرات المدربين والتدريبات والكورسات أن يمتلكها لكن النتيجة كانت صفرا كبيرا، وهى نتيجة حققتها مصر فى كثير من المجالات وزادت فى السنوات التى حكم فيها جمال مبارك مصر مع والده أو بالنيابة عن والده!
وإذا كان لنا أن نلجأ لعلم الأبراج فإن حب السلطة هو أبرز صفات برج الجدى الذى ينتمى له جمال مبارك الذى ولد فى يناير 1963 وقامت الثورة لتنهى حلمه بوراثة مصر وهو فى عامه الثامن والأربعين.
والحقيقة أن عدم حب المصريين لجمال مبارك له أكثر من مبرر بخلاف الرفض العام لفكرة توريث مصر، فملامحه تشى بأنه غامض، متجهم، وفى عينيه تعاسة عميقة لا أحد يعرف سرها أو مصدرها، وهو فى كل الأحوال وعلى خلاف شقيقه الأكبر علاء، شخص مركب نفسيا وصفه الكثيرون بأنه منزوع الكاريزما، لكن أبرع وصف له كان وصف أستاذه صبرى الشبراوى له بأنه شخص بلا عواطف لا يحب ولا يكره ولا يحس بالآخرين تقريبا ولعل انعدام العواطف هو أخطر المشكلات النفسية التى يمكن أن تواجه إنسانا يريد أن يحكم شعبا مثل الشعب المصرى.
سوزان وجمال دائما معا من البداية للنهاية
ساحة النقاش