مقدمـــه
هذا هو المقال رقم 24 في تخمر كحول الإيثانول أو كحول الإيثايل أو الكحول الإيثيلي، ومن وجهة نظري أنني غطيت الموضوع بشكل تام، لكني أقرر أنني تحت أمر من يريد معرفة المزيد، وفي هذه الحالة عليه أن يحدد ما يريد معرفته وذلك عن طريق كتابة سؤال أو تعليق أو عن طريق مراسلتي على بريدي الإلكتروني، أو أي وسيلة اتصال يراها مناسبة
استخدام ميكروبات جديدة Use of new microorganisms
لعل من المفيد أن نعرف أنه لا يوجد حتى الآن نوع واحد من الخميرة يمكنه أن يستخدم كل المواد الخام الصالحة لإنتاج الإيثانول . فعلى سبيل المثال فإن الخميرة Saccharomyces spp لا تمتلك الجينات التي تنتج الإنزيمات المسئولة عن تحويل المواد الخام إلى سكريات قابلة للتخمر مثل إنزيمات الأميليز أو إنزيمات السليوليز أو إنزيمات بيتا جلوكوسيديز (إنزيمات اللاكتيز) كما أنها أيضاً لا تستطيع إنتاج الإنزيمات التي تهدم السكريات الخماسية. ولذلك فإن الاتجاه السائد الآن في أبحاث الخمائر هو تطوير أو إنتاج سلالات من الخميرة لها القدرة على الاستفادة من عدد متنوع من المـواد الخـام بمعـدلات سـريعـة عند درجـات حـرارة مرتفعـة ولها القـدرة أيضـاً على تحمـل تركيـزات عـاليـة من السكر ومن الإيثـانول الذي تنتجـه .يعـد تحمـل درجـات الحـرارة المـرتفعـة صفـة هـامـة جـداً بـالنسبـة للخميرة المستخدمة في إنتاج الإيثـانول وذلك لأن تخمر الإيثانول ينتج عنه كمية كبيرة من الحرارة كما أوضحنا سابقاً. ومشكلة عدم تحمل درجات عالية من الحرارة تعتبر مشكلة خطيرة جداً في مناطق من العالم يتوفر فيها معظم وأرخص المواد الخام المستخدمة في إنتاج الإيثانول ولكن ترتفع فيها درجات الحرارة الطبيعية أو البيئية. وقد تمكنت إحدى الشركات في كندا وهي شركة Labatt Brewing أن تطور سلالة من الخميرة تستطيع أن تقوم بالتخمر الكحولي عند درجة حرارة أعلى من 40°م . وقد تم إنتاج هذه السلالة عن طريق تقنيات التهجين Hybridization. وعزلت في البرازيل خمائر تتحمل درجات عالية من الضغط الأسموزي ولها إنتاجية عالية من الإيثانول كذلك عزلت خمائر متحملة لدرجات الحرارة العالية حيث كان يتم التخمر على درجة حرارة أعلى من 44°م. وعلى الرغم من ذلك لا توجد أبحاث كثيرة على إنتاج الإيثانول بكميات كبيرة باستخدام هذه الميكروبات. ولذلك تركز الأبحاث حالياً على استخدام الخمائر التي تتحمل درجات حرارة عالية في إنتاج الإيثانول. ومن حسن الحظ أن الخمائر التي تتحمل درجات حرارة عالية تتوزع في أجناس مختلفة مثل جنس Saccharomyces و Kluyveromyces و Fabospora التي وجد أنها يمكن أن تقوم بالتخمر في درجات حرارة 40 و 43 و 46°م على الترتيب مع إنتاجية عالية من الإيثانول .
إن البحث عن خمائر تتحمل درجات حرارة عالية يعتبر عامل هام جداً في تقليل تكاليف تبريد المخمرات خلال أشهر الصيف في البلاد شبه الاستوائية والاستـوائية. كذلك يقلل إنتاج تركيز عالي من الإيثـانول في درجـات الحـرارة العاليـة من تكاليف عمليات التقطيـر . ولـذلك فإن هنـاك محـاولات دائمة للحصول على سلالات من الخمائر تنتج الإيثانول عند درجات حرارة أعلى من 40°م. ومن هذه المحاولات ، نقل صفات تحمل الحرارة العالية من بعض الميكروبات المحبة لدرجات الحرارة العالية إلى سلالات الخميرة ذات الكفاءة العالية في إنتاج الإيثانول، ولكن تظل عملية الاختيار التقليدية للسلالات من بيئات مختلفة هي الطريقة الرئيسية لاختيار الخمائر المحبة للحرارة المرتفعة. تتحدد مصادر العينات التي يحتمل أن يوجد بها خمائر تتحمل درجات حرارة عالية في مصدرين الأول هو الاختيار من خزانات التخمير في مصانع المشروبات الكحوليـة والثـاني هـو العزل من البيئات الطبيعية وخصوصاً المناطق الحــارة . وقــد تمكن العلماء من عزل سلالات من الخميرة Kluyveromyces marxianus قادرة على النمو عند 52°م وقـادرة على التخمير عند 50°م من أحد مصانع المشروبات الكحولية في الهند. كما أن Ueno وآخرون سنة 2001م، كانوا أول من عزل ثمانية سلالات من الخميرة Candida المحبة لدرجات الحرارة المرتفعة من أحد الينابيع الحارة. ووجد أن ثلاث من هذه السلالات لها نشاط تخمري عالي عند درجات حرارة 48-55°م. ولذلك فإن هذا هو العمل الأول الذي يجد خمائر يمكن أن تقوم بالتخمر الكحولي فوق 51°م.
كذلك فإن هناك أبحاث مستمرة للحصول على طفرات من الخميرة Saccharomyces spp معدلة الحامض النووي DNA الموجود في الميتوكوندريا بحيث أن الإنزيمات الضرورية للنمو الهوائي تكون غير كافية أي أن الخميرة يمكن أن تنمو في ظروف غير هوائية. مثال آخر وهو ما يعرف بالخميرة السوبر Super yeast وهي الخميرة Schwanniomyces alluvius أو الخميرة Schw.castellii. هذه الخمائر السوبر تمكن العلماء من إنتاجها وهي تمتلك صفة نادرة وهي احتوائها على إنزيمات ألفا أميليز وجلوكو أميليز، وبالتالي فإن هذه الخمائر قادرة على تخمير النشا بشكل مباشر إلى إيثانول دون الحاجة إلى تحويله إلى سكريات قابلة للتخمر أولاً. وقد حاول العلماء استخدام هذه الخميرة السوبر في إنتاج الإيثانول بشكل تجاري إلا أنهم اكتشفوا أن هناك مشكلة أخرى وهي أن هذه الخميرة لا تتحمل الإيثانول الذي تنتجه عند تركيز أعلى من 4.7%.
وقد جرت محاولات للدمج الوراثي بين هذه الخميرة السوبر وسلالة من الخميرة Saccharomyces spp التي تتحمل تركيزات عالية من الإيثانول وكانت النتيجة هي الحصول على سلالة لها قدرات متوسطة. وعلى أية حال لا يمكن حتى الآن استخدام الخميرة السوبر في إنتاج الإيثانول كوقود وربما يحتاج الأمر إلى بضعة سنوات حتى يتم ذلك، ولكن قد تستخدم هذه الخميرة في المستقبل القريب في إنتاج أنواع من البروتين تستخدم في النواحي الصحية .
استطاع Whitney وآخرون (1985م) أن ينتجوا سلالة من الخميرة يمكن أن تخمر النشا في وجود 50% فقط من مستوى إنزيم الجلوكو أميليز الذي يضاف في الحالات العادية، أي أن هذه السلالة تنتج كمية من الجلوكو أميليز وتوفر 50% من الكمية المعتاد إضافتها. وهذه السلالة المعدلة هي إحدى سلالات الخميرة Saccharomyces diastaticus والتي تحتوي على جينات DEX1 و DEX2 , و STA3 التي تجعل الخميرة قادرة على إنتاج الإنزيم الخارجي جلوكوأميليز. وبنظرة اقتصادية يمكن تصـور أن مصنـع الإيثـانـول الذي ينتج 510 متر مكعب من الإيثانول في العام، يستخدم 0.19 ´ 610 طن من النشا، وهذه الكمية من النشا تحتاج إلى 0.19 ´ 610 لتر من إنزيم الجلوكو أميليز وسعر اللتر من هذا الإنزيم هو 3.75 دولار، وعلى ذلك فإن استخدام الخميرة Saccharomyces diastaticus في إنتاج الإيثانول سوف يؤدي إلى توفير 50% من كمية الإنزيم المضافة أي يؤدي إلى توفير 350000 دولار سنويا. ولكن للأسف فإن هذه الإنزيمات التي تنتجها الخميرة غير ثابتة عند درجات الحرارة العالية، مما دعا إلى استمرار الأبحاث في هذا المجال والتي بالتأكيد سوف تؤدي إلى الحصول على سلالات تنتج إنزيمات ثابتة عند درجات الحرارة المرتفعة.
كما استطاع العلماء أيضاً تعديل خمائر المشروبات الكحولية وخميرة الخبيز وراثيا وأدخلوا إليها الجين الوراثي MEL1 وهو جين بنائي لإنزيم المليبييز Melibiase، بذلك أمكن للخميرة نتيجة إنتاجها لهذا الإنزيم أن تستفيد من 1-2% من الرافينوز الموجود في مولاس البنجر، ولذلك فإن استخدام هذه السلالات سوف يكون مفيداً في إنتاج خميرة الخبيز وفي إنتاج الإيثانول كوقود من مولاس البنجر. وتوجد سلالات من الخميرة Saccharomyces spp مقاومة بطبيعتها لبعض مبيدات الحشائش مثل المبيد Sulphometuron methyl ويعتقد العلماء إن نقل جينات من هذه الخميرة إلى خمائر أخرى قد يكون له فائدة في أغراض خاصة في المستقبل. كذلك فإن هناك أبحاث بدأت منذ حوالي 20 سنة، تقوم على فكرة هندسة الخمائر بمواد نشطة ضد التلوث بحيث تكون قادرة على إنتاج السموم القاتلة للملوثات أو إنتاج إنزيمات الليسوزايم Lysozyme المحللة لجدر الخلايا التي قد تلوث البيئة. وقد أمكن بالفعل إنتاج هذه الخميرة وأمكن التحسين من قدراتها وأصبحت متاحة في الأسواق في صورة جافة نشطة وتسمى الخميرة القاتلة Killer yeast.
لا يمكن لكل سلالات الخميرة Saccharomyces cerevisiae المستخدمة حاليا أن تنمو أو تخمر السكريات الخماسية. ولذلك أجريت أبحاث كثيرة على الخمائر Candida و Pichia وأعطت نتائج واعدة لاستخدام هذه السكريات في المستقبل. كذلك تمت دراسات لنفس الغرض بواسطة كاتب هذه السطور (Zayed and Meyer 1996) على الخميرة Pachysolen tannophilus (هذه الخميرة لا تتحمل تركيزات عالية من الإيثانول) وأعطت أيضاً نتائج جيدة .
ساحة النقاش