مقدمـــــــــــة
الإصابة أو التلوث بالبكتيريا هي أخطر العوامل التي تؤدي إلى خفض إنتاج الكحول الإيثيلي، وسوف يتم تناولها في أكثر من مقال
الإصابة بالبكتيريا Bacterial infections
إن تلوث المخمرات بالميكروبات غير المرغوب فيها من أهم العوامل التي تؤدي إلى الحصول على منتجات غير مرغوب فيها وتكون النتيجة هي انخفاض محصول الإيثانول مما يؤدي إلى خسارة اقتصادية كبيرة. ولذلك فإنه من الأهمية بمكان بالنسبة للمنتجين أن يتم التنبؤ بحدوث التلوث واتخاذ الاحتياطات التي تضمن علاج المشكلة قبل ظهورها. إن وجود كمية يمكن قياسها من حامض الخليك في المخمر قد تكون مؤشر على حدوث تلوث بكتيري شديد. ومن المعروف أن حامض الخليك يؤثر على نمو الخميرة وعلى نشاطها التمثيلي حتى أن العلماء اعتبروا أن حامض الخليك هو أحد العوامل الرئيسية لتثبيط التخمر. ولكن وجود حامض الخليك لا يعني دائما التلوث البكتيري لأن الخميرة نفسها تنتج هذا الحامض بكميات قليلة. وعلى ذلك فإذا وجد حامض الخليك بكميات كبيرة فبل انتهاء التخمر فهذا دليل على حدوث التلوث البكتيري.
وقد قام Thomas وآخرون سنة 2001م، بدراسة أثر التلوث بمختلف أنواع بكتيريا اللاكتوباسيلاي على التخمر الكحولي لمهروس الذرة. كان التلوث في هذه الدراسة بقصد أي أن الباحثين قاموا بإجراء تلوث محدد. ولكي يتم تنشيط التلوث قام هؤلاء الباحثون بإضافة بكتيريا اللاكتوباسيلاي إلى مهروس الذرة قبل بدأ التخمر. أي أنهم أعطوا فرصة للبكتيريا أن تنمو بعدد كبير قبل أن تبدأ الخميرة في النمو. ثم قاموا بعد ذلك بدراسة تأثير الخميرة على هذا النمو البكتيري في حالة التخمر المتقطع وفي حالة التخمر شبه المستمر.
وقد اتضح من الدراسة أن تلوث مهروس الذرة بمختلف أنواع بكتيريا اللاكتوباسيلاي في حالة التخمر المتقطع قد أدى إلى :
1- انخفاض محصول الإيثانول .
2- زيادة تحول المواد الكربوهيدراتية إلى إنتاج الجليسرول وحامض اللاكتيك.
3- فقد سريع في حيوية الخميرة بعد نفاد السكريات.
4- انخفاض تكاثر الخميرة في المهروس الذي يحتوي بالفعل على أعداد كبيرة من بكتيريا اللاكتوباسيلاي.
5- تثبيط نمـو بكتيريـا اللاكتـوباسيـلاي في المهـروس الذي يحتـوي على عدد أكبـر من الخميـرة أو في المهروس الذي لقح بأعداد متساوية من الخميرة واللاكتوباسيلاي.
ولكن تحت ظروف التخمير شبه المستمر فإن أعداد البكتيريا الملوثة انخفضت حتى عندما كان عددها الابتدائي عالياً وذلك بعد عدد من دورات التخمر المتتالية ووصلت إلى عدد لا يسبب مشكلة بالنسبة لإنتاج الإيثانول أو حيوية الخميرة. فبعد الانخفاض الأولي في عدد الخميرة فإن عددها يزداد مع توالي دورات التخمير ويصاحب ذلك انخفاض متناسب في أعداد اللاكتوباسيلاي. أي أنه وبصفة عامة يمكن القول إذا لم يكن المهروس التي تم إدخاله إلى المخمر أثناء التخمر شبه المستمر ملوثة بأجيال جديدة من البكتيريا وإذا لم تكن أنابيب النقل ملوثة فإن نظام التخمير شبه المستمر (ومن باب أولى النظام المستمر) يكون قادراً على إعادة تنظيم عدد الخميرة بحيث تطغى على نمو بكتيريا التلوث الابتدائي وتقلل عددها وتظل عملية التخمر بدون فقد في الإيثانول أو في حيوية الخميرة. والأعمال التي تم نشرها والخاصة بتأثير تلوث مصانع الإيثانول ببكتيريا الجنس Lactobacillus تتناول بالتفصيل تأثير نواتج نشاط هذه البكتيريا على نمو الخميرة ونشاطها التمثيلي. فخطورة بكتيريا اللاكتوباسيلاي هي أنها ليس فقط لديها المقدرة على تحمل درجات عالية من الحموضة وتحمل تركيزات عالية نسبياً من الإيثانول ولكن أيضاً أنها يمكن أن تتكاثر تحت ظروف التخمر الكحولي. وقد خلصت هذه الدراسة وغيرها إلى أنه إذا كان عدد الخميرة أعلى أو على الأقل مساوياً لعدد بكتيريا اللاكتوباسيلاي فإن الأخيرة يتم تثبيط نموها. ويرجع ذلك إلى سببين على الأقل، الأول هو انخفاض العناصر الغذائية المتاحة بالنسبة للبكتيريا بسبب التنافس بينها وبين الخميرة، وحيث أن حجم خلية الخميرة يزيد عن حجم خلية بكتيريا اللاكتوباسيلاي بحوالي 2050 مرة فإن كمية أكبر من المواد الغذائية سوف تستهلك بواسطة الخميرة مما يجعل التنافس ينتهي لصالحها. أما السبب الثاني فهو أن الإيثانول المنتج بواسطة الخميرة يسبب تثبيط لتكاثر البكتيريا.
أما إذا كان التلوث بعدد كبير من البكتيريا أو إذا أخذت البكتيريا فرصة للنمو قبل نمو الخميـرة فإن الفقد في محصول الإيثانول يصل إلى 22%. أي أن نسبة الفاقد في محصول الإيثانول تتوقف على مدى شدة التلوث.
وعلى الرغم من أن بكتيريا اللاكتوباسيلاي لا تنتج الجليسرول في غياب الخميرة إلا أن إنتاج الجليسرول بواسطة الخميرة يزداد في وجود بكتيريا اللاكتوباسيلاي. والسبب في ذلك غير معروف. ويبدو أن هناك علاقة بين إنتاج حامض الخليك بواسطة البكتيريا وإنتاج الجليسرول بواسطة الخميرة ولكن لا توجد معلومات كافية لتأكيد ذلك. ولسنوات عديدة كان العمل الرئيسي في مقاومة تلوث بيئة التخمر بالبكتيريا هو الضبط الروتيني لرقم الـ pH ليكون 5 أو أقل. ولكن بدأ المنتجون بعد ذلك في إضافة البنسلين إلى المخمرات لكي يثبط من نمو بكتيريا حامض اللبن الموجبة لجرام. والحقيقة أن هناك أضرار عديدة تنتج عن تلوث تخمر الإيثانول بالبكتيريا وتؤدي إلى إطالة وقت التخمر، ففي تخمرات إنتاج الإيثانول كوقود فإن ملوثات التخمر من البكتيريا تنافس الخميرة على السكر القابل للتخمر وتنتج نواتج أخرى تنقص من إنتاج الإيثانول كما تحدث اضطراب في كل مراحل الإنتاج. كما أن الملوثات من البكتيريا قد تنتج مواد تثبط من نمو الخميرة ونشاطها التمثيلي أو تثبط من نشاط إنزيم الجلوكو أميليز الهام في إنتاج السكريات القابلة للتخمر. كذلك فإن البكتيريا الملوثة لبيئة تخمر الإيثانول قد تنتج إنزيمات بكتيرية تغير نوع التخمر بالكلية. كما أن بعض العلماء وجدوا أن التلوث الشديد قد ينتج عنه ارتفاع في درجة الحرارة تزيد عن سعة التبريد الخاصة بالمخمر. وقد أوضح العلماء منذ فترة طويلة مثل Dolan سنة 1976م أن التلوث بالبكتيريا بمعدل 610-710 خلية/مل يمكن أن يسبب فقد في إنتاج الإيثانول بمقدار 1-3% وأن التلوث بمستوى من البكتيريا يزيد عن 810 خلية/مل يسبب فقد في إنتاج الإيثانول مقداره 5%. ويجب أن يعي القارئ أن هذه الكميات المفقودة هي كميات كبيرة فعلى سبيل المثال فإن فقد مقداره 3% بالنسبة لمصنع ينتج 200 كيلو إيثانول في اليوم يعني فقد مقداره 2200 كيلو سنوياً. أما بالنسبة للتلوث ببكتيريا حامض اللبن بالذات فقد وجد العلماء أنها تحدث فقد في إنتاج الإيثانول قد يزيد عن 20%. كل هذا يوضح أهمية كل من درجات التحكم في عملية التخمر ومهارة العاملين في مثل هذه المصـانع .
ساحة النقاش