مقدمة
إن تحويل النشا إلى محاليل سكرية ودكسترينات أو عصائر يعتبر الأساس بالنسبة للصناعات النشوية التي تعتبر فرع هام من فروع التصنيع الزراعي. وهذه المحاليل تستخدم في الصناعات الغذائية والمشروبات وكمصدر للكربون في عمليات التخمر. وفي الماضي كان الحصول على محاليل النشا يتم عن طريق التحليل بالحامض إلا أن التحليل الإنزيمي أصبح هو السائد الآن نظراً لأن له عدة مميزات بالمقارنة بالتحليل الحامضي.
التركيب الكيميائي للنشا: الصيغة الكيماوية للنشا هي C6H10O5 )n )
يوجد في شكل حبيبات غير قابلة للذوبان في الماء حيث يتحدد شكل وحجم هذه الحبيبات حسب النبات المأخوذ منه النشا ويكون النشا معظم الكربوهيدرات التي تخزنها النباتات الراقية ويتم إنتاجه تجاريا من البذور أو الدرنات أو الجذور، والمصدر الرئيسي للنشا في الدول الغربية هو الذرة وفي البلاد النامية درنات الكاسافا وسيقان نبات الساجوsago، ويتكون النشا من مركبين لهما وزن جزيئي عالي وهما الأميلوز والأميلوبكتين، وهذين المركبين يختلفان في عدة خصائص فيزيائية وخصوصاً درجة الذوبان في الماء وحجم الجزيئ، فالأميلوز هو سلسلة مستقيمة تتكون من حوالي 10 3 وحدة جلوكوز ترتبط بالرابطة ألفا 1-4 وهو قليل الذوبان في الماء أما الأميلوبكتين فهو متفرع بدرجة كبيرة ويتكون من حوالي 410-510 وحدة جلوكوز مرتبطة بالروابط ألفا 1-4 وألفا 1-6 وتوجد الروابط ألفا 1-6 عند نقط التفرع (شكل 1)، ولذلك فإن جزيئ الأميلوبكتين المحتوي على 4-5% من هذه الروابط يكون ذائب في الماء ويشكل حوالي 75% من النشا حسب مصدر المادة التي أخذ منها النشا.
إنزيم ألفا أميليز a-Amylase
ألفا أميليزهو إنزيم يهاجم الروابط a-1,4 glucosidic في الأميلوز والأميلوبكتين والجليكوجين ويحللها ولكنه لا يهاجم الروابط a-1,6 glucosidic في تفرعات النشا. وتعتمد خواص وميكانيكية فعل إنزيمات الأميليز على مصدر الإنزيم. وكل إنزيمات الأميليز تؤثر مباشرة على التركيب الداخلي لجزييء النشا ولذلك فإن مهاجمتها للنشا ينتج عنها انخفاض سريع في لزوجة محلول النشا وانخفاض سريع في تفاعل هذا المحلول مع اليود مما يدل على التحلل السريع. وتحلل الأميلوز ينتج عنه سكريات أوليجية ذات وزن جزيئي أقل تتراوح من السكر الثنائي مالتوز إلى عدة سكريات ثنائية مرتبطة مع بعضها وهذا يعتمد على أصل وطبيعة الأميليز. أما تحلل الأميلوبكتين فينتج عنه جلوكوز ومالتوز ومجموعات مختلفة من الدكسترينات المتفرعة والتي ما زالت تحتوي على الروابط a-1,6 glucosidic التي كانت توجد في مادة النشا الأصلية.
الميكروبات المنتجة للإنزيم تجارياً
تستخدم سلالات من الجنس Bacillus لإنتاج إنزيم a-Amylase بشكل تجاري. وقد تعرضت هذه السلالات لكثير من الدراسات. ففي سنة 1945 استطاع Fukumoto أن يعزل سلالة من التربة لها المقدرة على إفراز كميات كبيرة من إنزيم a-Amylase وإنزيمات أخرى وبالتالي أطلق على هذه البكتيريا اسم Bacillus amyloliquefaciens ولكن هذه السلالة قريبة جداً من البكتيريا Bacillus subtilis (التي تفرز أيضاً إنزيم a-Amylase) وفي ذلك الوقت كان هناك نقص في الإمكانيات التي تؤدي إلى إمكانية التمييز بين هذين الميكروبين مما جعل العلماء يعتبرون أن الميكروب Bacillus amyloliquefaciens هو مرادف للميكروب Bacillus subtilis وقد سبب ذلك حالة من الارتباك بين العاملين في مجال الإنزيمات وفي مجال الفسيولوجي لأن هذين الميكروبين مختلفين من الناحية الوراثية وفسيولوجيا ويفرزان إنزيمات مختلفة من حيث الوزن الجزيئي. ثم أمكن بعد ذلك التمييز بين الميكروبين واتضح أن Bacillus amyloliquefaciens ليس له صلة بالميكروب Bacillus subtilis
ويستخدم ميكروب Bacillus amyloliquefaciens في الإنتاج التجاري لإنزيم a-Amylase. وهذا الإنزيم له وزن جزيئي حوالي 50 كيلو دالتون وهو ثابت عند رقم pH يتراوح من 5,5 إلى 8 ولكن نشاطه يكون في حالة مثلى عند رقم pH 9,5 وعنصر الكالسيوم ضروري جداً لزيادة نشاط الإنزيم وزيادة ثباته فإذا أضيف عنصر الكالسيوم إلى بيئة التفاعل فإن الإنزيم يكون ثابتاً تماماً عند تحلل النشا عند درجة حرارة عالية تصل إلى 90 °م. ولكن من ناحية أخرى فإن الصناعات النشوية يجب أن تتم عند درجات حرارة أعلى من ذلك لأن حبيبات النشا تقاوم هجوم إنزيم الألفا-أميليز ولذلك يجب تمزيقها بالحرارة قبل إجراء التحلل بالإنزيم. وعادة ما تستخدم درجات لطبخ الحبيبات أعلى من 100 °م وذلك لضمات تكسير حبيبان الذرة وجعل النشا في صورة جل. ويجب استخدام إنزيم يعمل عند هذه الدرجة لضمان تحلل إسالة سريعة ورخيصة للنشا حيث أنه لا يجب تبريد البيئة بعد الحصول على الجل لكي يبدأ التحلل الإنزيمي.
وفي سنة 1972 أمكن الحصول على إنزيم ألفا-أميليز من الميكروب B. licheniformis والذي له نشاط عالي في تحليل النشا عند درجة حرارة 105-110°م. كما أن الإنزيم المتحصل علية من B. licheniformis له مدى واسع من درجة الـ pH لكي يظل ثابت ونشط بالمقارنة بالإنزيم المتحصل علية من Bacillus amyloliquefaciens ، كذلك فإن وزنه الجزئي أعلى (60 كيلو دالتون) واحتياجه لعنصر الكالسيوم أقل.
وليس للإنزيم المتحصل علية من B. licheniformis سوى عيب واحد وهو أنه من الصعب جداً إنهاء التفاعل بالمعاملة الحرارية وبصرف النظر عن هذا العيب فإن الإنزيم المتحصل علية من هذا الميكروب ما زال يحتل المرتبة الأولى في السوق العالمية للألفا-أميليز خلال العشر سنوات الأخيرة.
وينتج إنزيم a-Amylase بشكل تجاري أيضاً باستخدام الفطر Aspergillus oryzae والإنزيم الذي يفرزه هذا الفطر يختلف عن الإنزيم الذي يفرزه جنس الـ Bacillus في أنه جليكوبروتين كما أن له درجة حرارة ثبات أقل (50-55°م) ومدى أقل من درجة الـ pH بالنسبة للثبات والنشاط. وإنزيم a-Amylase المنتج بواسطة الفطر A.oryzae له قدرة أعلى على عملية التسكير بالمقارنة بمنافسه البكتيري بمعنى أن الإنزيم المنتج عن طريق فطر A. oryzae يحلل النشا إلى سكريات أوليجية ذات وزن جزيئي أقل بالمقارنة بالإنزيم البكتيري. ومن الممكن الحصول على 50% مالتوز نتيجة تحلل النشا بواسطة هذا الإنزيم ولذلك يستخدم هذا الإنزيم في الإنتاج التجاري للشراب الغني بالمالتوز وفي الصناعات الخاصة بالخبيز.
ساحة النقاش