مقدمة
الخمائر مثل باقي الكائنات الحية تحتاج إلى مصادر للكربون ، النيتروجين، الفوسفور ، العناصر الصغرى، وعوامل النمو. و لا تستطيع الخمائر أن تنمو في غياب كامل للأكسجين. معظم الخمائر البرية أي غير المعروفة، تستطيع تمثيل الجلوكوز، المانوز، والفركتوز، كما أن أنواع الخمائر المختلفة تستطيع الاستفادة من النترات، و أملاح الأمونيوم، وكثير من الأحماض الأمينية. كل الخمائر تحتاج إلى كميات صغيرة جداً من العناصر الصغرى. بعض الخمائر يمكن أن تصنع في داخل خلاياها عوامل النمو (الفيتامينات) اللازمة لحياتها، والبعض الآخر يحتاج إلى إضافة هذه المواد إلى بيئة النمو.
ورغم أن البيئات الغذائية للخمائر، تم تعريفها ودراستها جيداً على مدى مئات من السنين، إلا أنه يصعب تنمية بعض الخمائر مثل Cyniclomyces guttulatus، حيث تحتاج إلى معظم الأحماض الأمينية والفيتامينات، كما تحتاج إلى غلاف جوي يحتوي على 10-15% ثاني أكسيد كربون، ولذلك فإن بيئتها الطبيعية التي تعيش فيها هي أمعاء الأرنب. وعلى الرغم من أن بعض المعلومات عن تغذية الخمائر وردت بشكل متفرق في هذا الكتاب فسوف نعطي عنها فكرة متكاملة في هذا الجزء دون تكرار لما ورد في أجزاء أخرى.
1- مصادر الكربون Carbon sources
تختلف الخمائر التي لها أهمية صناعية مثل خميرة الخبيز Saccharomyces cerevisiae، والخمائر القريبة اختلافاً بيناً في مقدرتها على تمثيل السكريات كمصدر للكربون. ولا يمكن لخميرة الخبيز على سبيل المثال أن تمثل سكر اللاكتوز (سكر الحليب) كمصدر للكربون. ولذلك فقد بذلت جهوداً من قبل علماء الميكروبيولوجي لبناء سلالات من خميرة الخبيز قادرة على الاستفادة من هذا السكر، وذلك بالاعتماد على نقل الجينات المسئولة عن تحليل هذا السكر من بعض الخمائر مثل Kluyveromyces fragilis إلى خميرة الخبيز، ولكن لم تتم الاستفادة من هذه الخمائر على المستوى الصناعي بسبب عدم ثبات الصفة المنقولة ، وما زالت هذه الجهود مستمرة حتى الوصول إلى بناء ميكروب له ثبات وراثي.
ونادراً ما تستطيع الخمائر أن تمثل الدكسترينات والنشا. وهناك خمائر تستطيع الحصول على الكربون من البنتوزات (السكريات الخماسية) ، وخمائر تحصل على الكربون من السكريات الثلاثية، وخمائر تحصل على الكربون من السكريات العديدة، وخمائر تحصل على الكربون من الكحولات، وخمائر تحصل على الكربون من تمثيل الأحماض العضوية، وخمائر تحصل على الكربون من تمثيل الجليكوسيدات، وأخرى يمكن أن تحصل على الكربون من تمثيل الهيدروكربونات، الأحماض الدهنية، الجليسريدات، والمواد الأروماتية.
وتقوم الخمائر في كل الظروف سواء أكانت هوائية أو غير هوائية بعملية تحلل السكر " Glycolysis " في داخل سيتوبلازم الخلية وينتج عنها حامض بيروفيك، ثم يرتبط بعد ذلك تمثيل حامض البيروفيك بوجود الأكسجين في الوسط. يحدث لحامض البيروفيك في وجود كميات كبيرة من الهواء ثلاث عمليات متوالية، الأولى تفاعل الانتقال Transition reaction وفيها يتعرض حامض البيروفيك إلى مزيد من الأكسدة ويتحول إلى Acetyl co-enzyme A، والثانية دخول المركب Acetyl-coenzyme A في سلسلة متتالية من التفاعلات الكيموحيوية تعرف بدورة كربس، يتم فيها إزالة كل الهيدروجين من المادة العضوية (Acetyl-coenzyme A) وتختزل مرافقات الإنزيم بهذا الهيدروجين المزال، والناتج النهائي لدورة كربس 6 جزيئات NADH2 و2 جزيء FADH2، ونتيجة هذا التفكك يرتبط الكربون بالأكسجين ويتكون ثاني أكسيد الكربون. أما العملية الثالثة والأخيرة فهي دخول مرافقات الإنزيم المختزلة في سلسلة من التفاعلات تسمى سلسلة التنفس Respiratory chain ، وهي باختصار عبارة عن إعادة أكسدة مرافقات الإنزيمات التي اختزلت في دورة كربس وذلك بنزع الهيدروجين منها وتوصيله إلى الأكسجين ليتكون ماء. يطلق على هذه العمليات مجتمعةً "التنفس" Respiration، أي أن التنفس عبارة عن أكسدة تامة للسكر إلى ثاني أكسيد كربون وماء. وينتج عن التنفس كميات كبيرة من الطاقة (38 جزيئ ATP لكل جزيئ جلوكوز يتم تمثيله) تستخدمها الخميرة في النمو وتكوين كتل خلوية كبيرة.
أما في حالة نقص الأكسجين وزيادة تركيز السكر مع سيادة إنزيم Carboxylase في الخمائر، تنزع مجموعة الكربوكسيل من حامض البيروفيك وينتج عن ذلك أسيتالدهيد وثاني أكسيد كربون، ثم تختزل الأسيتالدهيد إلى كحول الإيثانول، ويطلق على ذلك "التخمر" Fermentation.
يتضح مما سبق أن الفرق الرئيسي بين التنفس والتخمر هو في الناتج النهائي حيث يكون عبارة عن ثاني أكسيد كربون وماء في حالة التنفس ويكون عبارة عن مادة عضوية (أحماض وكحولات) في حالة التخمر ، أي أنه ببساطة يمكن القول أن التخمر هو تنفس غير تام أو أكسدة غير تامة.
والحقيقة أن علاقة الأكسجين بمدى نجاح عملية التخمر معقدة جداً، فمن ناحية لابد من إمداد الخمائر أثناء التخمر بالأكسجين ، حيث أنه ضروري لتصنيع الأحماض الدهنية غير المشبعة والليبيدات اللازمة لحياة الخلية، ومن ناحية أخرى فإن وجود الأكسجين قد يؤدي إلى فشل أو توقف عملية التخمر ودخول حامض البيروفيك في اتجاه التنفس. ولذلك فلابد من وجود كمية قليلة من الأكسجين. وقد أجريت كثير من الأبحاث لتحديد كمية الأكسجين التي يجب أن تضاف أثناء التخمر وتحديد المرحلة التي يضاف فيها الأكسجين.
2- مصادر النيتروجين Nitrogen sources
تستطيع كل الخمائر، تمثيل أملاح الأمونيوم كمصدر وحيد للنيتروجين، بمعدلات مختلفة ما عدا Cyniclomyces guttulatus فإنه يحتاج إلى عدد كبير من الأحماض الأمينية كمصدر للنيتروجين، ولا تستطيع أي خميرة أن تستخدم النيتروجين الجوي كمصدر للنيتروجين.
لا تستطيع بعض أجناس الخميرة مثل Saccharomyces، Pichia، Metschnikowia، Zygosaccharomyces أن تستخدم النترات كمصدر للنيتروجين. وتستطيع الخمائر المستخدمة لإنتاج المشروبات الكحولية أن تستفيد بدرجة جيدة من أحماض الأسباراتيك ، الأسبراجين ، والجلوتاميك كمصادر للنيتروجين عندما تتوفر في البيئة كميات كافية من الفيتامينات. وبصفة عامة تختلف الخمائر اختلافاً كبيراً في تمثيل الأحماض الأمينية كمصادر للنيتروجين. والاختلاف في مقدرة الخميرة على الاستفادة من الأحماض الأمينة قد يتسبب في ظاهرة توقف التخمر (انظر الفصل الثاني)، كما قد يكون الحامض الأميني المستخدم كمصدر للنيتروجين هو السبب في تحمل الخمائر لتركيزات عالية من الإيثانول الذي تنتجه، حيث وجد أن الخمائر يمكن أن تتحمل تركيزات من الإيثانول تزيد عن 20%، إذا تم إمدادها بالتركيز المضبوط من الحامض الأميني المطلوب.
هناك خمائر تستطيع تمثيل اليوريا كمصدر للنيتروجين ، كما تستطيع أيضاً أن تستخدم القواعد البيورينية والبريميدينية مثل الأدينين ، الجوانين ، والسيتوسين كمصادر وحيدة للنيتروجين.
كذلك هناك خمائر مثل Candida utilis ، تنتج أحماض أمينية وأوليجوببتيدات ، وأميدات ، وعلى حسب مصدر الطاقة الموجود، يمكن لهذه الخمائر أن تعيد امتصاص هذه المواد مرة أخرى، كمصدر للنيتروجين.
3- الفوسفور Phosphorus
تستخدم كل الخمائر الفوسفور غير العضوي لكي تنمو. وتحصل الخمائر على الفوسفور غير العضوي في صورة أملاح البوتاسيوم ، التي من أهمها ملح فوسفات أحادي البوتاسيوم. وتقوم الخمائر بتخزين الفوسفات غير العضوي في صورة ميتافوسفات (حبيبات الفوليوتين) في الفجوات التي توجد داخل الخلية. وقد وجد أن النمو السريع للخمائر يتطلب وجود كميات كافية مخزنة داخل الخلية من الميتافوسفات.
4- الكبريت Sulfur
تستفيد بعض الخمائر مثل خميرة الخبيز، من الصور غير العضوية للكبريت مثل الكبريتات Sulfate، والكبريتيت Sulfite، والثيوكبريتات Thiosulfate. ولا تستطيع هذه الخمائر أن تستفيد من الأحماض الأمينية المحتوية على كبريت (السيستين والسيستئين) كمصدر للكبريت، كما لا تستطيع الحصول على الكبريت من بعض عوامل النمو مثل البيوتين أو الثيامين، على الرغم من أن بعض السلالات يمكن أن تحصل على الكبريت من عوامل نمو أخرى مثل الميثايونين، والجلوتاثيوين Glutathione. ورغم ذلك فهناك خمائر أخرى مثل Candida utilis تستطيع تمثيل كل المواد السابقة كمصدر للكبريت.
وحصول الخميرة على الكبريتات يتطلب طاقة ، ولذلك فإن البيئة يجب أت تحتوي على سكر قابل للهضم ، ومصدر للنيتروجين حتى تستطيع الخميرة أن تحصل على الكبريت. وتستطيع الخمائر أن تحصل على الكبريت تحت الظروف الهوائية، وغير الهوائية، كما أن هناك مركبات كبريتية تثبط حصول الخميرة على الكبريت من مركبات كبريتية أخرى، فعلى سبيل المثال وجد أن الثيوكبريتات يمنع الخميرة من الحصول على الكبريتات الموجودة في البيئة، كما أن الميثايونين يمنع استفادة الخميرة من الأحماض الأمينية المحتوية على كبريت.
5- عناصر غير عضوية أخرى Other inorganic elements
هناك حوالي 50 عنصر من العناصر المعروفة سام للخمائر، وتتراوح درجة السمية من سمية بسيطة إلى سمية شديدة. عناصر الماغنسيوم ، البوتاسيوم ، الاسترونتيوم ، الكالسيوم، الكبريت، والفوسفور ليست سامة للخمائر، عندما توجد بتركيزات منخفضة.
يعد البوتاسيوم عنصر هام بالنسبة لنمو الخميرة، وبالنسبة لعملية التخمر، ويمكن أن تستبدل أملاح البوتاسيوم جزئياً بأملاح الصوديوم أو الأمونيوم. وخلايا الخميرة التي تحتوي على تركيز أكثر من اللازم من البوتاسيوم تنمو ببطئ وتقوم بعملية التخمير ببطئ.
الماغنسيوم من العناصر الهامة لحياة الخميرة، حيث يعمل كمنشط لعدد كبير من الإنزيمات، ولذلك فهو مطلوب كأحد عوامل النمو بالنسبة للخميرة. و لا يصلح الماغنسيوم أن يستخدم كبديل للبوتاسيوم ، حيث إذا استبدل البوتاسيوم بالماغنسيوم يحدث تثبيط لنمو الخميرة ومعدل النشاط التخمري. الكالسيوم ، أيضاً من المواد الهامة لتنشيط نمو الخميرة وتخمير السكريات.
كما يعتبر النحاس، الحديد، والزنك تعتبر من العناصر الضرورية لحياة الخميرة. المنجنيز أيضاً قد يكون مطلوب بكميات صغيرة بالنسبة للخمائر ولكن زيادة تركيز المنجنيز عن 5-10 مليمول تؤدي إلى حدوث تطفر في خلايا الخميرة.
معظم العناصر الثقيلة الأخرى ليست سامة ولا مثبطة للخميرة طالما أنها في المدى من التركيز المناسب. ويبدوا أن الكلوريد له دور هام في نمو الخميرة، لكنه لا يعتبر عامل محدد للنمو.
6- عوامل النمو Growth factors
تحتاج خميرة الخبيز إلى البيوتين، ولكن أنواع كثيرة من أجناس Hansenula، Brettanomyces، وخميرة Candida utilis ، وخميرة Hansenula anomala ، لا تحتاج إلى البيوتين. وقد تحتاج الخمائر حسب النوع إلى حامض البانتوثينك ، الإينوسيتول ، الثيامين ، حامض النيكوتينيك، البيريدوكسين، الريبوفلافين ، حامض البارا-أمينوبنزويك ، وحامض الفوليك. فعلى سبيل المثال فإن حامض البانتوثينك، عبارة عن مرافق إنزيم ويشترك بدرجة هامة في تمثيل الأحماض الدهنية. والإينوثيتول من المواد الهامة المطلوبة لخميرة الخبيز رغم أن دوره ما زال غير مفهوم، ويمكن لخمائر الجنس Cryptococcus أن تستخدمه كمصدر وحيد للكربون، وقد ظل يستعمل كمادة محددة لهذا الجنس في علوم التقسيم إلى أن تم اكتشاف خمائر أخرى يمكن أن تستخدمه كمصدر للكربون.
الثيامين أيضاً ينشط خمائر الخبيز، وفي التخمرات المختلفة وجد أن خمائر القمة ، أي الخمائر التي تنمو على سطح السائل تحتاج إلى أي من الثيامين أو البيريدوكسين ، في حين أن خمائر القاع، أي الخمائر التي تنمو في قاع وعاء التخمير لا تحتاج إلى أي من هاتين المادتين. ومن المعروف أن أهمية الثيامين أنه يعمل مرافق لإنزيم الكاربوكسيليز عندما يكون في صورة ثنائي فوسفات الثيامين.
تحتاج كثير من أنواع الخمائر التابعة لأجناس Kloeckera، Candida ، Zygosaccharomyces ، Saccharomyces ، وschizosaccharomyces إلى حامض النيكوتينك (في صورة NAD) ، في حين لا تحتاجة خميرة الخبيز Saccharomyces cerevisiae. كذلك فإن خميرة Kluyveromyces sppالتي تخمر اللاكتوز تحتاج إلى حامض النيكوتينك، حيث أنه عبارة عن مرافق إنزيم.
تحتاج أنواع من خمائر Saccharomyces ، Kloeckera، Candida، Brettanomyces ، Pichia إلى البيريدوكسين (فيتامين ب6) حيث يعمل كمرافق إنزيم عندما يوجد في صورة فوسفات البيرودوكسال. وتستطيع جميع الخمائر تصنيع الريبوفلافين وحامض الفوليك داخل خلاياها.
تحتاج أنواع خمائر الجنس Rhodotorula إلى حامض البارا-أمينوبنزويك ، ولكن عندما يوجد بتركيز عالي فإنه يثبط عمل إنزيم الإنفرتيز، ويثبط نمو ونشاط الخميرة.
تحتاج الخمائر بصفة عامة إلى الإيرجسترول، وأحماض الأوليك، واللينوليك أو اللينولينك تحت الظروف غير الهوائية.
7- تخزين المغذيات Nutrient reserves
هناك مواد كربوهيدراتية تقوم الخمائر بتصنيعها وتخزينها داخل الخلايا، لتؤدي دوراً هاماً في حماية حياة الخمائر عندما تتعرض لظروف بيئية أو تصنيعية قاسية. ومن أهم هذه المواد ، الجليكوجين ، والتريهالوز، حيث يتراكم الجليكوجين في خلايا خميرة Saccharomyces cerevisiae ، عندما تنمو في ظروف نقص النيتروجين. والمحتوى العادي للخميرة من الجليكوجين حوالي 12% ، وفي الظروف غير المناسبة يزداد هذا المحتوى مما يؤدي إلى جعل خلايا الخميرة مقاومة للموت عن طريق التحلل الذاتي.
حظي سكر التريهالوز بدراسات مستفيضة حديثة ، حيث وجد أن سلالات خمائر الخبيز أو خمائر التخمرات الصناعية الجيدة تحتوي على كميات كبيرة (حوالي 14%) من التريهالوز. ويتراكم سكر التريهالوز في الخميرة عندما تنمو في ظروف هوائية، ويقل عند النمو في ظروف غير هوائية. وقد وجد حديثاً أن هذا السكر يلعب دور أساسي في حماية خلايا الخميرة أثناء عملية التجفيد التي تجرى بغرض الحصول على بادئات جافة وفي حالة نشطة من الخميرة، كما يلعب التريهالوز نفس الدور الواقي للخميرة خلال فترة تخزين هذه البادئات على درجات حرارة منخفضة جداً (سالب 85°م).
8- الأكسجين وثاني أكسيد الكربون Oxygen and carbon dioxide
يعتبر الأكسجين عنصر ضروري لحياة الخميرة ، وعلى الرغم من أن الخمائر يمكن أن تنمو في وسط يحتوي على كمية ضئيلة من الهواء ، إلا أنه لم تعرف حتى الآن خمائر يمكن أن تكون لا هوائية إجباراً. وكثير من أنواع الخميرة هوائية إجباراً ولا يمكن أن تنمو إلا في وجود كميات كبيرة من الأكسجين. ومعروف دور الأكسجين في الكائنات الهوائية، حيث يلعب دوراً رئيسياً في سلسلة التنفس التي تقوم بها الميكروبات بغرض الحصول على الطاقة ، ففي هذه السلسلة ، تكون جميع مرافقات الإنزيمات في حالة مختزلة، أي أن مرافق الإنزيم NAD على سبيل المثال يكون في الصورة NADH ، ولكي تستمر حياة الخمائر ، لابد من إعادة أكسدة جميع مرافقات الإنزيمات مرة أخرى. تتم إعادة الأكسدة هذه بواسطة إنزيمات سلسلة التنفس والتي يطلق عليها إنزيمات السيتوكروم ، حيث تقوم هذه الإنزيمات بنقل الإلكترونات من مرافقات الإنزيمات المختزلة إلى مستقبل آخر . هذا المستقبل الآخر هو الأكسجين ، وهذا هو الدور الأساسي للأكسجين في حياة الخمائر وفي حياة كل الميكروبات الهوائية. كما يلعب الأكسجين دوراً أساسياً في تصنيع مادة الهيم Heme ، وهي مادة أساسية في تركيب إنزيمات السيتوكروم التي تلعب الدور الأساسي في سلسلة التنفس.
ويختلف الأكسجين عن باقي العناصر الغذائية الضرورية لحياة الخميرة في أنه بطيئ الذوبان في الماء، ولذلك فإن كمية الأكسجين المطلوب إضافتها للبيئة قد تبدوا أنها تفوق حاجة الميكروبات، ولكن العبرة بالكمية الذائبة ، وليس بالكمية المضافة. وطريق وصول الأكسجين إلى خلايا الخميرة يعتبر أطول طريق بالمقارنة بالعناصر الغذائية الأخرى ، حيث أن جزيئ الأكسجين لا بد أن يعبر منطقة التداخل بين السائل والغاز ليصل إلى بيئة النمو. وعندما يصبح الأكسجين في المحلول أي في البيئة فإنه يلقى مقاومة أقل لكي ينتقل من السائل إلى جدار الخلية ثم إلى الغشاء السيتوبلازمي. وليس من المعروف حتى الآن ما إذا كان هناك نظام نقل خاص بالأكسجين في الخلية أم لا.
ولا يكفي قياس الأكسجين الذائب في البيئة لتقدير تأثيره على أيض الخلية، ولكن لابد أيضاً من تقدير معدل حصول الخميرة على الأكسجين، حيث قد يتوفر الأكسجين الذائب في البيئة ولكن قد تكون هناك معوقات تحول دون حصول الخلايا على الأكسجين.
ينتج غاز ثاني أكسيد الكربون أثناء نمو معظم أنواع الخميرة ، ولكنه أيضاً يمثل بواسطة بعض الخمائر، بل إنه يعتبر مطلب أساسي بشكل مطلق بالنسبة لبعض الخمائر مثل Cyniclomyces guttulatus. ولكن بصفة عامة ليس من الضروري أن يتم إمداد مزارع الخميرة بغاز ثاني أكسيد الكربون.
ساحة النقاش