future children

حضانة طفل المستقبل توفر استخدام الحاسب الالي لكل طفل وتتيح التعلم باستخدام تكنولوجيا المعلومات

إن الإسلام اهتم بالأطفال اهتماماً كبيراً، فحض على حسن تربيتهم والعطف عليهم، وأوصى الآباء والمربيين بأن يتفهموا مشاعرهم، ويدخلوا إلى عالمهم، ويفهموا نفسياتهم، وينزلوا إلى مستواهم، فقد قال المربي الأول محمد صلى الله عليه وسلم من كان له صبي فَلْيَتَصَابَ له< رواه الديلمي وابن عساكر، وكان الرسول الكريم القدوة في ذلك، فرآه الناس يداعب الصغار ويمازحهم، وأوصى الآباء والأمهات بالعناية بهم ورعايتهم وتربيتهم على الإسلام، ودعا أفراد الأمة لتحمل مسؤوليتها تجاه من يَرْعَوْنَ فقال : >كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته< متفق عليه وقال في حديث آخر : >إن اللّه سائل كل راع عما استرعاه أحَفِظَ أم ضَيَّعَ ؟ حتى يسأل الرجل عن أهل بيته< رواه النسائي وابن حبان.

هذه المسؤولية توجب علينا أن نُعدِّهم إعداداً يؤهلهم ليخوضوا ميادين الحياة مسلحين بالعلم والإيمان، وأن نزودهم بثقافة إسلامية تغذي الجوانب السامية في نفوسهم ليكونوا رواداً في بناء الحضارة لا يسبقهم إلى ذلك سابق !!.



فماذا تعني ثقافة الأطفال الإسلامية ؟.

إذا كانت ثقافة الأطفال بشكل عام تعني ما يرثه عن أسرته وما يصله من عادات وتقاليد، وما يكتسبه من معرفة وعلم، وما يتأثر به من فنون، وما يصله من مجتمعه من أفكار وآراء وقوانين، فإن ثقافة الطفل المسلم تعني كل ذلك، ولكنها ثقافة موجهة إسلامياً ومبنية على قيم وأفكار ومفاهيم وقواعد سلوكية نابعة من كتاب اللّه وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام.

ولقد حرص الإسلام على تثقيف الطفل وتربيته إسلامياً فأول شيء يفعله الأب المسلم بعد ولادة ابنه، يؤذن في أذنه اليمنى ويقيم الصلاة في اليسرى، ليكون أول عهد في الدنيا كلمة التوحيد، وذلك يؤثر في مسمع الطفل ونفسه، ولو لم يفهم معناه، وهذا ما فعله الرسول عليه الصلاة والسلام، فقد روى الإمام أحمد والترمذي أنه عليه الصلاة والسلام : أَذَّن في أُذُنِ الحسن بن علي حين ولدته فاطمة). وهذا دليل على الاعتناء بثقافة الأذن والجوارح لأنها نوافذ إلى الطفل الذي سيتفاعل معها ويتشربها ويحوّلها إلى مواقف.

ولقد حثّ الإسلام الآباء على تثقيف أبنائهم وتربيتهم فقال عليه الصلاة والسلام (لأن يؤدب الأب ابنه خير من أن يتصدق بصاع) رواه الترمذي.

وإن اللّه تعالى طالب المؤمنين بتربية أبنائهم على الإسلام لينجوا من النار ويكون ذلك بتزويدهم بالثقافة الإسلامية فقال سبحانه وتعالى : {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة}(1).

إن الثقافة التي تلقاها الأطفال في صدر الدولة الإسلامية كانت شفاهية، ثم أصبحت تعتمد على القراءة والكتابة إلى جانب سماع الدروس، ويعد القرآن وأحاديث النبي وسيرته والتاريخ الإسلامي من أهم المصادر الثقافية في الدول الإسلامية للكبار والصغار، وكان الأطفال يتلقونها في الكُتَّاب وعلى أيدي المؤدبين في القصور أو في المساجد أو في المدارس التي أنشئت فيما بعد.

وعندما عم التعليم وانتشرت المدارس والمعاهد، وأصبح للأطفال ثقافة خاصة بهم، وتطورت الكتابة لهم، برز كُتَّاب تخصصوا في أدب الأطفال وثقافتهم فأصدروا سلاسل للأطفال عن سيرة الرسول ص.وسير الأنبياء ومعارك المسلمين وأبطالهم، ثم تشعبت الفنون في هذا المجال، حتى عمت أبواب الإسلام، فوضعت كتب لثقافة الأطفال تدور حول العقيدة والعبادة والأخلاق، وكان لها مصادرها الواضحة، واستفيد في إعدادها من العلوم الحديثة، وظهر ذلك جلياً في إصدارات العلوم الكونية التي تدل على عظمة الخالق وقدرته، كما استفاد الكتاب من الطرائق الجديدة والأساليب الفنية في كتابة أدب الأطفال وكثرت المؤلفات للصغار، وتحسنت يوماً بعد يوم شكلاً ومضموناً حتى أصبحت مفيدة وجذابة.

وهكذا تطورت الوسيلة الثقافية، فبدأت بالتلقين، ثم بالكتاب ثم بالتمثيل ثم ظهرت الثقافة الحديثة التي بدأت تقدم الثقافة الطفلية من خلال الشريط المسجل وأفلام الرسوم المتحركة أو من خلال البرامج العلمية المبسطة وغيرها، ولا تزال تتطور وتتزايد بسرعة، تخطف الأبصار، بألوانها وحركتها ودقتها، ونتمنى أن تكون للثقافة الإسلامية أجهزتها الخاصة بها التي تعمل ضمن أهداف واضحة ورؤى محددة مستفيدة من كل معطيات العصر.

إن الاهتمام بثقافة الأطفال هو اهتمام بمستقبل الأمة بكاملها لأن ما يتلقاه الطفل اليوم، سيثمر ويؤتي أكله عندما يشيد عوده ويصبح شاباً ورجلاً له مكانة في بناء الحضارة .



الطفولة والثقافة الإسلامية :

إن الطفولة تبدأ من الولادة حتى سن البلوغ ولها حاجات، يجب أن نؤمنها للطفل لتوازنه النفسي والعقلي والجسمي، وتأتي من أولويات هذه الحاجات الحاجة إلى المعرفة والحاجة إلى اكتساب القيم الدينية والخلقية، وإن الثقافة وما فيها تؤمن ذلك، إذا كانت تناسب المراحل العمرية الموجهة إليها، فالتي تقدم للمرحلة الأولى غير التي تقدم للمرحلة الأخيرة، لأن لكل مرحلة خصائصها التي تؤخذ بعين الاعتبار عند التنشئة الثقافية أو تنمية الثقافة.

وتُقدم الثقافة للأطفال عن طريق أدب الأطفال كالقصة والشعر والمسرحية، أو عن طريق المقال الأدبي أو العلمي المبسط أو عن طريق السرد التاريخي، إلى غير ذلك من الأساليب المناسبة، ولكي تكون الثقافة الإسلامية المقدمة للأطفال متكاملة، يجب أن يكون حامل الرسالة الثقافية مخلصاً وصادقاً في عمله ذو خبرة وكفاءة وحكمة، يضع كل شيء في مكانه ملماً بأصول التربية وعلم نفس الطفل، ومطلعاً على مفردات لغة الأطفال ومتقنا لفن الكتابة إن كان أديباً، وفناناً في إيصال الثقافة إن كان معلماً، وممثلاً بارعاً إن كان ممثلاً على خشبة المسرح أو غيره من وسائل العرض الحديثة.

ولكي لا تتشعب الطرق في تنشئة الأطفال على الثقافة الإسلامية، ويضيع الدليل، نحدد أسس الثقافة الإسلامية الموجهة للأطفال ونذكر بعض خصائصها، لكي يعمل الجميع على بنائها بناءً صحيحاً، يحمي الأطفال من كل غزو ثقافي دخيل.



أسس الثقافة الإسلامية :

إن من أبرز ركائز الثقافة الإسلامية الأساس الإيماني، والأساس التعبدي، والأساس الفكري.

فالإيمان هو البوابة الأولى التي يدخل منها الإنسان رحاب الإسلام، فثقافة الطفل الإسلامية، يجب أن تتضمن مفهوم الإيمان ومعناه وأركانه، وتقدم ذلك كله بأسلوب سهل ومبسط، دون تعقيبات وتشعبات، بحيث تربط الطفل بخالقه وتجعله يتوجه إليه ويحبه حباً جماً، وما أجمل التثقيف الذي ثقف به الرسول الكريم ابن عباس عندما خاطبه فقال : >يا غلام إني أعلمك كلمات، احفظ اللّه يحفظك، احفظ اللّه تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل اللّه وإذا استعنت فاستعن باللّه، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه اللّه لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه اللّه عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف< رواه الترمذي.

إن أهم شيء يعزز هذه المعاني لدى الصغار هو أن يعيشها الكبار ويترجموها واقعاً في حياتهم، عند ذلك سيتلقاها الصغار ويتمثلونها عقيدة وسلوكاً.

ولقد فطن الكُتَّابُ المسلمون في القرن الرابع عشر الهجري وما بعده لهذا الأساس الإيماني، فوضعوا له كتباً مناسبة تقدم معنى الإيمان وأركانه وتربط الطفل بربه وخالقه، فأصدر الأستاذ محمد سليم كتاب (أسماء اللّه الحسنى) للأطفال، وكتب محمد عبد العظيم سلسلة (عقيدتي) باثنى عشر جزءا وأصدر حسام العقاد كتاب (قدرة اللّه في خلق الإنسان) وتتالت الإصدارات التي تغرس الإيمان في نفوس الناشئة، وتميزت بفنية جيدة.وبرز العديد من الأدباء والشعراء الذين اعتنوا بالثقافة الإسلامية منهم الأستاذ عبد التواب يوسف وأحمد محمد نجيب وموفق سليمة ومحمود أبو الوفا ويحيى حاج يحيى ومصطفى عكرمة وغيرهم.

وأُعِدَّت أفلام للأطفال، وأبرزت جوانب العقيدة والإيمان باللّه وقدرته مثل "جزيرة النور" التي تتحدث عن "حي بن يقظان" وقدمتها شركة "آلاء" السعودية، وهناك جهود طيبة تقدم في هذا المضمار عن طريق منظمات وهيئات لغرس الإيمان في نفوس الأطفال.

أما الأساس التعبدي : فقد قال اللّه سبحانه وتعالى : {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} (2) والعبادة هنا لا تعني تأدية أركان الإسلام فقط بل تعني كل عمل يتوجه به المسلم إلى خالقه فهو عبادة، فالعلم عبادة، والعمل عبادة، والفكر عبادة، والجهاد عبادة، وحياة المؤمن المخلص كلها عبادة.

لذلك يجب أن يوجه الأطفال إلى هذه الوجهة لتصبح حياتهم عبادة، ولعل التطبيق العلمي والقدوة الحسنة التي تكون مشرفة على الأطفال لها أثر بالغ على سلوك الأطفال وثقافتهم، فقد قال رسول اللّهص مشيراً لا تباع القدوة >صلوا كما رأيتموني أُصَلِّي<.

كما أن اصْطِحَابَ الأولاد إلى المسجد ورؤيتهم للمسلمين وهم يؤدون الصلاة أكبر مشجع لهم للقيام بها، فكم رأينا أطفالاً صغاراً يحرصون على الصلاة والصيام لأن والديهم يؤدونها ويداومون عليها، ولقد حرصت فنون أدب الأطفال الإسلامي على تقديم قصص وأناشيد تحض على العبادة، وترغّبُ فيها بصورة مباشرة وغير مباشرة، وَوُزّعَتْ أفلام في الأسواق عن طريق شركات الإنتاج الثقافي للأطفال عن حياة الطفل المسلم وقيامه بفريضة الصلاة وغيرها.

وإن أهم شيء في تثقيف الطفل المسلم وجعله يؤدي ما عليه هو أن يعيش في مجتمع يتسابق أفراده على طاعة اللّه والامتثال لأمره، عندها سيجد الطفل نفسه مندفعاً نحو العبادة والخشوع بين يدي اللّه، لأن ثقافته الإسلامية قد تغلغلت في وجدانه فراح يؤديها بطواعية وحب للّه تعالى.

ومن أسس الثقافة الإسلامية : الأساس الفكري الذي ينتج عنه سلوك واقعي في حياة الطفل ومسيرته.

إن الأساس الفكري والثقافي في الإسلام ينبع من كتاب اللّه وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام. فقد ورد في القرآن الكريم آيات كثيرة تحض على التفكير وتبين أنه يوصل الإنسان إلى خالقه، ويجعله يدرك حقائق الكون، وحقيقة نفسه قال تعالى: في محكم التنزيل {فلينظر الإنسان مِمَّ خُلِقََ خُلِقَ من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب} (3) وقوله تعالى : {أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خُلِقَتْ، وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نُصِبََتْ وإلى الأرض كيف سُطِحََتْ}(4) ودعا سبحانه وتعالى المؤمنين للتفكير في آيات كثيرة فقال سبحانه : {ويسألونك ماذا ينفقون، قل العفو كذلك يبين اللّه لكم الآيات لعلكم تتفكرون} (5).

ولكي نبني الفكر الإسلامي للطفل علينا أن نقدم له المعلومات والخبرات والأفكار الصحيحة، وندربه على التفكير الذاتي ليصل بنفسه إلى حقائق يدرك من خلالها عظمة اللّه في خلقه فيدرك نظام الأشياء وطرق سيرها في الحياة، وننمي لديه روح البحث والتدقيق والنظر.

ولقد سعى العديد من المربين والأدباء إلى تنمية جانب التفكير، وقدموا سير قصصية للعلماء المسلمين، ذكروا فيها ماقدموه من علوم ومخترعات بعد تفكير وبحث ومطالعة.

وعلى رأس كل المفكرين (الأنبياء) الذين بدأوا حياتهم بالتفكير الذي توصلوا به إلى وجود اللّه ووحدانيته، فكانوا للناس القدوة والأسوة، ولعل ما يُقَدَّم على شاشة الحاسوب والتلفاز الموجه له دور كبير في أيامنا، لبعث فكر الأطفال على أساس من تعاليم الإسلام الخالد.

إن الأساس الإيماني والأساس التعبدي والأساس الفكري، ينتج عنها سلوك وأخلاق يلتزمها الأطفال وينشؤون على هدى من كتاب اللّه وسنة نبيه، ولا سيما إذا اطلعوا على سيرة النبي عليه الصلاة والسلام والصحابة والعلماء العاملين.

إن ثقافة الأطفال الإسلامية : كفيلة إن توفر لها المثقفين الأكفاء، أن تقدم للبشرية أجيالاً لا مثيل لهم، لأن طفلنا العربي المسلم في أي زمان، لا ينقص عن غيره في الذكاء والفطنة فلدينا أطفال موهوبون، وما علينا إلا أن نعدهم ونثقفهم ليكون لهم شأن في المستقبل.



خصائص ثقافة الأطفال الإسلامية :

إن الثقافة الإسلامية ثقافة سامية ورائدة، لأنها ذات خصائص فريدة لا تتمتع بها أية ثقافة أخرى.

فهي ثقافة ربانية المصدر، وهي أصيلة وثابتة، وهي مثالية وواقعية، وهي شاملة ومتزنة، وهي قولية وعملية.

إن ثقافتنا الإسلامية ربانية : لأنها نابعة من كتاب اللّه تعالى الخالد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهو كلام اللّه الذي وصل إلينا بالتواتر دون تحريف ولا تبديل، وفسرته وشرحته السنة المطهرة.

لذلك توجه الكتاب والمربون إليه ينهلون منه ليقدموا للطفولة ثقافة مشرقة رائعة، فأخذوا منه قصص الأنبياء وبعض قصص الأولين واقتبسوا منه قصصاً ممتعة ومفيدة، ومنه قدموا النهج المستقيم للأطفال عن طريق كتب وبرامج قدموها على ساحة الوطن العربي الإسلامي، كما أن بعضهم مثل الأستاذ موفق سليمة من سورية وعبد التواب يوسف من مصر، فسر القرآن للأطفال ليطلعوا على معانيه السامية وتصبح لهم زاداً ثقافياً ممتازاً، ولتكون رافداً لإيمانهم وعبادتهم وسلوكهم وتفكيرهم.

إن هذه الثقافة الإسلامية القرآنية، تحقق كل حاجات الإنسان كبيراً كان أم صغيراً، وتبعث الطمأنينة في قلبه، وتجعله يسير على هدى في طريقه، فيسعد ولا يشقى قال تعالى في محكم تنزيله : { فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى }(6).

إن ثقافة هذا مصدرها لهي ثقافة صحيحة ومستقيمة وخالدة وتعصم الجيل من الزلل والزيغ وتحميه من الغزو العقائدي والفكري الذي يتعرض له من قوى الشر في العالم.

ومن خصائص هذه الثقافة الإسلامية الثبات، والثبات هنا يعني ثبات المصدر الأول لها، لأن كل ما يتعلق بالحقيقة الإلهية ثابت من حيث الحقيقة والمفهوم وغير قابل للتغيير.

فالقاعدة الأولى التي تقوم عليها الثقافة الإسلامية هي الإيمان بوحدانية اللّه ووجوده وقدرته وهيمنته وكل صفاته وهذه القاعدة لا تتغير!!

كما أن الدين عند اللّه الإسلام، وأن اللّه لا يقبل من الإنسان ديناً سواه قال سبحانه : { ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين }(7).

إن الإنسان مخلوق مكرم وهو مستخلف في الأرض، وأن الناس من أصل واحد هذه أمور ثابتة لا تتغير.

وأن غاية الوجود الإنساني هو إفراد اللّه تعالى بالعبادة، وهذا أيضاً حقيقة ثابتة، وهناك ثوابت أخرى في الدين الإسلامي تتميز بها الثقافة الإسلامية.

إن أي انحراف عن هذه الثوابت أو تبديلها يعني اتباع الهوى واتباع الشيطان، فالثقافة الإسلامية مستقيمة لأنها اتباع لصراط اللّه الذي يقول في كتابه: {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله، ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون} (8).

إننا عندما نستطيع أن نوصل بذور هذه الثوابت إلى قلب الطفل وعقله ووجدانه، ويؤمن بها إيماناً راسخاً، ويدافع عنها ويدعو إليها، عندها سنقدم للعالم أطفالاً بل رجالاً أقوياء ثابتين على المبادىء والقيم التي يستمدونها من إسلامهم العظيم.

إن هذا الثبات لا يقيد الإنسان ولا يشل من حركته وإرادته، بل إنه يدفع المسلم للعمل والجهاد لأن المؤمن يدرك أن الإله الواحد الأحد الذي أوجد هذا الكون كلفه بمهام وعليه أن يؤديها ليعمر هذا الكون وينشر فيه الخير ويقاوم الشر والفساد، وقد تكفل هو ذاته بنصر المؤمنين وحمايتهم، فتكون الانطلاقة إلى الجهاد في كل ميادين الحياة قوية، وكلنا يعلم ماذا فعلت الدعوة الإسلامية عندما اعتنقها العرب، فقد أحيتهم بعد مَوََات، وهدتهم بعد ضلال، ونوَّرت حياتهم بعد ظلام وجعلتهم أمة بعد أن كانوا قبائل متفرقة.

ونحن نرى اليوم بأم أعيننا كيف يندفع الشبل العربي المسلم في فلسطين إلى الموت لأنه مؤمن بالثوابت لديه، فإلهه واحد وحقه واضح، فهو يدافع عن مبادئه وحقوقه بشجاعة لا نظير لها دون تردد ولا تراجع طالباً الشهادة ليحقق لأمته النصر، ولقد حظي بهذا على إعجاب المنصفين في العالم. ولئن كانت الثقافة في جوانب منها ثابتة فهي مرنة في جوانب أخرى، وهذا ما نجده في كتب الشريعة ونص عليه علماؤنا المسلمون، وبينوا حدوده وميادينه، وهذا ما يساعد على التطور في ميادين الحياة.

ومن الخصائص الهامة الأخرى للثقافة الإسلامية أنها شاملة لأنها قدمت للبشرية تصوراً اعتقادياً كاملاً ومنهجاً للحياة شاملاً يصلح للتطبيق في كل زمان ومكان.

هذا التصور مأخوذ من كتاب اللّه الذي يُعَرِّفُ الإنسانََ بربه وصفاته، وأسمائه الحسنى، وهو يدخل إلى النفس ويجعلها تشعر بعظمة اللّه وقدرته، فينمو فيها الحس بمراقبته والإخلاص له والإيمان بوحدانيته ووجوده ولقد أثمرت هذه الثقافة لدى العديد من أطفالنا على مر العصور، ولا زلنا نكرر على أسماع أبنائنا قصة الفتاة الصغيرة التي أمرتها أمها أن تمزج اللبن بالماء، فامتنعت وقالت قولتها المشهورة : "إن لم يرني عمر، فرب عمر يراني" وقصة ذلك الغلام الذي أرسله شيخه هو ورفاقه ليذبح كل واحد منهم دجاجة في مكان لا يراه فيه أحد، فعاد الأطفال وكل واحد قد ذبح دجاجته إلا الطفل المحبوب، قال للشيخ لم أذبح الدجاجة لأنني أينما ذهبت كنت أرى الّله يراقبني، فقربه الشيخ وأثنى عليه والقصة معروفة.

ومن خصائص الثقافة الإسلامية التوازن، ففي العقيدة تقوم الثقافة الإسلامية على أساسين متوازيين أولهما الإيمان بالغيب والثاني الإيمان بعالم الشهادة.

أما الإيمان بالغيب فيتمثل بالإيمان بوجود اللّه وبألوهيته وربوبيته والإيمان باليوم الآخر، وما يتضمن من أهوال وحساب وموقف وصراط وجنة ونار.

وأما الإيمان بعالم الشهادة، فيتمثل بالإيمان بحقيقة الإنسان والكون وسائر المخلوقات الحية.

والثقافة الإسلامية بهذه الصفة توازن بين عبودية الإنسان للّه الواحد وبين مقام الإنسان الكريم في الكون. ولذلك نجد الطفل عندما نحدثه عن اللّه تعالى وعن الجنة وعن الملائكة يستمع بشغف لأن ذلك يتجاوب مع فطرته التي فطر عليها.

وعندما نربط بين العالم المشهود والغيب، يجد الطفل في قرارة نفسه أن هناك انسجاماً فيشعر بالطمأنينة، وعندما لا نحدثه إلا عن الطبيعة، فقد يسأل من أين جئت ؟ ومن الذي خلقني ؟ ومن الذي أوجد الشمس والقمر ؟ والطفل ـ كما تعلمون ـ سؤول.

والثقافة الإسلامية ـ بالإضافة لما سبق ـ هي ثقافة إيجابية تدعو إلى التفكير في خلق السموات والأرض وبداية الإنسان ونهايته، وتحض على العمل الصالح حسب طاقة الإنسان وإمكانياته ومواهبه، وتطالب بالتوكل على اللّه وإتقان العمل وتحذر من التواكل والتخاذل والتباطؤ والتكاسل، فهي لا ترضى للمسلم الكسل وترفض أن يعيش على هامش الحياة، دون أن يؤثر في الكون تأثيراً إيجابياً فعالاً، وأن يؤثر في الناس، ويؤثر في دنياه ودنيا الآخرين.

إن الثقافة الإسلامية بخاصيتها الإيجابية تُشْعِِر الفرد بأنه مكلف وأن عليه أن يبذل قصارى جهده وهو مع ذلك مزود بالاستعدادات والمواهب والإمكانات، وأن اللّه سيعينه ويوفقه في عمله واجتهاده.

وتتميز الثقافة الإسلامية بأنها واقعية ومثالية، ذلك أن الثقافة الإسلامية تقوم على تصور اعتقادي يمتاز بالوضوح والصحة والصدق والواقعية، وهي ليست صعبة المنال والتطبيق، بل هي ثقافة سامية قابلة للتطبيق لأنها تراعي إمكانات الإنسان وغرائزه وحياته قال تعالى : { لا يكلف اللّه نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت} (9). وإن الثقافة الإسلامية ثقافة (واقعية) لأنها تقدم منهجاً وافياً للحياة البشرية فوق الأرض.

هذا المنهج الواقعي أخذ باعتباره فطرة الإنسان وميوله ورغباته ونزعاته واستعداداته وفضائله وقوته وضعفه، وهو يقدر قيمة الإنسان ويكرمه ولا يستهين بدوره في الحياة.

إن هذه الخصائص التي ذكرناها للثقافة الإسلامية تظهر قيمتها وتبرز مكانتها الرفيعة السامية في رفع الإنسان وتربيته صغيراً وكبيراً وتجعله فوق سائر المخلوقات على الأرض.



الجهات المؤثرة في ثقافة الأطفال :

إن من أبرز الوسائط والجهات المؤثرة في ثقافة الأطفال هي الأسرة والمدرسة والمسجد ووسائل الإعلام ومراكز الثقافة التي أقيمت في الدول العربية والإسلامية خاصة للأطفال، وصدرت كتب ولكنها قليلة تبحث في الثقافة الإسلامية للأطفال، وظهرت دور نشر وشركات إنتاج الثقافة الإسلامية الطفلية في هذا العصر، قدمت الكتب والأفلام والأشرطة المسجلة مثل (دار الفكر) بدمشق و(شركة سفير)، المصرية وشركة (آلاء) السعودية وشركات أخرى.

ورأى المخلصون أن العمل المنظم بات ضرورياً، لتثقيف الطفل المسلم، فقررت الدول العربية والإسلامية إنشاء منظمات ثقافية، فأنشئت (المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة الإيسيسكو).

وكان من أهم أهدافها : جعل الثقافة الإسلامية محور مناهج التعليم في جميع مراحله ومستوياته، ودعم الثقافة الإسلامية وحماية استقلال الفكر الإسلامي من عوامل الغزو الثقافي والتشويه، والمحافظة على معالم الحضارة الإسلامية وخصائصها المتميزة.

لقد اهتمت المنظمة منذ إنشائها بثقافة الأطفال، فأقامت الندوات من أجل ذلك دارت هذه الندوات حول أدب الأطفال ودوره التثقيفي ودور وسائل الإعلام وأثرها في تكوين الطفل المسلم، ومقاومة الغزو الثقافي، وأوصت هذه الندوات بالإهتمام بصحافة الأطفال والتخطيط لعمل دوائر ومعارف على مستوى الطفل المسلم، وتوسيع المسابقات الثقافية والاهتمام بتحسين ما يقدم للأطفال من برامج تلفزيونية وجعلها ملائمة لمراحل نموه، ونشرت المنظمة ولا تزال تنشر العديد من البحوث حول ثقافة الطفل المسلم.

ولقد قامت المنظمة وتقوم الآن بدور فعال في تثقيف الطفل المسلم وتضع الخطط المستقبلية، وتضع لذلك البرامج.

إن عمل المنظمة يتسم بالجدية والتنظيم والجودة، وتسعى للتعاون مع الهيئات الإسلامية في هذا المجال، لذلك فهي تحقق نتائج طيبة في هذا الميدان.

futurechildren

future children

ساحة النقاش

future children

futurechildren
استخدام الحاسب الالي وتكنولوجيا المعلومات في تعليم جيل جديد من الاطفال يواكب عصر التطور »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

40,124