أعد الدكتور احمد برانية استاذ اقتصاديات تنمية الموارد السمكية بمعهد التخطيط القومي ومستشار الاتحاد وأحد خبرائنا القلائل في مجال الثروة السمكية دراسة علمية مهمة في " ملتقي التعاونيات الخليجي الثاني " بأبو ظبي – بدولة الامارات العربية المتحدة وكان موضوع الملتقي " التعاونيات في ضوء التجارب الدولية " .

اما عن عنوان الدراسة المهمة فكانت هي " تعاونيات الصيد البحري " متطلبات نجاحها في التجارب الدولية . . ونطراً لاهمية الدراسة فاننا ننشرها علي أجزاء متتالية . . وهذه هي تفاصيل الجزء الاول من الدراسة . 

    تعتبر المصايد البحرية نظم اجتماعية ايكولوجيه تدعم ملايين الصيادين حول العالم معظهم في الدول النامية وتساهم في تحقيق الأمن الغذائي  وخلق فرص عمل في المجتمعات الساحلية .

وعلي مدي العقود الماضية تطور مفهوم تنمية الموارد السمكية من مجرد زيادة الأنتاج من الأسماك وغيرها من المنتجات البحرية إلي عملية مركبه لها أبعاد اقتصادية - اجتماعية ( تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمنتجين ) وسياسة ( مشاركة المنتجين في تخطيط وتنفيذ برامج ومشروعات التنمية ) وبيئية (المحافظة علي الموارد السمكية واستدامتها ) . 

أي أن تنمية الموارد السمكية تقوم علي عدة محاور أساسيه هي : 

1  - الأستغلال الأمثل للموارد مع الأخذ في الأعتبار الحاجات الاقتصادية والاجتماعية للمنتجين ( الصيادين) . 

2  - المشاركة الفعالة للمنتجين في مرحلتي تخطيط وتنفيذ برامج ومشروعات التنمية . 

3  - الدعم الفني طويل الأجل والتدريب بهدف ضمان استمرارية وبقاء المنتجين في النشاط . 

4  - التنمية المتوازنة لكافة فروع القطاع السمكي ( الأنتاج - التصنيع - التسويق - الخدمات المعاونة ) . 

ومن استقراء تنمية مصايد الأسماك البحرية في العديد من دول العالم خاصـة الدول الناميـة يمكن ارجـاع فشل العديد من برامج التنمية إلي عدم التعرف علي آراء ورغبات القاعدة العريضه من الصيادين  ودفعهم إلي المشاركة في تخطيط وتنفيذ هذه البرامج . 

ولما كان من الصعب أن تعقد الجهات المسئوله عن تنمية المصايد حوارا مع الآلاف من الصيادين للتعرف علي آرائهم وأحتياجاتهم أصبح تجميع هؤلاء الصيادين في تنظيمات تمثلهم ومعترف بها وتتحدث بأسمهم هو الحل الوحيد لتحقيق هذا الهدف . 

وتعتبر الجمعيات التعاونية علي الرغم من تفاوت درجات نجاحها وفشلها أكثر التنظيمات قبولا لتمثيل الصيادين والتي من خلالها يمكن تنفيذ خطط وبرامج التنمية والتي تهدف إلي تقديم الخدمات الأساسية التي تساعد الصيادين في القيام بأنشطتهم الأنتاجية والخدمية المختلفة والتي تتم في بيئه طبيعية واجتماعية لا يملكون لها تغييرا دون المشاركة الجماعية فيما بينهم . 

اولا : مفهوم تعاونيات الصيد البحري ومتطلباته :

أ  -  مفهوم التعاون السمكي : 

إن مفهوم التعاون في مجال الصيد البحري يعني موافقة مجموعة من الصيادين في مجتمع معين وباختيارهم الحر علي العمل معاً مستخدمين مواردهم وامكانياتهم الذاتيه من خلال منظمة معترف بها قانوناً لتحقيق أهداف اقتصادية      أو اجتماعية أو كليهما لا يستطيعون تحقيقها فرادا ويتم ادارتها - أي المنظمة من خلال مجلس إدارة ينتخب من المجموعة ( الأعضاء) بأسلوب ديمقراطي في اطار مبادئ العمل التعاوني المتعارف عليها ( الحريه - المساواه - الديمقراطية - العداله) .

وطبقا للظروف المحليه والامكانيات المتاحه فإن التعاونية يمكن أن تعمل في مجال أو أكثر من المجالات الأتيه : 

1  - الأنتاج والمحافظه علي الموارد السمكية . 

2  - توفير الامدادات اللازمة (المواد الغذائية - الوقود - خدمات - الاصلاح والصيانة).

3  - توفير معدات وادوات الصيد .

4  - التسويق .

5  - التصنيع .

6  - تقديم الخدمات الاجتماعية ( التأمين علي قوارب الصيد - التأمين علي الحياه - المعاشات - الخدمات الطبيه . . الخ) . 

7  - التمويل والأئتمان . 

وتوجد ثلاثة مستويات من الجمعيات التعاونية للصيد البحري هي :

الجمعية التعاونية المحليه : والتي تمارس نشاط علي مستوي منطقة محدده ( قريه). 

الجمعية التعاونية المشتركه ( الأقليمية ) : والتي تضم في عضويتها جمعيتين أو أكثر وتختص بتقديم الخدمات في كل أو بعض المجالات السابقه التي تطليها الجمعيات المنتميه إليها ولا تقبل الأفراد ضمن أعضائها . 

الجمعيات التعاونية العامه : أو ما تعرف بالاتحاد التعاوني العام والذي يتكون             من الجمعيات المحلية والمشتركة والذي يعتبر مظله تضم جميع التعاونيات العاملة في مجال الصيد ، والذي يلعب دوراً هاما كقوة ضغط  أمام الجهات الحكومية  والأشتراك في وضع التشريعات والسياسات المرتبطة بتعاونيات الصيد والدفاع عن مصالح الجمعيات التعاونية وأعضائها والقيام بتقديم الخدمات الاقتصادية والاجتماعية للجمعيات التعاونية المحلية . 

ب : متطلبات تكوين تعاونيات الصيد البحري : 

عند تكوين جمعية تعاونية فإنه يجب الأجابة علي الأسئله الأتيه :

- ما هي الخدمات التي يحتاجها الصيادون ؟ 

- ما هي الفوائد التي ستعود علي الصيادين ؟ 

- ما هي  الأنشطة والأعمال المتوقع القيام بها لتحقيق الخدمات ؟ 

- ما هو حجم الأموال المطلوبه لتنفيذ الأنشطة المستهدفه ؟ 

- ما هي الاحتياجات من الأفراد لإدارة الأنشطة ؟ 

- هل الجمعية قادرة علي تحقيق عائد من الأعمال والأنشطة المقترحه؟ بمعني آخر هل الجمعية ذات جدوي علي مدي فترة زمنية مناسبه ؟ 

وهذا السؤال له أهمية خاصة ذلك أن الجمعية الناجحه هي التي تكون ذات جدوي اقتصادية مثل أي مشروع اقتصادي وهذا يعني مدي كفاية موارد الجمعية المالية في تغطية تكاليف الحصول علي الأصول والتسهيلات المطلوبه . 

ومن استقراء تجارب التنظيمات التعاونية في مجال الصيد البحري في معظم الدول ، يمكــن القــول أنه من الصعب قيام تنظيمات تعاونيــة بدون دعــم من الدوله فــي شكـل اصدارتشريعات تعطي غطاءاً قانونيا للتعاونيه وتنظم أسلوب تكوينها وإدارتها ، بحيث لا يتحول هذا الدعم إلي سيطرة كاملة علي التعاونيات بمعني أن يقتصر دور التشريع علي وضع الأطر القانونية التي تحدد طريقة تكوين التعاونية والقواعد العامة لتنظيمها وإدارتها ومراقبة تنفيذ التعاونيات للتشريعات الصادرة وضمان عدم انحراف القائمين عليها وكذلك تقديم الدعم الفني والإداري للتعاونيات بالإضافة إلي عدة اعتبارات أخري إدارية واجتماعية مع التأكيد علي ضرورة توفير الإدارة الذاتيه للتعاونيات من خلال التخطيط الذاتي والرقابة الذاتيه والحد من الرقابة الحكوميه بما يِمكن التعاونيات من ممارسة نشاطها بمرونه كافيه . 

1 -  في مجال التشريعات : 

يجب أن يحدد التشريع العناصر الأتيه : 

- تعريف تعاونيات الصيد البحري والمجالات التي يمكن أن تعمل فيها لخدمة أعضائها بشكل عام والتي تتضمن المجالات السابقة . 

- شروط عضوية التعاونية والتي غالباً ما تقتصرعلي الأفراد الذين يزاولون مهنة الصيد بشكل مباشر أو غير مباشر مثل ملاك وحدات الصيد الذين لا يمارسون الصيد بأنفسهم . 

- إجراءات تأسيس التعاونية والاطار العام للنظام الداخلي والذي يعتبر دستوراً للتعاونية والذي يقوم الأعضاء باعداده . 

- التعاون بين التعاونيات ( التعاونيات المحليه والمشتركه والعامه ) . 

- مصادر تمويل التعاونية ( مساهمة الأعضاء - المنح - القروض ) . 

- حماية أموال وممتلكات التعاونية وأسلوب مراقبة أعمالها . 

- مهام ومسئولية الجمعية العمومية . 

- مهام ومسئولية مجلس الإدارة .

- الإعفاءات والمزايا الممنوحه للتعاونية . 

- انقضاء التعاونية وحلها . 

- في مجال الدعم المالي والفني  : 

نظراً لعدم كفاية الموارد الماليه الذاتيه للجمعيات التعاونية خاصة في المراحل الأولي من تأسيسها بسبب ضعف المراكز الماليه للأعضاء وكذلك عدم توفر الكوادر المدربه من الأعضاء علي إدارة أنشطة التعاونية فإن توفير الدعم المالي والفني والإداري من الدولة أو المؤسسات الخارجيه تعتبر مطلباً اساسيا لقيام التعاونية بتحقيق أهدافها التي أنشأت من أجلها . ويتحدد هذا الدعم بشكل اساسي في توفير التسهيلات الضرورية في مجالات عمل الجمعية ( الإنتاج - توفير مستلزمات الإنتاج - التصنيع - التسويق . . الخ ) مما يعطي التعاونية دفعه قوية للإنطلاق وكذلك توفير الكوادر اللازمه لإدارة وتشغيل هذه التسهيلات . 

ويجب التأكيد علي أهمية أن يتم تقديم الدعم بالأسلوب الذي يضمن قيام التعاونية بالاعتماد علي مواردها وامكانياتها الذاتيه بعد فترة محدده بعد أن تكون التعاونية في وضع مالي وإداري يسمح لها بإدارة وتوجيه كافة الأنشطة ذاتياً . 

إن توفير الدعم للتعاونيات وتحقيق المستهدف منه سوف يزيد من قناعة الصيادين اعضاء التعاونية بجدوي العمل التعاوني وارتباطهم بالتعاونية وحرصهم علي استدامتها . 

3  - المطلبات الاقتصادية و الإدارية والاجتماعية : 

يجب أن يكون واضحا بشكل محدد المزايا التي ستعود علي الصيادين من انضمامهم للجمعية التعاونية ، ولا شك أن الحوافز الاقتصادية تعتبر القاعدة الاساسية لأي عمل جماعي .ذلك ان حماس الاعضاء سوف يخبو اذا لم يحصل كل منهم علي مزايا  من العمل التعاوني خلال وقت محدد وعليه يجب أن تكون الجمعية قادرة علي تحقيق مزايا اقتصادية لأعضائها مثلها في ذلك مثل أي مشروع اقتصادي آخر وهذا لا يعني أغفال المزايا الاجتماعية الممكن تحقيقها. 

اعتبار الجمعية التعاونية منظمة للمساعدة الذاتية وأن أي مدخلات من الخارج تعتبر مكمله لمساهمات أعضائها والتي يجب أن تكون في الحجم الذي يجعلهم يشعرون بالخسارة التي ستلحق بهم اذا ما فشلت التعاونية . 

يجب اتاحة الفرصة لاعضاء التعاونية بالمشاركة في وضع القواعد وشكل التنظيم الذي يرغبونه وذلك في اطار المبادئ العامة للتعاون وتعتبر الإدارة التي تتميز بالكفاءة العالية أهم العناصر اللازمة لأية تعاونية . فهي تحتاج إلي اداريين ذوي خبرة من خارج التعاونية لمعاونتها في المراحل الأولي . الا أن هذه الإدارة يجب أن تكون تحت أشراف مجلس إدارة التعاونية الذي يتم انتخابه بواسطة الأعضاء . 

إن توفير الرقابة الداخلية من جانب اعضاء التعاونية وكذلك وجود رقابة خارجية من جانب الجهات المعنية سواء حكومية أو شعبية ( الاتحاد التعاوني ) تعتبر احد الاعتبارات الاساسية لتفادي الانحرافات واستغلال النفوذ سواء من قبل القيادات أو الجهاز الإداري للتعاونية . 

اهتمام التنظيمات التعاونية الأعلي (الجمعيات العامة أو الاتحاد التعاوني ) بالتدريب التعاوني لأعضاء الجمعيات التعاونية وخاصة أعضاء مجالس الإدارة ومديرو الجمعيات والأعضاء . 

انشاء الصناديق اللازمة لدعم النشاط الاقتصادي والاجتماعي للجمعيات التعاونية مثل صناديق التمويل التعاونية صناديق التأمين علي سفن الصيد والعاملين عليها.

                                                                       أ. د   احمد برانية


المصدر: الاتحاد التعاونى للثروة المائية - جريدة الصياد - العدد 77 ديسمبر - يناير 2016
fisherman

الاتحاد التعاونى للثروة المائية

الاتحاد التعاوني للثروة المائية

fisherman
Cooperative Union of Egyptian Water Resources الاستاذ / محمد محمد علي الفقي رئيس مجلس الادارة [email protected] »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

475,999