آخر تقاليع "السعداوية".. مصر ستكون أفضل إذا "خلعت" دينها
محيط ـ هبة عسكر
نوال السعداوي
من حين لأخر تظهر الدكتورة نوال السعداوي بتقليعة جديدة ، فما أن عادت من الخارج بعد غياب ثلاث سنوات إلا وأعلنت عن معركة جديدة تحمل اسم " تضامن مصري من أجل مجتمع مدنى" يدعو لفصل الدين عن القوانين والدستور والتعليم ، وهو ما أثار عاصفة غضب في الأوساط الدينية واعتبر تطاولا على الدين من جانب السعداوي وتكريسا للمفاهيم العلمانية التي تتشبث بها كما أكدوا أن دعوتها تأتي ضمن حملة عالمية كبرى للتشكيك في الإسلام وثوابته.
وأعلنت عن إنشاء فرع لـ "مجموعة التضامن من اجل مجتمع مدني" في مصر خلال اجتماع شارك فيه نحو 30 كاتبًا وناشطًا من أنصار الدولة العلمانية ، برئاسة سحر عبد الرحمن الصحفية بالأهرام.
المتاجرة بالدين
أكدت نوال السعداوى مؤسسة الحركة الدولية، أنها قبل مجيئها للقاهرة كان لديها أمل كبير في أن تصل فكرتها إلى مصر، وتضاعف هذا الأمل بسبب حماس عدد كبير من المصريين للفكرة، وقالت إن مصر بها العديد من المنظمات التنويرية من المستهدف أن تعمل "تضامناً" معهم.
وقالت إن التجارة بالدين ظاهرة أصبحت تقلق العالم كله، فكما يوجد متشددون مسلمون في مصر يوجد متشددون مسيحيون في الولايات المتحدة يمارسون طقوساً غيبية تشبه تلك التي كنا نمارسها في القرن التاسع عشر، وهم مجموعة "ميلاد الكتاب المقدس" مشيرة إلى أن الآلاف من الشباب والأكاديميين والموظفين والعمال من مختلف الأطياف فى الولايات المتحدة، قاموا بمظاهرات حاشدة ضد الحرب على العراق وفلسطين وأفغانستان، وضد التشدد الدينى، والأزمة الاقتصادية، وضد سياسات بوش، وأوباما الذى خلف كل وعوده الانتخابية.
وأضافت السعداوى "إن الإخطبوط الإسلامي، لا يختلف عن الإخطبوط المسيحى واليهودى، والتجارة بالدين موجودة فى كل العالم".
وأكدت السعداوى أن المجموعة المصرية لن تكون تابعة لأى مجموعة أخرى، مشيرة إلى أنه سيتم تسجيل المجموعة كمنظمة رسمية تحت مظلة وزارة التضامن الاجتماعى "لأننا فى حاجة إلى مظلة قانونية تحمينا"، مشيرة إلى أن الظروف فى مصر تغيرت عن الماضى، وأصبحت هناك مساحات أوسع من حرية الحركة والتعبير، وأن الدعوة إلى فصل الدين عن الدولة أصبحت متداولة فى الصحف ووسائل الإعلام.
إلغاء مادة الدين
بدورها ، قالت سحر عبد الرحمن الصحفية بالأهرام ورئيسة التضامن في مصر في تصريحات لشبكة الإعلام العربية "محيط" ان الحركة بدأت في ولاية "اتلانتا" الأمريكية بمبادرة من الدكتورة نوال السعداوي ، وبعد التدشين في ولاية "اتلانتا" تم عمل فروع لها في العديد من الدول منها فرنسا وتركيا والنرويج ، وبعد عودة الدكتورة مصر كان من الطبيعي أن تأتي وتدعو للتضامن العالمي لمجتمع مدني ، وشئ طبيعي وخاصة بعد تلقيها العديد العروض من بعض الدول العربية مثل البحرين أن تكون في مصر صاحبة الريادة.
وتضيف :"نحن لسنا ضد الأديان ولسنا ضد العبادات فشعارنا الدين لله والوطن لجميه فالدين شيء خاص بين الإنسان وربه لأننا أصبحنا الآن نعيش في ظاهرة الهوس الديني نعيش تدين ظاهري فقط ، ونحن لسنا "كفرة" كما أطلق علينا بعض الناس علي الفيس بوك أو غيره" .
وتتابع :"نحن لسنا حركة اقتصادية ولسنا حركة سياسية بل حركة اجتماعية تخترق المجتمع من اجل الأصلاح ، فنحن نحارب التطرف الديني وليس الإسلامي فقط ولكن المسيحي أيضا فهناك الكثير من الفضائيات المسيحية التي تحرض عليه ، ونحن نتحرك علي مستوي الشعب وليس علي مستوي السلطة فنحن في الأول والأخر تضامن شعبي ليس له علاقة بالسلطة.
وتوضح أنها حريصة على أن تكون المجموعة مصرية مستقلة، ليست لديها أجندة سياسية، أو طائفية، أو حزبية، وتعمل على نهضة المجتمع بمعزل عن الهوس والتطرف الدينى، مع إعمال قيمة العقل العلمى دون العقل الغيبى.
وتشير إلي أن فصل الدين عن الدولة يتضمن تعديل بعض القوانين وبعض مواد الدستور خاصة المادة الثانية في الدستور ، كذلك إلغاء تدريس مادة الدين في المدرس واستبدالها بمادة الفضائل ، وإلغاء خانة الديانة من البطاقة خاصة مع تصاعد مطالب البهائيين بوضعها في البطاقة ، وإقامة قانون موحد لبناء دور العبادة.
وأخيرا أشارت إلي أنها تلميذة الدكتورة نوال وجاء الترشيح منها ،ولا تسعي إلي الشهرة قائلة :" طب ما أنا مشهورة والحمد لله صحفية ولي برنامج خاص بي"
وعن الدكتورة نوال السعداوي قالت إنها بريئة من الإلحاد والتطرف ولكنها تقول أنها تقول رأيها بشجاعة دون خوف ونحن في مجتمع ذكوري لا يقبل أن تظهر المراة بهذا الشكل ، مشيرة إلي إنها لم تخف من ارتباط اسمها مع الدكتورة نوال في تضامن واحد .
أسامة أنور عكاشة
ويضم هذا التضامن عدداً كبيراً من الشخصيات البارزة من بينهم: جمال عبد الجواد، نجاد البرعى، سلامة أحمد سلامة، وسيم السيسى، السيد ياسين، حلمى النمنم، نبيل عبد الفتاح، أسامة أنور عكاشة، محفوظ عبد الرحمن، إنعام محمد على، أسامة فوزى، هشام قاسم، كمال مغيث، الدكتور أحمد عكاشة، سمير غريب، يحيى خليل، عطية خيرى.
نشر العلمانية
من جانبه ، اعتبر الدكتور سامي السيد أستاذ العلوم السياسية أن الموافقة على وجود مثل هذا التضامن العلماني يشكل خطورة علي امن المجتمع واستقراره خاصة ونحن في دولة يقول دستورها أن الشريعة الإسلامية هو مصدر التشريع حتى وان اختلف الواقع ، مشيرا إلي أن هذا يعتبر تشكيك في الدين وثوابته ، مشيرا إلي أن هذا التضامن يقوم علي مبادئ علمانية بحتة .
ويضيف أن القائمين علي هذا التضامن مجموعة من الذين تشبعوا بالأفكار الغربية التي يريدون ترويجها في مصر لحساب جهات غير معلنة ، مشيرا إلي أن مثل هذه الدعوات لن تنطلي علي المواطن المصري المعروف بتدينه وقربه لكل ما هو ديني وليس لبعده عنه .
ويشير إلي أن مصر تعاني هذه بلبلة سياسية واجتماعية ، يختلط فيها ما هو سياسي بما هو ديني والعكس ، ومن الصعب فصل الدين عن الدولة .
وشكك أستاذ العلوم السياسية في كون الحركة اجتماعية فقط كما أعلنوا بل هي لها هدف سياسي أساسي هو نشر الفكر العلماني في مصر ، موضحا أن كل هذا الدعوات تريد إلغاء المادة الثانية من الدستور .
لا للسكوت
فيري الدكتور أحمد فؤاد شاكر الأستاذ بجامعة الأزهر أن مثل هذا الدعوات من شانها أن تؤكد النظرة الخاطئة من قبل الغرب للإسلام والمسلمين وكأنه هو سبب التخلف ، فمعني فصل الدين عن الدولة انه هو السبب في التخلف الذي نعيش فيها وان فصله من شأنه أن يصلح شأن هذا المجتمع .
ويضيف إنهم ينظرون تحت أقدامهم ويبعدون عن السبب الرئيسي لتأخرنا وهو بعدنا عن الدين وعدم تطبيقه بشكله الصحيح في كافة مجالات حياتنا .
وأوضح أننا نمر بأسوأ الحقب التاريخية حيث أفرزت المؤسسات الدينية رجال دين لا يدينون لله ولا لرسوله ولا يقولون الحق ولا ينطقون بالبيان الواضح تجاه تلك الفتن.
وأوضح شاكر أن القضية الأساسية هي السكوت على هذه المهازل دون تحجيم أو التزام كل فريق بتوجيه واحترامه للآخر، فثوابت الدين لا تخضع لمثل هذه الأوهام التي أصبحت تأتي على ألسنة من نقدرهم ونمنحهم الجوائز لتطاولهم على الله ورسوله، ولتنتظر نوال وغيرها الجوائز على ما قالت وما سوف تقول.
شعب متدين
بدوره ، يري الدكتور بهجت السيد أستاذ علم الاجتماع السياسي انه من الصعب فصل الدين علي الدولة فنحن شعب متدين بطبعه يستمد كافة أفعاله منه فالمادة الثانية من الدستور تقول أن الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع .
ولفتت إلى أن هذه الدعوات لا يجب إعطاؤها أدنى اهتمام لأنها لا تبني مجتمعاً ولا تصون دنيا ولا تصلح من شأن أبنائها ، بل هي دعوات "حمقاء" يهدف أصحابها إلي نيل قسطا من الشهرة ولو علي حساب وطنهم .
بذاءات سابقة
وسبق أن اتهم الأزهر الدكتورة نوال سعداوي بـ"إهانة الذات الإلهية، وسب الأنبياء والتهكم عليهم ، في مسرحيتها "سقوط الإله في اجتماع القمة"، وهو ما أحدث جدلاً واسعاً بين علماء الدين والمثقفين، كما تعرضت السعدواي لدعوى قضائية أخرى تطلب إعلان "ردّتها" لاتهامها بـ "التطاول على الذات الالهية" في حوار صحفي أجرته معها صحيفة مصرية، طلبت فيه الكاتبة تأنيث الذات الإلهية في سورة "الإخلاص"، قائلة إن اللغة العربية منحازة للرجل على حساب المرأة.
وسبق أن أعلنت رفضها القاطع أن يتزوج الرجل بأكثر من امرأة مستندة لعبارة "ولن تعدلوا " بالقرآن ، وتقول أن فساد الرجال هو الذي فسر الآية على أنها مبيحة للتعدد ، وأن المرأة التي تتزوج على غيرها جارية وليست امرأة ، تقول أن تونس منعت التعدد و غيرها من الدول الإسلامية ولماذا لا نكفر هذه الدول ؟ ، وتضيف أن تعدد الزوجات وصمة عار على العرب.
كما إنها تعارض فكرة الزواج ولا تمانع في أن تكون هناك علاقة كاملة بن الجنسين دون عقد يربطهما ، وباعتبار أن عقد الزواج هو وثيقة شراء للمرأة والمهر مقدم و عند الطلاق يدفع لها مبلغ آخر ، كما دعت إلي تسمية الأبناء بأمهاتهم ، أن يكون اسمها التابع لاسم الابن مباشرة وليس اسم الأب.
كما واجهت نوال السعداوي عام 2001 اتهاما بالإلحاد بعد أن نقلت إحدى الصحف قولها أن الحج له أصول وثنية فتقول: "الله يرحم رابعة العدوية ، لم تكن تحج أو تصلى وكانت ضد الشعائر،وكانت تقول الله هو الحب إنما (مش الله) أروح الكعبة وأبوس الحجر الأسود ، إيه ده ، أنا عقلي لا يسمح أن ألبس الحجاب وأطوف هذه وثنية، الحج هو بقايا الوثنية".
ساحة النقاش