خلعتني امرأة"
حائط مبكى لأحفاد "سي السيد" في مصر
محيط ـ عادل عبد الرحيم
"أمينة فزي قومي حضري لي العشا، قومي قامت قيامتك" من منا لا يتذكر ويتحسر على تلك العبارة الشهيرة التي رددها الفنان يحيي شاهين، حين جسد شخصية "سي السيد" أيام ما كان الراجل مننا له شنة ورنة وله هيبة، دلوقتي بلا خيبة، حيث انقلبت الآية وبات الرجال يتباكون على هذا الزمن الجميل.
فبعد أن ظهر قانون "الخلع" الذي أعطى المرأة حق تطليق نفسها، انكسرت شوكة "سي السيد" وبات الرجل هشيما تذروه الرياح وأصبح يندب حظه السيئ، حيث ترفض معظم بنات حواء الارتباط بهذا الرجل المخلوع.
ولتقديم يد العون لهذه الطائفة "المهزوزة" أنشأ مجموعة من الرجال المصريين، ممن حصلت زوجاتهن على أحكام قضائية بالخلع، أول جمعية من نوعها تحت اسم "الجمعية المصرية للرجال المخلوعين"، من أجل المحافظة على حقوق الرجل، ويزيد عدد أفراد الجمعية عن ألف عضو والعدد في تزايد مستمر، وتضم بين عضويتها العديد من المشاهير، ووفقًا لآخر أرقام رسمية فإن هناك ما يقارب 12 ألف رجل مخلوع في مصر.
وتتعدد الأسباب التي تحصل المرأة بمقتضاها على الحق في تطليق نفسها، فمنها ما هو جاد ويستحق التضحية بعش الزوجية كأن يصبح "ضل الحيطة أفضل مائة مرة من ضل الراجل" ومنها ما هو بسيط وطريف بل يصل أحيانا إلى حد التفاهة.
ويفند المتخصصون الأسباب الجادة للخلع كأن يكون الرجل بخيل بصورة لا تطاق أو قاسيا لا يعرف الرحمة أو ديوسا لا يغار على أهل بيته أو سكيرا أو عربيدا.... إلى آخر هذه الطائفة من الحيثيات التي تبرر الخلع.
لكن المشاهدات تسجل أيضا بعض الحالات التي يكون فيها سبب الخلع مضحكا على طريقة الفيلم الكوميدي المصري "محامي خلع" الذي طلبت فيه سيدة الأعمال الخلع من زوجها لأنه "يشخر" أثناء النوم، لكن الواقع يشير إلى وجود عدة ملفات أمام محكمة الأسرة في مصر لطلب الخلع تفوق في كوميديتها قصة هذا الفيلم، نسرد فيما يأتي طائفة منها.
* طبيبة مصرية شابة ترفع دعوي خلع ضد زوجها بسبب شعورها بالاستياء منه لأنه دائم اللعب في أنفه.
* نرمين تخلع زوجها لإصراره على نوم كلبه بجواره.
* زوجة تخلع زوجها بسبب بخله الشديد وعدم إنفاقه علي قطتها المدللة.
* تخلع زوجها لأنه لم يطق رؤيتها تتناول قطعة جبن مثلثات (حاف) بدون عيش فانهال عليها ضرباً بالأيدي والأقدام لأنها بإسرافها ستدمر ميزانية الأسرة علي حد قوله.
* فلاحة مصرية تخلع زوجها لأنه حول نشاطه من الاتجار في الماشية إلي الحمير.
* مروة تخلع زوجها بسبب حبه الجنوني للقراءة وعدم التحدث معها.
* سيدة تخلع زوجها لأن رائحة قدميه كريهة ولا يهتم بغسلها كل يوم.
* امرأة تطلب الخلع من زوجها لأنه كئيب ولا يحب الضحك.
* صعيدية تطلب الخلع من زوجها لأنه باع "الجاموسة" للإنفاق على مزاجه.
* مهندسة أهلاوية تخلع زوجها الزملكاوى.
* تخلع زوجها لأنه باع حماره الذي كان مصدرا للرزق للأسرة.
* تطلب الخلع من زوجها بعد أن اعتاد تغيير لون شعره.
* هدى تطلب الخلع لأن زوجها يجبرها على مشاهدة أفلام الرعب.
* إيمان تطلب الخلع بعد أن شاهدت صور زوجها على الانترنت في أوضاع مخلة متجرداً من الملابس.
* نادية تطلب خلع زوجها بسبب عشقه الجنوني لتناول المكرونة وإجبارها على مشاركته فيها.
* نهى تطلب الخلع من زوجها لأنه "مفجوع" يتناول 7 وجبات يوميا.
وبعد استعراض هذه الأسباب الطريفة لطلب الخلع أو لوقوعه يتضح لنا حجم المأساة التي تعكس حالة الهشاشة الخطيرة التي وصلت إليها علاقات بعض الأزواج بزوجاتهن، ويظهر جليا وجود خلل اجتماعي بين الطرفين مما يستدعي تدخل علماء النفس والاجتماع والدين لإعادة ترميم الرباط المقدس الذي يجمع الأسرة التي هي بمثابة نواة المجتمع.
ويدلل البعض على ذلك الرأي بعدم نجاح "محكمة الأسرة" في إيجاد حلول ناجحة لأغلب حالات "الخلع" هذه، والنتيجة الحتمية لذلك لا تخفى على أحد بداية من زيادة عدد المطلقات والمخلوعين وتشريد الأبناء بصورة تضع شبح أطفال الشوارع في الإطار، وهذا مؤشر خطير على تخلف المجتمعات.
شبح الطلاق
وبخلاف طابور المخلوعين هذا وعلى الجانب الآخر كشفت دراسة حديثة الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر أن عدد المطلقات في مصر بلغ، حسب آخر التقديرات، 3 ملايين ونصف المليون امرأة.
وأوضح التصنيف الإحصائي أن نحو 40 في المائة من المطلقات لا يتجاوزن الثلاثين من العمر، في حين تقع 34.5 في المائة من حالات الطلاق في العام الأول للزواج، بينما تنخفض النسبة في السنة الثانية إلى 12.5%.
وأشار التقرير إلى أن 42% من حالات الطلاق تحدث نتيجة عجز الزوج عن الوفاء باحتياجات اسرته وأولاده، وأن 52% من حالات الطلاق تقع بين أزواج يتراوح متوسط العمر بينهما ما بين 20 و25 سنة فقط.
الطلاق كابوس مزعج
وأشارت التصنيفات إلى أن 5.3% من أسباب الطلاق كانت تعود لتدخل أهل الزوجة في الحياة الزوجية بينما يمثل أهل الزوج نسبة 6.2% من أسباب وقوع الطلاق.
وقد تصدرت مدينة بورسعيد المصرية قائمة المحافظات التي تضم اكبر عدد من المطلقات، تليها الإسماعيلية، ثم السويس، وهي محافظات القناة، واحتلت القاهرة المرتبة الرابعة.
ويشير التقرير إلى أن الرجال أكثر قدرة على تجاوز الموقف والاستمرار في حياتهم، وهو ما تؤكده أعداد المطلقات اللاتي لم يتزوجن مرة أخرى، وقد قدرت أعدادهن بـ 206 آلاف مطلقة مقابل 58 الف رجل، ما يؤكد سرعة ارتباط الرجل والزواج بأخرى بعد طي صفحة الزواج الأول.
ويؤكد التقرير أن باعث الطلاق يبدأ غالبا من طرف الزوجة، خاصة في حالة سوء معاملة الزوج لها، فبينما لا يميل الأزواج إلى الطلاق نظرا لما يترتب عليه من أعباء مالية واجتماعية بما تشمله من مصروفات النفقة والمؤخر، إضافة إلى فقدان المسكن في حالة إذا كانت الزوجة حاضنة طبقا لأحكام قانون الأحوال الشخصية، أخذا في الاعتبار أزمة السكن، ولهذا فقد كشفت الإحصائيات أن 61% من المطلقات هن البادئات بالتفكير في الطلاق قبل أزواجهن.
ساحة النقاش