جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
العطر بين حنينين
قراءة مقارنة في قصتين عن العطر
الروائي فؤاد نصر الدين/ مصر
قصتان عن العطر... نشرتا فى وقت واحد هنا بمجموعة القصة القصيرة جداً فى المختبر؛ قصة "حنين" للكاتبة أمينه خليل، وقصة "العطر القاتل" للكاتب فراس حج محمد، وشتان بين العطرين؛ عطر الحب والحنين وعطر الانكسار والذل.
فى قصة أمينه خليل تحن البطلة إلى مواضعها، أماكنها، أشيائها، وفيهم تشتم رائحة لا يشمها غيرها هى فقط التى تعرف رائحة هذا العطر الذى يبوح من الأماكن والأشياء، إنه عطر الحنين الذى تشتاق إليه دائما وتحلم باحتضانه وتقبيله، فالأشياء لدى أمينه خليل لها أحاسيس كما لها وجود، الأشياء عند المؤلفة متأنسنه، تعيش معنا وبيننا لكنها لا تصاحب إلا صاحب الحنين... و...
أما عطر فراس فهو عطر قاتل، ولمن؟ للرجولة والفحولة فالنساء يتكالبن على البطل ويضربنه حتى يسيل دمه ومع ذلك وكما عند أمينه خليل هناك الحنين؛ فالبطل شعر بالحنين لامرأة كانت تأتيه ليلاً... حنين مختلف، حنين جنسى بعيداً عن الأماكن والأشياء، لكن يبقى العطر عاملاً مشتركاً، فعطر أمينه الذى يسأل الناس عن اسمه هو الحنين، وعطر فراس العطر القاتل صنع من الحنين وأي حنين؟ إنه الحنين إلى المرأة، ذلك الحنين الذى ازداد يوما ما فانقلب إلى انتقام حين تكالبت عليه النساء امرأة وراء الأخرى يضربنه ضرباً مبرحاَ، ضرباً دموياً، يقضى على ذكورته المتباهي بها دون أن يعلم بها أحد سواه، إنه توهم بعشق كل النساء، ولم يفق من هذا الوهم الذى أخفاه المؤلف عنا إلا لما أتته إحدى عشيقاته مع رجل آخر ومسحت على جرحه من قارورة عطرها!!ترى هل هو عطر الحنين أم عطر الكراهية، لا، بل هو العطر القاتل...
قصتان ولا أروع فى موضوع العطر والحنين جاءتا فى زمن واحد بلا اتفاق أو ترتيب فأمينة تعيش بين مصر وفرنسا، وفراس حج محمد يعيش في فلسطين، والعطر يعيش بيننا فى كل بلدان العالم، وهذا هو جمال الإبداع الإنسانى.
فى القصتين تفاوت فى اللغة والديناميكية القصصية وفنيتها؛ فأمينة خليل تكتب بتلقائيتها وعفويتها، كتابتها كتابة بكر، طازجة، وفراس يكتب بحرص وعلم فهو يعرف الكثير من فنون القص، ولذا كانت قصته قصة متحركة ديناميكية، وقصة أمينه قصة ساكنة هادئه لها رائحة مميزة كرائحة عطرها المميز ...
تحياتى للكاتبين أمينه خليل، وفراس حج محمد.
21 أكتوبر 2014
المصدر: فؤاد نصر الدين