من بعض الحوادث
فراس حج محمد
هو خبر أنقله كما ورد في صحيفة الأخبار الأسبوعية الصادرة في (إسرائيل)، ونشر في عددها الصادر يوم الجمعة 25-4-2014، فما هو التعليق المناسب على حادثة كهذه تهز الضمير وتستدعي الحديث حول الكثير الكثير من الأفكار والقناعات؟
ومن هو المسؤول عما حدث لتلك الصحفية التي يأمر فيها نائب رئيس البرلمان الروسي اثنين من مرافقيه باغتصابها وبعنف خلال مؤتمر صحفي؟ أين ذهبت حرية التعبير التي استهلكت كثيرا من دماء الكتّاب وأهدرت ما لا يحصى من ورق وحبر وكتب، لماذا لم تعط هذه الصحفية حصانتها لتسأل (فخامته) ما شاءت؟ أين قداسة مهنة الصحافة (السلطة الرابعة) لماذا لم تنتصر لكرامتها المهدورة؟ أين الديمقراطية؟ أين حقوق الإنسان؟ أين العالم الحر؟ وأسئلة كثيرة مصدرة بكل أداوات الاستفهام التي تحوزها اللغة ولن تجد لها إجابات، فقط لأن ما حدث حدث في روسيا دولة حارسة القيم العالمية، وعضو دائم في هيئة الأمم المتحدة، ولكن بلد المافيات والعصابات أيضا.
كل ذلك يحدث في بلد يحكمها دكتاتوريون ومجرمون، لم نسمع أحد تباكى على تلك الصحفية الضحية، على الرغم من أن من قام بها هو سياسي كبير في روسيا، ويأمر بهذا الفعل علانية لينفذ الأمر اثنان من أعوانه، ويشدد على أن يكون "بعنف"؟ كيف يصمت الإعلام هذا الصمت المطبق الرهيب، لعل العالم ما زال يخشى ويرتعب من مجازر إيفان الرهيب!!
تخيلوا لو أن ما حدث حدث في سوريا، أو فلسطين في غزة أو رام الله، أو في العراق أو حدث في بلد مسلم في باكستان أو أفغانستان، سيكون المتهم الأول الإرهابيين والمسلمين، ومن ثم ستجد مقالات الهجاء القارس للإسلام حضارة وثقافة ومسلمين، وسيصبح النبي محمد هو المسؤول الأول عن هذا الجرم!! ولنادى آخرون بمحاكمة القرآن علانية دون رادع من ضمير أو دين أو إنسانية!!
سيصبح الحدث مادة إعلامية في الفيس بوك وتوتير وعلى الفضائيات والصحف، وستطول قائمة المستضافين للحديث عن بشاعة الجرم الذي تم، ليحمل المثقفون وأنصاف المثقفين جرم ما حدث لثقافة تضيق ذرعا بالآخر، ولتكون مرتعا وسخا وخما قذرا لمؤسسات حقوقية كثيرة لتناضل من أجل إنسانية تلك الصحفية التي نيل منها من سياسي أو ربما من رجل عادي أو زعيم حزب أو فرد من فصيل مسلح هنا وهناك!!
لقد بتّ على قناعة تامة أن السور الواطئ كل من هبّ ودب سيقفز عنه، وكل هدف ضعيف سيكون مرمى النبال صباحا ومساء، ولذلك يحق لي أن أقول: من رضي بالضعف والهوان فليزدد ذلا على ذل، ولن يرحم الله عبدا لم يرحم نفسه! فنحن من رضينا بالذل فلنعش في كنفه، فلا يحق لنا العويل!!
هي حادثة بسيطة وتتكرر ويتكرر غيرها شبيها بها ومغايرا، ولن ينتهي العجب في كل مرة، وسيتناول فيه الإعلام مثل هذه الحوادث، كل على طريقته وخدمة لأهداف من يقدم وجبات الطعام الفاخر في المطاعم والفنادق، ولكن عتبي على من بقي يفهم في هذا العالم، يبدو أن العدد في تناقص مستمر وفي تراجع مقيت!!