فراس حج محمد

موقع يختص بمنشورات صاحبه: مقالات، قصائد، أخبار

الثقافة في مأزق أم في تألق؟

فراس حج محمد

كثيرة هي الأفكار التي تنتابني حول الثقافة حاضرا ومستقبلا، لأرى أنها في مأزق كبير، ومن خلال تتبعي للحركة الثقافية سواء في الصحف أو المجلات أو إعلان الجوائز والفائزين بها، يتبين ظلامية تلك الأفكار الثقافية التي يدعي أصحابها التنوير!!

في مقالة لي سابقة حول ما أسميته "أوهام الكتابة"، علق عليها أ. د عادل الأسطة الناقد والأكايمي المعروف "أقدر معاناتك.أنت بدأت تكتب زمن عودة الكتاب من المنفى وكانت لهم تجربتهم الكتابية فلم ترق لهم كتابات الداخل"،  لقد وضع يده على الجرح، فالمسألة ذوق شخص أو فئة قليلة، نصبوا أنفسهم حكاما على ما هو جيد حسب أهوائهم وما يظنونه أنه هو الجيد، ولكنها حسبما كتب الدكتور الأسطة لم تكن تلك الأمزجة هي الحكم الوحيد في مسألة الثقافة، فقد ذكر في تعليقه المطول شيئا عن "أحزاب وتنظيمات وعلاقات و...و..."، وقد شهدت شيئا من ذلك شخصيا، فقد نشرت مرتين في صحيفة "الأيام"؛ مرة عندما كنت طالبا في الدراسات العليا عام 1996 مجموعة قصائد قصيرة، وكانت عن طريق زميل لنا له علاقاته مع المحررين في الصحيفة، وبعدها لم ينشر لي في الأيام إلا هذا العام عندما استعنت بصديقي أكرم مسلم وهو ممن له كلمته في الأيام، وبالمصطلح العامي "بمون عليهم"، فقد تم نشر مقالتي عن ديوان باسم خندقجي "طقوس المرة الأولى"، وهكذا يبدو أن ما قاله الدكتور الأسطة صائبا تماما، فلو كنت ممن يطبلون ويزمرون ويعبئون الاستمارات التنظمية، ولست "معارضا" على حد زعم أحدهم لكان لي شأن آخر، ولكن هذه هي محددات حركتنا الثقافية.

موقف آخر، حدث ذلك ويحدث كلما ألتقي بصديقي "عبد الحكيم أبو جاموس" الشاعر والمحرر في صحيفة الحياة الجديدة، وكلما شكوت له همي وغمي من عدم النشر في "الحياة الجديدة"، يبادرني ويستأذنني ليتحدث مع "القوم"، باعتباره ممن يمون عليهم، ولكنني أرفض في كل مرة، فليس هذا ما يجب أن يكون.

وأما الصحيفة الثالثة، صحيفة القدس، فحدث ولا حرج، فهي الصحيفة التي أراسلها مذ كنت طالبا في مرحلة البكالوريوس وإلى الآن، ولكنهم يمتنعون ويتمنعون، على اعتبار أن ما ينشر في صفحتهم الثقافية من النوع "القوي جدا"، وليس لي مكان بين ذلك القوي، ولم تتلطف إدارة الصحيفة غير مرة واحدة عندما نشرت لي قصيدة قصيرة بعنوان "ثرثرة الشفاه"، ولعلها سقطة محرر.

وأما الصحف في غزة هاشم، فلها من الهم نصيب، صحيح أنهم ينشرون لي وينشرون، ولكنهم لا يخرجون عن الدائرة نفسها في المزاج والحزبية، وزد على ذلك شيئا آخر، وهو أنهم انضموا أخيرا لجوقة العازفين في صحف رام الله المنغلقة على حروف أبجدية من ارتضوا من كتابها رضا حزبيا وعلاقات وأمزجة!!

هل واقع الثقافة التي تحكمه الحزبية والمزاج والعلاقات واقع ثقافي سليم؟ أم أنه هو  الواقع الذي أنا كنت دائما لا أراه ولا أحس به، إنه مأزق كبير أيها المثقفون، لمن تكتبون؟ وما هي رسالتكم إن لم تكونوا لكل أبناء الوطن أم أنه الفساد المستشري حتى في الثقافة الميتة التي أمتموها عن سبق إصرار وترصد؟؟     

إن ما أخشاه فعلا هو الموت، موت الثقافة التي يدخلها هؤلاء النفر في نفق مظلم، وهي أداة مقاومة للظلام، كيف يتم حشرها في أدراجهم؟ يبدو أن المسألة مستعصية وكبيرة وأزمة حقيقية، وهي ليست خاصة بفلسطين الكبت والموت، ولكنها عامة في كل بلد عربي، والتجارب كثيرة، ولا داعي لسردها، أكتفي بما قدمت من شجون الصحافة المحلية المتآكلة!! 

 

لقد صدق أخي الدكتور الأسطة بما قال بأن "الكاتب يكافح طويلا حتى يثبت نفسه وقد لا يلتفت إليه"، ولكن علينا أن نصرخ ضد الموات، لا أقول ذلك دفاعا عن حقي بأن يكون لي مكان في صحافة وطني الثقافية، ولكن أيضا معي مئات من الكتاب ليسوا ناشئين ولكنهم أباطرة فن وأسلوب وأصحاب قضية، لماذا يتم تجاهلوهم يا صحافة، ويا وزير الثقافة، يا أيها الإعلاميون، أين أنتم من هذا المأزق، أم سنظل ممن يكتب للمواقع الإلكترونية التي "جعلتنا أكثر تحررا"من قبضتكم، أعتقد أنني سأظل أناضل دون حقي السليب ولن "أكترث وستجد الكتابة الجيدة مكانا وقراء"، كما نصحني بذلك الأستاذ الدكتور عادل الأسطة الذي أكن له كل احترام وتقدير!!

المصدر: فراس حج محمد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 183 مشاهدة
نشرت فى 8 ديسمبر 2013 بواسطة ferasomar

فراس عمر حج محمد

ferasomar
الموقع الخاص بــ "فراس حج محمد" »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

725,044

فراس حج محمد

نتيجة بحث الصور عن فراس حج محمد كنانة أون لاين

من مواليد مدينة نابلس في فــلسطين عــام 1973م، حاصل على درجة الماجستير في الأدب الفلسطيني الحديث من جامعة النجاح الوطنية. عمل معلما ومشرفا تربويا ومحاضرا غير متفرغ في جامعة القدس المفتوحة. 

عمل محررا لغويا في مجلتي الزيزفونة للأطفال/ رام الله، وشارك في إعداد مواد تدريبية في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، وكان عضوا في هيئة تحرير مجلة القانون الدولي الإنساني/ الإصدار الثاني الصادرة عن وزارة التربية والتعليم في فلسطين.

نشر العديد من المـقالات والقـصائد في مـجالات النشر المختلفة الإلـكترونية والصحف والمجلات في فلسطين والوطن العربي وبريطانيا وأمريكا وكندا والمكسيك. وشارك في ندوات وأمسيات شعرية ومؤتمرات في فلسطين.

الكتب المطبوعة: 

رسائــل إلى شهرزاد، ومــن طقوس القهوة المرة، صادران عن دار غُراب للنشر والتوزيع في القاهرة/ 2013، ومجموعة أناشيد وقصائد/ 2013، وكتاب ديوان أميرة الوجد/ 2014، الصادران عن جمعية الزيزفونة لتنمية ثقافة الطفل/ رام الله، وكتاب "دوائر العطش" عن دار غراب للنشر والتوزيع. وديوان "مزاج غزة العاصف، 2014، وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في القصة القصيرة جدا- دار موزييك/ الأردن وديوان "وأنت وحدك أغنية" عن دار ليبرتي/ القدس وبالتعاون مع بيت الشعر في فلسطين، وكتاب "يوميات كاتب يدعى X"، وكتاب "كأنها نصف الحقيقية" /الرقمية/ فلسطين، وكتاب "في ذكرى محمود درويش"، الزيزفونة 2016، وكتاب "شهرزاد ما زالت تروي- مقالات في المرأة والإبداع النسائي"، الرقمية، 2017، وديوان "الحب أن"، دار الأمل، الأردن، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في الرواية"، مكتبة كل شي، حيفا، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في متنوع السرد"، مؤسسة أنصار الضاد، أم الفحم، 2018، وديوان "ما يشبه الرثاء"، دار طباق للنشر والتوزيع، رام الله، 2019، وكتاب "بلاغة الصنعة الشعرية"، دار روافد للنشر والتوزيع، القاهرة، 2020. وكتاب "نِسوة في المدينة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2020. وكتاب "الإصحاح الأوّل لحرف الفاء- أسعدتِ صباحاً يا سيدتي"، دار الفاروق للنشر والتوزيع، نابلس، 2021. وكتاب "استعادة غسان كنفاني"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2021، وكتيّب "من قتل مدرّس التاريخ؟"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2021. وديوان "وشيء من سردٍ قليل"، وزارة الثقافة الفلسطينية، رام الله، 2021. وديوان "على حافّة الشعر: ثمّة عشق وثمّة موت"، دار البدوي، ألمانيا، 2022. وكتاب "الكتابة في الوجه والمواجهة"، الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمان، 2023. وكتاب "متلازمة ديسمبر"، دار بدوي، ألمانيا، 2023. وكتاب "في رحاب اللغة العربية"، دار بدوي، ألمانيا، 2023، وكتاب "سرّ الجملة الاسميّة"، دار الرقمية، فلسطين، 2023. وكتاب "تصدّع الجدران- عن دور الأدب في مقاومة العتمة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمّان، 2023، وديوان "في أعالي المعركة"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2023، وكتاب "مساحة شخصية- من يوميات الحروب على فلسطين"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "الثرثرات المحببة- الرسائل"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "فتنة الحاسة السادسة- تأملات حول الصور"، دار الفاروق للثقافة، نابلس، 2025. 

حررت العديد من الكتب، بالإضافة إلى مجموعة من الكتب والدواوين المخطوطة. 

كتب عن هذه التجربة الإبداعية العديد من الكتاب الفلسطينيين والعرب، وأجريت معي عدة حوارات ولقاءات تلفزيونية.