كفاكم كذبا وتدليسا أيها الواهمون!!
حزب الله والنكسة وضياع الأمة
فراس حج محمد
06/06/2013
في الوقت الذي تمر فيه نكسة حزيران ونكبة الأمة بضياع الخلافة، وتشتيت المسلمين وتفريقهم يحرز النظام السوري وبمساندة الدم والروح من حزب الله نصرهما العظيم في مدينة القصير، حيث تم تهديمها وتشريد أهلها ومحاصرتهم، وتم اعتبار تلك المعركة معركة حياة أو موت من أجل مصالح النظام وحزب الله ولن أدخل في قضية تقييم الأوضاع والبحث الإستراتيجي العسكري فكل ذلك معروف ومشاهد، ولا حاجة للقول المكرر فيه، ولكن...
كيف لهذا الحزب أن يدخل في هذه المعمعة بشكل سافر مكشوف؟ وبأي منطق يقاتل إلى جانب النظام؟ وبأي ذريعة يقتل المسلمين الذين هم بالتأكيد ليس يهودا ولا مغتصبين ولا أمريكان كما كان الحزب دائما يثرثر في أبواقه الإعلامية؟ وكيف يصطف الحزب مع روسيا والنظام والتواطؤ الغربي كله على المسلمين في سوريا؟ كيف لهذا الحزب أن يقلب منطق الأشياء؟ وكيف له أن يضحي بخيرة مقاتليه من أجل غيره؟ كل ذلك يستدعي أن نقول لماذا كل هذا؟ والجواب ولا جواب غيره أن الحزب لم يكن في يوم من الأيام سوى أداة تأديبية بيد أتباع محور الوهم بالمقاومة لتأديب الخارجين عن منطق الإرادة الدولية، ليظل الحزب حارسا أمينا عبر شعبية مكتسبة بطريقة الخداع على السياسة الأمريكية في المنطقة، ولا شيء غير ذلك.
كثيرون كانوا مخدوعين وموهومين، ولم يكونوا مستعدين لربط الأحداث بعضها ببعض، فكيف لحزب أن يشكل دولة داخل دولة؟ بل أثبتت التقارير السياسية الواقعية في لبنان أن الحزب أقوى من الدولة سياسيا وأقوى من جيشها عسكريا، واستطاع أن يفشل مشاريع داخلية كثيرة، لأن الدولة بجانبه قزم لا حول لها ولا قوة، من كان يفكر لماذا يسمح لهذه القوة أن تتصاعد؟ ومن كان يفكر بالمخاطر العسكرية على إسرائيل جراء قوة هذا الحزب الذي هو محاذ لإسرائيل، فهو الذي في الواجهة وليس الدولة اللبنانية، لقد أثبت الحزب كما أثبت أسياده السوريون والإيرانيون أنهم رعاة حقيقيون لإسرائيل، فكم مرة زمجر الأسد وهدد ووعد، ولكنه تمخض الجمل ولم يلد شيئا، وكم مرة سمعنا جعجعة إيران وتهديدهم لإسرائيل ومحوها من الوجود، ولكن أين كل تلك الخطابات الجوفاء، أين تلك الأسلحة التي يتباهى بها النظام الإيراني في عروض وهمه العسكري؟ أين ذهبت؟ إنها معدة لليوم الموعود، إنه من أجل القضاء على كل ما من شأنه أن يغير استقرار المنطقة، خوفا على إسرائيل في الدرجة الأولى ليس أكثر.
غضب شديد يجتاحني وأنا أرى كل هذا المنطق الأعوج، ومما يزيد الغضب اشتعالا وجود فئة من الكتاب المأجورين، ممن يبهرجون الأمر ويفلسفونه على طريقة الشيطان، حتى غدا عند أحدهم أن القتل أصبح الآن مشروعا في سوريا، فالنظام من حقه الصمود في وجه التكفيريين والظلاميين والإرهابيين؟ إذن انكشفت العورة أيها المناضلون الأشاوس.
إن ما يزعج العالم كله هو هؤلاء الإرهابيون الذي يصرون على مشروع حضاري فكري مخالف لما عهده النظام السوري والإيراني، ومن حقي أن أذكر بالتاريخ مضطرا عندما وقفت الدولة الصفوية في وجه الدولة العثمانية وحاربتها حربا مستميتة، لأنها ذات مشروع مخالف لمشروع الأمة الحضاري، وهذه أصبحت الآن مهمة حزب الله والنظام السوري وإيران، خدمة لمصالحهم، وليقتل كل المسلمين، ولتحرق سوريا، ولكن أن تبقى المنطقة ضمن معادلتها السابقة، هذه هي رسالة المتحدين ضد المسلمين في سوريا، ويدعمهم بلا شك العالم أجمع، وليس روسيا فقط، بل إن تلك الجرائم من المرضي عنه عند هيئة الأمم المتحدة وأمريكا وتركيا وكل الدول التي تتشدق بحرية الإنسان وكرامته وحقه في العيش الكريم.
يأتي هذا الحسم الممجوج، والانتصار الموهوم دون أن يستذكر حزب الله أن الجولان السوري ضاع في هذا اليوم، وقام الأسد الأب بتسليمه للإسرائيليين، وهذا ما أثبته الرئيس أمين الحافظ في شهادته على العصر مع أحمد منصور على قناة الجزيرة، بل إن بعض المحللين العسكريين الإسرائيليين يعترفون به، ولماذا الذهاب بعيدا والتفتيش في أروقة التاريخ، فها هو رامي مخلوف قد صرح في بداية الثورة السورية بأن إسرائيل في خطر لو تم إزالة نظام بشار الأسد، بل إن الإسرائيليين يعترفون أن الجبهة السورية كانت أهدأ جبهة على مدى أربعين عاما.
يأتي هذا الحسم الممجوج، والأمة تستذكر هدم دولة الخلافة، فكل الرعاة الرسميين إعلاميا اليوم للشعب السوري من الغرب هم من هدم دولة الخلافة وخطط لها على مدى أكثر من قرن، تمر اثنتان وتسعون سنة، والغرب لا يريد أن تقوم للأمة قائمة في دولة واحدة، تجمعهم بعد شتات وتعزهم بعد ذل، واستخدم لذلك أدوات فكرية وسياسية وعسكرية، فكانت إسرائيل وحزب الله وإيران، وأنظمة العهر العربي والإسلامي كلها أدوات لكي لا يعود للمسلمين عزة وكرامة، بل أمعنوا في التفتيت أكثر وأكثر، في ظل هذا الوضع يأتي حزب الله و(يحرر) القصير، ويحفظ أمن الحدود مع لبنان، ليسبح بحمد نصره العزيز ثلة من الكتاب الأغبياء المجانين الذين باعوا شرف الحق والانتماء له، فيا له من منطق أعوج، فكفاكم كذبا وتدليسا أيها الموهومون الواهمون ففلسطين ليست في القصير!!