تأملوا صفاء نفوسكم، وابعثوا بياض قلوبكم، جعلت فداءكم!!
الأيام العشر الأولى من ذي الحجة
ما هي إلا ساعات، يوم أو بعض يوم، وندخل في أيام مباركات يجلّها الله وهي من أيامه، العمل الصالح فيها له أجر عظيم، إننا سندخل في شهر ذي الحجة، وهو شهر زيارة البيت الحرام وفيه تقام شعائر الحج، فهذه الأيام هي منحة أخرى من الله؛ لأن يجدد الإنسان المسلم عهده مع خالقه، فهذه الأيام نفحة من نفحات الله، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "افعلوا الخير دهركم وتعرضوا لنفحات رحمة الله فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده وسلوا الله أن يستر عوراتكم وأن يؤمن روعاتكم".
وهذه الأيام من أعظم النفحات عند الله سبحانه وتعالى فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "ما من أيام أفضل عند الله من أيام عشر من ذي الحجة" قال: فقال رجل: يا رسول الله هن أفضل أم عدتهن جهادا في سبيل الله؟ قـــال: "هن أفضل من عدتهن جهادا في سيبل الله، وما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة ينزل الله إلى السماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء فيقول: انظروا إلى عبادي شعثا غبرا ضاحين جاؤوا من كل فج عميق يرجون رحمتي ولم يروا عذابي فلم ير يوم أكثر عتقا من النار من يوم عرفة".
إن هذه الأيام كما وضح الحديث الشريف بنصه وسنده الصحيحين أن هذه الأيام التي تظللنا رحمة الله فيها لهي أفضل من الجهاد في سبيل الله، ذاك الجهاد الذي هو ذروة سنام الإسلام، وفي رواية أخرى للحديث أن هذه الأيام أفضل من جهاد المجاهدين إلا رجلا خرج بماله ونفسه ولم يرجع منهما بشيء.
إنها فرصة أخرى للعمل الصالح تضاعف فيها الحسنات، ويتجلى الله فيها على عباده بالرحمة والمغفرة، فلنكثر من التقرب إلى الله بالصيام والصلاة وتلاوة القرآن وبر الوالدين، بل إن قيام الليل في ليالي هذه الأيام لتعدل عند الله قيام ليلة القدر، كما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : "وإن صيام يوم فيها ليعدل صيام سنة وليلة فيها بليلة القدر".
ومن هدي الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم في هذه الأيام المباركات كثرة التحميد والتهليل والتكبير، فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم: "ما من أيام أحب إلى الله فيهن العمل من هذه الأيام أيام العشر فأكثروا فيهن التكبير والتهليل التحميد".
ويقف على رأس ذلك كله من الأعمال الصالحات ومضاعفة أجر الحسنات عمل المسلم خدمة للمسلمين وفي تأليف قلوب بعضهم على بعض، ورأب صدع النفوس المتخاصمة، ونشر الألفة والمحبة بينهم، ليكون المجتمع مجتمعا متعاضدا في الخير، ويسعى أفراده إلى خير المجموع والصالح العام، وتذوب الفرديّة والمصالح الشخصية الآنية، وهذا من أجلّ رسائل إسلامنا العظيم، فقد جاء في الحديث الشريف: "الخلق كلهم عيال الله، وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله".
تأملوا ذلك أيها المسلمون، فلا تتدابروا ولا تتخاصموا، وليسعْ بعضكم بعضا، وكونوا عباد الله إخوانا، فلنتأمل صفاء النفوس، ولنبعث بياض القلوب رسائل محبة صادقة، لتكون عنوانا للسلوك المتزن، جُعلت فداءكم!!