كيف يطيب لنا عيد؟؟
فراس حج محمد
19-8-2012
لعل الصورة قاتمة أكثر مما ينبغي، وأكثر مما يحتملها ضمير حي، وأكبر مما يستوعبها كوفي عنان والأخضر الإبراهيمي ومجلس الأمن الدولي والعالم أجمع!!
الكل ساه ولاه عن أطفالنا وأحبابنا وإخواننا في الشام، أرض الخير والبركة والجمال الآسر، أرض حولها الطغاة إلى يباب وصحراء تزمر فيها رياح الموت، وتفوح منها رائحة الدم!!
أرض حولتها الطائرات إلى ركام فاسودت الوجوه وغامت بشاشتها، واربدّ حنينها، واشتاقت لأيام عزها وهدوء بالها، وتناوحت أشجار غوطتها الحزينة، ألا أين الضمير الإنساني الحي، أم أنه ليس في سوريا بشر يستحقون النصرة والعون؟؟ ألا أين الشرائع وأصحابها وأدعياؤها والأوصياء على صياغتها لتحمي الناس وقت الحرب، وتدافع عن أبسط حقوقهم في الحرية والانعتاق من نير الظلم والعبثية الجاثم على صدورهم، لا يعرف من الإنسانية شكلا ولا معنى، نسي أصله فصال تيها وعربد!! فما نفع تلك الشرائع إذا لم تنتصر للمظلوم والمسحوق والمعذب والمشرد.
كيف يطيب لنا عيد وقد ارتوت الأرض بدم الزهور المقدس؟ كيف يطيب لنا شراب ولذيذ الطعام وقد ثكلت الأمهات أبناءها وأزواجها؟ كيف يطيب لنا منام وجميل الأحلام، وقد هدر الموت في كل ثانية يوزع أجناده في كل بيت، ليحول سوريا الحضارة والتاريخ إلى كومة رماد تنبعث منها الأدخنة المرة؟! كيف يطيب لنا قرار ومقام في بيوت آمنة، فيها الماء البارد العذب، ومشمولة بكل أنواع الرفاهية، وأهلنا المشردون تضمهم خيام تفتقر إلى أدنى مقومات العيش الإنساني، فلا يكادون يشبعون، فهل يا ترى يزور عيونهم لذيذ المنام؟
لك الله يا سوريا الثورة، يا أم الأحرار، يا موطن العز التليد المذبوح بكل سيف قريب وبعيد، لكم الله أيها المسكنون بالوجع، حيث لا نهاية لما أنتم فيه إلا أن يتغمدكم الله برحمته، فقد يئسنا ويئستم من نصرة الناس، فليس لدى كل تلك المؤسسات القابعة خلف الحدود إلا الاجتماعات وعقد المؤتمرات، يطيلون النظر والتحديق في مشاهد الفضائيات، ثم ينغضون رؤوسهم ليقرروا اجتماعا جديدا، والنتيجة واحدة استمرار المسلسل، وإني لعمر الله أراهم مستمتعين بمشاهد الرعب التي يشاهدونها، ولذا فإنهم قد قرروا ألا ينهوا أحداثها، فليسوا على استعداد أن يحرموا العالم من أفلام رعب حقيقية!!
لن نيأس ولن تيأسوا من نصرة الله سبحانه شديد العقاب والمنتقم الجبار، فما من ظالم إلا وله يوم!! فعندما يعز النصير يكون الله بالمرصاد لسحق الطغاة المتكبرين، فعيدنا لن يحلو وأنتم في معمعة الدماء، تدور عليكم ساقية الموت والتشريد كل حين، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فرّج الله كربتكم، وعجل لكم بالخلاص!!