الكاتبة وفاء عمران محامدة
فراس حج محمد| فلسطين
تعدّ وفاء عمران محامدة من الكاتبات اللواتي انتهجن خط كتابة خاصّ، إذ يسيطر على كتابتها البعد التربوي والقيمي، حيث ترتبط كل أعمالها التي نشرت حتى الآن بهذا الرابط، ممتزجاً أحياناً أبعاد علمية، كونها مشرفة تربوية، متخصصة بالتكنولوجيا التي كان لها حضور في كتاباتها الروائية والقصصية وحتى فيما تكتبه من مقالات تناقش فيها القضايا التربوية والعلمية والتخصصية. وقد التفت الكاتبة كذلك في بعض كتاباتها أيضا إلى اليافعين، فكتبت لهم، وناقشت قضاياهم.
صدر للكاتبة أولا رواية "السفر إلى الجنة"، إذ يندمج البعد الوطني الفلسطيني بالبعد التربوي الاجتماعي مغلفا بنظرة فلسفية شفيفة في هذه الرواية مع توظيفها تقنيات روائية غير كلاسيكية، فقد اختارت تقنية "وجهات النظر" لسؤد الأحداث ومناقشة أفكار الشخصيات الواردة فيها.
تابعت هذه النظرة الفلسفية ذات البعد الاجتماعي الديني في روايتها الثانية "شيء من عالم مختلف"، إذ تطرح الرواية مفهوم التعايش من خلال عرض تجربة الشخصية الرئيسية "عائشة" الفلسطينية، والتحديات التي تواجهها عندما تتزوج، وتنتقل للعيش في الولايات المتحدة الأمريكية، وهناك يخيب ظنها بالمقربين الذين تختلف أفكارهم ومبادئهم باختلاف أماكن عيشهم، لتعيش مفهوم الغربة والوحدة إلا أنها تستطيع التغلب على العوائق، تكون لنفسها صداقات وحياة ترسمها بحكمة. وأيضا تكمل الرواية قصة سلمى وبحثها عن عمل يناسب طموحاتها واعتزازها بنفسها.
وأما روايتها الثالثة "لم يكن مجرّد هبّو" فتطرح القضايا المعاصرة التي تشغل بال العالم بلغة سهلة، وتناقش قضاياها أيضا من خلال إطار البعد التربوي الاجتماعي والقيمي، فتدور أحداث الرواية في عام 2500م حيث يتعرف القارئ على بطل الرواية وصديقه في عالم اختفت منه التكنولوجيا والمدن الحديثة والحيوانات البرية؛ ليبدأ رحلة القارئ مع الكتاب: لماذا؟ وكيف عاد الإنسان للحياة البدائية؟ وذلك من خلال اكتشاف بطل القصة لشخص غريب يعيش في كهف منذ 300 عام، ليخوض رحلة البحث عن ماهيته، ولماذا ظل مخفيا لسنوات عديدة في كهف مظلم، وخلال رحلة البحث الاستكشافية تحتوي القصة على كثير من المعلومات الني تسرد بطريقة مبسطة ودون الخوض في تفاصيل معقدة؛ مراعاة للفئة العمرية المستهدفة. وتحمل الرواية في طياتها رسائل تربوية وعلمية غير مباشرة.
وعززت الكاتبة نظرتها المجتمعية في كتابها الأخير الذي كتبته عن والدها واختارت أن يكون سيرة غيرية، تقمّصت فيه شخصية والدها، واختارت أن تتحدث بضمير أنا، إنها تشبه في هذا الجانب ما قامت به الكاتبة البلجيكية أميلي نوثومب، في روايتها "الدم الأول"؛ وقد كتبتها عن والدها بضمير المتكلم، متقمصة كذلك شخصية والدها.
لقد كانت وفية في هذا الكتاب لثيماتها الفكرية والاجتماعية والدينية التي حضرت في كتبها السابقة. وتناولت في الحديث جانباً مهما من الثقافة الشعبية في قريتها؛ قرية الساوية، فيما يتصل بأغاني الأعراس وطقوس العرس الفلسطيني، وما تردده النساء أو يغنيه الرجال، وأثبتت مجموعة من الأغاني الشعبية، كما أثبتت في سياق الحديث عن القرية شيئا من القصص الشعبية التي كانت رائجة في القرية، كما تحدثت عن حرب الأيام الستة عام 1967 وسقوط الضفة الغربية بيد الاحتلال الصهيوني، وامتناع أبيها عن النزوح إلى الأردن، وتشبثه في البقاء في القرية.