الرسالة الثامنة والعشرون
لقد اشتهيت في هذه الأجواء رؤيتك كثيرا
الاثنين: 10-12-2018
أسعدت أوقاتا، صبحا ومساء وما بينهما
لا أجمل من أن أصحو باكرا فأجد رسالة منك، تخبرينني فيها عن اهتمامك بأخباري، يسرني ذلك جدا، ويفتت صخرة البرد الذي يتغلغل في أوصالي، أخبارك مع الرفيقات وتواصلك معهن أسعدني، لقد جمعني بالرفيقة زهيرة كمال الأسبوع الماضي هي والرفيق صالح رأفت في نابلس، كنا في اجتماع خاص، تحدثت عن الوضع السياسي الحالي، وتم مناقشة الكثير من القضايا، وقد حضرت أيضا الرفيقة سهام البرغوثي.
أجد نفسي مسرورا وأنا أدخل في هذه التجربة الشخصية بعد أن جربت الانتماء للأحزاب الإسلامية، وها أنا هذه الأيام في تجربة جديدة، مع أنني أحيانا غير متشجع لذلك، فأسأل نفسي عن هذا التحول وما الهدف منه، لا أراني شغوفا بالتجربة، ففكرة الانتماء للأحزاب السياسية خطر كبير على الكاتب، وعلى تخلخل القناعات القديمة. كثيرة هي الأمور المقلقة، شخصية أكثر منها عامة. أجواء الشتاء كما تفضلت برسالتك أجواء تبعث على الرجوع إلى الذات ومنجزاتها وتأمل مسيرة الحياة. مع ما يرافق ذلك أحيانا من الشعور بالملل والخواء. لقد اشتهيت في هذه الأجواء رؤيتك كثيرا، وشرب قدح من "السحلب" الساخن، ولكنها كانت مجرد أمنية. قد تضحكين على سذاجتي هنا، لكن لا بأس.
وصلني أمس كتاب كبير الحجم تجاوز الـ "400" صفحة من القطع الكبير بعنوان "جرائم لا يعاقب عليها القانون"، ممهورا بإهداء خاص، عرفت من منسقة النشاطات الثقافية في مكتبة البلدية في نابلس أنه سيكون نقاش للكتاب يوم السبت 22-12، وفي هذا اليوم سيكون نقاش لكتابي "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في الرواية" في دار الفاروق، لا أدري كيف يمكنني التوفيق بين الفعاليتين، أرجو أن أتمكن من حضورهما والمشاركة فيهما، إذ إن كتاب هذه الجرائم يستحق الحديث حوله والتعقيب على قصصه، فهو كتاب يمتح من التجربة الشخصية للكاتبة شادية كمال. لهذا الكتاب ميزة خاصة في أن كاتبته بدأت بكتابته بعد أن تقاعدت من العمل، يعني أنها بدأت الكتابة في سن متأخرة. لا يوجد لهذا الكتاب ذكر في موقع جوجل، مع أنه صادر عن دار نشر أردنية، لا أخبار عن الكاتبة أيضا، وليس لها وجود خارج هذا الكتاب. أتمنى أن أستطيع إنهاءه قبل الموعد المضروب، لأتمكن أن أكتب فيه قراءة ما.
إلى الآن أنتظر كتابي الجديد، لم يصلني بعد، يبدو أن سيتأخر حتى الخميس، إذ أخبرني المسؤول عن أن سبب تأخر الكتاب نقل المطبعة من مدينة إلى مدينة، على كل سأنتظر، وفي حال وصلني سيكون بين يديك، لأكون سعيدا وأنت تقرئينه، لعلني أحظى بوجهة نظرك في مادته النقدية المتنوعة حول ألوان من السرد، بعضها ليس له حضور قوي في الدراسات أو المؤلفات الإبداعية والنقدية.
أستعد لإصدار كتاب جديد حول القصة القصيرة، هذا الجنس الإبداعي الذي يحيا على هامش الإبداع السردي، مع أن له جائزة إبداعية عربية "جائزة الملتقى العربية للقصة القصيرة"، تلك الجائزة التي فاز بها مؤخرا الكاتب العراقي ضياء جبيلي وسبق للكاتب الفلسطيني مازن معروف أن فاز بها عام 2016، والقاصة السورية شهلا العجيلي عام 2017. فهل باعتقادك تستطيع القصة القصيرة منافسة وحش الرواية المتغول؟ كل المؤشرات تقول: إن القصة القصيرة في صراع غير متكافئ، ربما ستصبح من الماضي كالمقامات، مع أن الدوريات ما زالت تفرد لها بابا خاصا في كل عدد من أعدادها.
ثمة احتفاء كبير على ما يبدو برواية جمانة حداد "بنت الخياطة"، وهي روايتها الأولى، هذه الرواية التي تستند أيضا إلى خبرة الكاتبة الشخصية، وتتناول قصص نساء ولدن بطلات، وواجهتهن ظروف مريرة: من حروب، وهجرة، واغتصاب، وجوع، وفقر. تدور الرواية حول أربع نساء من حلب، وعنتاب، والقدس، وبيروت، نساء من أربعة أجيال، يبدأ زمن الرواية في القرن الماضي ليستوعب الحاضر ومشاكل النساء في ظل الحروب، هؤلاء النساء اللواتي يلقين مصيراً واحداً، ثم يلذن بعد ذلك إلى حضن الموت الدافىء. إنه موضوع شائق وشائك، وعلى ما يبدو انطلقت فيه الكاتبة من الأفكار النسوية، وقد أشارت إلى ذلك في أحد اللقاءات معها. تذكرني هذه الرواية بروايات الكاتبة السورية مها حسن، وخاصة رواية "عمت صباحا أيتها الحرب" التي تستند أيضا إلى تجربتها الشخصية ومعاناة المرأة السورية، وخاصة في ظل الأوضاع المتردية في سوريا، وما تعانيه من آلام إنسانية.
كما استرعى انتباهي الرواية الجديدة للكاتب الفلسطيني الأسير باسم خندقجي "خسوف بدر الدين" الصادرة في بيروت عن دار الآداب، وستوقع الروايتان في معرض بيروت الدولي للكتاب، ربما اليوم أو غدا. للروائي باسم جهد مميز في الكتابة الروائية، وها هو يخطو خطوة أخرى نحو التاريخ ليكتب رواية تاريخية بعد روايته المدهشة "مسك الكفاية". في جعبة هذا الكتاب رواية أخرى بعنوان "كأنها أمي"، لم يفرج عنها، ولا أدري السبب، كنت قد اطلعت على مسودتها قبل أكثر من عامين.
والآن أيتها الجميلة الدافئة، فلتسمحي لي أن أستعير نهاية رسالتك خاتمة لرسالتي لأقول مع بعض التحوير اللازم: كوني بخير إلى أن تتكرم الظروف علينا بالزيارة واللقاء. لا تتوقفي عن الكتابة لي، إن أردت فعلا أن أكون بخير.
المشتاق لقبلة من شفتيك الكرزيتين الدافئتين
فراس حج محمد