القصة القصيرة (مشوار) للكاتب جلال عامر في ميزان النقد الأدبي

ولد كاتبنا فى25 سبتمبر مع أحداث ثورة يوليو عام 1952م، التي قام بها الضباط المصريون ضد الحكم الملكي، وتوفي بعد الذكرى الأولى لثورة 25 يناير في 12- فبراير – 2012م "، فكتب له أن كان ثائر الميلاد والوفاة، بل ثائر الحياة كلها؛ فطالت ثورته كل تفاصيل حياته، وصولًا إلى الأسلوب الذي يستخدمه في كتابة المقال. وقد ولد الكاتب ( جلال عامر) في حى الجمرك، وهو حى شعبى قديم بمدينة الاسكندرية، يعرف هذا الحى ايضا باسم بحرى، يتميز أهل هذا الحى باللهجة السكندرية الشهيرة، وكذلك العادات التى اندثرت من قديم الأزل في بقاع كثيرة من مدينة الاسكندرية، هذا الحى الذى تعرض له (جلال عامر) في مقالاته بالوصف والتحليل قائلا: " ولدت في حي "بحري " بمدينة الإسكندرية بين الشاطئ الشرقي والشاطئ الغربي، حيث نزل "الإسكندر " ليبني المدينة، وقرب الموضع الذي ولد فيه الشاعر "محمود بيرم التونسي " وهذا الحي العريق المزدحم تحدث فيه غرائب وطرائف تحتاج إلى مجلدات فالضوضاء فيه عرض مستمر طوال أربعة وعشرين ساعة بالنهار، يتولاها الباعة والمقاهي والورش وليلًا يتولاها عم "السيد " وحده فبعد منتصف الليل نتذكر احترام الكبير والعطف على السرير ونتوجه لننام فإذا عم "السيد " العجوز يظل يصرخ طوال الليل (آه يا ظهري. . آه يا ظهري)  ويتزايد صراخه كلما اقترب الفجر، ويبدأ صراخ الناس بالشكوى ولا مجيب، وقد حاولنا إقناعه فلا يستجيب فأقمنا مجلسًا عرفيًا حضر فيه طائفة من أهله وطائفة من أهلنا واستمع المجلس إلى شكوانا وإلى رد عم "السيد " علينا وحقق ودقق ثم جلس للتشاور والتداول، ثم نظر كبيرهم إلى عم "السيد " وراح يفهمه أن الليل سكون وراحة، وأن الناس ترتاح فيه من عناء النهار وراح عم "السيد " يستمع إليه ويبدو أنه غير مقتنع بالفارق بين الليل والنهار. . ثم نطق كبير المجلس بالحكم بصوت عال وقال: (حكمنا على عم السيد ألا يقول آه يا ظهري ليلًا)  فسأله عم "السيد " ببرود (هل أقولها نهارًا؟)  فنهره الحاضرون وطلبوا منه صراحة ألا يقول "آه يا ظهري " لا ليلًا ولا نهارًا وفعلًا استجاب عم "السيد " وأصبح من اليوم التالي لا يقول (آه يا ظهري)  ولكن يصرخ (آه يا بطني. . آه يا بطني) (<!--)، ويوجد أيضا في هذا الحى بقايا من صناعة السفن وقوارب الصيد وكذالك صناعة اليخوت وذلك في جزء من شاطئ رأس التين يبلغ عدد سكان الحى 145558نسمة وفقا للتقدير المبدئى لعام 2006 بإضافة الزيادة الطبيعية إليها(<!--) .

رحيله:

عاش (جلال عامر) حياة قاسية منذ طفولته؛ فلم يكن في سن التاسعة من عمره طفلًا عاديًّا، إذ اضطرته الظروف للعمل مساءً والدراسة صباحًا، من أجل عشرة قروش هي التي كان يحصل عليها جراء عمله، ليسلمها لوالدته ليعين بدخله الزهيد أسرته المكونة من سبعة أشقاء.

ظل (عامر) حتى آخر لحظة من عمره مهمومًا بقضايا الوطن، متألمًا لما أصابه من تمزق وتشرذم، فالإنسان همه الشخصي، وهو كذلك القضية، أيًّا كان هذا الإنسان، وباختلاف دينه وعرقه، الإنسان البسيط الذي لا يستطيع أن يحمي نفسه، أو يطالب بحقه، الطفل المتشرد في الشارع أين يقع؟ وغرق العبارة، ومذبحة القديسين. . وغيرها من الأحداث الجسام التي عاشتها مصر في الفترة الأخيرة أثرت على (جلال عامر)بالدمع قبل الحبر (<!--)

وعن وفاته يقول ابنه رامي:  "لم يتخاذل (جلال عامر)عن أية فاعلية لصالح مصر، لكن مشهد الاشتباكات بين المتظاهرين كان أقوى من احتماله، وبالرغم من أن أبي سريع التأثر إلا أن انهياره كان مستبعدًا بالنسبة لي على الأقل، ولم تكن الأيام الأخيرة في حياته تنبئ بأية شيء، لقد ذهب فجأة كما كتب يومًا: "ليس لي صاحب؛ لذلك كما ظهرت فجأة سوف أختفي فجأة، " ولم يشعر بتعب ولا ألمٍ، وكانت هذه صعوبة الأمر بالنسبة لي، فكنت أفضل أن يكون هناك وداع، لكنه رحل حتى بلا وداع "(<!--) .

رحل (عامر)  في 12 فبراير 2012م، وقامت محافظة الإسكندرية بتكريمه بإطلاق اسمه على شارع بمنطقة «بحري» بحي الجمرك، مسقط رأسه. وهذا أقل تكريم يستحقه؛ فقد كان رجلًا وطنيًّا يحب بلده ويضحي من أجلها بكل غال ونفيس، محبًّا للخير يبذل فيه ما استطاع، وليس أدل على ذلك من وصيته التي أوصى فيها بقرنيته لمن فقدوا البصر في الثورة، ولكن تعذر تنفيذ الوصية، يقول ابنه "رامي جلال " "أوصاني أبي بالتبرع بقرنيته كصدقة جارية عنه خاصة وأن الكثير من شباب الثورة فقد عينه، وكان يود أن تمنح قرينته فرصة البصر، فأوصى بها لإنسان آخر، وبالفعل بمجرد أن أخبرني الأطباء طلبت منهم أن يتم التبرع بقرينته، وذهبت لمركز متخصص في طب جراحة العيون، وأبلغتهم بوصيته، لكنهم اعتذروا لعدم توفر إمكانيات حفظ القرنية في الإسكندرية، لم أنفذ هذه الوصية لأسباب خارجة عن إرادتي لكن أظن أنه قد حظي بثوابها "(<!--) . وفضل أن يدفن في مكان جميل وهادئ. يقول ابنه رامي:  "وبالفعل وفقنا الله في تنفيذ هذه الوصية، لقد تم دفنه في مكان يتناسب مع شخصية "جلال( عامر).  ".

ونظرًا لأن هذه القصة القصيرة هي العمل القصصي الوحيد لهذا الكاتب الكبير، ونظرًا لمضمونها الوطني الحربي المصري المجيد، ولأنها بقلم ضابط في الجيش المصري، فقد آثرت إثبات نصها كاملًا، وتقديم تحليل فني موجز لها، على النحو التالي:

نص القصة:

  "هذا الوجه النحاسى الممصوص الجالس أمامى بتقاطيعه لغز مستعص. . . فيض المشاعر التى يمتلكها صاحبه لا تطفو أبدًا على وجهه. . . أو هكذا خيل إلى. . لم تعطنى نظرتى إليه ما أبتغيه فإنتقلت عنه بسرعه إلى آخر. . . كان الظلام يعاندنى كطفل شقى. . . رص لى الوجوه كنسخ كربونية متلاشية الحروف. . . متآكلة الحواف وإن كان توقيع العيون بارزًا يتلألأ. . . فلم أستطع قراءتها. . . أغمضت عينى لأراهم جيدًا. . . تنقل فكرى كعصفور الجنة بينهم. . . ترى ما هى مشاعرهم الآن. . . هذا الصمت المحلق فوق الرؤوس لا يخدعنى. . . أعلم أن الكبرياء يكبت الرهبة ويمنعها أن تطل. . . قصير هو عمر الصمت. . . بعد قليل. . . سيتلاشى ويموت. . . عبرت إبتسامه شاحبة فوق وجهى وأنا أفكر كيف يموت الصمت. . .

أخبرونى طفلًا أن أبى مات في صمت. . . عرفت في المدرسة أن الصمت يعنى السكون. . . أنا أكره هذا السكون الذى مات فيه أبى. . . في إحدى المسابقات الأدبية التى نظمتها الكليه بدأت قصتى بعبارة "كان الصمت يلف المكان ". . . ثم مزقتها وكتبت "كانت الأصوات متداخله بشكل أفزعنى " ويوم أن فزت عرفت أن السكون لا يصنع نجاحًا. . . تململت. . . تحركت في مكانى. . . مددت يدى من جانب "الزورق " لأغترف كطفل من مياه البحر. . . لم تصل. . . كررت المحاولة. . هكذا كنت طفلًا عنيدًا. . . لم أك أخشى سوى نظرات أبى التى لم أعد أذكرها. . . غابت عنى طويلًا، وجدتها في عينى ذى الوجه النحاسى. . . نظرت بجانب عينى إليه وجدته قد انتقل إلى الأمام واقفًا ينظر إلى البحر في خشوع كأنه يصلى. . . قلدته ونظرت مثله إلى البحر. . . توقفت عند نقطة سوداء داكنة. . . هى بالتأكيد الزورق الآخر.

البرد والرهبة والظلام تحالفوا ضدى فأصابونى برجفه فأخذت أبحث عن بقعة ضوء. . . ها هو القمر مسافرًا فوق السحاب إلى بعيد. . . والنجم القطبى ساطع يرسل بريقه مشيرًا إلى الشمال حيث الهدف. . .  "هدف بحرى كبير معاد شمال بورسعيد ".

تذكرت صيادى البط في بلدتى "أكياد " كم حلمت أن يكون عندي بندقية صيد. . . كانت "وفاء " أختى تمثل دور البطة وتجرى أمامي وأنا أمسك عودًا خشبيًا أسدده تجاهها. . . أضحك وتضحك ثم تختفي عن عيوني بين الحقول. . .

كان الجميع يحبونها حتى قبل أن تدرس لأطفالهم في مدرسة القرية. . . ويوم أن جاءتها الإعارة ووعدتنى ببندقية صيد. . . لكن أمى حذرتها:

أجبرى خاطر اليتيم بقطعتى قماش أحسن!

كنت أمشى مزهوًا بملابسى الزاهية سعيدًا بلعبتى البلاستيكية.

وبدأت رسائلها تقل رويدًا رويدًا ثم انقطعت. . . وبدأت ملابسى تبهت. . .

قالوا أنها تزوجت وانتقلت إلى بلد آخر. . .

بدأت مفردات جديدة تدخل قاموس حياتنا "الضمان الاجتماعى " "ماكينة الخياطة " "مصاريف الكلية ". . .  "الولد لابد أن يتعلم وأنا سأنكفئ على هذه الماكينة ليل نهار ". وعشية تخرجى جاء من يخبر أمى أنهم يطلبوننى للجندية. . . هدير الأمواج لمتلاطمة أيقظنى فتحفزت. . . ذو الوجه النحاسى أشار بيده فأخذ كل فرد مكانه. . . تحسست بيدى منصة الإطلاق ونظرت أمامى. . . عشرون عقدة. . . عقدتان "بطل مكن ". . . كانت البطه قد ظهرت عند خط الأفق. . .

توقفت الزوارق وتهيأنا للعمل. . . نظرنا إلى ذى الوجه النحاسى فأعطانا إشارة البدء. . . كل شئ جاهز. . . التوجيه تماما. . . اضرب. . . تلاشى السكون كما توقعت. . . وهل الجحيم. . . الانفجارات المتوالية تؤكد أننا اصطدنا البطة في مقتل. . . خجل الظلام أن يستمر فتوارى ليفسح المكان لبريق الشظايا وألسنة اللهب الحمراء. . . أطلقت البطة مدافعها فقال الرجل النحاسى:

- حلاوة روح. . . استعدوا للعودة.

وما كدنا نستدير حتى سقطت إحدى القنابل في مقدمة الزورق فبدأ يغرق. . . أما أنا فطرت إلى أعلى وسقطت بعيدًا فأحتضنتنى الأمواج وضمنى الظلام إليه.

أرهفت السمع لكننى لم أسمع أحدًا. . . صرخت أنادى فضن على الظلام حتى بالصدى. . . لم أر سوى البطة وهى تستسلم للبحر كى يبتلعها. . . والنيران حولها كأنها تنضجها له. . . فزعت. . . أعطيت ظهرى لها وامأنت على "سترة النجاة " وبدأت أسبح. . . طويل هو ليل المسافر. . . كانت أمى عندما نذكر أمامها "وفاء " تقول: مسير الغريب يرجع بلده.

أما أنا فقد عادت إلى وفاء يوم أن عرفت "سلوى "، نفس الملامح التى تنطق بالطيبه. . . بساطتها. . . حنانها المتدفق. أسعدنى أكثر أنها تعمل في نفس المدرسة. . . أبوها دائمًا يقول: ده مشواره طويل. نظرت إلى البحر حولى وتمتمت: حقًا مشوارى طويل.

لاح لى أمل أن الزورق الآخر ربما يرانى فيبدأ في عمل "مناورة غريق " ثم ينتشلنى. . . أين الرفاق؟

هل يصارعون الأمواج أم صرعتهم؟

تهادى إلى لوح خشبى فاقتنصته واستندت عليه. . . ووليت ظهرى للنجم القطبى غنيت. . .

لم يفلح الغناء في دفع الخوف بعيدًا عنى فتحول إلى ذعر قاومته بكل ما أملك حتى لا يصيبنى اليأس.

ولم يتبق على طلوع الصبح سوى ساعات. . . النهار له عينان. . . كنت كمن يحاول أن يخدع نفسه ويمد لها في حبال الصبر. . .

كانت المياه قد طالت كل مكان في جسدى. . .

كنت قد تخلصت من حذائى وبدأت أتخفف من كل ما يعوقنى. . . لطمنى يومًا مدرس التاريخ لأننى عارضته. . . كان يقلل من حضارة الفراعنة وأنا لم أخف انبهارى وعشقى. . . سمعت أبا الهول يناجينى في الصوت والضوء. . . وها هى الأمواج تعيد لطمى بين الحين والآخر دون أن أعارضها. . . طعم البحر أكثر ملوحة مما كنت أظن. . . ترى ما هو طعم الموت. . . تخيلت وقع الخبر على أمى. . . هل ترتدى "سلوى " ملابس الحداد. . . أظنها لا تستطيع. . . ليس هناك أمام الناس ما يربطنا. . .

احترت في هذه الامواج المتلاطمة. . . هل تعزف "نوبة شهيد " أم "نوبة رجوع ". . . خيل إلى أنها تبكى. . . بل تنتحب. . . من أين أتى بكل هذا البحر؟ لابد أنه من دموع البشر. . . اصطحبنى الظلام الحالك من يدى وصعد بى سلم الخوف حتى أسلمني إلى قمة الذعر. . . أنت تفكر في السطح. . . فماذا يخبئه القاع؟ تلبدت السماء بالغيوم. . . وزمجرت الريح. . . ولم يعد ينقص سوى أن يسقط المطر. . . وقد حدث. . .

أمى ستحصل على لقب. . . ومعاش. . . وتحيا بقية عمرها جالسة أمام الشاطئ تنتظر عودتى أنا و "وفاء ". . .

كنت أشعر بالألفه بين الزملاء. . .

الآن أفتقدهم. . . ولت الصحبة. . . يقولون أن الناس في المدن المزدحمة تشعر بالوحدة رغم الزحام. . . لعله طوفان البشر الذى يجعل كل إنسان يبحث عن خلاصة، تذكرت الطوفان المحيط بى فأخذت أبحث عن خلاصى، نظرت إلى السماء. . . ترقرقت دموعى لكنها ذابت في البحر اللامتناهى. . . كدت أتجمد من البرد لكننى واصلت. . .

أحسست بنشوة أحيت بداخلى الأمل عندما توقف المطر. . . أنفاسى تلهث. . . ودقات قلبى تتسارع. . . لم أصدق نفسى وأنا أسمع صوت إنسان يتأوه. . . اتجهت ناحية الصوت. . . هو إنسان يصارع الأمواج. . . أسرعت إليه. . . قذفت إليه باللوح فتعلق به واستراح. . . وبدا يهدأ. . . اقتربت منه وتأملته. . . كان جنديًا جريحًا لكنه ليس من رفاقى. . . كان مظهره يشى به. . . أخرجت بمشقه من "سترة النجاة " العلبه الصغيره البلاستيكية التى تحوى الفيتامينات. . . ناولتها له. . . تحسست جرحه. . . شجعته على المقاومة. . . فواصلنا السباحة. . . التفت إلى بعد برهة وقال:

- اسمى "حاييم " من عكا.

خطر لى أن أسأله هل تعرف "أحمد باشا الجزار " لكننى تراجعت بينما أستمر هو:

- لى طفله جميله تركتها هناك. . . زوجتى من "نيويورك " وأنا أصلًا من "وارسو ". والدى بولندى ووالدتى من السويد. إذن أنا أسبح بجوار هيئة الأمم، كان الإجهاد قد بلغ مداه فسكتنا وتوقفنا لنستريح.

عاودنا السباحة. . . لاحظت أنه يغير اتجاهه وبادرنى قائلًا:

- أرجو أن تطيع أوامرى فأنا أدرى منك بالملاحة الليلية.

استفزنى غروره.

- غير صحيح. . . ثم إنك أسيرى.

- كيف؟

- واضح أنك منهك. . . ولا تجيد السباحة وأستطيع أن أستعيد لوحى الخشبى وأجعلك تغرق.

- يا سيدى المركب التى ستنتشلنا أو الأرض التى سنصل إليها هى التى ستحدد من فينا الأسير.

- حتى يحدث ذلك عليك بطاعتى.

سكت على مضض واستمر في السباحه بجوارى. . .

- لماذا لا نعيش في سلام؟

قالها وأنفاسه تتقطع.

تذكرت "دير ياسين " و "غزة " وخالى الذى قتلوه ذات صباح في مطار "أبو صير " لكننى قلت:

- ها نحن نعيش في سلام.

- لا أقصد نحن بل الجميع.

- وهل الجميع معنا الآن في البحر. . . وفر جهدك حتى نستطيع أن نقاوم الأمواج، لا يزال أمامنا مشقة.

- مادمت تجيد السباحة. . . لماذا لا تعطينى سترة النجاة؟

- معك اللوح الخشبى. . .

كان الليل قد بدأ يلملم نفسه ليرحل وخيوط الفجر تتسلل برفق وهدوء وهبات النسيم العليل تدغدغ جسدى المتعب فتنشطه، ويبدو أن بزوغ الصبح قد جدد النشاط في كلينا، ويبنما الأمل يراودنى فوجئت به يرفع اللوح الخشبي لينزل به فوق رأسى. . . اتقيته بصعوبة. . . سحبته منه. . . أخذته وابتعدت. . . لاحقتني صرخاته ثم سكنت. . . تعجبت من سلوكه لكننى تذكرت قصة الضفدعة والعقرب عندما طلب منها العقرب أن تعبر به النهر، فقالت: - أخشى أن تلدغنى. . . فقال: - لا يمكن لانه عندما تموتين سأغرق، فحملته وفي وسط النهر لدغها فنظرت إليه بعتاب فقال لها:

- اعذرينى الطبع يغلب التطبع.

بدأت أشعر أن البحر يحنو على، تضمني أمواجه في رفق. . . تهدهدني. . . تحملنى إلى سريرى في قريتى، فقررت أن أستسلم له. . . حتى يصيرني جزءًا منه. . . لن أسبح، سأنزل أناجيه في القاع. ستائر مخملية تنسج حولي تحملنى إلى أبى. . . أمي تصرخ في وجهى: - لا. . . انتبهت استجمعت ما بقى من جهد وهو قليل. . . لم أعد أرى جيدًا. . . زاغ بصرى. . . الدوار يلاحقني. . . بدا لى أن زورقًا يقترب منى. . . يهدئ من سرعته. . . يد تمتد لى. . . تنتشلني. . . ترفعني إلى أعلى. . . لفوا حولى الأغطية. . . ناولني شيئًا ابتلعته. . .

ملأتنى البهجة. . . انتشيت. . . فتحت عينى في صعوبة، لم أستطع أن أميز أحدًا ممن ألتفوا حولى إلا وجهًا نحاسيًا ممصوصًا "(<!--) .

البناءالفني في القصة القصيرة:

1-الجنس الأدبي:

هذا النص الأدبي يعد من جنس الأقصوصة القصيرة؛ لأنها "تصور جانبًا(جزئيًّا)  من الحياة، يحلل فيها الكاتب جانبًا من جوانب الفن القصصي، كالحدث أو الشخصية، وقد لا يُعنى بها في التفاصيل "(<!--)، فالجانب الذي تصوره القصة في الحياة، هو حادثة لجندي مصري حدثت له في حرب أكتوبر 1973م، وبالأخص في سلاح البحرية الذي يقتضي عمله أن يكون في مياه البحر، وهي من أدب الحرب، تحكي قصة مواطن مصري، طالما حلم كثيرا بالبطولة والفروسية في طفولته وصباه، ولكن العادات الاجتماعية والتحديات والقيم الأسرية تأبى إلا أن تطرده من أحضان الأمن والسكون، ولكن الأقدار تداعب أحلام الطفولة والصبا، فيكبر الفتى ويشب ويلحق بالعسكرية المصرية وتنساق إليه البطولة والفروسية، التي لم ينساهما في صباه فضلا عن شبابه الذي "هو سن الاعتداد بالنفس والمبالغة في هذا الاعتداد، حتى ليخيل لكل يافع أنه محور الوجود "(<!--)، ويلتحق الكاتب بالحياة العسكرية وتنشب الحرب بين مصر وإسرائيل، ويلتقي الجمعان في مياه البحر، فإذا برجل يسبح من بعيد قد أنهكته المواجهات وأشرف على الغرق في مياه البحر، فيمد إليه البطل بلوح خشبي وينقذه من الغرق، ويحمله معه على هذا اللوح، ولكن الغدر والخيانة من طباع اليهود؛ فبعد محاورات جرت بين الجندي المصري والعسكري الإسرائيلي، فإذا بالإسرائيلي يمسك بلوح الخشب الذي أنقذ به، ليضرب به المصري أثناء سهوه عنه، ولكن قدرة الله – عز وجل- قد أنجته من هذا الغدر، ولا عجب في هذا؛ فقد حاول أجدادهم من قبل أن يلقوا بصخرة على رسول الله – صلى الله عليه وسلم- حين أخذ منهم العهد والأمان، وجلس هو وأصحابه بجوار جدار لهم "ينتظر أن يصلحوا أمورهم، فلما دخلوا ومعهم الشيطان لا يفارقهم ائتمروا بقتله وقالوا: لا تجدونه أقرب منه الساعة استريحوا منه تأمنوا في دياركم ويرفع عنكم البلاء، قال رجل منهم: إن شئتم رقيت على الجدار الذي هو تحته فدليت عليه حجرًا فقتله، فأوحى الله – عز وجل- إليه فقام رسول الله – صلى الله عليه وسلم- "(<!--)، فنجاه الله من هذا العمل الشائن من قبل اليهود الذي هو ديدنهم إلى الآن، وفي مثل هذا المقام نقول جميعًا:  "يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم. . . "(<!--) .

فالنص إذن قصة قصيرة تنتمي إلى ما يسمى أدب الحرب، وفيها نزعة واقعية وأخرى رمزية. و نتبين معالمها في المحاور التحليلية الآتية:

2- دلالة العنوان:

يتكون هذا العنوان من كلمة واحدة هي:  "مشوار " وهي ذات دلالة توحي بالمشقة التي لاقاها البطل على مدار حياته، وهذه الكلمة قد تكررت في هذه القصة مرتين؛ مرة على لسان والد سلوى "محبوبته الجديدة " الذي يقول عن البطل:  "ده مشواره طويل " ومرة على لسانه هو:  "نعًم مشواري طويل " فانطلاقًا من هذا التكرار لهذه الكلمة المناسبة للمعنى العام للقصة، حق لها أن تسمى بهذا الاسم؛ فهو عنوان دال على مسماه ومناسب له تمام المناسبة.

3- الأحداث:

 تتعدد الأحداث في هذه القصة وتتنوع ؛ كي تخدم الحدث الرئيس، والذي ينطوي على مجموعة أحداث تأخذ في التطور حتى تصل إلى قمة التأزم، حين يحاول الإسرائيلي أن يغدر بالجندي المصري، فيما يعرف فنيًّا بالعقدة، ثم يأتي الانفراج والحل، حين يجنب المصري نفسه اللوح الخشبي، ويأخذه من الإسرائيلي ويصبح هو في موضع القوة، ثم يصبح وحيدًا في البحر يظن أنه سيهلك، ثم يفكر في الاستسلام لهذه الأقدار، فإذا بزورق نجاة يقترب منه وينشله من جبة الهلاك، وتأتي النهاية مرضية تكتسب أهمية خاصة، تجمعت في محيطها خيوط الحدث كلها، مما أكسب الحدث فكرة ومعنى، لذا سميت هذه النقطة بلحظة التنوير(<!--)، والتي بسببها تأتي العبرة والعظة من هذه القصة القصيرة.

<!--الزمان والمكان:

الزمان والمكان هما اللذان يعبران عن كل حادثة من الحوادث التي تقع فيهما، ويرتبط بهما ارتباطًا وثيقًا، ذلك الارتباط ضروري وحيويّ لهذه القصة؛ لأنه يمثل البطانة النفسية لها(<!--) .

        والزمان الذي تدور حوله أحداث القصة هو بداية النصف الثاني من القرن العشرين إلى حرب أكتوبر 1973م، والمكان هو قرية أكياد في محافظة الشرقية داخل جمهورية مصر العربية، بالإضافة إلى البحر الذي هو مكمن الصراع والتأزم، حتى نصل مع البطل إلى الانفراج والخروج من فوهة الصراع.

4- الشخصيات:

فإذا انتقلنا إلى العنصر الثاني من عناصر البناء الفني للقصة وهو الشخصيات نرى أن القصة القصيرة تتميز عن القصة والرواية بأنها "تفضل أقل عدد ممكن من الشخصيات. . .، فليس في القصة القصيرة فرصة لرسم هذا العدد الكبير من الشخصيات؛ لضيق الحيز من جهة؛ ولأن القصة ذاتها لم تنشأ لتحويل عدد كبير من الشخصيات من جهة أخرى؛ ومع ذلك فمن الممكن أن تكثر الشخصيات في القصة القصيرة "(<!--) .

 والشخصيات في قصة (عامر)  متعددة ومتباينة انطلاقًا من البطل الذي تترسخ في قلبه قيم الإنسانية والإسلام، إلى الجندي الإسرائيلي، الذي تترسخ في عقيدته قيم الغدر والخيانة، مرورًا بالأخت (وفاء)  مكمن الحنان والعطف على أخيها الصغير، والأم الحريصة على سلامة ابنها، والتي تحلم بمستقبل أفضل لولدها، ثم تأتي بعد ذلك الأحداث المتعددة التي تخدم الحدث الرئيس وهو أسر الجندي المصري للجندي

وقد استعار لبطلة قصته اسم "وفاء " نسبة إلى وفاء إدريس الفلسطينية، والتي قامت بعملية تفجيرية، قتلت بها عددًا من الإسرائيليين، إذ فجرت نفسها في شارع يافا بالقدس المحتلة "(<!--)، وهي تعد بهذه العملية أول استشهادية فلسطينية، والتي تعد الشرارة الأولى في انتفاضة الأقصى التي اندلعت في سبتمبر 2000م، والعلاقة بين وفاء إدريس الحقيقية، ووفاء بطلة القصة أو محبوبة البطل قوية الصلة واضحة المعالم؛ فقد رحلت وفاء إدريس بعد أن أدت واجبها تجاه وطنها، وتعلقت بها قلوب ملايين المخلصين للقضية الفلسطينية، ورحلت وفاء الخيالية، بعد أن أدت رسالتها في (أكياد)  وعلّمت الكثير من أبناء القرية، وتعلقت بها جميع قلوب أهل القرية، وكما استمر البطل في انتظارها طيلة حياته، فإن فلسطين الجريح تنتظر في كل فجر وفاءً جديدًا من أبناء لها.

5- طريقة الحكي:

        اعتمد (عامر)  في قصتة القصيرة على طريقة السرد في تطور الأحداث، والتي يقوم الكاتب فيها على تنحية الشخصيات جانبًا وإجراء الحوار على لسانه، كما أن "السرد الفني لا يكتفي عادة بالأفعال، كما يحدث في كتابة التاريخ، بل نلاحظ دائمًا أن السرد الفني يستخدم العنصر النفسي الذي تصوره هذه الأفعال " مثل قوله:  "أنفاسي تلهث. . ودقات قلبي تتسارع. . لم أصدق نفسي وأنا أسمع صوت إنسان يتأوه "(<!--)، وهذا من شانه أن يكسب السرد حيوية ويجعله لذلك فنيًّا.

        وإذا كان السرد هو الطريقة الرئيسة التي انتهجها (عامر)  في قصته، فإننا لا نعدم وجود طرق أخرى في هذه القصة، وهذا ما يميز القصة عن غيرها من الفنون كالمسرح، فالقصة تستخدم أسلوب الحوار –أحيانًا- بجانب استخدامها الأسلوب السردي، والأسلوب التصويري، في حين أن المسرحية لا تستخدم سوى أسلوب الحوار، وسواء أكانت المسرحية ممثلة أم مقروءة، فإن الحوار هو الأداة الوحيدة للتصوير(<!--) .

        فمن أساليب الحوار التي بثها (عامر)  في قصته، ما دار بين البطل والجندي الإسرائيلي، من حوار ظهر فيه جليا وواضحا وإن كان الراوي حاضرا لأنه بطل القصة، يقول:

عاودت السباحة. . لاحظت أنه يغير اتجاهه وبادرني قائلًا:

<!--أرجو أن تطيع أوامري، فأنا أدرى منك بالملاحة الليلية.

<!--استفزني غروره.

<!--غير صحيح. . ثم إنك أسيري.

<!--كيف؟

<!--واضح أنك منهك. . ولا تجيد السباحة وأستطيع أن أستعيد الخشبة وأجعلك تغرق.

<!--يا سيدي المركب التي ستنشلنا أو الأرض التي سنصل إليها هي التي ستحدد من فينا الأسير.

 أسلوب الوصف:

        جاء أسلوب الوصف قليلًا؛ ابتدأ بها (عامر)  قصته واختتمها بها، حين أراد وصف الجندي المصري، فيقول في البداية "هذا الوجه النحاسي الممصوص الجالس أمامي بتقاطيعه لغز مستعص. . . " ويقول في النهاية:  "لم أستطع أن أميز أحدًا ممن التفوا حولي إلا وجهًا نحاسيًّا ممصوصًا ".

        كما استعان (عامر)  في أقصوصته بعنصر التناص،  المتمثل عند (عامر)  في الاستدعاء أو الاستعانة بقصة داخل قصة، فبعد أن غرق الجندي الإسرائيلي جزاءً لغدره وخيانته، يقول الراوي على لسان البطل الذي هو الراوي أيضًا:  "لاحقتني صرخات ثم سكنت. . تعجبت من سلوكه، لكنني تذكرت قصة الضفدعة والعقرب عندما طلب منها العقرب أن تعبر به النهر، فقالت: أخشى أن تلدغني. . فقال: لا يمكن لأنه عندما تموتين سأغرق، فحملته وفي وسط النهر لدغها، فنظرت إليه بعتاب فقال لها: اعذريني الطبع يغلب التطبع "، فالبطل يريد أن يبرر لنفسه ما فعله بالإسرائيلي حين أخذ منه اللوح الخشبي وتركه يغرق ويواجه مصيره وحده؛ لأنه لا يريد أن يكون مثل الضفدعة، وبالأخص حين بددت من اليهودي معالم الغدر والخيانة.

6- المغزى العام:

اشتملت هذه القصة على معان جمة وقديرة، تعكس الطابع الخاص لدى صاحبها، وطريقة معالجته للقضايا الهامة والحيوية، كما نستنبط منها العبر والعظات التي تعيننا على فهم الواقع امعاش. وأهم هذه العبر ما يلي:

        أولًا: رفض التطبيع مع العدو الصهيوني، والذي طالما نعق بها غربان الوطن، الذين ادعوا الوطنية والبطولة، وكانت تربطهم علاقات اقتصادية كبيرة مع العدو الصهيوني، والذين امتطوا سدة الحكم في البلاد، وهناك نوع آخر من التطبيع انتهجته الأنظمة الموالية للكيان الصهيوني "وهو القيام بذبح الكتاب الشرفاء والأصدقاء وأبناء الشعب ممن يحملون هويات أو ممن لا يحملونها وتقديمهم أضاحي سهلة للعدو والمطبعين معه "(<!--)، فـ(عامر)  حينما أنقذ الصهيوني من الهلاك في مياه البحر، كان من المنتظر منه رد الجميل، ولكنه سرعان ما حاول مبادرة (عامر)  بالعداء؛ فمهما فعلنا معهم من إحسان، فالحقد الذي يملأ قلوبهم لن ينمحي أبدًا، وإن خالف الظاهر الباطن، ولقد صدق فيهم قول الله تعالى: " لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا "، وقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-:  "مَا خلا يَهُودِيّ بِمُسلم إِلَّا وهم بقتْله "(<!--) .

        ثانيًا: نقد الواقع الاجتماعي والتربوي السيئ، والذي ساد بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، فالطفل المصري يدخل المرحلة الابتدائية وهو أزكى طفل في العالم، ثم يخرج منها وهو أغبى طفل في العالم، وهذا إن دل فإنما يدل على ضعف التعليم في البلاد وترديه، وفساد المنظومة التربوية في القطر كله؛ فـ(عامر)  حينما اختلف مع مدرس التاريخ في حبه لتاريخ الفراعنة؛ فبدلا من أن يقابل الفكر بالفكر إذا به يلطمه على وجهه لطمة لم ينسها إلى أن كبر، فالعنف المدرسي يتسبب في إعاقة قابلية التلميذ لتحقيق أهدافه وغاياته، وإعاقة المدرسة – أيضًا- في تحقيق آمالها من تربية الأطفال وتأهيلهم لتنمية قدراتهم وتطوير إمكانياتهم في بيئة سليمة آمنة، فالعنف ضد التلاميذ الصغار له آثاره وجوانبه السلبية والضارة على احترام الذات(<!--) .

ثالثًا: نقد الحياة الجافة، التي تعجب كثيرا منها (عامر)  في قصته، حين نظر إلى الوجه النحاسي الممصوص الذي يمتلئ قلب صاحبه بالكثير من المشاعر التي لا يحق لها أن تظهر على هذا الوجه وتلك الطبيعة، حتى أضحت تلك الوجوه نسخا كربونية لوجه واحد وإن اختلف المضمون والجوهر.

وعلى الرغم من كل هذه الإنجازات والإبداعات لم يحظ( عامر)  بالتكريم المناسب في حياته . وهذا ما اشار اليه وعانى منه في بعض مقالاته قائلا: يعشق الناس الأفلام الكوميدية والمسرحيات الضاحكة والكتابة الساخرة، لكن أبطالها لا يحصلون في الاحتفاليات على جوائز بسبب الازدواجية التي نعيش فيها على الرغم من أنها أصعب الفنون، ويظن البعض -خطأ- أنها تتعارض مع الجدية والعمل والإنتاج، وهذا غير صحيح، بل هى تشجع على الإنتاج وتنشط الذاكرة وتجدد النشاط، وتفيد الصحة! "(<!--)  فالكاتب لم يحظ بالتكريم في حياته إلا بحصوله على جائزة نجيب محفوظ في القصة القصيرة وفيما عدا ذلك فلم يكرم( عامر)؛ نظرا لتوجهه السياسى المعارض!

7- معالم لغة النص:

لغة عربية فصحى سهلة، لا يحتاج في فهم معانيها إلى معاجم أو قواميس لغوية، بعيدة عن الحوشية والابتذال، قريبة إلى البساطة والاعتدال، أما الأساليب فهو يميل إلى الخبر أكثر منه إلى الإنشاء، بما يحمله من معان كثيرة أراد الكاتب أن يبثها بين تضاعيف نصوصه، مثل قوله:  "أخبروني طفلا أن أبي مات في صمت "، فهذه الجملة على قصرها تتضمن معاني الحسرة والتفجع الذي استولى على فؤاد البطل وعقله؛ لفقد عزيز لديه بهذه الطريقة المؤلمة، والتي يحتاج في إظهارها إلى صفحات كثيرة تشفي صدره المكلوم، وقوله أيضًا:  "أنا أكره هذا السكون الذي مات فيه والدي. . "، وقوله عن وفاء:  "كان الجميع يحبونها حتى قبل أن تدرس لأطفالهم في مدرسة القرية "، وهذه العبارة تدل على الاسترحام والتباكي على زمن جميل ولى بغير إذن أو عودة، وعلى فتاة طالما تمنى البطل كثيرًا أن تلازمه طيلة العمر، كما أن (عامرًا)  قد أكثر من أساليب النفي في قص�

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 151 مشاهدة
نشرت فى 28 مايو 2022 بواسطة fatmasabryfawzy

عدد زيارات الموقع

625