بحثى فى .( الخطاب الدينى بين التراث والمعاصرة )
المحور الأول ماهية الخطاب الديني تعريف الخطاب الديني: الخطاب الديني بهذا التركيب الإضافي هو مصطلح جديد، ذاع في العصر الحديث، وأول من أطلقه الغرب، ولم يُعرف هذا الاصطلاح من قبل في ثقافة المسلمين، بمعنى أنه ليس مصطلحا له وضع شرعي في الإسلام كالمصطلحات الشرعية الأخرى مثل الجهاد والخلافة والديار والخراج.... الخ، وإنما هو مصطلح جديد، اصطلح عليه أهل هذا الزمان، وقبل أن نشرع بالتعريف الاصطلاحي لكلمة (الخطاب) سنبدأ بالتعريف اللغوي أولا، لأن مدلولات اللغة غالبا ما تؤثر في المصطلحات والمعاني التي يصطلح عليها الناس. أولاً: تعريف الخطاب لغةً: جاء في لسان العرب أن (الخطاب هو مراجعة الكلام، وقد خاطبه بالكلام مخاطبة وخطابا... والمخاطبة مفاعلة من الخطاب)( ). وجاءت مادة (خطب) في عدة مواضع من القرآن الكريم، قال تعالى: ﴿وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ﴾ (ص:20)، وقال جل شأنه: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً﴾ (الفرقان:63)، وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ﴾ (هود:37). ثانياً: تعريف الخطاب اصطلاحاً: وعرف بأنه (كل نطق أو كتابة تحمل وجهة نظر محددة من المتكلم أو الكاتب، وتفترض فيه التأثير ( ) ابن منظور " لسان العرب – مادة "خطب". على السامع أو القارئ، مع الأخذ بعين الاعتبار مجمل الظروف والممارسات التي تم فيها)( ). وفي ضوء ما سبق يمكن أن نعرف الخطاب بأنه إيصال الأفكار إلى الآخرين بواسطة الكلام المفهوم، واللغة في ذلك هي أداة الخطاب يعني وعاء الأفكار. وعندما ننسب الخطاب إلى الدين، ونحن هنا نقصد الدين الإسلامي قطعا، وإن كان يسمى الخطاب الديني غير الإسلامي خطابا دينيا، كالخطاب الديني النصراني، واليهودي... حتى أنه حينما أطلق الغرب هذا المصطلح، قصد به خطاب الإسلام، والإسلام هو الدين الذي نزل به الروح الأمين جبريل عليه السلام على قلب نبينا محمد ليكون من المنذرين للناس كافة بلسان عربي مبين، ليخرجهم من الظلمات إلى النور بإذن ربهم العزيز الرحيم. ( ) أحمد عبدالله الطيار(2005) "تأويل الخطاب الديني في الفكر الحداثي الجديد"، حولية كلية 4- أصول الدين القاهرة، العدد (22)، المجلد الثالث، ص 12. وأرى فى ذلك ....(فالخطاب الإسلامي هو الرسالة التي نزلت من فوق سبع سماوات عن طريق الوحي، لتنظيم علاقات البشر مع خالقهم وأنفسهم وغيرهم، وهذا الخطاب هو الذي يحدد المصلحة من المفسدة، والصالح من الطالح، والمستقيم من المعوج، والمؤمن من الكافر، والصواب من الخطأ، ويقرر السلم من الحرب، وهو الميزان الذي يفصل في ميزان الخلق إلى الجنة أو النار، هذا هو الخطاب) الباحث / فتحى محمد عطية _دراسات اسلامية الديدامون شرقية_وعضواَ بالرابطة العالمية لخريجى الازهر الشريف
أسس الخطاب الديني: يقوم خطاب الإسلام على أساسين بينهما ارتباط وثيق وامتزاج وتلازم إلى حد عدم الانفصال، وهما مجتمعان يشكلان الخطاب الإسلامي. أولاً: الوحي: وهو المتمثل بنصوص القران الكريم ونصوص السنة النبوية، ثانياً: اللغة العربية: وهي لغة الإسلام ووعاء أفكاره ومعارفه، وهي جزء جوهري في إعجاز القران، والقرآن لا يكون قرآنا إلا بها، ونحن متعبدون بلفظه، قال الله تعالى:﴿ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ (الزخرف:3)
خصائص الخطاب الديني: والخطاب الإسلامي يتميز عن غيره من الخطابات الدينية والمبدئية، وأهم خصائصه هي: 1- انه خطاب عالمي، بمعنى انه جاء يخاطب البشرية جمعاء بقطع النظر عن أعراقهم وأجناسهم وألوانهم واختلاف ألسنتهم، 2- أنه خطاب شمولي، وهو بذلك يختلف عن الديانات الأخرى،فهو شامل لجميع مناحي الحياة المتصلة في تنظيم علاقة الإنسان بخالقه وبنفسه وغيره وفيه الخطاب العقائدي وفيه الخطاب السياسي، وفيه الخطاب الاقتصادي، قال الله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ (البقرة:275)، 3- يحقق الطمأنينة والسعادة والاستقرار والأمن في الحياة الإنسانية، قال تعالى: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ (طه:123،124)، 4- وهو خطاب نهضوي، أي انه جاء لينهض بالإنسان النهضة الصحيحة ويميزه عن غيره من المخلوقات، والإسلام أعطى المفاهيم والتصورات عن لغز الوجود والحياة وحل العقدة الكبرى عند الإنسان حلا صحيحا بواسطة الفكر المستنير وهو الحل الوحيد الذي يوافق فطرة الإنسان، ويملأ العقل قناعة والقلب طمأنينة( ). ( ) تقي الدين النبهاني (2001) " نظام الإسلام "، ط6، من منشورات حزب التحرير، ص5. 5- أنه خطاب مؤثر، لأنه يخاطب عقل الإنسان وفطرته السليمة، ويحرك مشاعر الإنسان وعواطفه في نفس اللحظة التي يستثير فيها عقله، 6- وهو خطاب ثابت لا يتغير بتغير الأمكنة والأزمنة، والمقصود بالخطاب الثابت هو الأحكام الشرعية، فإذا عالج الحكم الشرعي قضية ما تبقى القضية تأخذ نفس الحكم، فذا كان هناك واقع جديد فأنه يحتاج إلى حكم أخر، أما الأساليب والوسائل فإنها تتغير وتتبدل، وقد أعطي لكل مسألة حكماً خاصاً بها، وفيه من السعة والشمول، بحيث لا يستجد شيء إلا وأعطاه حكماً من الشرع، وهو الدين الوحيد الذي أعطى كل الحوادث الماضية والحاضرة وحتى في المستقبل أحكاماً شرعية، فهو يفرض على الواقع التغير حسب مقتضياته، ولا يرضى بأنصاف الحلول مهما كان ولا تتغير أحكامه مطلقا، وهي صالحة لكل زمان ومكان، والغاية لا تبرر الوسيلة 7- أنه خطاب وحدوي، يقوم على صهر الناس من خلال المفاهيم في بوتقة العقيدة الإسلامية ليكونوا أمة واحدة تربطهم عقيدة الإسلام،
الشطر الثانى ... ( بين التراث والمعاصرة )
حيث يقصد به الخطاب الدينى وينتج عنه تجديد الخطاب الدينى بين التراث والحاضر المعاصر إن الخطاب السائد اليوم عند الفريقين معا، وإن كان يولي اهتماما خاصا بالتراث الثقافي والديني القديم فإن اهتمامه هذا لا يشكل إعادة قراءة لهذا التراث في أفق العمل على تجديد الخطاب الإسلامي، وإنما هو استغلال للموروث الثقافي من أجل تعبئة العقول لتحقيق أغراض لا تخدم التراث القديم ولا الفكر المعاصر. وما يثير الانتباه ويدعو إلى التأمل في هذا الصدد أننا أصبحنا لا نشهد اليوم إسهاما نظريا جديدا يشبه ما قام به رواد الفكر الإسلامي القديم عندما شرعوا في بناء معارفه العلمية الخاصة ابتداء من القرون الأولى للهجرة كالإمام الشافعي أو الشاطبي والفيلسوف ابن رشد أو ابن عربي وغيرهم كثير. كما لا يصح بداهة أن نقيم علاقات وروابط حية مع تراثنا القديم بغية التجديد، ما لم نقبل في الآن نفسه ما يقتضيه منطق العصر بشجاعة ومسؤولية ودون مركب نقص. ولا يمكن أن يتحقق كل هذا إلا إذا تم استيعاب الجهاز المفاهيمي والمنهجي الذي بلوره البحث العلمي المعاصر وما يزال. كما أن الدعوة إلى تطبيق المناهج الحديثة عند إنتاج خطاب إسلامي معاصر، لا يجب أن تكون مجرد حملة عابرة يرددها الكل ويحلي بها كلامه في المحافل والمنتديات العلمية والسياسية أيضا، كلما ذكر الخطاب الديني، بل يجب أن تكون دعوة متواصلة من شأنها أن تحقق في آن واحد امتلاك تراثنا العلمي وتجديد فكرنا وخطابنا المعاصر. من هذا المنطلق يجب على الباحثين، اليوم، أن يسلكوا طريقا تجعل للتراث المرتبة الأولى في التجديد، وتعتبر معطيات البحث العلمي المعاصر الأساس القمين للقيام بهذا الدور, الخطاب الديني بين الأصالة والمعاصرة محمد الفران نشر في المساء يوم 16 - 10 - 2009م
وفى أقصى الطرف الآخر نجد من يتطاول تطاولا سافرا على امور هى من الثوابت او فى منزلتها على الأقل متخذا من شعار التجديد الذى يصل عند البعض إلى درجة الهدم مجالا للأعتداء على الثوابت قد يكون عن ضيق أفق أحياناً او عن نفعية وسوء قصد لا نثبته ولا ننفيه لأن القلوب بيد الله (عز وجل ) والنيات عنده مرجعها ومقصدها.( ولو شاء الله لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم ) أ.د/محمد مختار جمعة وزير الأوقاف. (مجلة منبر الإسلام ) العدد (٧)
واعده وقاما بتجميعة الباحث / فتحى محمد عطية _ بكلية دراسات الديدامون شرقية _ وعضواَ بالرابطة العالمية لخريجى الازهر الشريف