أحبُّكِ يا ليالِيَّ
أحبُّكِ يا ليالِيَّ يا مَنى رُوحي ومِنجاتي
وسِحرُكِ في دمي نارٌ، وفي نَظري منَ الآتِ
سكنتِ الحرفَ مذ نادى، ونادى القلبُ آهاتي
كأنكِ كنتِ من بَدرٍ، وأنَّكِ كنتِ آياتي
رأيتُكِ في خيالاتي، تُضيئينَ المدى ذاتي
فلا وجهًا رأيتُ، فعادَ نوركِ بينَ حالاتي
أُحِبُّكِ لا لشيءٍ، بل لأني كنتُ في ذاتي
أفتّشُ عنكِ في حلمي، وفي همسي وصلواتي
ليالِيَّ التي ذابتْ، كأنّ الدهرَ مأساتي
أيا أنثى تمنَّتني، ومُنْيَتها منَ الذاتِ
كأنّ الليلَ إن مرّتْ نسائمهُ على ناحي
أتتْكِ من دمي نارٌ، ومن وجدي مناجاتي
كأنّ البحرَ إن همسَ، ارتوى من بوحِ آهاتي
فكيفَ يلومُني الناسُ، إذا ما جئتُ غاراتي؟
أنا لا أرتجي حظًّا، ولا أغريكِ بالهاتي
ولكنّي أحبُّكِ في نقاءِ الحبّ والنّياتِ
أيا ليلى، سلامُ القلبِ إن مرّوا بشرفاتي
حديثُكِ ضوءُ أمنيةٍ، تفتّح في سماواتي
إذا ما جئتُ أبوحُ بما يجيشُ القلبُ من ذاتي
بكيتُ الشعرَ في صمتٍ، وسُقتُ الحرفَ عبراتي
كأنكِ في دروبِ الوصلِ تائهةٌ كمرآتي
ففيكِ تكسّرتْ أشواقيَ العظمى وراياتي
أيا ليلى، وإن جاروا، فحبُّكِ رغمَ لوعاتي
يظلُّ النورَ في قلبي، ونجمًا رغمَ عثراتي
وإن تسألي عن العشقِ، خُذي قلبي وسجلاتي
تجديني كلّما أنكرتُ، قيدَكِ بين راحاتي
أنا من قبلُ ما عرفتُ الهوى إلا بلمحاتي
فلما جئتِ، صارَ الدمعُ يكتبُ في رسالاتي
كأنكِ كنتِ أندائي، وكنتِ الصبحَ في ذاتي
فما عادتْ لي الأيامُ تُغنيني بإشراقاتي
تخبّئينَ في صدري، كميناءٍ بأشرعتي
وتسكنني كنصٍ من دعاءٍ في مناجاتي
إذا ما الليلُ أرعبني، رأيتُكِ فيه أمنياتي
وفي همسكِ تلاوتُني، وفي صمتكِ عباداتي
أحبُّكِ رغمَ ما مضَتِ الليالي من خياناتي
فقلبي لا يراكِ سوى ملاكِ القلبِ، آهاتي
تعبتُ من انتظاراتي، ولكنّي على شتاتي
أراكِ تجيئينَ من صبري، لتُحيي بي كراماتي
وإن ضاقَ المدى يومًا، فأنتِ الحلمُ ليلاتي
وأنتِ العطرُ في جرحي، وإن كُتِبَتْ نهاياتي
أنا من قالَ فيكِ الشعرَ، من شوقٍ ومن ذاتي
ومن نُطقِ القصائدِ قد ولدْتِ على عباراتي
أحبّكِ، لا كما يهوى فتىً من بعدِ زلّاتي
ولكن كابتهالِ الروحِ في أسمى عباداتي
أنا المتبتّلُ الأشواقَ، أرتّلها بآياتي
وفيكِ تلاوةُ العشّاقِ، إن ضجّتْ دعاءاتي
وما لي بعدُ من وطنٍ، سوى عينيكِ، راياتي
ففي عينيكِ أحلامي، وفي صمتكِ نجاتي
إذا ما قِيلَ لي: "أنسَى؟"، أقولُ: تموتُ جنّاتي
إذا ما انطفأَ الحُبُّ الذي فيكِ، وآياتي
فكوني لي، وإن غابتْ سماءُ الوصلِ عن ذاتي
دعيني فيكِ أكتبُني، وأختمُ كلّ راياتي
أيا ليلى، ومهما قالَ عنّا الحرفُ في غفواتي
أظلُّ أحبُّكِ العشقَ الذي يسمو عن الشهواتِ
صائغ القوافي الشاعر
فهد بن عبدالله فهد
الصويغ
وزن القصيدة بحر الوافر



ساحة النقاش