أَقْبَلَتْ
أَقْبَلَتْ… فَارْتَبَكَ الْكَوْنُ هِيَامِي
وَتَكَسَّرَتْ فِي خَاطِرِي أَوْهَامِي
وَمَشَتْ خُطَاكِ فَخَافِقُ الْوَرْدِ انْحَنَى
تَقْدِيسَ عِطْرِكِ فِي مَدَى هِيَامِي
يَا مَنْ سَكَنْتِ شَغَافَ قَلْبِي خِلْسَةً
حَتَّى غَدَوْتُ أَسِيرَكِ وَمُرَامِي
فِي صَوْتِكِ الْعَذْبِ الْوَضَّاءِ تَرَنُّمٌ
لَوْ مَسَّ كَوْنًا أَطْفَأَ الْآلَامِ
عَيْنَاكِ لَيْلٌ حِينَ يُسْبِلُ سِتْرَهُ
وَالْبَدْرُ فِيهِمَا يُضِيءُ ظَلَامِي
مَا كُنْتُ أَدْرِي أَنَّ لِلسِّحْرِ الْمُنَى
حَتَّى رَأَيْتُ الضَّوْءَ فِي إِلْهَامِي
فَإِذَا تَبَسَّمْتِ تَفَتَّحَتْ أَيَّامُنَا
وَتَرَنَّمَ الْفَجْرُ الْجَدِيدُ أَمَامِي
وَإِذَا تَجَلَّى الْحُزْنُ فِي أَحْدَاقِكِ
زَلْزَلْتِ فِي صَدْرِي حُقُولَ سَلَامِي
يَا زَهْرَةً وُلِدَتْ عَلَى جَمْرِ الْهَوَى
فَغَدَا احْتِرَاقِي فِي هَوَاكِ غَرَامِي
أَنَا لَا أُجِيدُ بِغَيْرِ حُبِّكِ نَظْرَتِي
وَلَا أَرَى الدُّنْيَا سِوَى أَنْغَامِي
إِنْ غِبْتِ غَابَ النُّورُ عَنْ أَشْرِفَتِي
وَتَبَعْثَرَتْ فِي تِيهِ رُوحِي قَامَتِي
لَا تَسْأَلِي عَنْ رَعْشَةٍ سَكَبَتْ دَمِي
فَالْجُرْحُ مِنْ كَفَّيْكِ طِيبُ وِسَامِي
أَهْفُو إِلَيْكِ كَسَحَابَةٍ مُتَضَرِّعٍ
حَتَّى يُفِيضَ هَوَاكِ فِي إِقْدَامِي
كَمْ عَلَّمْتِ قَلْبِي بِأَنَّ الشَّوْقَ نَارٌ
وَبِأَنَّ نُورَ النَّارِ أَحْلَى خِتَامِي
إِنْ قُلْتُ صَبْرًا خَانَنِي صَبْرِي سِوَى
اسْمِكِ الْمُنَادِي فِي دَمِي وَنِظَامِي
أَنْتِ الَّتِي جَعَلَتْ لِلْحُبِّ مَدًى
وَتَكَسَّرَتْ عِنْدَ حُدُودِكِ أَحْلَامِي
إِنْ شِئْتِ كَانَتْ جَنَّتِي فِي ثَغْرِكِ
أَوْ صَارَ فِي بُعْدِكِ قَاسِي حِمَامِي
فَأَمِيلِي عَلَيَّ بِصَوْتِكِ الْمُتَمَوِّجِ
وَاسْقِي فُؤَادِي مِنْ رَحِيقٍ سَامِي
مَا زِلْتُ أَكْتُبُ فِي هَوَاكِ قَصَائِدِي
حَتَّى تُفِيضِي فِي دَمِي إِكْرَامِي
وَأَقُولُ: إِنَّ الْحُبَّ أَنْتِ تَمَامُهُ
وَبِكِ اكْتِمَالُ قَصِيدَتِي وَخِتَامِي
وَبِكِ ابْتَدَأَ النَّبْضُ الْجَمِيلُ وَإِنَّنِي
مَا عُدْتُ أَذْكُرُ قَبْلَهُ أَيَّامِي
فِي رَاحَتَيْكِ قَصِيدَةٌ مَنْشُورَةٌ
لَوْ تُقْرَأُ ارْتَجَفَ الْوُجُودُ قِيَامِي
حَتَّى النَّسِيمُ إِذَا مَرَرْتِ تَطَيَّبَتْ
أَنْفَاسُهُ وَتَكَسَّرَتْ أَقْدَامِي
أَنَا غَيْمَةٌ فِي ظِلِّ عَيْنَيْكِ ارْتَضَتْ
أَنْ لَا تَرَى الدُّنْيَا سِوَاكِ غَمَامِي
تَغْتَالُنِي نَظَرَاتُكِ السَّمْرَاءُ إِنْ
هَطَلَتْ عَلَى قَلْبِي كَسَيْفِ سَلَامِي
يَا سِيمْفُونِيَّةَ الْهَوَى… يَا نَشْوَةً
قَدْ أَغْرَقَتْ أَلْحَانُهَا أَنْغَامِي
إِنْ قُلْتُ: أُحِبُّكِ، خَانَنِي تَعْبِيرِي
فَاللَّفْظُ دُونَكِ عَاجِزُ الْإِلْهَامِ
أَنْتِ السُّؤَالُ وَكُلُّ مَعْنًى أَجِدُهُ
فِي كَفِّكِ الْبَيْضَاءِ عِنْدَ قِيَامِي
حَتَّى السُّكُونُ إِذَا جَلَسْتِ بِقُرْبِي
يَهْتَزُّ طَرَبًا فِي خَفَايَا قِوَامِي
إِنِّي كَتَبْتُ عَلَى جَبِينِي عَهْدَنَا
وَرَبَطْتُ اسْمَكِ فِي دَمِي وَأَيَّامِي
مَا كُنْتُ أُؤْمِنُ بِالْخُلُودِ وَلَكِنَّنِي
بِالْقُرْبِ مِنْكِ صَدَّقْتُ أَوْهَامِي
فَامْكُثِي… فَالْكَوْنُ يَصْغُرُ دُونَكِ
وَتَضِيعُ فِي غِيَابِكِ أَعْوَامِي
صائغ القوافي الشاعر
فهد بن عبدالله فهد الصويغ
وزن القصيدة بحر الكامل


