يتسبب النمو المطرد في التوسع الحضري والعمليات الصناعية في انبعاث مستمر لغازات الاحتباس الحراري (GHGs) ، وخاصة غاز ثاني أكسيد الكربون، والذي يؤثر بدوره على المناخ حيث يتسبب في ارتفاع درجات الحرارة في العالم. وبالتالي يشكل تغير المناخ تهديدًا خطيرًا لقطاع المياه نظراً لحدوث فيضانات أو جفاف في بعض المناطق الجغرافية المختلفة مما يؤثر علي كمية المياه المتاحة وجودتها.
على الرغم من أن مصر تساهم بشكل ضئيل في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ، إلا أنها مصنفة كواحدة من خمسة بلدان شديدة التأثر بتغير المناخ في العالم. حيث تواجه مصر أخطر تأثيرات ارتفاع مستوى سطح البحر في شكل غمر المنطقة الساحلية وزيادة ملوحة التربة والمياه الجوفية في طبقات المياه الجوفية الساحلية وذلك طبقاً لتقرير جهاز شئون البيئة لعام 2016.
نظراً للآثار السيئة للتغير المناخي فقد أصبح لزاماً أن يتم تطوير تقنيات معالجة المياه لمجابهة آثار التغير المناخي علي قطاع المياه. يعتمد التطوير في الأساس علي محورين أساسيين هما استراتيجية التكيف علي الوضع القائم لقطاع المياه المتأثر فعلياً بالتغير المناخي أو استراتيجية التخفيف من التغير المناخي. فعلي سبيل المثال تعتبر تقنية تحلية المياه من أهم الطرق التي تحقق استراتيجية التكيف، حيث تعد هذه التقنية قادرة على مواجهة النقص المتزايد في المياه الناتج من التغيرات المناخية. تعتمد تقنية تحلية المياه بالأساس علي فصل الأملاح عن طريق أغشية ذات مسام دقيقة. وقد تم العمل علي تطوير المادة المصنع منها الأغشية وذلك لانتاج كميات أكبر من المياه منزوعة الأملاح في وقت قصير مما يترتب عليه توفير في الطاقة اللازمة لعملية التحلية. كما تم تطوير تقنية تحلية المياه للعمل باستخدام الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية أو طاقة الحرارة الأرضية كبديل للوقود الأحفوري الذي يسبب انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. ومن جهة أخرى تعد عملية التخثر المتقدمة هي نوع آخر من تقنيات معالجة المياه التي تحقق استراتيجية التكيف. يتم استخدام مواد تخثر بوليمرية طبيعية في هذه التقنية مما يؤهلها لمعالجة زيادة العكارة في مجاري المياه بعد الفيضانات الناجمة عن التغير المناخي.
من ناحية أخرى، يمكن أن تلعب الابتكارات الجديدة في تكنولوجيا معالجة المياه دورًا مهمًا في استراتيجية التخفيف من التغير المناخي عن طريق تقليل انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون. يتم ذلك عن طريق استهلاك غاز ثاني أكسيد الكربون المتواجد في الغلاف الجوي، فعلى سبيل المثال يمكن تثبيت غاز ثاني أكسيد الكربون أثناء معالجة مياه الصرف الصحي باستخدام الطحالب أو عملية الحفز الضوئي. كما يمكن إنتاج طاقة نظيفة كبديل للوقود الأحفوري - المصدر الرئيسي لغاز ثاني أكسيد الكربون - أثناء عملية معالجة المياه العادمة باستخدام خلايا الوقود الميكروبية.
مما سبق يمكن استنباط أن الابتكارات في تقنيات معالجة المياه يمكن أن تساهم إلى حد كبير في مواجهة التغيرات المناخية.