تحققت خلال الـ10 سنوات الأخيرة العديد من الإنجازات، التى شهدتها الجمهورية الجديدة، فى مجال الثقافة من خلال رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذى يسعى لبناء الإنسان المصري، ثقافيًا وفكريًا. ومن أبرز ما تحقق ثقافيًا فى مجال المشروعات الإنشائية، العمل على 201 مشروع على مستوى الجمهورية، بتكلفة إجمالية 7.5 مليار جنيه، تم الانتهاء من 149 مشروعًا، من المشروعات التى تُسهم فى وصول المنتج الثقافى والإبداعى لكافة المواطنين على كل شبر من أرض مصر حتى القرى والنجوع.
كما نفذت الهيئات الثقافية التابعة لوزارة الثقافة فى مجال تعزيز القيم الإيجابية فى المجتمع ومواجهة التطرف الفكري، 338 ألف نشاط ثقافى وفكرى وإبداعي، تمثلت فى عدد من المشروعات والمبادرات الثقافية والفنية منها، «أهل مصر لأبناء المحافظات الحدودية»، وغيرها، ووصل عدد المستفيدين من هذه الأنشطة أكثر من 9 ملايين مواطن.
وفى مجال تنمية الموهوبين ودعم المبدعين، استطاعت وزارة الثقافة خلال السنوات الماضية، من إصدار قانون بجائزة الدولة للمبدع الصغير، التى انطلقت تحت رعاية السيدة انتصار السيسى، لتكون الأولى من نوعها على مستوى الشرق الأوسط، والتى تهدف إلى منح جوائز للمبدعين فى مراحل النشء والشباب من سن 5 إلى 18 سنة فى مجالات الثقافة والفنون والابتكارات العلمية، وحصل عليها 83 طفلًا وفتاة على مستوى الجمهورية، هذا إلى جانب تنظيم 166 ألف فعالية فى هذا الإطار، منها التوسع فى إنشاء مراكز تنمية المواهب فى المحافظات.
بينما نجحت مصر بتسجيل 6 عناصر جديدة مختلفة من الفنون التراثية فى قائمة التراث غير المادى بمنظمة اليونسكو، بعد أن كان ما تمتلكه مصر عنصرًا واحدًا فقط هو السيرة الهلالية، حيث تم تسجيل التحطيب، الأراجوز، العادات والتقاليد والممارسات المتعلقة بالنخلة، النسيج اليدوى بالصعيد، الخط العربي، الاحتفالات المرتبطة برحلة العائلة المقدسة.
ولم تكن العدالة الثقافية فى معزل عن اهتمامات القيادة السياسية التى سعت لترسيخ العدالة الثقافية بين المواطنين، من خلال قيام وزارة الثقافة بتوزيع الأنشطة على كافة المحافظات على مستوى الجمهورية، حيث تم تقديم 100 ألف نشاط ثقافي، تمثلت فى الأنشطة المقدمة للمناطق الحدودية والأكثر احتياجًا، إلى جانب القوافل الثقافية والفنية، ومشروع عاصمة الثقافة المصرية والذى تم فى محافظات «مطروح، بورسعيد، الوادى الجديد»، وتنظيم واستحداث عدد من المهرجانات بالمحافظات مثل مهرجانات «القلعة، دندرة، أبيدوس، السويس، تل بسطا» للموسيقى العربية، بمشاركة عدد من نجوم الطرب فى مصر، ونجوم دار الأوبرا المصرية، إلى جانب تنظيم الهيئة المصرية العامة للكتاب 536 معرضًا على مستوى الجمهورية، وأقامت الهيئة العامة لقصور الثقافة 3000 معرض للكتاب بالمواقع التابعة لها فى المحافظات، وفى هذا المجال استطاعت الوزارة تصنيع 6 مسارح متنقلة وملحقاتها، بالتعاون مع وزارة الإنتاج الحربي، وجارٍ العمل على تصنيع 8 مسارح أخرى، وغيرها من الأنشطة الثقافية التى تحققت أو التى تسعى الدولة لتحقيقها، كل هذه الأرقام تكشف حجم المنجز الثقافى للدولة المصرية، وأن مفهوم العدالة الثقافية يتحقق على أرض الواقع.
ومع دخول عام جديد سألت المثقفين ماذا يريدون فى الملف الثقافى.
الكاتبة فريدة الشوباشي، عضو مجلس النواب، تثمن ما تحقق من إنجازات ثقافية، وتتمنى أن يكون عام 2024 بداية العودة الحقيقية والكبيرة للقوة الناعمة المصرية، بمفهومها الثقافى الواسع، من أدب ومسرح وتليفزيون، وتكون الريادة الثقافية لمصر، وهى تثق تمامًا فى رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسى وأنه سيحقق هذه الأمنية.
وتضيف أننا فى حاجة لجهد أكبر فى ظل الجمهورية الجديدة، ومضاعفة العمل لثلاث مرات، لنحقق ما نرجوه من تقدم ورخاء، لأننا يقينًا فى حالة ركود وسكون طويلة لمدة خمسين سنة قبل ثورة 30 يونيو 2013، لكن الحمد لله استطعنا خلال السنوات العشر الأخيرة أن نشعر بالأمن والأمان والحرية، وكنا نعرض كل الآراء بكل حرية فى جلسات الحوار الوطنى دون قيود، ورأينا فى الانتخابات الرئاسية تنافس أربعة مرشحين بكل نزاهة وشفافية، كل هذا يؤكد أننا نسير فى المسار الصحيح.
وتشير «الشوباشي» إلى أهمية معركة بناء الوعى فهى معركة مهمة للغاية، لأنها مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالبناء ومكافحة الإرهاب، فبناء الوعى يساهم فى نجاح معركتنا ضد الجماعات الإرهابية، ويساهم فى الحفاظ على المشروعات القومية التى تتبناها الدولة.
بينما طرح الدكتور محمد أبوالفضل بدران، الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للثقافة، أمنياته الثقافية التى يتمنى تحقيقها خلال عام 2024، منها خروج الأنشطة الثقافية إلى الشباب، والتجمعات الشبابية من أندية ومراكز شباب، حتى لا تكون محصورة فى قاعات محددة وجمهور مكرر، والأمر الثانى أن يتحول الحوار الوطنى إلى المرحلة الأهم وهى اشتراك الجمهور غير النوعى فى الحوار.
كما طالب بضرورة إقامة مؤتمر ملتقى الرواية العربية، قائلاً إن هناك ضيوفًا عرباً يستطيعون تحمل نفقاتهم الخاصة من تذاكر طيران، ويمكن أن نوفر لهم إقامة بمصر، وهذا ليس بمعضلة كبرى، لأن هذا الحضور العربى من مبدعين يؤكد ريادة مصر الثقافية والأدبية والفكرية والفنية، وأى أديب عربى يفتخر بحصوله على جائزة أدبية أو فنية من مصر، لأن القضية ليست قضية مادية لكنها ريادة مصرية عبر القرون، فاسم مصر على جائزة هو الجائزة فى حد ذاته بالنسبة لهم.
وعن تحقيق العدالة الثقافية فى المناطق الحدودية والمهمشة يقول كنت أول من وضع مصطلح العدالة الثقافية عندما كنت أمينًا عامًا للمجلس الأعلى للثقافة، وفى هذه النقطة لا بد أن نذهب إلى هؤلاء فى المناطق الحدودية فى الكفور والنجوع وهذا بدأ مع مبادرة حياة كريمة ولابد أن يكتمل، لأن هؤلاء أكثر عرضة للتأثير عليهم من دعاة التطرف والتكفير والتشدد، وأعتقد أن وزارة الثقافة ووزارة التعليم العالى والأوقاف والشباب، معنيون بأن يذهبوا إلى هؤلاء فى صورة محاورة، وهذا ما نتمناه فى ظل عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال فترة رئاسته الجديدة.
أما الروائى منير عتيبة، مقرر لجنة السرد القصصى والروائى بالمجلس الأعلى للثقافة، فيتمنى توقيع اتفاق تعاون بين وزارة الثقافة ووزارة التربية والتعليم، لكى يكون للمبدعين فى جميع محافظات مصر دور وتواصل مع تلاميذ المدارس، لأن هؤلاء لديهم قدرة على ملء الفراغ الذى قد يلجأ إليه البعض لملئه، وإن لم تملأ هذا الفراغ سيدخل غيرك يملؤه، فالمسألة تحتاج إعادة نظر، ونحن لدينا مشروع فى لجنة السرد بشأن ترشيح مبدعين لإرسالهم إلى المدارس للتحاور مع التلاميذ وتثقيفهم، وأعتقد أن هذا المشروع سيحدث نقلة نوعية فى عقول الأجيال الجديدة.
كما يطمح «عتيبة» أن يكون للهيئات الثقافية الكبرى مثل هيئة قصور الثقافة وهيئة الكتاب والمجلس الأعلى للثقافة تواجد وتفاعل فى كل الكفور والنجوع بما فى ذلك المناطق الحدودية، من خلال منتجاتها المختلفة من كتب ومسرح وفعاليات ثقافية مختلفة، والعمل على اكتشاف المواهب فى المجالات المختلفة لإثراء هذه الأقاليم، وليس لجذبهم للقاهرة، وهو ما يتطلب وضع آليات منتظمة تضمن وجودًا حقيقيًا للمبدع فى الشارع، فى المدارس ومراكز الشباب وكافة الأماكن غير المخصصة للفعاليات الثقافية المعتادة مثل الأوبرا وقصور الثقافة، من خلال استهداف أماكن جديدة، فالثقافة هى التى يجب أن تصل للجمهور، حتى بيته لا أن يبحث هذا الجمهور عن الثقافة.
أما الروائى والناقد سيد الوكيل، فيطالب بإعادة تنشيط دور أندية الأدب المنتشرة على مستوى الجمهورية، لأنها حلقات مغلقة على ذاتها وليس لها حضور على أرض الواقع، فمثل هذه الدوائر تحتاج لإعادة نظر فى اللوائح والقوانين الخاصة بالمؤسسات الثقافية فيما يخص دورها ونشاطها، مع عدم إغفال أهمية التحول التكنولوجى لكل مؤسسات الدولة وخاصة الثقافة لتصل الثقافة إلى يد كل مواطن من خلال المحمول، بينما مازلنا نتحدث عن أساليب الصناعة القديمة، علينا أن ندرك هذا التحول السريع.
وعن الثقافة الجماهيرية يقول «الوكيل» إنها موجودة ويطلق عليها الثقافة الشعبوية، لأنها انتقلت من الواقع المعاش من خلال قصور الثقافة التى كانت تدار من خلال مؤسسات الدولة، إلى انتشارها على الإنترنت، وكل من يريد تقديم شيء يقدمه على موقعه أو صفحته دون آليات أو قوانين، فأصبح خطابًا شعبويًا، مثلاً الشائعات التى يتم ترويجها على صفحات السوشيال ميديا تظهر وتختفى ورغم ذلك يصدقها الناس، وهذا يؤكد أننا فى حاجة لبناء الوعي.
وعلى مستوى العالم كله المفهوم المؤسسى الذى تحكمه القوانين القديمة يتراجع الآن فى ظل هذه التكنولوجيا، ويمكن لأى شخص أن يقدم ما يريده على الإنترنت وينافس مؤسسات، وهو ما يتطلب منا الاستفادة من هذه التكنولوجيا بمنهج علمى وصحيح يخدم واقعنا الثقافى والمعيشى ويتناسب مع قدراتنا وإمكانياتنا، ويكون لدينا خطاب ثقافى يحترمه الناس، وتجد فيه ما يقنعهم ويقدم لهم رؤية حقيقية، ولا ندعه فريسة للأفكار الهدامة.
موضحًا أن بناء الوعى يحتاج لخطة ليست سهلة وطويلة وله ثمن، وعلى كل مواطن أن يعى هذا الثمن، فمصر تحملت تبعات حروب وأزمات كثيرة منذ سنة 1948 وحتى الآن، وأضف إليها الإرهاب فى السنوات الأخيرة، وهذا يحتاج منا جهدًا مضاعفًا، لما يدور حولنا من صراعات إقليمية وعالمية.
أما الكاتبة سماح أبوبكر عزت، المتخصصة فى أدب الطفل، فترى أن ملف الطفل يقع على رأس اهتمامات القيادة السياسية وحاز على اهتمام كبير فى مختلف المجالات، وتتمنى أن ينال هذا الملف نفس الرعاية والاهتمام وأكثر خلال عام 2024، بأن يكون هناك فعاليات وبرامج وفرص أكثر يجدها الأطفال للتعبير عن أنفسهم، وأن يجدوا برامج تخاطبهم، وأن تفتح المدارس طوال فترة الصيف «نادى صيفي» يتيح للأطفال ممارسة الأنشطة الرياضية والثقافية، بحيث نشغل وقتهم فى أمور مفيدة بعيدًا عن الأجهزة التكنولوجية الحديثة التى تلتهم وقتهم.
كما عبرت كاتبة الأطفال عن سعادتها بأن مبادرة رئاسية مثل حياة كريمة مخصصة فعاليات للأطفال، وتتشرف بأن تكون سفيرة لمبادرة حياة كريمة لشئون الطفل، وهذا أمر نثمنه جدًا، لما تراه من اهتمام كبير بالأطفال فى القرى والنجوع ولم يعد الأمر مقتصرًا على المدينة، لأن هؤلاء الأطفال هم «أصحاب بكرة» على حد تعبيرها.
كما تتمنى «أبوبكر» أن يقام معرض كتاب خاص للطفل، يقام كل عام، ويتضمن أنشطة وفعاليات متنوعة للأطفال، ليس للكتب فقط، لكن ورش حكى ورسم وغيرها من الفعاليات التى تخص اهتماماتهم، وهذا مهم جدًا، لأن الطفل يحب أن يشعر دائمًا بأنه فى بؤرة الاهتمام، وهذا ينعكس عليهم ويكون حافزًا لهم.
وتعلم بتدريس عدد من قصص المبدعين للأطفال فـي المدارس، ويمكن أن تستعين وزارة التربية والتعليم بكتاب أطفال لكتابة قصص تعالج قضايا بعينها طبقًا لخطة ورؤية الوزارة.
وفيما يخص الجانب التشريعى أوضحت الروائية ضحى عاصي، عضو لجنة الثقافة والإعلام والآثار بمجلس النواب، أن الثقافة مثلها مثل أى قطاع تحتاج لمجموعة من القوانين والآليات الحاكمة لوضع تصور ثقافى يتناسب مع متطلبات العصر فى ظل الجمهورية الجديدة التى نحلم بها، ومن هذه التشريعات قالت إنها تحلم بخروج مشروعها الذى أعدته وحصلت على عدد من موافقات أعضاء البرلمان عليه، وهو معنى بحماية التراث، لأن مصر غنية بالتراث غير المادى ويحتاج هذا التراث للتوثيق والحفظ.
إضافة إلى رغبتها فى تعديل قانون الملكية الفكرية، بما يتناسب مع الممارسات الثقافية الحديثة وعلى رأسها النظر للفضاء الإلكتروني، وأيضا تسعى لتعديل قانون اتحاد الناشرين وقانون اتحاد الكتاب، وأيضا تعديل طريق عمل المؤسسات الثقافية الخاصة لإعطائها حرية ومميزات أكثر فى العمل الثقافى، بما يسمى سجلا ثقافيا ليكون هناك جانب اقتصادى دون إغفال أهمية هذا القطاع فى بناء الوعي، لأن هذه القوانين قديمة ولا بد من تعديلها للمساهمة فى بناء تصور ثقافى جديد.