كل عام نطمح فى نيل أو ترشح أحد الكتّاب العرب لجائزة نوبل فى الآداب، إلا أن النتائج تأتى بما لا تشتهى الأنفس، فمنذ عام 1988 عندما حصل عليها الروائى العالمى نجيب محفوظ ولا نعرف طريقها، فهو أول وآخر عربى يفوز بالجائزة.. وأصبح السؤال الذى نطرحه كلما حان وقت إعلان الفائزين عن سبب ابتعاد الكتّاب العرب عن الحضور والترشح للجائزة: هل هناك إخفاق من جانب الأدب العربى أم هو إبعاد متعمد من قِبل المحكمين والقائمين على جائزة نوبل؟
منذ بضعة أيام أعلنت الأكاديمية السويدية فى ستوكهولم فوز الكاتب النرويجى «يون فوسه» بجائزة نوبل للأدب لعام 2023 عن «مسرحياته المبتكرة ونثره الذى يعطى صوتا لما لا يمكن قوله»، وألف «فوسه»، الذى يبلغ من العمر 64 عاما، حوالى 40 عملا مسرحيا وعددا من الروايات والشعر والمقالات والترجمات.
وأشادت لجنة نوبل بأسلوب «فوسه» وبشمول مؤلفاته العديد من الأجناس الأدبية، وهو واحد من أكثر المؤلفين المسرحيين فى العالم الذين وصلت أعمالهم إلى خشبة المسرح، ويخلط فى لغته الجذور النرويجية بالتقنيات الفنية الحداثية.
الكاتب الكبير محمد سلماوى الذى تسلم جائزة نوبل نيابة عن نجيب محفوظ، يقول إنه حين فاز أديبنا الكبير نجيب محفوظ بجائزة نوبل، قيل وقتها إنه فتح الباب أمام الكتّاب العرب أو أمام الأدب العربى كى يفوز بالجائزة، لكنى كنت أقول إنه أغلق الباب، كما أن القائمين وقتها على الجائزة بدءوا يشعرون بأن هناك عواراً، لأن جائزة نوبل طوال تسعين عاما من عمرها، لم تُمنح لأديب عربى رغم عراقة الأدب العربي، ولذلك حين أعطوها لنجيب محفوظ شعروا أنهم عالجوا هذا العوار، وهم ليسوا بحاجة إلى إعطائها لأديب آخر عربي، باعتبار أن أكبر الأدباء العرب قد فاز بها، وحتى الآن لم يفُز أحد منذ عام 1988 ولم تتكرر التجربة، وحين ذهبت نيابة عن «نجيب محفوظ» لاستلام نوبل فى عام 1988.. سألتهم: كيف لم تمنحوا الجائزة لأى أديب عربى قبل نجيب محفوظ؟، فكان ردهم: نحن نمنحها لمَن يترشحون، ولم تترشح لنا أسماء عربية بنفس قدر الأسماء الأخرى التى ترد إلينا، ولذلك حاولت إصلاح هذا الموقف بأن حصلت لاتحاد كتاب مصر على الحق فى ترشيح أديب عربى كل سنة، لأن الترشيح لا يتم إلا بناء على اعتماد لجنة نوبل لجهة الترشيح.
ويعتقد «سلماوي» أن التقصير عند المسئولين عن الجائزة، لأن لدينا كتابا عربا عظاما جدا، ويستحقون «نوبل»، وبعضهم قد يتفوق على بعض مَن فازوا بها فى السنوات الأخيرة، لكن هناك مشاكل أخرى أيضا متعلقة، يجب أن نعيها وهى الترجمة، وهل هؤلاء الكتّاب العرب العظام تمت ترجمة أعمالهم إلى اللغات الأجنبية؟، وهل الترجمة التى تمت ترجمة جيدة تعطيهم حقهم أم تنتقص من قدرهم الأدبي؟، وهل هناك جهة رشحت هؤلاء الأدباء أم لا؟.. كل هذه أسئلة يجب أن تؤخذ فى الحسبان، لكن ما أستطيع أن أؤكده هو أن العيب ليس فى الأدب العربي.
واتفق معه الناقد شوقى عبدالحميد، فى قضية الترجمة، وإن الأدب العربى لا يصل إلى الغرب بسبب نقص الترجمة أو عدم جودة الترجمة، لأنها ترجمة حرفية ولا تنقل رؤية ومشاعر كاتب النص، والأمر الثانى أن كثيراً من الكتّاب يكتبون وفى ذهنهم الجوائز دون أن يستهدفوا القراء، بينما كان نجيب محفوظ يستهدف بالدرجة الأولى كشف هوية الإنسان المصرى وبيئته المحلية لإعطاء رؤية للحياة بصفة عامة، فعلى الكتّاب أن يختاروا الكتابة عن قضايا محلية، لكن بشرط أن تخاطب العالمية، أى أن يقدم الكاتب رؤية أوسع وأشمل لخدمة البشرية.
ويرى «شوقي» أن المحكمين فى جائزة نوبل لديهم أزمة مع الأدب العربي، معتقدا أن الرؤية السياسة والاقتصادية لها أبعاد وتأثيرات على آراء المحكمين فى جائزة نوبل، رغم أن الأدب العربى عظيم وهناك كتّاب كبار يستحقون «نوبل».