حوار: أشرف التعلبى

ترك البحر والإسكندرية وهما عشقه الأول من أجل عيون الأدب، وقرر اقتحام المجهول فى القاهرة رغم رفض الكثيرين من المحيطين به لهذا القرار، وهو قرار صعب بأن يترك حياته كلها بكل تفاصيلها العملية والأسرية فى الإسكندرية، ليرحل لمكان جديد مزدحم ومضطرب فى تلك الفترة دون أن يكون له أى مصدر رزق أو إقامة، لكن الأدب دفعه دفعا لاتخاذ القرار دون أى تردد أو تأخير.

وهنا فى القاهرة عمل بالصحافة بمجلة «الهدف» و«صباح الخير» و«المصور» و«الكواكب» ليواصل الكتابة، كتابة القصة والرواية التى ارتحل من أجلها، إلى أن مرت سنوات وهو يكتب حتى ذاع صيته بين المثقفين والكتاب، ونجح فى اقتحام عالمهم بقصص متفردة ثرية ترصد الواقع من حولنا، حتى التقى ذات يوم بالمخرجة «وجيهة فاضل» أثناء تصوير مسلسل «صيام صيام»، وهى مساعدة مخرج لهذا العمل مع المخرج القدير محمد فاضل، بينما كان «صالح مرسى» كاتب القصة والسيناريو، فانجذب كل منهما للآخر، حتى توج هذا التعارف والانجذاب بالزواج.

تقول «وجيهة فاضل» زوجة الكاتب الكبير صالح مرسي، والتى عملت مخرجة منفذة، فى مسلسل أحلام الفتى الطائر، ومسلسل أبنائى الأعزاء.. شكرًا، ومسلسل طائر الأحلام، ومسلسل صيام صيام، إنها تعرفت على «صالح مرسي» خلال تصوير مسلسل «صيام صيام»عندما كانت تعمل مساعدة مخرج فى العمل، وكان كاتب القصة والسيناريو «صالح مرسي»، وقد اعتاد حضور تصوير الحلقات، وفى إحدى المرات دار حديث بينهما، فشعر كل منهما بالانجذاب إلى الآخر، ثم توطدت العلاقة أكثر إلى أن سارت صداقة قوية، حتى اتفقنا على الزواج، وكانت حياة زوجية سعيدة.

وعن الجوانب الخفية من شخصية صالح مرسى التى لا يعرفها القارئ، تقول «وجيهة فاضل إنه كان عاشقا للبحر بسبب عمله فى البحرية لمدة 7 سنوات متواصلة، بالإضافة إلى حبه إلى الموسيقى «الكلاسيكية» التى تصاحبه أثناء الكتابة، ومن الطقوس الخاصة أثناء الكتابة التى كان يتبعها عندما يبدأ فى أى رواية أو قصة، أن يستعد بشكل تام كأن معه مقابلة مع شخصية مهمة جدا، ثم يدخل غرفة المكتب فى جو من الهدوء، وأمامه فنجان القهوة والورق الأبيض.

وعن علاقته بالكاتب الكبير يوسف إدريس تقول إن زوجها كانت تربطه علاقة طيبة بالكاتب الكبير يوسف إدريس، والتى بدأت قبل الانتقال والعمل فى القاهرة، حيث كان بينهم مراسلات، وأرسل له صالح بعض الخطابات ورد عليه يوسف إدريس، وقد التقى فى الإسكندرية واصطحبه صالح فى رحلة بحرية، ليتحولا من بعدها إلى صديقين مقربين، ويشجعه يوسف إدريس للقدوم للقاهرة.

وعن تقييم تجربته أضافت أن زوجها لم يأخذ حقه من التكريم والاحتفاء، وهناك تركيز من الغالبية على أدب الجاسوسية فى أعمال صالح، ربما بسبب تحول بعض من رواياته إلى أعمال تليفزيونية وهذا أحدث نوعا من الانتشار لهذا النمط من الروايات، لكن فى الحقيقة صالح مرسى كاتب كبير وله فيما يسمى أدب البحر روايات وقصص كثيرة عظيمة، فله مجموعة قصصية بعنوان «الخوف» ورواية «السجين» و«المهاجرون» و«زقاق السيد البلطى» و«رحلات السندباد البرى» و«أقوى طفل فى العالم» و«حب للبيع» و«البحار مندي» وغيرها الكثير من الأعمال الأدبية المهمة، لكن للأسف ليس هناك اهتمام كافٍ بتلك الأعمال رغم أهميتها، وانصب تركيز الناس على أدب الجاسوسية، وهذا غير دقيق أو منطقى أن يتم اختزال صالح مرسى فى هذا المجال من الأدب، قد يكون السبب عدم تحويل باقى رواياته لأعمال تلفزيونية، وتصنيفه كأديب للجاسوسية رغم أنه مصدر فخر له ولنا كأسرته، لكن اختزاله فى هذا اللون يمثل قصورا شديدا.

كذلك نجح فى كتابة السيرة الذاتية للفنانة تحية كاريوكا، بأسلوب بديع، فعندما تولى صديقه راجى عنايت رئاسة تحرير مجلة الكواكب عام 1970، سأله صالح عما يمكن أن يطلبه منه للمجلة، فسأله بدوره: أنت تقدر تعمل إيه؟ فقال لراجى إنه يريد أن يكتب قصة حياة اثنتين من الفنانات كانت لكل منهما بصمة أثرت على الفن وهما تحية كاريوكا وليلى مراد، وبالفعل نشر صالح مرسى الفصل الأول من قصة تحية كاريوكا، وصدرت الكواكب تحمل على غلافها عنوان الحلقات «كاريوكا».

بالإضافة إلى أنه نجح فى سرد قصة حياة الفنانة الراحلة ليلى مراد، بعدما جسد صالح مرسى أسرار هذه الفنانة وحياتها بكلمات وأسلوب جميل، وتم نشر هذه القصة كاملة فى كتاب الهلال.

تتذكر «وجيهة فاضل» جيدا ما قاله لها زوجها، عندما كان يقرأ فى ملخص عملية «رأفت الهجان» وخرج باكيًا من غرفة مكتبه، ليخاطبها قائلًا: «إحنا مش رجالة.. الرجولة موجودة مع هؤلاء الناس.. هم الأبطال الحقيقيون»»، ليسرد الدور البطولى الذى قدمه رجال مصر الأوفياء فى سبيل رفعة الوطن.

فكانت العادة أن يأخذ «صالح» ملخصا يحتوى على الخطوط العريضة لإحدى العمليات المخابراتية، دون تفاصيل كثيرة، مثلا قام شخص ما بعملية وتمكن من الوصول لمعلومة معينة أو الحصول على جهاز ما، دون أن تزيد أو تنقص عن ذلك، وحتى عندما كان يحاول الاستفسار عن أمر محدد يخدم القصة عادة ما كان يجد الرفض، لأنها أمور تخص الأمن القومى.

ونشر صالح مرسى فى البداية «دموع فى عيون وقحة» كقضية فى مجلة «المصور» ثم عرض عليه كتابة عملية «الحفار» كرواية فأثار ذلك مخاوفه لأن أغلبية كتابات الجاسوسية إما وقائع تسجيلية، أو خيالا مطلقا، فقرأ كثيرًا فى أدب الجاسوسية بكل اللغات حتى يستطيع إظهار الأعمال بتلك الحرفية، وقرر خوض التجربة، وكانت شاقة جدا خصوصا بعد مقابلته لأبطال العملية الحقيقيين، والتحدث معهم عن تفاصيل العملية الحقيقية.

كذلك رواية «رأفت الهجان» نشرت كحلقات مسلسلة فى مجلة «المصور» و«الشرق الأوسط» قبل أن تتحول لمسلسل تليفزيونى، وأحدثت ضجة كبيرة، وكان صالح مرسى سعيدا جدا بحالة الوطنية التى أثارها المسلسل.

واختتمت وجيهة فاضل حديثها للشباب، قائلة: كل ما كتبه صالح مرسى من روايات وقصص كان موجها للأجيال الجديدة، حتى إنه فى افتتاحية رواية «رأفت الهجان» كان الإهداء موجها لهم فكتب كلمتين فقط «إلى شباب مصر»، لأنه كان مهتما جدا بالشباب وبالأجيال الجديدة لبناء وعيهم.

<!--<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin-top:0cm; mso-para-margin-right:0cm; mso-para-margin-bottom:8.0pt; mso-para-margin-left:0cm; line-height:107%; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri",sans-serif; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;} </style> <![endif]-->

elsayda

بوابة الصعايدة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 56 مشاهدة

رئيس التحرير: أشرف التعلبي

elsayda
نحارب الفقر- المرض- الامية -الثأر... هدفنا تنوير محافظات الصعيد- وان نكون صوت للمهمشين »

تسجيل الدخول

بالعقل

ليس كافيا أن تمتلك عقلا جيدا، فالمهم أن تستخدمه جيدا