هندسة الانتباه

العلوم والفنون والآداب

... الأب سيظل أباً، والأبناء سيظلون أطفاله!

... الأب موجود ولكنه نائم قليلاً!

    طرح أستاذنا الدكتور/ عثمان الصيني، رئيس تحرير مجلتنا الغراء "المجلة العربي"، في عددها (402)، سؤالاً عن كيفية استعادة الفنون أباها الشرعي؟!، إلا وهو الفن المسرحي، الذي يجمع تحت مظلته وفوق خشبته؟ وخلف ستاره، كافة أشكال الفنون المعروفة، ورصد وضع المسرح في شتى بقاع العالم العربي.

     يعرف د.أحمد أبوزيد المسرح Theatre، قائلاً: هي كلمة تعني بالمفهوم الواسع – شكل من أشكال التعبير عن المشاعر، والأفكار، والأحاسيس البشرية، ووسيلة في ذلك "فن الحركة" مع الاستعانة ببعض المؤثرات الأخرى المساعدة.

     كانت الجذور الأولى لهذا الشكل واللون الفني لتمثيل المسرحي، قد نبع من مصدر واحد وهو التراث الأوروبي، مع الأخذ في الاعتبار الإضافات التي أدت إلى تطوره من خلال القيم والعادات والتقاليد والثقافة المحلية علاوة على التراكم المعرفي الذي تركته الحضارات المحلية.

     ويقول كمال الدين حسين في كتابه "المسرح والتغير الاجتماعي في مصر" (ص44): لقد عرف المجتمع المصري هذا الفن المسرحي على يد المستعمر الأجنبي، حيث لم يعرف المصريون المسرح حتى قدوم الحملة الفرنسية إلى مصر عام 1798، وغن كانت هناك ضروب من الفرجة الشعبية، التي كانت تمتع الشعب المحروم من أية متعة.

 

# العجز الشديد في أعداد المسارح:

      ينبغي وقف هذا التدهور في أعداد المسارح من خلال قيام المسئولين بسن القوانين التي تحرم هدم أو تعطيل استغلال المسارح القائمة في غير الأغراض التي أنشئت من أجلها، بالإضافة إلى ذلك ينبغي العمل على إنشاء مسارح جديدة في كل مكان تبنى حالياً، والعمل على إنشاء مسارح متنقلة يمكن فكها وتركيبها في أماكن متعددة لمواجهة هذا النقص في المسارح، مع العمل على تزويد ما هو قائم فعلاً بالأجهزة والمعدات اللازمة لقيام العروض المسرحية.

 

# قلة الميزانية المخصصة له:

   يعد النشاط المسرحي أقل الأنشطة الثقافية والفنية نصيباً مما يرصد لها من ميزانية، رغم أن هذا النشاط يحتوي على كافة الأنشطة الثقافية والفنية الأخرى، علاوة على ضآلة ما يرصد لهذا النشاط بالمقارنة بغيره من الأنشطة الفنية الأخرى، والتي لا تكفى لتلبية احتياجات ومطالب الفنانين، حيث يتطلب تنفيذ العروض المسرحية على خشبية المسرح إلى تمويل مالي كبير يتمثل في توفير الأجهزة والمعدات اللازمة لتلك العروض، وميزانيات ترصد للإنفاق على المشروعات التدريبية للمشاركين في العروض المسرحية سواء من الفنيين أو العمال أو الممثلين، حتى يخرج العرض المسرحي بشكل جيد.

 

# تاريخ المسرح المصري الحديث:

    ارتباط ازدهار المسرح الحقيقي بأحداث قومية شكلت وجدان وضمير هذا الشعب، فكان معبرا عنها، ومخاطبا الجماهير، حاملا مشعل حركة التنوير والتوعية للجماهير، بضرورة مقاومة المستعمر، وهذا ما حدث قبيل ثورة 1919 وثورة 1952 ونكسة 1967 ونصر أكتوبر 1973. ارتباط ازدهار المسرح أيضا ولكن بصورة سلبية عندما يتراجع المثقفون إلى الظل، وذلك عندما تغيب الرؤى الواضحة للخطط الثقافية لفن المسرح فيضطر البعض من المسرحيين لتقديم ثقافة مسرحية رخيصة، تعطي صورة مزيفة لازدهار المسرح، حيث يعد أعمالا ترضي أذواق أصحاب الثقافة الدنيا، وعديم الثقافة، وهذا ما حدث في عهد الخديوي توفيق، وبعد ثورة 1919، وقبل الأزمة الاقتصادية عام 1931 وفي مرحلة الحرب العالمية الثانية.

     هناك فترات انحسر فيها المسرح وتقلصت أدواره في ريادة المجتمع وقيادته لحركة التوعية والتنوير للمجتمع، وذلك عندما تشتد وسائل القمع والرقابة الصارمة على العروض المسرحية سواء بواسطة المستعمر أثناء الاحتلال البريطاني على مصر، أو أثناء نكسه 1967، واضطهاد الكتاب ونقدهم لرجال الثورة فيما حدث على أثر الهزة العنيفة التي أحدثتها النكسة في المجتمع المصري (الأزمات السياسية).

     انحسار المسرح بسبب وجود التنافس بين وسائل الإعلام المختلفة نتيجة التطور التكنولوجي من جانب والتلفاز والسينما من جانب آخر نتيجة استقطاب جمهور المسرح إليها، وتفضيله رؤية الأعمال الأدبية على الشاشة بدلا من على المسرح نتيجة عدم وعي الجماهير منذ الصغر بهذا الفن المتكامل مع كافة الفنون الأخرى.

      خلال السبعينيات تغيرت بنيه المجتمع المصري اقتصاديا، وظهرت شرائح اجتماعية جديدة على السطح، فرضت ذوقها على ما ينتج ويعرض على خشبة المسرح.

      تعرض المسرح المصري لموجات الهبوط والازدهار التي كان لها أثرها السلبي على المسرح المدرسي مما عرقل مسيرته في النهوض بالحركة الثقافية داخل المجتمع و أوجد ما يسمى بأزمة المسرح التي ترجع إلى عوامل عدة. ويقول الخبير في أصول التربية د.سيف الإسلام موسى: المسرح المصري وكذا المسرح المدرسي حتى الآن لم يستطيعا النهوض من الركود الذي أصابهما، رغم المحاولات الحثيثة التي أخذت للنهوض بهما، لأن ذلك يحتاج لأيدي مخلصة تبذل العرق في سبيل وضع الأسس التي يمكن عليها وضع اللبنات الأولى لقيام نهضة مسرحية تشمل المجتمع بأسره بداية من سنوات التعليم الأولى، وحتى الجامعة ولتكون الكوادر في مختلف المجالات الثقافية التي تمد المسرح بما يحتاجه في مختلف التخصصات، وكذا تكون القاعدة العريضة من جمهور المشاهدين الذين تتربى في داخلهم الثقافة المسرحية والتذوق الفني الرفيع.

 

     بقلم

م. محمود سلامة الهايشة

كاتب وقاص وباحث مصري

Email: [email protected]

 

 

  • Currently 20/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
6 تصويتات / 302 مشاهدة
نشرت فى 28 أغسطس 2011 بواسطة elhaisha

ساحة النقاش

elhaisha

وأنتي بألف صحة وسلامة .. اشكرك على متابعة الموضوع
تقبلي خالص التحية والتقدير

محمود سلامة محمود الهايشة

elhaisha
محمود سلامة الهايشة - باحث، مصور، مدون، قاص، كاتب، ناقد أدبي، منتج ومخرج أفلام تسجيلية ووثائقية، وخبير تنمية بشرية، مهندس زراعي، أخصائي إنتاج حيواني أول. - حاصل على البكالوريوس في العلوم الزراعية (شعبة الإنتاج الحيواني) - كلية الزراعة - جامعة المنصورة - مصر- العام 1999. أول شعبة الإنتاج الحيواني دفعة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,716,422