أَرَقٌ عَلَى أَرَقً.
فِي لَيْلِي الطَّوٍيل..
يُظَلِّلُ سَمَائِيَ المَلكُ الظِّلِّيل.
يَرِنُّ فِي ظَلاَمِي خِطَابُهُ الأَثِيل:
"أَلاَ أَيّهَا اللَّيْلُ الطَّوِيلُ أَلاَ اِنْجَلِ...
بِإِصْبَاحٍ وَمَا الإِصْبَاحُ مِنْكَ بِأَمْثَل".
يَسْكُنُنِي لِأَنَّ لَيْلَنَا عَكَّرَهُ السَّوَاد..
وَقِلَّةُ الرُّقَادٍ..وعُتْمَةُ المِدَادٍ...وَ هِجْرَةُ الوِدَاد..
أَحْلاَمُنَا تَبَعْثَرَتْ تَنَاثَرَتْ تَشَوَّكَتْ وُرُودُهَا وَجَالَتِ الوِهَاد.
وَعَنْتَرَ تَكَسَّرَتْ سُيُوفُهُ - وَيَسْمَعُ أَنِينَ "عَبْلَ" تُغْتَصَبُ أَمَامَهُ -
اِنْسَحَبَتْ رِمَاحُهُ .. مَا عَادَ قَادِرًا عَلَى حِمَايَةِ الوِسَاد.
وَعَبْلَةُ المِسْكِينَة تُضَاجَعُ فِي اليَومِ،
خَمْسِينَ أَلْفَ مَرَّةٍ بِمُدْيَةِ الفَسَاد.
عَنْتَرَةُ "يُلَبْلِبُ" كَالتَّيْسِ كَيْ يُنْقِذَ "عُبَيْلَةَ" مِنْ قَبْضَةِ الأَوْغَاد..
وَيَحْفَظَ وِدَادَهَا وَغُنْجَهَا الوَقَّاد..
يُطَاوِلُ يُحَاوِلُ يُنَاوِرُ يُكَابِرُ ..يَمُجُّهُ التَّارِيخُ،
وَعَبْلَةُ فِي المَلْحَمَة تَحْتَ أُيُورِ المَقْصَلَة تُرَاوِدُ الرَّشَاد..
فِي لَيْلَةٍ مَجْنُونَةٍ ونَفْسِيَ العَلِيلَة بِكَأْسِيَ الثَّقِيلَة..
دَاخَلَنِي التَّارِيخُ بِمَكْرِه العَنِيد، لَعَنْتُ عَنْتَرَ القَصِيدَة...
وقُلْتُ " كِذْبَةٌ فَرِيدَة..
وَعَبْلَةُ لَيْسَتْ لَهُ حَلِيلَة"..
أَسْرَجَنِي جُمُوحِي، عَلَوْتُه أُرَوِضُ خُطَاه،
حَتَّى إِذَا أَطْلَقْتُهُ حَلَلْتُ فِي سَمَاه،
أُبَشِّرُ بِعَوْدَةِ عُبَيْلَة العَرُوس،
لِرَوْنَقِ جَمَالِهَا لِسِرِّهَا لِمَجْدِهَا لِطُهْرِهَا الضَّرُوس.
دَعَوْتُ كُلَّ عَاشِقٍ بِقَوْسِهِ وَخَيْلِه أَنْ يَحْضُرَ الوَغَى،
أَنْ يُعْلِنَ الوَلاَء....فَلَبَّى كُلُّ عَاشِقٍ وَرَجِّعَ الصّدَى...
تَقَابَلَ الفُرْسَان لِلطّعْنِ بالسِّنَان وسُلْطًةِ اللِّسَان..
وَأُعْلِنَ النِّزَال......
عُبَيْلَتِي تَعَطَّرَتْ بِمُدْيَةِ الفَسَاد..
وَفَرْجُهَا تَقَيَّحَ مِنْ كَثْرَةِ الرُّقائد..
عَايَنْتُهَا عَلِيلَةً تَئِنُّ كَالغَرِيق.
قَبَّلْتُهَا مِنْ ثَغْرِهَا بِلَوْعَةِ النّجَاة
فَعَانَقَتْنٍي بَاكِيَة، وَطَوَّقَتْنِي وَاقِفَة،
وَأَشْهَدَتْ فُرْسَانَهَا بِدَايَةَ الطَّرِيق..
كَسَرْتُ طَوْقَ أَسْرِهَا ..أَرْدَفْتُهَا جَوَارِحِي،
وَعُدْنَا مِنْ غِيَابِنَا بِزَوْرَقِ الزَّمَان،
نُرَتِّلُ أُنْشُودَةَ الأَمَان.
صالح سعيد / تونس الخضراء