هذه قصة واقعية اعيشها ويعيشها الكثير من الناس داخل صمت وحدتهم وأحزانهم وللاسف لا يشعر بنا أحد نعيشها داخلنا ونحن وسط الناس والزحام .
نتحدث ونسمع ولكن صوت وحدتنا واحزاننا لا يسمعه غيرنا بعد أن جفت الأمكنة والأزمنة..
وبعد أن تعبت من كثرة التفكير.
لم أعد أرغب في شيء ، فقط أريد أن أنفرد بنفسي ، وألوذ بوحدتي وأبتلع صمتي وأجلس في مكان لا يراني فيه أحد ، ولا أريد أن أرى أحدا فيه ، مكان أنظر فيه إلى السماء والبحر ، لأكون هادئ مع ذكرياتي .
لا أريد من يقطع أفكاري ، أو يخرجني من هدوئي ، أريد أن أقتحم أغواري ، وألقي بذاتي في رحاب ذاتي ، وأحدث نفسي وأحاورها ، ما دامت هي الوحيدة التي لا يستطيع أحد أن يسلبها مني سوى خالقه ، لأحاول أن أعيد صياغة حياتي من جديد.
ما أشقى ذاكرتي ، وما أتعسها ، فكل ذكرياتي يلفها الصمت ، وتسحبني الى الركود في القاع ، فتفلت الأصوات والوجوه مني.
ما بداخلي ليس كرها للحياة !! وليس حبا لها ، لا تسامح ولا حقد ، لا أكترث للفرح أو بالحزن.
لم أجد بذاكرتي أي إجابة لأي سؤال ، حتى الحلم لم أعد أحلمه ، وحتى لو حلمت تظهر أحلامي بدون أصوات أو صور ، فكل شيء هادئ في أعماقي .
فذاكرتي تحيا في سكون قاتل ، وهناك ظلال لصور غير واضحة لأحداث لا أدري أهي سعيدة أم حزينة ، ولا توجد بداخلي همسة أتذكر بها لقاءا مفرحا أو فراقا مبكيا ، عدا صوت يدوي في قوقعتي بدون صوت .
تعبت من سجن وحدتي المنفرد .. أجلس وحدي أتأمل جرحي أراقب دقات قلبي ، الوحدة تمزقني والحزن يغزوني ويقيم داخلي ، فلأول مرة أشعر أن الشمس تغرب في وقت شروقها ، والقمر يخفي وجهه عني ، حتى لا يجعلني أسكب دموعي على ضوئة .
يلفني صمت داخلي يجعلني أحيا في ممرات مظلمة ، قد يكون صعبا أن تحرم من العافية ، أن تحرم من الماديات ، لكن الأكثر عنفا ومقتا هو أن تحرم من أن يكون لك نبض يحمل معاني أخرى أكثر عمقا يجعلك تعيش تلك الوجدانيات التي تجعلك تعرف أنك الآن تحيا .
سمعت أحدهم يقول مرة : أنا لا أريد أن أعيش..أريد أن أحيا….
وهذه باختصار كل الحكاية….
جميعنا نعيش .. نتنفس .. نأكل ونشرب .
لكن السؤال هو : كم منا يحيا !!! ؟؟؟ …