يعتمد الذكاء الذي يتمتع به الطفل في أحد شقيه على الجوانب الوراثية التي يكتسبها من والديه حيث يولد بها بعد انتقالها إليه عبر الجينات الوراثية، إلا أن الجانب الآخر من الذكاء والذي أصبح ذا اهتمام بالغ في عصرنا هو الذي يعتمد على الخبرات العملية التي يعايشها الطفل في حياته اليومية وهو الجانب المكتسب الذي يتم تنميته وتطويره تبعاً لما يتعرض له الطفل من مثيرات،


وهذا ما أثبتته الدراسات التي أجريت على التوائم المتطابقة التي عاشت في بيئات مختلفة ولوحظ عليها الفروق في درجات الذكاء، وكذلك على الأطفال الذين ولدوا في بيئات متخلفة ثقافياً وأماكن نائية ولم يتعرضوا لخبرات حيوية يومية تنمي عندهم هذا الجانب.


كل ذلك يقودنا إلى أهمية الجو الاجتماعي والأسري الذي يعيشه الطفل ويترعرع فيه وأثره على قدراته العقلية وتطورها، حيث يلعب الوالدان وطريقة تعاملهم مع الطفل دوراً كبيراً في ذلك، واعتمادهم في تربيتهم للطفل على إتاحة جو آمن يشجع الحوار والاستكشاف ويشبع الميول والرغبة في التعلم دون ممارسة الحماية المفرطة على الطفل التي تقيّد حريته وتحرمه من التعرض لمزيد من الخبرات، ونستعرض هنا مجموعة من النقاط التي يحتاجها الطفل للتعامل معه على أساسها في نطاق أسرته، من أجل تنمية مهاراته العقلية وتطويرها وهي على النحو التالي:


حب الاستطلاع


لا توجد في الحياة مفاتيح لجميع الأسئلة، لذلك نحتاج صفة حب الاستطلاع من أجل البحث عن المعرفة والوصول لها، وحتى يكون الطفل لديه حب الاستطلاع يجب أن يكون مهتماً وأن يدرك أن صفة الفضول ستكون مثمرة في النهاية، ولتنمية هذه الصفة عند الطفل، فلا بد من جعل الطفل يتعامل مع أي شي مأمون يحيط به، يلمس ويحرك الأشياء ويفكك ويركب دون أن نتعامل معه بحماية زائدة، مع إعطائه الأدوات اللازمة لذلك والوقت الكافي.


وأن نعطيه أسئلة من محيطه العام ومحاولة الإجابة عليها، ونشجع التساؤل عنده ونوفر الأدوات اللازمة لإرضاء الفضول وتوفير الحافز الكلامي الملائم كتعريض الأطفال للأشخاص والأصوات والمشاهد والأماكن، فلا يجب أن نستعجل في القول للطفل: ابحث عن الإجابة أو لا أعرف كهروب من الأسئلة، وهذا يؤدي إلى تبلد الرغبة في طرح الأسئلة من جانب الطفل، وعندما يسأل الأطفال ببساطة لنحاول كأولياء أمور الإجابة عنها بشكل مبسط وبما يتناسب مع عمر الطفل.


حل المشكلات


يجب أن يعرف الطفل أن حلول المشكلات هو أمر موجود في الحياة وألا نعطيه الحلول الجاهزة بل نتيح الفرصة له للمحاولة، ويستخدم في ذلك ألعاب التخمين والتوقع لتدريب الطفل على اختبار أفكاره، وطرح الأسئلة لسبر الأغوار وجس النبض، واستخدام الأشياء الموجودة في محيطه باستعمالات غير الدارجة في الحياة والاستفادة منها بأشكال أخرى، مع تشجيع الطفل على حرية الاختيار سواء لأشيائه الخاصة، وعدم إجباره على الاختيار بل استخدام الحوار والنقاش معه عن أسباب الاختيار، وتشجيع العمل الجماعي والعصف الذهني مع الآخرين دون التفرد باتخاذ القرار.


تنمية الذاكرة


وذلك عن طريق استخدام الألعاب التي تحتوي على التخيل البصري للحدث واسترجاعه خطوة بخطوة، وتنمية القدرة على الحفظ كحفظ السور القرآنية وجداول الضرب، وحفظ الذكريات من خلال ألبوم الصور وشرائط الفيديو.


التركيز


عندما يتعلق الأمر بالتركيز فإن الغالب منا يستطيع التركيز عندما يكون الأمر ضرورياً، والبعض الآخر لا يستطيع التركيز بفاعلية في معظم الأوقات، وعندما نتعامل مع التركيز عند الأطفال نتوقع أنهم يركزون وفقاً لرغباتنا وقدراتنا نحن وليس هم، فإذا ركز الطفل على نشاط نفضله أو نوافق عليه فإننا نكون سعداء،


وعلى العكس عندما نريده أن يركز على شيء آخر ولا يقوم بالطريقة التي نريد فنغضب، ولكي نشجع التركيز عند الطفل يمكن أن نشجع على استخدام الحواس لكي نعطي الأطفال طرقاً لفهم العالم المحيط حولهم، وتدريب الطفل على عمل قوائم عمله لكي يعرف ماذا عليه أن يفعل ومساعدته في تعلم الأولويات، والحصول على التغذية الراجعة، وحضه على الانتباه بطرح أسئلة ذات صلة بالموضوع وعمل تعليقات مباشرة قبل الحدث وبعده، مع إعطائه الوقت الكافي عند الحديث والمناقشة.


وضوح الأفكار


يعتمد التفكير الواضح على الأدلة التجريبية، وهو أمر ينبذ الفوضى العاطفية للأشياء مثل التحامل والتحيز أو التوق إلى الماضي، ولمساعدة الطفل على استخدام خبراته لتحديد أفكاره بوضوح، يمكن تدريبه على التصنيف كالمساعدة في الحصول على فرص متنوعة لتصنيف المعلومات ألا يعمم الخبرات التي يتعرض لها على كل شيء مشابه دون تفحص لهذا الشيء، وتشجيع الأفكار التي يطرحها الطفل وإعطاؤها قيمة، دون معاقبته على الأفكار التي يطرحها، والتعويد على استخدام كلمات محددة عند وصف موضوع أو مشاعر، وتشجيع مهارات المناقشة والتفاوض، وتعويد الطفل على توضيح وجهة نظره، ومساعدته على فهم العلاقة بين السبب والنتيجة.


الإبداع


يمثل الحاجة العاطفية لعمل شيء سواء كان جديداً أو مجرد النظر إلى الأمور العادية بنظرة غير عادية، وقد يكون الرغبة في الانجاز، وهو خليط من حب الفضول والاستكشاف مع الرغبة لحل مشكلات أو مسائل مجتمعية في جو من الثقة والانفتاح والصبر، وهو دائماً ممتع ويشعر صاحبه بالسعادة، والأطفال بطبعهم دائمو النشاط والسؤال ويحاولون حل المشكلات وهذا عنصر من عناصر الإبداع، وحتى ننمي الإبداع عندهم لابد من إعطائهم الوقت الكافي والأدوات اللازمة ليبحثوا في اهتمامات مختلفة واحترام طريقة عمل الطفل الخاصة في العمل من خلال البحث عن حل المشكلات ومسائل متعددة، وتشجيع الحيوية والسماح  بأعمال مثل التفكير والعمل واللعب، مع عدم الإصرار على المعرفة الكاملة، حيث إنه من الجيد أن يتعرض الطفل إلى أمور متنوعة في النشاطات ومختلف الخبرات، والرغبة في مجال واحد هو أمر جيد أيضاً ومساعدته على هذه الرغبة المعينة والميل لموضوع محدد.

المصدر: مركز الرحمة
el-rahmapt

مركز الرحمة للعلاج الطبيعى المكثف للأطقال

  • Currently 24/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
8 تصويتات / 340 مشاهدة
نشرت فى 3 فبراير 2011 بواسطة el-rahmapt

تسجيل الدخول

ابحث

عدد زيارات الموقع

2,403,384

مركز الرحمة للعلاج الطبيعى

    أ.د/ محمد على الشافعى
 استاذ مشارك العلاج الطبيعى للأطفال  بكلية العلاج الطبيعى جامعة القاهرة و استشارى العلاج الطبيعى المكثف للأطفال 
لمشاهدة قناه الفيديو الخاصة بالمركز 

اضغط