عندما يولد الطفل تعم الفرحة أسرته ، سواء كان هذا الطفل ذكراً أو أنثى وإن اختلفت التعبيرات ، ولكن عندما تكتشف الأسرة أن طفلها مصاب بالشلل الدماغي فإنها تمر بمرحلة الصدمة غير مصدقة ما يدور حولها، ثم مرحلة الإنكار والهروب من الحقيقة المرّة، وتليها مرحلة التجاهل، أما تجاهل الحالة أو تجاهل الطفل نفسه، وتنتهي بمرحلة الاستسلام للواقع مهما كان مراً.
كل مرحلة من هذه المراحل يمكن التحكم في مدى تأثيرها على الوالدين عن طريق مساعدة الآخرين ، لتوضيح جميع النقاط عن الحالة وأساليب التعامل معها ، تلك يمكن أن تختزل المرحلة وتجعل العائلة تتقبل الطفل ، كما تساعد على بث الأمل فيهم.
إذا كانت الأسرة متقبلة لحال الطفل ، راضية بقضاء الله سبحانه وتعالى وقدره ، وأن لله حكمة في هذا البلاء ، وأن من رأى مصيبة غيره هانت عليه مصيبته ، تلك الحقائق مع الدعم المعنوي والتثقيفي من المجتمع تمنح الأسرة الكثيرمن الاستقرار والاقتناع، وتلك هي النقطة الرئيسة للبداية السليمة في مشوار الرعاية والحنان ، مما ينعكس إيجاباً على الطفل .
 
الطفل والأسرة والمجتمع:
الأسرة العربية  لديها الكثير من المعوقات المادية والاجتماعية ، وعندما يكون لديها طفل معوق تزداد تلك المعوقات والحواجز ، فالبدء بطريقة نقل الخبر غير المدروس ، والتشخيص قد يأخذ الكثير من الوقت والجهد بين الأطباء والمشافي ، وتدخل العائلة مرحلة الاستسلام وفقدان الأمل ، مما يؤثر على العلاقة بين الطفل وعائلته .
الأسرة العربية تفتقد إلى التنظيمات الأهلية المتخصصة ، التي تقوم بدور المؤازرة والتوعية للعائلة ، وهذا بدوره ينعكس على الطفل ، كما أن الطفل ذي الإحتياجات الخاصة يحتاج إلى التعليم الخاص والتدريب والمنزل خير مدرسة، ولكن هناك الكثير من القصور في الناحية التدريبية والتوجيهه ، كما ان الكثير من الأسر لا يرغبون في معرفة المجتمع بوجود طفل معوق لديهم، يدفنون رؤوسهم في الرمال كالنعام ، ومردود ذلك الإبتعاد عن المجتمع، ومزيداً من حرمان الطفل من التفاعل مع مجتمعه.
 
ما هي العوامل التي تؤثر على ردود فعل الوالدين ؟
لكل إنسان أحاسيسه الخاصة، لذلك فإن كلاً من الوالدين سيعبر عن انفعالاته بطريقته الخاصة عندما يعلم بتشخيص حالة طفله ، وعادة  فإن ردة الفعل تعتمد على العديد من العوامل منها :
o تركيبة وشخصية الفرد
o طريقة نقل الخبر
o وجود الخدمات المساعدة ( الخدمة الاجتماعية ، التثقيف الصحي )
o وجود الخدمات الخاصة للمعوق وعلم الوالدين بتوفرها
o كيفية تعامل العائلة والأصدقاء والمجتمع مع الإعاقة والمعاقين

ما هي أحاسيس الوالدين وردة الفعل لديهم ؟ 
قام ماكيث  Mackeith 1973ومجموعته بعمل دراسة على أحاسيس وردة الفعل لدى والدي الطفل المصاب بإعاقة، ومن خلال هذه الدراسة قام بتوزيع ردة الفعل لدى الوالدين إلى خمس مراحل ، تختلف شدة وزمن كل مرحلة منها على عوامل متعددة، وهذه المراحل هي:
1. المرحلة الأولى : مرحلة الصدمة Shock
o الإحساس بالفقدان والضياع ، فقدان الأمل والأحلام
o الإحساس بالخدر  NUMBNESSوخصوصاً في الأطراف ( لعدة أيام )
2. المرحلة الثانية : مرحلة الإنكار والهروب    Denial
o وهي الوقت الذي يسيطر فيه عدم التصديق للحالة
o يكون هناك العيد من التساؤلات
o مرحلة عدم تقبل الإعاقة
3. المرحلة الثالثة : Emotional confusion
o الإحساس بالغضب
o الإحساس بالذنب
o ان الإعاقة عقاب من الله
5. المرحلة الرابعة : مرحلة التوازن Equilibrium
الهدوء بعد العاصفة
6. المرحلة الخامسة : مرحلة التنظيم والتفكير  Reorganization
      هذه المرحلة قد تبدأ بعد أشهر أو سنوات
 
  الصدمـة:
كم هي مؤلمة تلك اللحظات التي يتلقى فيها الوالدين الخبر بأن طفلهم مصاب بالشلل الدماغي ، ولكن  ..... تمشي الرياح بما لا تشتهي السفن ، ينزل الخبر عليهم كصخرة كبيرة ، وتأخذهم الصدمة بعيداً ، وتتطاير الأفكار هنا وهناك كفقاعات الصابون، جميع العواطف يمكن توقعها وهو رد فعل طبيعي لدى الجميع، من الغضب إلى الحزن، الإحساس بالذنب، الخجل واليأس، وحتى عدم تقبل الحقيقة أو الطفل.
عندما ترى الأم هذا الطفل، هل ترى فلذة كبدها ؟ أم ترى طفلاً ذي احتياجات خاصة ؟
تلك الحقيقة تجلي الكثير من الأمور لتبرز عاطفة الأمومة الجياشة ، ومع تشخيص الحالة ، تبدأ الآم الوالدين ، وتجول الأسئلة في خواطرهم :
o لماذا نحن؟
o ما هي الأسباب ؟
o هل كان بالإمكان منع حدوثه ؟
o ما هو مستقبله ؟
o ماذا نستطيع أن نعمل له ؟  هل من علاج ؟
 في لحظة الصدمة ، قد يسيطر على الوالدين أو أحدهما شعور خاص،  شعور سلبي، يكون عقبة في الطريق إلى تقبل الطفل، ولكن مع وقوف الوالدين كلاً يشد أزر الآخر، وبمساعدة الأهل وتذكيرهم بأنه اختبار للصبر واحتساب الأجر، والإيمان بالله وعطائه، والتبصر حول عطاء الله لكل خير سابق، كل ذلك سيقلل من شدة الصدمة ويجعل قبوله كفرد من العائلة أمراً مقبولاً.
 
الإنكار ( النكران ) :
وهو عدم أعتراف الوالدين بوجود أعاقة لدى الطفل وخاصة عندما تكون الأعاقة بسيطة، ويلاحظ ذلك في بعض الأحيان حتى لو تم أبلاغهم بالإعاقة ونوعها من قبل الطبيب المعالج، وعليه فقد يستمرون في البحث عن التشخيص.
 
الخجل:
اتجاهات المجتمع ًسلبية نحو المعاقين، سيكون للأهل والأقرباء دوراً مهماً في العلاقة بين الطفل ووالديه وأسلوب حياتهم اليومية والإجتماعية، يؤثر سلباً وإيجابا على هذه العلاقة ، فكلمات الرثاء وعندما يقال عنه كلمات غير سوية قد تؤدي إلي إحباط الوالدين وانعزالهم عن الآخرين، يخفون طفلهم، والطريق السليم هو تجاهل ما يقول الآخرين، وإخبار الأصدقاء بأنه طفل كغيره، له مقدرته الخاصة، وان رعايتكم له ستجعله في وضع أفضل، لا تجعلوه مدار الحديث مع الآخرين ولا تبحثوا عن طريقه المواساة من الآخرين، اجعلوا حياتكم طبيعية ما أمكن بالخروج للمنتزهات والأسواق، ولا تجعلوه عذراً للتقوقع والانعزال عن الآخرين.
 
الحب المدمر  والحماية الزائدة
الأم عطوفة حنونة بطبعها تحب طفلها مها كانت حالته ، وقد يكون التعبير بوسائل شتى بعضها ظاهر والآخر باطن، وعندما يكون الطفل ذي احتياجات خاصة فإن بعض الأمهات يقومون بمعاملته بطريقة خاصة وحب شديد فتمنعه من الاحتكاك مع الآخرين ومع الحياة والتصارع مع الطبيعة، فالجروح تندمل إذا حصلت، ولكي يعتمد الطفل على نفسه فلابد له من القيام بالخطأ والصواب ليتعلم من أخطاءه ولكي يحقق ذاته.
 
ما هو دور الطاقم العلاجي ؟
الطاقم العلاجي ( الطبيب، التمريض ، التثقيف الصحي ، المعالج النفسي ) لهم دور كبير في توعية الوالدين عن حالة طفلهم وطريقة التعامل معه ، كما وصف الأدوية العلاجية، تلك النقاط نوجزها كما يلي:
o نقل الخبر للوالدين بطريقة علمية
o تزويد الوالدين بالمنشورات والكتيبات الخاصة عن الحالة
o توعية الوالدين لأهمية الرعاية النفسية للطفل.
o المتابعة المستمرة مع الطبيب المعالج
o التشجيع على قيام الطفل بالنشاطات والألعاب التي يستطيع القيام بها.
o قيام العائلة بالنزهات والزيارات وعدم احتساب الطفل عبئاً عليهم.
o عدم جعله محور الحديث مع الأصدقاء  أو جعله نقطة شفقة.
o توعية المجتمع لأهمية رعاية المعاقين وعدم نبذهم أو اعتبارهم حالة شفقة.
o الحث على انخراط الطفل في التعليم حسب قدراته
 
جمعية أسر المعاقين:
لن يفهم العائلة وشعورها إلاّ من كان لديهم طفل مصاب مثلهم ، وهؤلاء يمكن الاستفادة من تجاربهم وخبراتهم ، كما يمكن الاستفادة من الطاقم الطبي والخبراء في المعاهد المتخصصة، لذلك ينصح بالتعرف على عائلات لديهم طفل بنفس الحالة ، ولهم خبرة وتجارب، والنصيحة منهم في كيفية التعرف على الطفل والتعامل معه.

المصدر: د محمد الشافعى مدرس العلاج الطبيعى و التأهيل جامعة القاهرة
el-rahmapt

مركز الرحمة للعلاج الطبيعى المكثف للأطقال

  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 455 مشاهدة
نشرت فى 16 ديسمبر 2010 بواسطة el-rahmapt

تسجيل الدخول

ابحث

عدد زيارات الموقع

2,392,978

مركز الرحمة للعلاج الطبيعى

    أ.د/ محمد على الشافعى
 استاذ مشارك العلاج الطبيعى للأطفال  بكلية العلاج الطبيعى جامعة القاهرة و استشارى العلاج الطبيعى المكثف للأطفال 
لمشاهدة قناه الفيديو الخاصة بالمركز 

اضغط