هل تشكل الحقيبة المدرسية بمكوناتها من الكتب والدفاتر والأقلام والأدوات مشكلة؟
هل هي بالفعل بحاجة إلى التطوير ؟ هل وضعيتها الحالية تتماشى مع مستوى التطور العلمي و التكنولوجي العالمي ؟
تعرف الحقيبة المدرسية بأنها الوعاء الذي يحمل فيه الطالب أو الطالبة بمراحل التعليم المختلفة كتبه ودفاتره وأدواته التي يحتاجها خلال اليوم الدراسي .
ويضطر الطلبة والطالبات أياً كانت مرحلتهم العمرية أو الدراسية إلى حمل الحقيبة بمحتوياتها إلى المنزل لأسباب متنوعة من بينها :
1- عدم وجود دواليب بالقاعات الدراسية لكي يحفظ بها الطلبة بعض مكونات الحقيبة التي لن يحتاجها بالمنزل خلال الجزء المتبقي من يومه .
2- كذا يحمل الطالب المكونات الكاملة لحقيبته المدرسية إلى المنزل لكي يقوم بأداء الواجبات المنزلية التي يكلف بأدائها .
3- كما يحمل الطلبة حقائبهم الدراسية إلى منازلهم بصورة يومية لأنهم اعتادوا على هذا الأمر حتى أصبح من الأعراف العامة والملامح المميزة للمجتمع الطلابي . والنقطة التي ينفذ منها النقد لموضوع الحقيبة المدرسية لا يمس بحال فكرة تداول الكتب والأدوات الدراسية من جانب الطلبة مابين المدرسة والمنزل ، ولكنه ينصب على الوزن الثقيل الذي تتصف به الحقائب الدراسية بصفة عامة (عندما نرى أولادنا ينحنون يوميا تحت ثقل الحقية المدرسية ،
ونسمعهم يشتكون من الجلوس لفترة طويلة على مقاعد المدرسة ، مما يسبب لهم ألما في الظهر ، ينتابنا قلق حول إمكانية تأثير هذه العوامل على صحة ظهورهم)[1]
ومن اليسير على المتابعين وخاصة أولياء الأمور أن يلحظوا هذه المشكلة ،
وينتابهم شعور من الشفقة على أولادهم وبناتهم لسبب عدم تناسب وزن الحقيبة مع أعمار أو قدرات النشء الجسمية (تلعب الوقاية من الأمراض التي تؤثر في العمود الفقري للأطفال دوراً أساسياً في ضمان نمو أجسادهم بشكل صحيح وسليم عندما يكبرون، ولذلك على الأهل والمدرسة تجنب كلّ ما يؤثر في هذا النمو الطبيعي)[2].
حتى لو كان الأبناء كباراً أصحاء هناك سؤال يفرض نفسه ألا وهو : ما الضرورة المبتغاة من وراء حمل حقيبة يصل وزنها لحوالي
عشرة كيلوجرامات في المتوسط بصورة يومية عند الذهاب والرجوع من المدرسة ؟
بطبيعة الحال يجب شحذ همم الطلاب والطالبات من أجل تحمل المشقات في طلب العلم ن ولكن ما علاقة هذا الأمر عال المنزلة
والقدر بحمل الأثقال الذي يجبر عليه طلابنا وطالباتنا في العالم العربي بصورة يومية ؟
إن حمل حقيبة بالوزن المذكور يؤدي إلى أضرار صحية خطيرة على عظام الكتف والعمود الفقري ، خاصة وان توجه الطلاب والطالبات إلى المدرسة يكون
في ساعات الصباح الأولى وقد استيقظوا لتوهم من النوم وما يزال جسدهم في حالة استرخاء لا تتلاءم مع حمل الأثقال (إن أول تلك المضار التي تتركها
زيادة وزن الحقيبة المدرسية هي الآلام المبرحة التي يشعر بها التلميذ والتي تطال فقراته الصدرية و الظهرية ذلك انه من المعروف أن الفقرات و الغضاريف
التي تتحمل رفع الأثقال في جسم الانسان لم تكتمل نموها لدى الأطفال ،و بالتالي فإن حمل الحقيبة يؤدي إلى التهاب مراكز نمو تلك الغضاريف
مما يسبب ضمورها وموتها و بالتالي حدوث تقوسات في العمود الفقري)[3].
إن الإيذاء النفسي والجسدي الذي تسببه الحقيبة المدرسية لطلابنا جدير بدفعنا إلى البحث عن أفكار إبداعية لحل هذه المشكلة حفاظاً
على فلذات الأكباد من الأذى (كرر الباحثون في الولايات المتحدة الأمريكية تحذيرهم من أن الحقائب المدرسية الثقيلة
قد تسبب الأذى لمناطق الظهر والرقبة عند الأطفال،مما قد يؤدي إلى عجز وإعاقة قد تكون دائمة)[4].
كما يدفعنا كذلك للبحث عن أفكار إبداعية جديدة تخص ذات الموضوع هذا التطور العلمي والتكنولوجي العالمي الذي نشهده من حولنا
والذي يحثنا على الإطلاع على تجارب الآخرين من الأمم المتطورة للإفادة من تجاربهم في هذا السياق.
كما ينبغي أن تتصف أنظمتنا التعليمية بقدر أكبر من الانخراط فيما يطلق عليه التعليم الالكتروني (E-learning )
و التعليم عن بعد (distance education ) وما إلى ذلك من أدوات ووسائل معاصرة ربما تخفف كثيراً من وطأة الحقيبة المدرسية.
ومن ناحية الباحث فهو يدلي بدلوه في هذا الموضوع ويقدم مجموعة من الأفكار المتولدة من إحساسه بالمشكلة راجياً المساهمة المجتمعية
من قبل فئات المجتمع وبخاصة الباحثين التربويين في التنقيب عن أفكار إبداعية أوفر لتخفيف وزن الحقيبة المدرسية إلى العشر تقريباً من وزنها
الحالي أو استبدالها م بوسائل أكثر حداثة وأكثر قدرة على تحقيق الأهداف التعليمية دون المساس بالناحية الصحية لفلذات الأكباد في مجتمعنا العربي الأصيل .
وإليكم مجموعة الأفكار الإبداعية الخاصة بالباحث :
1- الفكرة الأولى تتمحور حول العمل على إيجاد جهاز يشابه إلى حد كبير جهاز مشغل الاسطوانات أو ما يطلق عليه ال ( D.V.D ) الموجود فعلياً في الأسواق .
وهو جهاز في حجم الدفتر أو الكتاب المتوسط خفيف الوزن رخيص السعر، يمكن بعد تطويره أن يفيد إفادة عظيمة في مجال التعليم الالكتروني .
والأفكار الخاصة بتطوير هذا الجهاز تتمثل في تزويده بشاشة صغيرة على غرار جهاز اللابتوب الصغير ، بحيث يتمكن الطالب أو الطالبة من استخدامه كبديل عن كل الكتب الدراسية الورقية التي يستعاض عنها فعلياً بسيدي هات تحتوي ما بها من أصناف العلوم والمعارف .
وكذا ينبغي أن يشتمل الجهاز المقترح على إمكانيات الكتابة عليه وحل التمارين والمسائل الرياضية والرسم الهندسي والفني .
هو جهاز وسط مابين اللابتوب الصغير والدي فيدي ، هو مجرد فكرة تحتاج للتطوير يمكن في حال تحققها أن توفر على الدول الملايين التي تنفق على طباعة وإعداد الكتب الدراسية ، وتحقق في ذات الوقت فائدة كبيرة لطلبة العلم .
وفي حالة وضع هذه الفكرة موضع التنفيذ أعتقد انه على الدولة توزيع الجهاز على الطلبة بدلاً عن الكتب الورقية ، وبذا يخطو الطلاب خطوة عظيمة في اتجاه التعليم الالكتروني .
الباحث فقط يقترح ويثير التفكير والشهية للباحثين والمخترعين لكي يشاركوه الأمل والعمل تجاه تعليم أكثر سهولة و بساطة،
وأكثر تفاعلا مع التكنولوجيا العالمية المعاصرة.
2- الفكرة الثانية التي يقترحها الباحث أن يكون هناك لكل مادة أو مقرر دراسي كتاباً شهرياً بدلاً من كتاب الفصل أو العام الدراسي المستخدم حالياً .
و يمكن أن يتم ذلك شريطة أن تعتبر الدرجة الشهرية للطالب في المادة الدراسية درجة نهائية تجمع في نهاية الفصل أو العام الدراسي مع الدرجات الشهرية الأخرى لتحديد المعدل الفصلي أو السنوي للطالب في تلك المادة.
ويعني ذلك أن الطالب بوسعه ألا يعود مرة أخرى إلى ذلك الجزء الشهري من المقرر خلال الفصل أو العام الدراسي ،
أو على الأقل لا يضطر لحمله مع الأجزاء المنتهية الأخرى في حقيبته باستمرار .
3- الفكرة الثالثة تنصب على استخدام ورق خفيف الوزن في طبع الكتب والدفاتر المدرسية، حتى لو اضطر الأمر أن تتولى وزارات التعليم في الدول العربية بنفسها طبع الدفاتر والكراريس وبيعها للطلبة للمحافظة على هذه الميزة .
4- الفكرة الرابعة تتمحور حول توفير دواليب ذات أقفال في داخل القاعات الدراسية بحيث يحدد دولاب لكل طالب أو طالبة ليحتفظ فيه بما شاء من الكتب أو الدفاتر ،
ويحمل معه مفتاح دولابه ليسلمه في نهاية العام إلى المختص لكي يتمكن من الحصول على نتيجته الإمتحانية .
وربما يتناسب ذلك مع الدول ذات الدخل المرتفع و الكثافة السكانية المنخفضة كمجموعة دول الخليج العربي ،
ولكنه لا يتناسب مع الدول الأقل دخلاً والأكثر كثافة سكانية كالعديد من الدول العربية الأخرى .
في كل الأحوال يرتجي الباحث من خلال لفته للأنظار لهذا الموضوع أن تتضافر كل الجهود في اتجاه التطوير والتركيز على الهدف ،
والتخلص من كل المنغصات التي تؤثر تأثيراً سلبياً على العملية التعليمية .
ولتنتق كل دولة ما شاءت من الأفكار التي تناسب ظروفها الاقتصادية والسكانية بهدف تحسين البيئة المحيطة بعملية التعليم
دعماً لتلك البراعم الناضرة والزهور اليانعة التي تتكبد مشاق طلب العلم أشرف الأعمال وأجلها على الإطلاق .
مقالة من تأليف : د/ نبيه فرج الحصري
الوظيفة : مستشار تدريب مهارات تطوير الذات
مقر العمل : فرع خبراء التربية بجامعة نجران
ساحة النقاش