إن كنت معلمًا جديدًا ستجد نفسك لا محالة وسط بحر من الأخطاء،
وستسمع دون شك من زملاء التدريس وبرامج إرشاد المعلم الجديد
عن منحنى التعلم الذي يمر به المعلم في السنة الأولى من التدريس,
ويشمل خمس مراحل من النجاح والفشل,
وهو طريقة جيدة لشرح سبب الكم الهائل من الأخطاء
التي ستقع فيها داخل الصف قبل أن يشتد عودك وتجد طريقك،
ولكن إن كنت مستعدًا فستتعلم وستتمكن في أبريل من تجنب العثرات التي ستتعرض لها في أكتوبر.
وهنا أهم الأخطاء والهفوات التي ارتكبتها خلال سنتي الأولى كمعلم, بعضها خاصة وبعضها عامة ويقع فيها كثير من المعلمين:
- قضيت ثلاثة أيام في تعليم القواعد والإجراءات بدلاً من ثلاثة أسابيع
وكان هذا أعظم الأخطاء التي وقعت فيها خلال تلك السنة، حيث لم أمنح وقتًا كافيًا للحديث عن قواعدي وآمالي من الطلاب داخل الفصل،
ودفعت ثمنها بالحصول على الفوضى داخل الفصل وعلى نحو متزايد طوال السنة.
وكانت المشكلة أني لم أكن على علم بكيفية طرح الآمال والعواقب للطلاب بطريقة متصاعدة،
حيث ذكرتها مرة واحدة، ثم طبعت القواعد وتوجهت بعدها إلى المادة العلمية.
- كنت ساذجًا وقدمت كمًّا لا حد له من المكافآت للطلاب
فمنذ اليوم الأول وزعت الحلوى على الطلاب الذين تمكنوا من ملء الفراغات بإجابات صحيحة,
وفي نهاية العام لم أخسر الكثير من المال وحسب، بل إن الطلاب قد اعتادوا ألا ينجزوا أعمالهم مالم يكن هناك مكافأة.
وأسوأ من ذلك أني كنت لا أمنح الهدايا إلا لمن يصيب بينما يعطي زميلي الحلوى لأي طالب يسأله سواء أصاب أو أخطأ,
لذلك كان يجد من الطلاب مزيدًا من الاحترام.
- تجاوزت الخط الفاصل بين التعامل بودية والابتذال
كرر معي: طلابك ليسوا أصدقاءك، وجدت نفسي منفتحًا جدًا مع طلابي وأشاركهم الكثير من معلوماتي الشخصية,
ولكن في النهاية تبين لي أنها فكرة سيئة, حيث فهم الطلاب أن عدم الرسمية من جانبي ترحيب بقلة الاحترام.
لذا قررت هذه السنة التعامل مع الطلاب بلطف ورحمة لكن دون انفتاح.
واعلم أن طلابك سيحاولون الوصول إلى صفحاتك الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي،
فاجعلها خاصة وإلا خاطر بتناقلهم صورك الشخصية فيما بينهم.
- ألقيت عددًا كبيرًا من التهديدات الفارغة
في شهر سبتمبر كنت أجري خمس مكالمات كل ليلة, وفي أيام الجمعة كنت أهاتف ذوي الطلاب الجيدين,
وكنت أرى نفسي بطلاً خارقًا لأني أخاطب أهالي الطلاب باستمرار, توقفت عن هذا الأمر في نوفمبر.
لكن إن كنت قد قلت للطالب أنك ستكلم والديه ولم تنفذ تهديدك فإن التهديد سيسيء إليك,
وسيتعلم الطلاب أنهم قادرون على كسر قواعدك دون خوف, كن حازمًا وتابع تهديدك, فقوتك أمام الطلاب بقدر التزامك بكلمتك.
- كنت أمنح القيادة للمعلم المساعد
كان عمري 23 سنة والمعلم المساعد في الأربعينيات، وكنت أرتجف خوفًا عندما يتعين علي إثبات نفسي داخل الفصل,
والنتيجة ألا يقوم هو بعمله ويترك لي أطنانًا من العمل الإضافي, وغالبًا ما أبقى وحدي داخل الفصل دون مساعدة.
إن كنت مثلي فلن تتحمس كثيرًا لفكرة المواجهة, لكن كن على علم أنه إذا أفسد مساعدك الأمر
فإنه يبقى عملك أنت وأنت المسؤول عن إنجاحه, لذا كما تفعل مع طلابك اجعل كل تفضيلاتك وتوقعاتك واضحة له منذ البداية.
- أكثرت من الاستعانة بأمن المدرسة
سلوك الطلاب السيئ كان يثير فزعي، فأطلب أمن المدرسة تقريبا كل يوم، حتى وصل الأمر إلى تجاهلهم لي.
وتعلمت الدرس بصعوبة ذات مرة عندما طلبت موظف الأمن فحضر إلى الفصل ليجد أحد الطلاب مستلقيًا على مكتبي ويرمي أغراضي في سلة القمامة,
فهز رأسه وغادر الفصل.
عندما تعتمد كثيرًا على الإدارة والأمن في ضبط فصلك فإنك تلغي سلطتك كمعلم ومربّ,
ولاحاجة لذكر أنك ستظهر بمظهر ضعيف الحيلة وسينظر إليك كمصدر إزعاج للمدرسة.
- لم أعد روتين الفصل في وقت مبكر
لم أكمل إعداد الروتين اليومي وآمر الطلاب باتباعه قبل ديسمبر،
في ذلك الوقت صار من الصعب إجبار الطلاب على لالتزام به,
وعندما يخالفونه كانوا يسيؤون السلوك كثيرًا. بحلول مايو اعتاد الطلاب على الروتين وتعلموا اتباعه بشكل جيد,
لكن الوقت الضائع بات يلاحقني.
سأولي هذا العام اهتمامًا كبيرًا لسن الروتين منذ البداية وسأحرص على أن يعمل الفصل مثل الآلة.
- كنت أدخل في جدال مع الطلاب حتى يروا عرقي يتصبب
ومن المعروف أن الطلاب يختبرون الحدود ليروا إذا ما كنت ستتناول الطعم،
وفي كل مرة يحاولون إهانتك أو يسيؤون لك هم في الحقيقة يختبرون قدرتهم على إغضابك,
وعندما ترد لهم الإهانة أو تدخل معهم في معركة كلامية فقد ربحوا وحققت لهم المتعة.
العديد من طلابي كانوا لايجيدون القراءة, ويحضرون المدرسة لتجنب التسرب المدرسي أو الخضوع للمراقبة,
لذا فإن إحياء يومهم الدراسي بدفع المعلم للصراخ وشد شعره سيبهجهم.
الطلاب أذكياء جدًا, وسيتصرفون مثل مرآة شريرة تعكس أسوأ تصرفاتك بمجرد معرفة الألفاظ والتصرفات التي تثيرك,
على سبيل المثال مكتبك, فقد كنت طوال العام عرضة لأن يفتح الطلاب أدراجي ويعبثوا بأغراضي في أنحاء الغرفة،
وكان ذلك يدفعني للصراخ ومطاردتهم داخل الفصل,
وبالنسبة للطلاب فمرأى معلم يركض لمكتبه قبل أن تصل إليه يد طالب أمر يثير المرح.
في النهاية كان علي مواجهة الأمر والتصرف وكأن سرقة الطلاب لأوراقي اللاصقة وصنعهم سلاسل من دبابيس الأوراق أمر غير هام,
بعد أن نقلت كل ما له قيمة إلى خزانتي. حين بدأت بإظهار عدم الاكتراث رأى الطلاب
أنهم غير قادرين على إثارتي بالعبث بأدراجي فكفوا عن التطفل عليها.
- كنت أختبئ وراء مكتبي
كنت عادة أستخدم مكتبي كحاجز بيني وبين الطلاب،
وكان لذلك تأثير سلبي،
حيث أوجد دون وعي حاجزًا بيننا.
لا أقول إني كنت أجلس عليه طوال اليوم أو أني لم أقف وسط الصف أبدًا أثناء التدريس,
لكن مع الوقت أصبح مكاني الطبيعي أثناء قراءة الواجب أو تصحيح الأوراق.
وجعلني ذلك في عزلة عن الطلاب وخلق جوًا من عدم الود بيني وبينهم.
هذا العام سأنقل مكتبي إلى زاوية بعيدة من الفصل حتى أجد نفسي مجبرًا على الجلوس على كراسي الطلاب والقرب منهم أكثر.
- سمحت للآخرين بالتطفل على وقت استراحتي
نصيحتي للمعلمين الجدد الحفاظ على وقت الاستراحة , فهذا هو الوقت الذي ستتمكن فيه من الاسترخاء قبل سماع صراخ الطلاب العائدين إلى الفصول.
لأكون صريحًا:
جعلت من نفسي هدفًا سهلاً لأي مسؤول أو مستشار أو طالب يريد مقابلتي خلال فترة الاستراحة,
والنتيجة أني لا أستطيع إكمال بقية اليوم الدراسي بالنشاط والتركيز الكافي.
إذا كان عليك مغادرة الفصل أو غرفة المعلمين والخروج فافعل ذلك.
لا ترد على هاتف الفصل, لا تلتزم بالاجتماعات ولا تسمح للطلاب بالتسكع داخل الفصل.
ربما بعد سنوات ستكون قادرًا على أن تعطي من نفسك وأن تشرح متعبًا,
لكن الآن في سنتك الأولى أنصحك بتركيز كل الوقت لنفسك لأنك ستحتاج إلى كل ذرة من طاقتك.
لا تيأس أيها المعلم الجديد, فكل ما ترتكب من أخطاء سيصقلك بشكل لا يصدق لتصبح معلمًا أكثر حيوية,
الأهم ألا تفقد حماسك، وستنجح دون شك في اجتياز سنتك الأولى في التدريس.
ساحة النقاش