موقع مزيف احذر الدخول فيه

موقع مزيف احذر الدخول

authentication required

(1)
حينمَا اشتعلتِ النّارُ في قلبِ الحرفِ
وكثيراً ما يَشْتعِلُ قلبُ الحرفِ
لا منْ نار المحبّة
ولكنْ من نارِ الغيرةِ؛
الغيرة الشّديدة
تلكَ التي ليسَ لحرّها ولاَ للهِيبِهَا دواء،
سلّطَ عليّ حُروفَه؛
حروفَه اليافعة وحروفَه المُسِنّة
سلّطَها عليّ كيْ تُشْعلَ نيرانَ الفتنةِ
والغوايةِ والشّهوةِ من حولي،
وتسرقَ وقتِي وقصائدِي
وتتجسّسَ على نُقطتي ليلَ نهار
(2)
حينمَا اشتعلتِ النّارُ في قلبِ الحرف
بكَى،
نعمْ يا صَاحِبِي، 
فكثيراً ما يبكي الحرفُ
لا منَ الرّهبة ولا منَ الخُشوع
ولكنْ منَ الحسرةِ
فهو يخافُ،
إن تمادَى في إيذاءِ النّقطة،
وتقزيمِها وإهانتِها
ونعتهَا بالمرضِ والجُنون
والحزنِ والعُزلة والاكتئابِ
أو في محاولةِ شرائِها بمالهِ الكثير
الكثيرِ جدّاً،
هُو الذي يدّعِي الفقرَ والحرمانَ
يخافُ أن ينزعَ منهُ اللهُ خرقةَ القربِ والخلّة
(3)
حينمَا اشتعلتِ النّارُ في قلبِ الحرفِ
ضحكَ،
نعم، فكثيراً ما يضحكُ الحرف
لاَ منَ الفرحِ ولا منِ السّعادة
ولكن من الحيرةِ والذّهول
ومن صقيعِ السّؤال،
السّؤال المُستحيل الذي لا جوابَ له:
كيفَ لنقطةٍ صغيرة جدّا
أن تُرَوّضَ أفاعي الأبجديةِ كلّها
وتجعلَ منْ سُمّهَا ترياقاً
يُداوِي كلّ شيءٍ
إلا نيرانَ قلبه
التي لا تنطفأ أبداً؟!
(4)
حينمَا اشتعلت النّارُ في قلب الحرفِ
قرّر أن يقتلَ النقطّة،
النّقطة الصغيرة جدا جدّاً
لكنّهُ لا يعرفُ إلى اليوم كيفَ:
أيطلقُ عليها الرصاصَ في رأسِها؟
أيسحرُ لهَا في صُوَرِ وجْهِهَا الفاتنِ؟
أم يخطّط لهَا حادثةَ سيْرٍ
تجعلُها في خبرِ كان؟
أمْ يسلّطَ عليهَا صُويحباتها
منَ النّسَاءِ الغبيّاتِ المُنافقات؟
لا تستغربْ يا صاحبِي
فكثيراً ما تتطاحنُ وتتقاتلُ الحروفُ العارفةُ فيمَا بينهَا
أم تراكَ نسيتَ كيف ماتَ الحلاّج والسهروردي
وشهابُ الدين الطوافي ومحمد بن سليمان الجزولي
وغيرهم كثيرون من أهل الرّفعة والحظوة؟!
(5)
حينمَا اشتعلتِ النّارُ في قلبِ الحرفِ
جاءَ ملك الموتِ ودخلَ بهدوء شديدٍ
إلى غُرفتهِ المُمْتلئة بالدّموع
والآهات والحسراتِ
نعم،
فالنقطةُ الصغيرة، تحبُّ هذا الحرفَ
تحبُّهُ جدّا جداً
تحبّهُ بكلّ حماقاته ونزواتهِ
وتخافُ عليهِ من غيرتِه منها 
وعليها التي لا معنَى لها
ومن حيرتهِ التي لا معنَى لها أيضا
لذا، أرسلتْ إليه ملكَ الموتِ
كي يأخذهُ كمَا هُو
طاهرا، طيّبا بريئا كدمعةِ عاشقٍ
فالحرفُ لا يعرف أنّ حبيبتهُ النّقطة
روّضتِ الموتَ أيضا
روّضتهُ لأجل روحهِ البيضَاء
ولأجلِ عينيهِ الدّامعتينِ من خشيةِ الله
روّضتهُ كيْ ترحمَهُ
وترحمَ كلّ عارفٍ من تقلّباتِ القلبِ
فكثيرا كثيراً ما يتقلّبُ القلبُ
ولا أحدَ يثبّتُهُ إلاّ هُو؛
صاحبُ الحرفِ الأكبرِ.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 48 مشاهدة
نشرت فى 6 مايو 2016 بواسطة dsdsdsfffssff