جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
(1)
من أيّ بابٍ خرجتَ لي
أيّها المجنُونُ المريضُ بالشعر؟
لا أذكرُ عنكَ شيئاً:
ربّما التقيْتُكَ صغيرةً
عندَ شجرةِ التّوتِ الأسود
أو عندَ معصَرة الزيتون القديمَة
أو قُربَ النّاعورة وناقَتهَا العميَاء
(2)
لا أذكرُ شيئاً
سوى أنّني حينمَا بلغتُ مقاميَ السّبعِين
أقمتُ لكَ في قلبي حفلةً راقصةً
عزفَ لكَ فيهَا جَدّي
روائعَ منْ موسِيقاهُ البـِلاليّة
وسقاكَ فيهَا أبي
ثمَانيَ كُؤوسٍ منْ خُمُورِه الخَمْسَةِ
(3)
لا أذكرُ شيئا سوى أننا كنّا نتبادلُ
بين الكأس والأخرى أسرارنا العظيمة:
فأنتَ كما قلتَ لي
بعد أنْ شربْتَ كأسك السّابعة:
إمبراطورٌ تثورُ عليهِ قصائدُهُ المهووسَةُ
في كلّ يوم خمسينَ مرّة.
وأنا كما قلتُ لك
بعد أن شربتُ كأسِي الثّامنَة:
لا أحبُّ الأباطرة ولا المُلوك
ولا أصحابَ السيّاراتِ السّودِ المُصَفّحَة
ولا تجّارَ الجَوارِي ولا مُهرّبِي الأحْجَار الكَريمَة
واللّوحات الثّمينة
(4)
لا أحبُّ مُدخّني السيجَارَ الكُوبي
ولا السّحرةَ الدّجَالينَ ولا المُهرّجينَ
ولا المُقامِرينَ المُقهْقهِينَ حَوْلَ الطّاوِلاتِ الخُضْرِ
ولا أهلَ المُجُونِ مُدْمِنِي العَوَانِسِ
صَاحباتِ أغشيَة البَكَارَةِ المُزيّفَة
ولا مَهْووسِي المُطلّقَاتِ والزّوجَاتِ التّعِيسَاتِ
(5)
لا أذكرُ شيئا سوى
أنّني حينمَا بُحتُ لكَ بكُلّ هَذا
كَسَرْتَ زُجاجتكَ الأخيرة
وقلبتَ غَاضباً مائدتنَا الحَمْرَاء
وقلتَ لي: لنْ أترككِ فأنتِ قصيدتِى الأخيرة
قصيدتي المُستحيلة، بل أنتِ دابّة منسَأتي
أنا سليمانُ القصيدة، صاحبُ شجرة الجنّ
ومالك مفاتيحِ الألفِ والياءِ.