موقع مزيف احذر الدخول فيه

موقع مزيف احذر الدخول

برولوك (مقدمة) تيمنا بالشاعر الانكليزي القروسطي جفري جوسر في قصيدته "حكايات كانتربري"     

مقامات صديق توفيق هي على غرار كانتوات الشاعر عزرا باوند (1885-1972) التي كانت سلسلة من القصائد الفها باوند على مدى  40  سنة.  ليست "كانتوات" باوند  قصيدة واحدة مترابطة تحت سقف موضوع واحد , وهنا الاختلاف الجوهري مع قصيدة دانتي "الكوميديا الالهية" المذكورة ادناه  و التي تحت تأثيرها الف باوند "الكانتوات" ,  بل انما هي مجموعة قصائد نجد في الواحدة منها , اي في الكانتو الواحد , باوند وهو يتناول موضوعا او شخصية ما , و في الكانتو التالي ومن دون ان يكون بمثابة تكملة  للكانتو الذي سبقه نلقى الشاعر قد تناول موضوعا او شخصا آخرا و هكذا دواليك . ان الخيط الوحيد الذي يربط كانتوات باوند هو انها كلها افكار و آراء في الحياة و الانسان و الوجود مكتوبة على شكل خواطر و تأملات و طروحات و ذكريات وهوذا الاسلوب الذي يتبعه صديق توفيق في مقاماته , مع الفارق ان باوند كتب كانتواته شعرا اما مقامات صديق توفيق فهي مكتوبة نثرا وسيثبت صديق توفيق طرحه الوارد في احد مقاماته ادناه بان , كما ان في البيان سحر , كذلك  في النثر شعر , و ان الشعر ليس حكرا على القصائد

كانتوات , جمع كانتو, و الكانتو هو جزء من قصيدة مطولة , وابرز مثال على ذلك هو قصيدة دانتي العصماء "الكوميديا الألهية" والتي بها تاثر باوند وكتب كانتواته التي استغرقت اكثر من 40 سنة.  بمطلع القرن العشرين , انتعش اهتمام الادباء الانجليز و الامريكان بعملين تراثيين من دون سواهما هما "الكوميديا الآلهية" و ملحمة هوميروس "الاوديسا" , و كان الرائد الاول في هذا الانعاش الادبي هو عزرا باوند الذي شرع يؤلف الكانتوات متأثرا بدانتي , وتبعه مريده الادبي الروائي الايرلندي جيمز جويس صاحب درة الادب الحديث الا وهي رواية "يوليسيز" التي اخذت اسمها من اسم  يوليسيز بطل "الاوديسا".  ان اسم يوليسيز هو النسخة اللاتينية من اودسيوس النسخة اليونانية الاصلية للاسم و التي منها اشتق هوميروس اسم ملحمته "الاوديسا" , نسبة الى اودسيوس , فنقول اوديسا نسبة الى اودسيوس كما نقول عنتريات نسبة الى عنتر , و العرب القدامى عربوا الاسم يوليسيز و جعلوه بصيغة عوليس و كانما هناك قوى ثونية تعمل سيميولوجيتها عملها تابى الا ان يكون هناك تماثل او تماه في اسماء الابطال فنجد ان النسخة العربية من اسم يوليسيز هي عولس وهو الاسم الذي يبدا بنفس الصوت و الحرف الذي يبدا بهما اسم عنتر 

الف دانتي كانتواته المائة في "الكوميديا الالهية" بالشعر الايطالي من بحر التيرزاريما , و الف  باوند "الكانتوات" بالشعر الحر الحديث , و يؤلف صديق توفيق مقاماته  "الكلاوات" بالنثر بالكلام العادي اليومي المحادثي عملا بمقولة سقراط في دفاعه الشهير بانه سيتحدث   باول الكلمات التي ستخطر على باله , او كما قالت ربات الالهام الشعري لشاعر عصر النهضة فيليب سدني ان "انظر في قلبك و اكتب بقلمك",  لكن صديق توفيق يزعم ان نثره يحمل الكتروكهربية شعر القصائد في حميميته , حرارته ,  بوحه , صدقه--ولعل كذلك في تلفيقاته , جمبازياته , بهلوانياته , دجله ,  كذبه, و-- كلاواته , كما نقول بالعراق .  و كلاوات هي جمع كلاو,

, مثلما كلمة كانتوات هي جمع كانتو , و كلاو هي كلمة كردية اصبحت من صلب مفردات اللهجة العربية العراقية , تعني حرفيا  طاقية الرأس او عرقجين  كما يقول اهل بغداد وبقية العراق  و قبع كما يقول اهل الموصل , و مجازا و كما هو مقصود في مقامات صديق توفيق التي تنتحل لها هن اسم كلاوات صديق توفيق , تعني كلمة كلاوات : النصب , المكر , الاحتيال , الخداع , الدجل و الضحك على الذقون.  و قبل ان تكون هناك قفزة لادانة كتابات اسمها كلاوات مادتها النصب والدجل و الاحتيال و الكذب و الضحك على الذقون , فان المسالة التي تفرض نفسها ههنا هي: اوليست هذه الكلاوات هي الخامات التي صنع بها الشعراء و الادباء قصائدهم و قصصهم منذ كلكامش , هوميروس , المتنبي , دانتي , شكسبير , و عزرا باوند و غيرهم , هؤلاء الكلاوجية الغاوون حيث  بكلاواتهم هم ومن يتبعوهم يهيمون في وديان الكلاوات ,فتراهم هم في واد و الصدق في واد, وهكذا فهم مثال  الكلاوجية في انهم يخدعون الناس بانهم يقولون ما لا يفعلون !  اليس كل الادب هو محض  خيال ,  خداع ,  نصب , كذب  وضحك على الذقون---كلاوات!   الا ان كلاوات الادب هي كلاوات لذيذة ,عذبة و مفيدة في اتمام  مكارم الاخلاق , يحتاجها الانسان لروحه كما يحتاج الهواء و الماء و الغذاء لبدنه , وهي غير عاقة في اطاعة معايير ارسطو في كون الادب مسالة تجلب المتعة والبهجة و بالوقت نفسه تعود بالنفع و الفائدة.  و من ناحية اخرى , فهذه الكلاوات  هي ليست وحسب وسيلة لتزجية وقت الفراغ في الامتاع و المؤانسة انما هي , شانها شان الادب العالمي , سبيل للوصول الى الحقيقة.  وحسب نظام اشتقاق الاسماء الوصفية يستخدم العراقيون كلمة كلاوجي لوصف الذي يتعاطى الكلاوات.  و بادئ ذي بدء ليكن هناك اطمئنان بان كلاوات صديق توفيق هي من الضرب الظريف ,  اللطيف , الطريف , و---النافع و المفيد,  وبالتالي ممكن ان نطلق على صديق توفيق تسمية الكلاوجي الظريف   

بملتي و اعتقادي , هناك نوعان من الشعر: " شعر القصائد" كما لدى هوميروس , المتنبي , دانتي , شكسبير, احمد شوقي , و هناك "شعر اللاقصائد" وهذه الاخيرة تسمية صديق توفيق التي بها--اضافة الى امور و شؤون اخرى ستتبين في بحار اوديسته الكلاوجية هذه و التي سيشير اليها حال الوصول اليها--يدعي ,  لا بل  يطالب بحقه ان يتخذ له مكانا و لو كان قصيا على رفوف دكان الادب.  سيعتمد صديق توفيق اسلوبين سردويين , هما اسلوب صموئيل بيكت في مسرحيته "لست انا" التي لا تشير فيها بطلتها الى نفسها  بكلمة "انا" بل انما بكلمة "هي" , و كذلك نظرا لانه ينطبق على صديق توفيق كلام المسرحي الطلياني الصقلبي الاصل لويجي بيرانديلو صاحب مسرحية "6 شخصيات تبحث عن مؤلف" الذي ذات مرة  في اخريات عمره المديدعلق عن نفسه  قائلا:  "هناك شخص بداخلي عاش حياتي عوضا عني و انا لا اعرفه."  و الاسلوب  السردوي الآخر الذي سيعتمده صديق توفيق هنا هو اسلوب سقراط في الدفاع عن نفسه الذي دوّنه مريده افلاطون وهو الدفاع الذي يستهله سقراط مخاطبا هيئة المحكمة قائلا: "لا يوجد لدي دفاع  اعددته مسبقا  لكني ساتحدث اليكم بكل عفوية و صراحة و مصداقية باول الكلمات التي ستخطر على بالي."   ويستطرد سقراط قائلا: "ايها السادة , اني اختزي ان اذكر لكم الحقيقة ...."  و هكذا, فطالما الحقيقة مخزية , افليس من حق صديق توفيق اللجوء الى روعة الكلاوات! و لكن لننتبه الى اننا  في هذه الكلاوات سنكتشف الكثير من  الطرب و السحر و المرح و-- الحقيقة , لان الادب يقدم لنا الحقيقة في غلاف خيالات و اكاذيب و--كلاوات.  و الان تم تبرير الجانب الكلاوجي لدى صديق توفيق وبقي الجانب الجمبازي فيه.  الجمباز كما يعرف اخصائيو العاب الساحة و الميدان هو ضرب  من الرياضة البدنية تعتمد على النط و التشقلب والجمبازي هو من يزاول هذه الالعاب.  اكتسبت كلمة جمبازي بعدا مجازيا لتسمية الشخص النلاعب بالالفاظ و الافكار فهو من نوع الحواة و المقمبرين (المستحوذين) على العيون حين القيام باعمال السحر و الشعوذة باستخدام حقيبة مليئة بالادوات الخاصة بفنونهم.  و ههنا سوف يسركم جمبازي الادب صديق توفيق بعرض ما في حقيبته من معلومات ,  قراءات , تاملات ,  انيكدوتات (حكايات) , مذكرات , ذكريات و اسرار عن الطبيعة البشرية و القلب  اذ يزعم صديق توفيق انه قطع رحلة اوديسا في اعماق القلب البشري,  و يزعم انه رحالة جاب القلب البشري  مثلما جاب السندباد البحري البحار و الامصار , وههو صديق توفيق قد عاد ككلكامش الذي ارتحل و جاب البلاد ثم عاد كي يروي القصة كلها . و طالما الحديث هو عن السفر و الترحال فكما تعلن المضيفة عبر المكرفون في الطائرة على وشك الاقلاع , يعلن صديق توفيق ان: "شدوا الاحزمة."         ء

كلاو  1

مثلما يبدأ عزرا باوند كانتواته باشارة الى اودسيوس بطل ملحمة هوميروس "الاوديسا" كذا  يبدأ  صاد كلاواته-- صاد هو الصيغة التي سيستخدمها صديق توفيق ككنية لاسمه من الان فصاعدا في "الكلاوات".  في "الاوديسا" محطات و منازل و امصار و بحار و اقطار يجوبها عولس (اودسيوس) حيث يصادف العجائب و الغرائب من الحوادث و يلتقي شتى انواع البشر .  ههنا في اوديسا صاد سيلقى المرء محطات خبرات و احداث عن الناس و الاشياء في كنف محادثة حميمية يصفها بيتهوفن بانها "نابعة من القلب لتصب في  القلب" , قوامها الشعر النابع من مكامن شعر خارج التضاريس التقليدية للشعر,  بل انما هي قادمة من  فضاء الشعر الذي مفهومه الشخصي و الخاص لدى صاد يختلف عما الفناه من كونه كلام موزون مقفى , اذ في المفهوم الصادي  للشعر فان الشعر هو اي شيئ يثير في النفوس مشاعر و احاسيس  و خلجات بحيث يحس المرء بان طائرة روحه  قد انطلقت فيما يسميه فيثاغورس ثنايا موسيقى الاثير العليا بعيدا عن ارض الواقع اليومي المعاش لتحلق في تلك  الفضاءات و تجعله يحس بانه , من فرط حريته , يريد ان يعيش الى الابد.  ان شعر القصائد هو واحد من الف طريقة و طريقة لاذكاء التحسس الشعري بالحياة و الوجود.  في النصف الثاني من القرن التاسع عشر , شبعت اوربا و امريكا من شعر القصائد , و هكذا اتجه الادباء الى شعر اللاقصائد اي الشعر الموجود في النثر العادي.  و يا لروعة ما اكتشفوه من نثر سهل ممتنع  مخصب بيورانيوم الشعر و بطاقة اشد مما هي موجودة في شعر القصائد.   ليس الشعر نشاطا لغويا فقط.  هناك شعر في الانشطة التي لا تستخدم اللغة مطلقا , فهناك شعر في الموسيقى و شعر في الفنون التشكيلية و شعر في الصمت و السكوت مثل ذلك الذي نحسه في صمت و سكوت الموناليزا.  كان الفرنسي بودلير  اول من اخترع النثر الشعري , تلاه البريطاني روبرت براوننك حيث قصائده ذات هيكلة قصائدية تقليدية لكن محتواها فيه شعر اللاقصائد.  هذا ما دفع عزرا باوند في الجيل الثاني ليبني مملكة شعره على كتف براوننك مثلما قال المسيح لبطرس : "على هذا الكتف سابني كنيستي."  كانت القصائد التي خرجت من تحت عباءة باوند الشعرية ذات نتائج باهرة جعلت ناقد العصر ت س اليوت يقول عنها فيما بعد : "لو ان هنالك اية اهمية للشعر الانكليزي في القرن العشرين فالفضل بذلك يعود الى السيد عزرا باوند."  و منذ حينذاك و شعر اللاقصائد يثبت , مقارنة بشعر القصائد , انه خير و ابقى            

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 105 مشاهدة
نشرت فى 16 إبريل 2016 بواسطة dsdsdsfffssff