<!--

<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin-top:0cm; mso-para-margin-right:0cm; mso-para-margin-bottom:10.0pt; mso-para-margin-left:0cm; line-height:115%; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-theme-font:minor-fareast; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin;} </style> <![endif]-->

" لم يترك لى والدى سوى بضعة كتب لا يرغب أحد فى اقتنائها ، وقلب أصابه الوهن بالوراثة ، وأم كانت ولا زالت هى كل عالمى حتى بعد رحيلها ، وبيت قديم فى منطقة راقية جداً ، بيت فى منطقة راقية كان هو أسوأها على الاطلاق ، عشت فيه بعد رحيلهما وحدى تماماً لكننى لم أعانى فيه من الاغتراب يوماً ، طيلة سنواتى الجامعية لم أجن أى قدر يذكر من المال ، ولم أحرص بما فيه الكفاية على ما وصل إلى يدىّ منه ، فقد كان ما أتقاضاه من معاش والدىّ الراحلين يكفى احتياجاتى اليومية ويفيض بعض الشئ .

لم يكن لى عون حقيقى فى الحياة سوى قرآنى االذى لازمنىنى حروفه وكلماته ليل نهار ، و صلواتى التى اصليها طوال الوقت وهى نفس الأشياء التى أفعلها منذ ما يقرب من عشرين عاماً ومازلت أفعلها للآن أيضاً .

 كان ولا زال يداهمنى وقع صوته لا أسمعه يرتل إلا ليلاً ، لم أكن فى صغرى أتبين ما يرتله ، فصوته كان يصلنى همساً ويقع فى قلبى موقعاً رائعاً ، هى أيضاً كانت تعشق قيام الليل وصلاة الفجر ورؤية الشمس وهى تهرب من مخدعها كل يوم ، كانت دائماً برفقة كتبها كل عصر يجتمعان معاً فى شرفة بيتنا يهيمان عشقاً ببعضيهما.

حاولت قدر استطاعتى أن أبقى حقيقة حالتى الصحية سراً عن الآخرين لكن بالطبع زوجتى علمت بالصدفة ، هى حاولت مراراً التخفيف من وقع المصيبة فى نفسى وكررت على سمعى مراراً ربما الطبيب مخطئاً لكن فى مثل سنى هناك حدود لدرجة خطأه ."

بهذه الكلمات انهى حواره معها فقد حان موعد تجهيزه لدخول حجرة العمليات ، استقبلته ببسمتها المعتادة ،  طبيعة عملها تحتم عليها استقبال مرضاها بتلك البسمة المرسومة على شفتيها كمحاولة منها لتخفيف معاناتهم الانسانية ، باسم الرحمة وأشياء أخرى كثيرة تسكن قلبها .

كانت تردد دائماً فى أعماقها " هناك الكثير مما يكمن تحت سطح الحياة " هى أيضاً كانت ممن يتلو القرآن أناء الليل وأطراف النهار هو لم يكن فقط مجرد طقوس دينية توارثتها عن أمها وأبيها ولكن أكبر من ذلك كان فلسفة حياة .

تجاربها الكثيرة داخل غرف العمليات زادها قرباً لله وزهداً فى الحياة والتفكر بفلسفة النهايات ، فى كل مرة كانت تخرج من غرفة العمليات كانت تسطر فى مذكراتها " يا نفسى اذكرك بحقيقة الدنيا علكى تعيها جيداً وتدركى كنهها فى نفسك ، الحياة ببساطة حقيقة بالغة الغموض ، الموت هو أيضاً ببساطة حقيقة ولكنه بالغ الوضوح ، "

هذه المرة كانت مختلفة تماماً خرجت من غرفة العمليات دخلت غرفتها امسكت بالورقة والقلم حفرت عليها كل ما تفوه به معها ، كانت تدرك أنه مختلف ، حواره أيضاً مختلف حتى ثباته مختلف ، الجميع يعرف مدى خطورة حالته أضحى الأمل فى شفائه مستحيلا ً إن لم يكن معدوماً ومع ذلك متمسك جداً بخيوط واهية لأمل واهى فى الحياة ، شغل هذا الأمر تفكيرها كثيراً ، كانت جادة جداً يعرف الجميع ممن ورثت جديتها ، لكن جديتها أيضاً كانت مختلفة نصفها علم ونصفها الآخر دين

انشغلت بكتابة تاريخه المرضى وتاريخ عائلته ، وهى مبتهجة بالفكرة وتساءلت ما الذى ينبغى أن تدونه عنه ؟

تحمل المسئولية المبكر أم الوحدة فى سن صغيرة أم مرضه الوراثى ، أم خلفيته الدينية وتمسكه بها ، أم تعلقه الواهى بالحياة لكنها فى النهاية كتبت

" البعض منا يملك مسار تغيير الحياة ولكننا نسلك بعض الاتجاهات الخاطئة التى تكلفنا الكثير من العناء فى دروب الحياة ، هو من البداية كان يملك ميراث مختلف لكنه أبداً لم يجرى التحسينات والاصلاحات اللازمة عليه ليستمتع به فى الحياة

حتى طقوس عبادته الدينية فعلها بطريقة آلية فقط لكونها فى مجال رؤيته بالوراثة فليعنه الله على نفسه فهى ألد الخصام "

 

 

المصدر: من مجموعتى القصصية
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 75 مشاهدة
نشرت فى 2 أكتوبر 2014 بواسطة drnagwasallam

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

10,941