<!--
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin-top:0cm; mso-para-margin-right:0cm; mso-para-margin-bottom:10.0pt; mso-para-margin-left:0cm; line-height:115%; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;} </style> <![endif]-->
بسمة اشتياق .......قصة قصيرة بقلم د / نجوى محمد سلام
كان ولا زال يجد الحديث عنها شيقاً لا يمله مهما مر عليه الزمن ، دفعه الاشتياق إليها للطواف مراراً حول بيتها القديم لعله يفوز بنظرة منها أو حديث صمت لا يفهمه ولا يتقنه سواه ولكن دون جدوى .
استغل فرصة انشغال زوجته فى المطبخ ونادى على زوجة ابنه الوحيد افترش لها البساط الوردى المنقوش بالأزهار فى أرضية شرفته وجلسا كعادتهما معاً منذ زواجها من ابنه يتبادلان أطراف الحديث الذى لا ينتهى عن خطيبته الأولى جارته الحسناء همس بصوت حزين " يا لها من ذكريات لا حصر لها "
تفحصت وجهه كمن يريد استكشاف عربدة الشباب وتفحص وجهها ، عكست الوجوه وقع مفاجأة غير متوقعة ، تبادلا معاً النظرات فى سرعة وانفعال سألها " هل تؤمنين بالحب الأول" غضت بصرها حياءاً وارتباكاً شب على أثرهما الحريق فى وجنتيها ، مد يده إلى وجهها رفع رأسها ، نظرت إليه بحرج شديد راوغته فى الاجابة بالصمت الذى آثرته على الكلام
أعاد عليها السؤال مجدداً بتحد ، قالت باصرار حذر وهى تحاول أن تقرأ ما فى نفسه :
- تتحدث عنها كثيراً كأنك ما زلت تراها .
شحب وجهه ومد يده بحركة عفوية قوية فتح باب شرفته المطل على شرفتها وتأمل كثيراً كمن ينتظر قدومها إليه قال بنبرة الواثق :
- كنا نتلاقى هنا كل ليلة ولا نمل الحديث حتى تلفنا خيوط الفجر الفضية نهمس للنجوم فتبتسم لنا ، ونسامر الليل فيتراقص من نشوة نجوانا ، نحلم دائما بانتقال الدبلة من اليد اليمنى لليسرى حتى عصفت بنا رياح الغيرة القاتلة والشك الأحمق .
نظرت إليه نظرة حانية وربتت على كتفه قائلة :
- حاول أن تتناسى رحمة بنفسك .
رفع رأسه نحوها وقال :
- من حقنا أن نحزن إذا فقدنا من نحب أليس كذلك ؟
ابتسمت له وقالت كمن يحاول تذكيره :
- ومن حق من يحبنا أن يرانا دائماً على خيرحال .
- تقصدين ....
قاطعته : نعم ...... من حقها هى الأخرى أن تحس نبض حبك لها ، تغار عليك حتى من مجرد الذكريات فلماذا تعذبها ؟
- من قال إنى أعذبها ؟ لا أتحدث أمامها عنها .
- أعرف ذلك ولكنها تدرك جيداً متى وكيف تذكرها حتى دون أن ينطق فمك بكلمة .
- كيف ؟
- حين تذهب لشرفتك وتتطلع لشرفتها ترى بسمة اشتياق لها على شفتيك ، وتراها متربعة فى حدقة عينيك ، حتى اللمسة التى تسكن كفيك تفضح احساسك بها .
- حاولت مراراً أن اخبؤها بأعماقى ولكن دون جدوى ، هذه ارادتى وما علىّ سوى السمع والطاعة .
ضحكت ضحكة غضبت وتقلصت اساريره لها حتى قبح وجهه وقالت :
- ارادتنا نحن من يشكلها ، نحن من يتحكم فيها .
كاد الغضب يقتلع جذور عقله فصاح فيها قائلاً :
- حتى أنت لا تحسنين قراءتى .
أجابته دون تفكير :
- حديثى معك هذا سيجعلك تبغضنى دون ريب ، ولكن من فضلك اسمعنى ولو لمرة واحدة فى عمرك ، ذكرياتك لطيف مضى تعبث بك ، الأجدر أن تعيش الحقيقة قبل فوات الأوان ، باسم الحب الذى تعلمنى اياه ليل نهار استجديك الانصات لى ، المودة التى بينكما والرحمة وما تسميه انت سنوات التعود تابى ذلك وتلعنه ، لاتبكى اطلال الماضى وتترحم عليه ، عش اللحظة التى تحياها استمتع بها مع من تحبك بكل ذرة فى كيانها ويكفيك جرحا ً لكرامتها كأنثى أنت سيدها دون منازع ، فلتكن هى الأخرى سيدتك بلا منازع حتى لو كان طيفاً فى خيالك .
اكفهر لون وجهه وقال لها :
- ستعلمك الأيام حقيقة الحب الذى تنكرينه .
قالت له مبتسمة وفى عينيها لؤلؤة أبت الهروب من مخدعها :
- من قال انى انكره ، أنا أكثر من يؤمن به ولكن لمن يستحقه ، مشاعرنا ليست مشاعاً تستباح ، لم تسمح لشعور سيئ بالاستقرار فى نفسك .
جلس على مقعده وهو يحاول اخفاء مرارة الحديث قائلاً:
- ابنى وزوجتى أعظم ما فى حياتى .
شاعت فى وجهها الصغير بشاشة جعلتها تتمايل طرباً مما سمعت وقالت :
- أنت أيضاً أعظم من لديهم وأغلى من لديهم ، يختلسون إليك نظرات الحب والاعجاب دون أن تدرى ، فلا تعكر صفوهم بحكايات الزمن الأول ومغامرات الشباب .
راح يرنو إلى العصافير المغردة على شجرة التوت التى تدنو من شرفته ،ومد الطرف نحو السماء خلال غصونها ورمقته زوجته بنظرتها العاشقة وقالت :
- ما أضيع الوقت الذى تنفقه شريد الذهن .
قال وهو يدارى الامتعاض بالابتسام ناظراً إلى زوجة ابنه :
- هنيئاً لكم ...... أنتم وحدكم من أفكر فيه .
ساحة النقاش