طالعتنا في الآونة الأخيرة العديد من المصطلحات والمفاهيم التى تسعى إلى تطوير المهارات والقيم لدى الانسان المعاصر سعياً لتحقيق مستوى معيشى أفضل له ، بحيث يتمتع الإنسان بمستوى مرتفع من الدخل وبحياة طويلة وصحية بجانب تنمية القدرات الإنسانية من خلال توفير فرص ملائمة للتعليم
وعلى هذا يمثل منهج التنمية البشرية الركيز الاساسية التي يعتمد عليها المخططون وصانعو القرار لتهيئة الظروف الملائمة لإحداث التنمية الاجتماعية والاقتصادية. وبعد كل هذا يمكن إجمال القول أن التنمية البشرية هو المنهج الذي يهتم بتحسين نوعية الموارد البشرية في المجتمع وتحسين النوعية البشرية نفسها.
والتنمية لا تنحصر فقط في معنى واحد هو التنمية البشرية فهناك التنمية المعرفية والتنمية المستدامة والتنمية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية والتنمية السياسية والتنمية الثقافية والتنمية الادارية ......إلخ تلك التصنيفات التى لا حصر لها من أنواع التنمية .
وتظهر التنمية بوضوح الفارق بين الدخل ورفاهية الأنسان من خلال قياس معدل الإنجازات في مجالات الصحة والتعليم والدخل. ويعطي دليل التنمية في بلد ما صورة أكثر وضوحا لحالة المجتمع ورفاهيته من الصورة التي يعطيها الدخل وحده. فالتنمية البشرية مبنية في المقام الأول على اتاحة الفرصة للمواطن بأن يعيش نوع الحياة الذي يختارها ومزاولة العمل المناسب له – وعلى تزويده بالأدوات المناسبة والفرص المؤاتية للوصول إلى تلك الخيارات
والتنمية البشرية ليس موضوعاً مستحدثاً كما يظنه البعض فالمتأمل الجيد للشريعة الاسلامية " بدستوريها القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة " يجد فيها العديد من الأمثلة التى توضح وتبين سبق الاسلام على كافة المؤسسات والهيئات الدولية والعالمية التى تنادى الآن بالتنمية البشرية .
والذى يجعل الاسلام متميز عن تلك الهيئات والمؤسسات هو تناوله لموضوع التنمية البشرية ليس على الصعيد الكمى فقط ولكن على الصعيدين الكمى والكيفى ، فالتنمية البشرية في الاسلام تنمية رأسية أفقية ليست على مستوى الفرد فقط ولكنها تتعدى ذلك لتصبح على مستوى المجتمع كله بجميع طبقاته ومستوياته الاقتصادية والثقافية والاجتماعية أيضاً .
وما أتحدث عنه ليس كلاماً مرسلاً يدفعنى إليه كونى مسلمة تتمنى أن يكون لدينها فضل السبق والتميز ولكنها الحقيقة التى ربما يغفل عنها الكثير من الناس ، لذا أحاول قدر استطاعتى تسليط الضوء على بعض النماذج والأمثلة التى امتلأت بها شريعتنا السمحة الغراء فيما يتعلق بالتنمية البشرية على مستوى الفرد والمجتمع مستعينة بالله مستعيذة من الشيطان
وقد تناول القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة العديد من موضوعات التنمية البشرية التى يرفع لواؤها اليوم في كافة وسائل الإعلام المقروء والمسموع والمرئى فقد دعت الشريعة الاسلامية إلى :
1- الأخلاق
2- الايجابية
3- العمل الجماعى
4- مهارات الانصات
5- مهارات التفكير الابداعى
6- مهارات حل المشكلات
7- مهارات الاتصال والتواصل
8- تحديد الهدف
9- الثقة بالنفس
10- آداب الحوار
11- آداب الاستذان 12- المسؤولية
والعديد والعديد من الآداب الاجتماعية التى تصلح من كل انسان وتصلح لكل زمان ومكان
وأود أولاً تناول التنمية البشرية التى تناولتها الشريعة الاسلامية فيما يتعلق بالتنمية البشرية الأخلاقية ، فالأخلاق عنوان الشعوب وهى أساس الحضارة ووسيلة للمعاملة بين الناس ، ولا ننسى أبداً أن الغاية التى بعث من أجلها رسولنا الكريم هى اتمام مكارم الخلاق كما قال صلى الله عليه وسلم " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " فبهذه الكلمات حدد الرسول الكريم الغاية من بعثته أنه يريد أن يتمم مكارم الأخلاق في نفوس أمته والناس أجمعين ويريد للبشرية أن تتعامل بقانون الخلق الحسن الذي ليس فوقه قانون, إن التحلي بالأخلاق الحسنة, والبعد عن أفعال الشر والآثام يؤديان بالمسلم إلى تحقيق الكثير من الأهداف النبيلة منها سعادة النفس ورضاء الضمير وأنها ترفع من شأن صاحبها وتشيع الألفة والمحبة بين أفراد المجتمع المسلم وهي طريق الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة.
والقارئ المتمعن فى كلمات القرآن وآياته يجد الكثير منها التى تناولت الأخلاق الحميدة وحثت عليها ففى الفرد نجده يؤصل :
1- الصدق
2- الثبات والاستقامة
3- الاحسان
4- الحكمة
5- الصبر
6- العفة
7- غض البصر وحفظ الفرج
8- الوسطية والاعتدال
9- شكر النعم
10- كظم الغيظ
11- التواضع
فى حين يسعى لتكوين أساس راسخ فى المجتمع كصفات مثل :
1- حسن السلوك
2- الوفاء بالعهد
3- دفع السيئة بالحسنة
4- فعل الخيرات
5- الاصلاح بين الناس
6- العفو والصفح عن الناس
7- السلم والمسالمة
8- الرحمة والتراحم
9- الايثار
10- الكرم
11- الاعراض عن اللغو
ومثلما حث الاسلام المسلم على الأخلاق الحميدة فقد نهاه أيضاً عن الأخلاق الذميمة التى يؤثر وجودها على انهيار قيم المجتمع مثل :
1- التكبر
2- الغرور
3- الكذب
4- التجسس والغيبة والنميمة
5- السخرية واللهو
6- الجبن والبخل
7- الطمع والاسراف
8- الفساد والافساد
9- الخيانة والغش
10- الرياء
11- المكر
12- الحسد والبغض
13- الغفلة
14- الكفر والفجور
15- الفواحش
وسوف أتناول كل منها بشئ من التفصيل تباعاً على النحو الذى لا يمل منه القارئ
وما كان من توفيق فمن الله وحده المتفضل بالنعم المتكرم بالعطايا ، وما كان من تقصير فمنى
ساحة النقاش