التخطيط الجيد يساعدنا في تحقيق أكبر قدر من الأهداف التى نسعى إليها وننشدها في حياتنا لاسيما التخطيط للقيام بمسئولياتنا في كل الاتجاهات .

فالمسئولية أحد الأعمدة الهامة التى يجب أن نربى عليها أبناءنا ، ولما لتحمل المسئولية من أهمية واضحة في حياة المجتمعات وليس الأفراد فقط فقد أولت لها المجتمعات المتحضرة اهتماماً خاصاً خصوصاً لدى النشئ لديها وسعت بكل وسائل التربية الحديثة على ترسيخ " ثقافة المسئولية " .

ولكن ما معنى المسئولية وما هى اتجاهاتها ؟

المعنى اللغوي لكلمة مسؤولية:

مسؤولية : مأخوذه من السؤال ، أي ما يُسأل عنه
والمسؤول هو الذي يُسأل عن شيء ما أي يُحاسب عليه

 

قال تعالى في سورة الصافات : ((هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (21) احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (23) وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ (24))

 

 

المسئولية في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة :

حث الله سبحانه وتعالى بنى آدم على اختلاف ألسنتهم وألوانهم على تحمل المسئولية الملقاه على عاتقهم  ، وبين لنا في كثير من الآيات البينات في القرآن الكريم  اهتمام شريعتنا الغراء الشريعة الاسلامية بالمسئولية سواء كانت على المستوى الفردى أو المجتمعى سعياً إلى ما يحقق رغد العيش في الدنيا وفوز رضا الله ودخول جنته في الآخرة .

إن المسؤولية هي الخاصيّة البشرية الأساسية التي يقوم بها الارتقاء بالإنسان لبلوغ الصلاح فى المجتمعات الانسانية  وهى إحدى الصفات الأخلاقية السامية التى حرص الاسلام على تأسيسها فى نفس كل فرد منا ، ولا أحد منا ينكر ارتباط  صفة تحمل المسئولية  بحرية الفرد فى اختياره فالمسئولية أساس التربية الاسلامية القويمة التى يسعى كل فرد مسلم  تأصيلها فى أبنائه  على النحو الذى يرضى الله عز وجل والذى يحقق الهدف الأساسى من خلق الانسان وتنصيبه خليفة على الأرض .

فالمسؤولية الكبرى للإنسان، وهي خلافة الأرض، هى المسئولية الأساسية التي تنبثق منها المسئوليات الجزئية والتي لا تقلّ أهمية منها، وأكثر من ذلك فحُسن تحمّل المسئوليات الصغرى على مختلف المستويات وفي كافة المجالات مرتبط أو يؤدي إلى حسن القيام بالمسؤولية الكبرى.

 

 

 

 

أدلة المسؤولية من القرآن الكريم:

1ــ {فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون  }(الحجر) 92-93

2ــ قال تعالى: {وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون  }(الزخرف) 44

 3ــ وقال تعالى: {وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا }(الإسراء)34

4ــ قال تعالى: { إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا}(الإسراء)36.

 

من السنة النبوية المطهرة:

 1ــ عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي [ أنه قال: «ألا كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راعٍ، وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ عن أهل بيته، وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده، وهي مسؤولة عنهم، والعبد راعٍ على مال سيده، وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته».

 2ــ عن عبدالرحمن بن سمرة ] قال: قال النبي [: «يا عبدالرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة، فإنك أن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها»(رواه البخاري).

ومن الآثار الصحيحة:

أن عمر بن عبدالعزيز دخلت عليه زوجته فاطمة، فرأته يبكي في مصلاه، سألته: مالك تبكي؟ قال: دعيني وشأني، فلما ألحت عليه قال: إني نظرت إلى الأرملة والمسكين، وذي العيال الكثير والدخل القليل، وابن السبيل، وذكر أكثر من عشرين صنفاً من هؤلاء الذين يعانون ما يعانون في مملكته، أو في بلدته، فقال: علمت أن الله سيسألني عنهم جميعاً، وأن حجيجي دونهم رسول الله [.

فالإنسان مسؤول، لكن الإنسان أحياناً يترنم بكلمة «مسؤول كبير»، ولو علم ما تعني هذه الكلمة لارتعدت فرائصه، الإنسان مسؤول لأنه قَبِل حَمْل الأمانة.

 

صفات المسؤول عموماً:

 أن توجد فيه أخلاق المؤمن، ويظهر ذلك في العبادات القلبية: متجرد - قانع - زاهد - عزيز - حيي - ورع - خاشع - متواضع - كاظم للغيظ - شاعر بالغربة في هذه الحياة - متوكل على الله - يكره المدح - يغار - تسره الحسنة و تسوؤه السيئة - يُرضي الله ويُحب له ويبغض فيه. هذا كله مع دهاء وفراسة وفطنة ولباقة حتى لا يخدع المسلم، وإن كانت صفاته الحسنة تمنعه من خديعة الآخرين.

 

وفي الأثر: «اتق فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله»، والفراسة: استدلال بالأحوال الظاهرة على الباطنة، والفراسة فكرة تقفز للوعي ممن شهد لهم بالذكاء.

 

 

 

اتجاهات  المسئولية :

للمسئولية اتجاهات أربعة نذكرها فيما يلى :

المسئولية تجاه الخالق : وتشمل مسئولية العبادة ، والتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة مثل :

الصلاة وتكون عن طريق المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها

الصدقة وتكون عن طريق اخراج صدقة كل أسبوع بما تيسر

الصيام وتكون عن طريق صيام 3 أيام كل شهر

الحج والعمرة لمن استطاعها

القرآن الكريم ويكون عن طريق محاولة ختمه مرة شهرياً أو قراءة ما تيسر منه يوميا من خلال ورد يومى

المسئولية تجاه النفس : وتشمل المسئولية المباشرة للفرد عن نفسه في الجوانب ( المالية والصحية والعقلية والروحية وفى الوقت والعلم .....إلخ ) مثل :

المستوى الثقافى مثل قراءة كتاب شهرى

الوقت ويكون من خلال وضع خطة شاملة لاستثمار أمثل للوقت

الصحة وابسط الطرق ممارسة رياضة المشى بمعدل نصف ساعة يومياً

الممتلكات الشخصية ويكون من خلال تعهد كافة الممتكات الشخصية بالصيانة الدورية

المال ويكون عن طريق الادخار الشهرى لمبلغ معين

الجوارح " اللسان ، السمع،  البصر "  وتكون من خلال تنمية الحساسية تجاه الكلام والسمع والبصربتحقيق التقوى في كل منها

المسئولية تجاه الآخرين : وتشمل المسئولية تجاه المصطفى عليه الصلاة والسلام ، ثم الوالدين ، ثم الأقارب وذوى الرحم والأصدقاء وعامة الناس

الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم : ويكون بالاقتداء بهديه في التعامل مع الآخرين

الوالدين : ويكون بتقبيل الرأس واليدين يومياً والدعاء لهما والبر

الرحم : ويكون عن طريق الاتصال بالأقارب والسؤال عنهم أسبوعياً

الجيران : ويكون عن طريق الاحسان إليهم وتقديم بعض الهدايا البسيطة لهم بشكل دورى اتباعا لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم " تهادوا تحابوا "

الأصدقاء : وأبسطها عن طريق ارسال رسالة جوال أسبوعية مفيدة لكل الأصدقاء

عامة الناس : وتكون من خلال الابتسامة وافشاء السلام

المسئولية تجاه البيئة والوطن : وتشمل مسئولية المشاركة في بناء المجتمع وحماية الوطن مثل :

الممتلكات العامة : ويكون من خلال شدة العناية بما تحت يديك من ممتلكات عامة

الأنظمة والقوانين : ويكون عن طريق الالتزام بكافة الأنظمة والقوانين مثل الأنظمة المرورية وحث الآخرين عليها .

البناء والتنمية : ويكون عن طريق المشاركة في عمل تطوعى يسهم في تنمية وبناء المجتمع مثل عقد ندوات ومحاضرات في التوعية الصحية في الحى الذى تسكن فيه ، أو عمل مجموعات وحلقات لتحفيظ القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة ، أو حتى فصول محو الأمية للكبار في الشارع الذى تقتنه ....إلخ .

الحماية : عن طريق ابراز محاسن الوطن واشاعتها خصوصاً لدى من يسكنون بالقرب من الأماكن السياحية حيث أنك سفيراً لبلدك من خلال سلوكياتك فاحذر أن تكون سلوكياتك سلبية فأنت رمز لبلد بأكملها .

 

وفى كل مجال من هذه المجالات ينبغى على الفرد أن يضع أهدافاً واضحة لأداء كل مسئولية على الوجه الأكمل .

 

أسس المسئولية :

تقوم المسؤولية على أسس هي:

وعي الإنسان : بغايته من الوجود، والتي هي عبادة ربّه بمعناها الواسع؛ يساعده للارتقاء بحياته نحو الكمال في سعي دائم وعمل دؤوب، الوعي بمهمته وهي ضمن العلاقة بالحياة الدنيا القائمة على سنة الابتلاء والجزاء، والمهمة في الكون وفق علاقة التسخير كي يمارس فيه دوره الأساسي الذي هو الاستخلاف. ويحتاج الإنسان للنهوض بمسؤولياته إلى الإرادة والقدرة. كما أنّ العمل الصالح هو نتيجة لتفاعل هذه العناصر: التصوّر الصحيح للكون وهدف الإنسان، والإرادة والقدرة.

وتقع المسؤولية في دوائر متعددة يُكمّل بعضها البعض، بيِد أنّ الفرد هو محور هذه الدوائر كلّها. فالفرد هو مسؤول بمقدار قدراته المودعة فيه. والأسرة مسؤولة عن تهيئة المناخ الملائم لتكوين أفراد صالحين فعّالين في مجتمعاتهم. والمجتمع بمؤسساته مسؤول عن رعاية مصالح الأفراد. والأمة مسؤولة عن الارتقاء بحالها لتقوم بواجب الشهادة على الناس وتصل إلى مرتبة التمكين.

 

أسأل الله لى ولكم التوفيق والسداد .

المصدر: صفحات من أوراقى الخاصة فى التنمية البشرية فى اطار الشريعة الاسلامية
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 96 مشاهدة
نشرت فى 19 مارس 2013 بواسطة drnagwasallam

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

10,943