نظرية التفكير في التفكير 15 - 15 البروفيسور الدكتور / علي مهران هشام.
( أحسن القصص )
سورة سيدنا يوسف عليه السلام نزلت في عام الحزن .. هي السورة الوحيدة في القرآن، التي تقص قصة كاملة بكل لقطاتها .. لذلك قال الله تعالى عنها: أنه سيقص على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) "أحْسنَ القَصَص".
وهي أحسن القصص بالفعل كما يقول علماء اللغة . فهي تبدأ بحلم، وتنتهي بتفسير هذا الحلم .
من المعجزات أن نجد التالي:
قميص يوسف:
- استُخدم كأداة براءة لإخوته .. فدل على خيانتهم.
- ثم استُخدم كأداة براءة بعد ذلك ليوسف نفسه مع إمرأة العزيز فبرَّأه.
- ثم استخدم للبشارة .. فأعاد الله تعالى به بصر والده.
نلاحظ أن معاني القصة متجسِّدة .. وكأنك تراها بالصوت والصورة .. وهي من أجمل القصص التي يمكن أن تقرأها ومن إبداعها تاثيرا.
لكنها لم تجيء في القرآن لمجرد رواية القصص .. وهدفها جاء في آخر سطر من القصة وهو:
(إنَّهُ مَن يتَّقِ ويَصبر، فإنَّ اللهَ لايُضيعُ أجرَالمُحسِنين)
محاور القصة الاساسية هي:
- الثقة في تدبير الله.
- الصبر.
- عدم اليأَس. - الخيانة والمؤمرات لاتحقق ربحا او نجاحا. - الصدق يجلب الخير.
سورة يوسف تمشي بوتيرة عجيبة .. مفادها أن الشيء الجميل، قد تكون نهايته سيئة والعكس..!
- فيوسف أبوه يحبه، وهو شيء جميل، فتكون نتيجة هذاالحب أن يُلقى في البئر!
- ثم الإلقاء في البئرشيء فظيع .. فتكون نتيجته أن يُكرَم في بيت العزيز.!
- ثم الإكرام في بيت العزيز شيء رائع .. فتكون نهايته أن يدخل يوسف السجن.!
- ثم أن دخول السجن شيءٌ محزن ومؤلم .. فتكون نتيجته أن يصبح يوسف عزيز مصر.!
الهدف من ذلك:
- أن تنتبه ونوقن، إلى أن تسيير الكون شيءٌ فوق مستوى إدراك البشر .. فلا تشغل نفسك به ودعه لخالقه يسيِّره كما يشاء .. وفق عِلمه وحِكمته.
- فإذا رأيت أحداثاً تُصيبُ بالإحباط ولم تفهم الحكمة منها فلا تيأس ولا تتذمَّر .. بل ثِق في تدبير الله، فهو مالك هذا المُلك وهو خير مُدبِّر للأمور ( احسن دوما الظن بالله )..
- أن الإنسان لا يجب أن يفرح بشىء قد يكون ظاهره رحمة لكنه يحمل في طياته العذاب أوالعكس
العجيب أنك في هذه السورة، لا تجد ملامح يوسف النبي، بل تجدها في سورة "غافر".
- أما هنا فقد جاءت ملامح يوسف الإنسان .. الذي واجه حياة شديدة الصعوبة منذ طفولته ولكنه نجح.
- ليقول لنا: إن يوسف لم يأتِ بمعجزات .. بل كان إنساناً عاديَّاً ولكنه اتَّقى الله فنجح.!
- وهي عِظة لكل شخص مُبتَلى أو عاطل ويبحث عن عمل.
- وهي أمل لكل مَن يريد أن ينجح رغم واقعه المرير.
هي أكثر السور التي تحدَّثت عن اليأس.
- قال تعالى:
*فلمَّا استَيأسوا منهُ خَلَصوانَجِيَّا ( الاية ٨٠).
*ولا تيأسوا مِن رَوحِ الله .. إنَّهُ لا ييأسُ مِن رَوحِ الله إلا القومُ الكافِرون ( الاية ٨٧).
*حتى إذا استيأس الرسلُ وظَنُّوا أنَّهُم قد كُذِبوا جاءَهُم نَصرُنا ( الاية١١٠).
- وكأنها تقول لنا:
• إن اللهَ قادر .
• فلِمَ اليأس؟
إن يوسف رغم كل ظروفه الصعبة، لم ييأس ولم يفقد الأمل . . فهي قصة نجاح في الدنيا والآخرة:
- في الدنيا: حين استطاع بفضل الله ثم بحكمته في التعامل مع الملِك، أن يُصبح عزيز مصر ..
- وفي الآخرة: حين تصدَّى لامرأة العزيز ورفض الفاحشة ونجح ..
لقد نزلت هذه السورة في عام الحزن على رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم في أشد أوقات الضيق وهو على وشك الهجرة وفراق مكة ..
هذه السورة كما يقول العلماء:
*ما قرأها محزون ٌإلا سُرِّي عنه.
تولى الله أمر يوسف،
* فأحوج القافلة في الصحراء للماء .. ليخرجه من البئر!
* ثم أحوج عزيز مصر للأولاد .. ليتبناه!
* ثم أحوج الملك لتفسير الرؤيا..ليخرجه من السجن.
* ثم أحوج مصر كلها للطعام .. ليصبح عزيز مصر.
إذا تولى الله أمرك .. هيأ لك كل أسباب السعادة
وأنت لاتشعر فقط قل بصدق ويقين :
{وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ} .
ولكن علينا بالعمل والاجتهاد وبذل الجهد، أي الأخذ بالأسباب وترك النتائح لله خالق الكون ومدبر شؤونه.
والله المستعان،،،
ساحة النقاش