Dr. Maher Elsawaf

الطريق إلي التقدم والتنمية يقوم علي العلم والمعرفة وحرية التعبير

النفاق  كوسيلة  لتقلد المناصب السياسية والإدارية

د. محمد ماهر الصواف

استغل البعض مما يحلمون بتولي المناصب العليا السياسية والإدارية بالدولة عدم وضوح معايير اختيار شاغلي تلك المناصب وتمكنوا من تقلدها من خلال ممارسة النفاق أو من خلال القرابة والمعارف ، وبحجة أنهم من أهل الثقة، ونقصد بالمناصب السياسية الوزراء ونوابهم ومستشاريهم والمحافظون، وأعضاء اللجان الاستشارية وغيرها من المناصب العليا بالدولة.

وقد لعب سابقاً الإتحاد الاشتراكي والحزب الوطني وبدعم من أجهزة الإعلام المختلفة دورا كبيرا في تأصيل هذا السلوك وتم اختيار كثير من المنافقين وممن لا يستحق  لشغل المناصب العليا  في الدولة. و ترتب علي ذلك  إخلال بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين في تولي الوظائف العامة .

وأثبتت التجارب السابقة أن هؤلاء المنافقون وأهل الثقة عادة ما يسعون لاستغلال وظائفهم لتحقيق مصالحهم الشخصية وحصلوا علي أراض وقروضا من المال العام بطرق غير مشروعة . ومارسوا النفاق لمن في يده السلطة مهما اختلفت الاتجاهات والسياسات وأصبحوا في خدمة كل سلطة. وأدي ذلك بدورة إلي انتشار المحسوبية والفساد الإداري .

وبمرور الوقت استقر في نفوس الكثيرين من المصريين أن النفاق هو الوسيلة الأسهل في ظل غياب معايير الاختيار  لتحقيق أحلامهم في تقلد المناصب العليا الإدارية والسياسية. وللأسف تم استخدام  بعض التقاليد الاجتماعية السائدة في المجتمع المصري كوسيلة سهلة للنفاق مثل المبالغة في التعازي ونشرها في الجرائد اليومية  في مساحات كبيرة ، وكذلك نشر التهاني للمناسبات المختلفة. أيضا استغلال الأعياد والمناسبات القومية لتقديم الهدايا والتهاني بهدف التقرب لكبار المسئولين.

ومن الغريب انه في خلال تلك الحقبة التاريخية  السابقة انتشرت صور عديدة  للنفاق داخل المؤسسات العلمية أيضا ، حيث تم استغلال  الندوات والمؤتمرات في تقديم التهاني والثناء علي كبار المسئولين والمبالغة فى ابراز إنجازتهم، فرغم أن الهدف من إقامة هذه اللقاءات العلمية هو إتاحة الفرصة للباحثين لتقديم البحوث والدراسات ومناقشتها والتعرف علي ما يستجد من نتائج علمية، والمعاونة في كشف نقاط الضعف في سياسيات وقرارات الدولة ، إلا أنه للأسف كان يتم دعوة  بعض القادة السياسيين الحالين والسابقين للإلقاء الكلمات والخطب والتحدث عن جهوده وكانت تستخدم عبارات ومصطلحات التفخيم المبالغ فيها أثناء هذه الحلقات العلمية مثل ( معالي السيد الوزير ، القائد المطور، الوطنى المخلص، داعم الفقراء والغلابه ) .

ولا شك ان هذه الصور من النفاق لها نتائج كارثية علي مستقبل هذا الوطن وأدت إلي صدور عديد من القرارات السياسية والإدارية وفقا للأهواء الشخصية وإرضاء المقربين والمنافقين .

 ولا حاجة للقول أنه من المفترض ان يتم اختيار المناصب السياسية والإدارية وفق معايير محددة وواضحة وذلك إعمالا للقاعدة الإدارية المعروفة (الشخص المناسب في المكان المناسب ) وهذه القاعدة اوجب الاسلام العمل بها وقد رُويت أحاديث تحذر من الخيانة في تولية المناصب لغير الأكفاء تحذيراً شديداً منها الحديث الذي رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله : ((إذا ضُيعت الأمانة فانتظر الساعة)) ، قال: “كيف إضاعتها يا رسول الله ؟ ” ، قال : ((إذا أُسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة . والمناصب العامة هي من بين أعلى مراتب الأمانة، والتفريط فيها بتسليمها لغير المؤهلين لها يُعَد خيانة عظيمة.

ولا ننكر ان الدولة تستعين في بعض الحالات بعدد من الخبراء العلميين وتعيينهم كمستشارين إلا أنه من الأهمية وضع معايير اختيار واضحة ومعلنه وعلمية لاختيار شاغلوا المناصب العليا السياسية منها أو الإدارية ، فشاغلي هذه المناصب هم قدوه لباقي العاملين في الدولة ، و قراراتهم تؤثر حتما في مصالح الناس ودعم عمليات الإصلاح والتطوير والذي يعد من الأولويات التي يجب علي الحكومات ، الحالية والقادمة ، تبنيها.

 

 

 

Dr.maher elsawaf الأستاذ الدكتور محمد ماهر الصواف

drelsawaf
نشرالثقافة الإدارية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية »

عدد زيارات الموقع

331,151

ابحث