الضمير، المفهوم والأهمية د. مصطفي اسماعيل
الكل يتكلم عن الضمير ويطالب ان يراعيه كل منا في تعاملاته وأعمالة ولكن ما المقصود بالضمير؟
الضمير أو ما يسمى الوجدان هو: قدرة الإنسان على التمييز فيما إذا كان عمل ما خطأ أم صواب أو التمييز بين ما هو حق وما هو باطل، وهو الذي يؤدي إلى الشعور بالندم عندما تتعارض الأشياء التي يفعلها الفرد مع قيمه الأخلاقية، وإلى الشعور بالاستقامة أو النزاهة عندما تتفق الأفعال مع القيم الأخلاقية، وهنا قد يختلف الأمر نتيجة اختلاف البيئة أو النشأة أو مفهوم الأخلاق لدى كل إنسان.
فسر العلماء الضمير أنه وظيفة من وظائف الدماغ التي تطورت لدي الإنسان لتسهيل الإيثار المتبادل(Altruism) أو السلوك الموجه من قبل الفرد لمساعدة الآخرين في أداء وظائفهم أو احتياجاتهم دون توقع أي مكافأة وذلك داخل مجتمعاتهم.
والضمير وصف وكلمة تجسد كتلة ومجموعة من المشاعر والأحاسيس والمبادئ والقيم تحكم الإنسان وتأسره ليكون سلوكه جيدا محترما مع الآخرين يحس بهم ويحافظ على مشاعرهم ولا يظلمهم ويراعي حقوقهم ..وباختصار شديد.. هو ميزان الحس والوعي عند الإنسان لتمييز الصح من الخطأ مع ضبط النفس لعمل الصح والبعد عن الخطأ.
ويوضح علماء الفلسفة ان الضمير مركّب من خبرات يكتسبها الإنسان وجدانيّاً تساعده على فهم المسؤوليّة الأخلاقيّة للسلوكيّات التي ينتهجها وسط مجتمعه، وذلك بتمييزه بين الحق والباطل بناء على وضعه في المجتمع، فالضمير عند الفلاسفة لا يورّث، وإنّما يكتسبه الإنسان من خلال التربية والظروف المعيشيّة.
ويرتبط الضمير ارتباطا وثيقا بالواجب، ويشعر المرء – بوعيه بأنه انجز واجبه تماما – بأنه صافي الضمير، أما انتهاك الواجب فيكون مصحوبا بوخزات التأنيب. والضمير، في استجابته الايجابية لمتطلبات المجتمع، قوة دافعة قوية للتهذيب الأخلاقي.
الضمير في علم النفس هو جهاز نفسي تقييمي يتعلق بالأنا فالمرء يهتم بتقييم نفسه بنفسه ، كما إنه يتلقى تقييمات الأخرىن لما يصدر منه من أفعال ، فالضمير يقوم بمعاتبه الشخص إذا تبين أن نتيجة تقييمه لنفسه أو تقييم الأخرىن له ليست جيدة . وهو يتناول الماضي والحاضر والمستقبل فهو لا يعاتب صاحبه على ما صدر منه في الماضي فقط، بل ويحاسبه عما يفعل في الوقت الحاضر، عما سوف يفعله في المستقبل.
ويوضح العلماء أن الضمير قد يكون سويا أو قد يتعرض للانحراف إما إلى البلادة والخمول إما إلى المبالغة في تقدير الأخطاء، كما أنه قد يكون فرديا وقد يكون جماعيا، فالمرء في حياته الشخصية وعلاقاته بغيره وبنفسه يكون صاحب ضمير فردي، ولكن الضمير قد يتسع ليشمل مجموعة من الناس قد تكون محدودة أو قد يمتد ليشمل شعب بأكمله، فمثلا عندما ينهزم جيش شعب أمام جيش أخر فإن ضمير الشعب قد يثور وقد يقوم بانقلاب على حكامه.
وفي الإسلام هناك حديثا يدل على وجود الضمير وهو حديث وابصة ابن معبد الذي سأل الرسول محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم فقال له:
"يا وابصة، استفت قلبك، البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في القلب وتردد في الصدر وإن أفتاك المفتون"
ويعد الضمير منعدما عندما يغرق القلب بالظلمات والتكبر والغرور والانخداع فتعلو في هذه الحالة الانا والشهوات على صوت الضمير.
وهنا يذهب العطف على الصغير و يذهب الاحساس بالشيخ الكبير و
يذهب من حولك صغير كان ام كبير.
ولكي يحمي الإنسان الضمير يجب أن تتوافر لديه العزيمة على عدم العودة للصفات التى تصفه بالتكبر، والنظر لمستقبله ، والنظر لمن حوله، والنظر في الحروب ، وتفعيل المشاعر قد يزيد في رجوع الضمير. والتعرف أكثر على اهمية الضمير في الحياة لكي يكون محبوب بين الناس لا منبوذ.... والله ولى التوفيق