توجه سعودي لإغلاق أكاديمية الملك فهد بألمانيا
عهود مكرم (بون )
في حي باد جودسبرج المرموق بمدينة بون (عاصمة جمهورية ألمانيا الاتحادية حتى 1990) حيث تقبع أكاديمية الملك فهد، تتداول أنباء على نطاق واسع عن عزم المملكة إغلاق الأكاديمية، بعد أن أكدت مصادر مطلعة خطة إغلاق الأكاديمية التي شكلت صرحا حضاريا وثقافيا على مدار 20 عاما، وباتت جسرا للتفاهم والتبادل الثقافي العربي - الأوروبي.
وتحفظ مسؤولو الأكاديمية على التعليق عن نية السعودية لإغلاق الأكاديمية، فيما ظهر السفير السعودي في أكثر من مناسبة ليؤكد الإغلاق، وليصادق على ما ذهبت إليه المصادر الألمانية.
وكتبت صحيفة «فرانكفورتر ألجماينه» المحافظة تقريرا عن موضوع إغلاق أكاديمية الملك فهد في الـ28 من أغسطس أكدت فيه عزم المملكة إغلاق أكاديمية الملك فهد في بون. وأضافت الصحيفة أن القرار مرتبط -حسب مصدر سعودي دبلوماسي- مع إجراءات رفع كفاءة الإنفاق الذي تتبعه الحكومة السعودية أخيرا لتطوير الاقتصاد والمجتمع في السعودية.
وأكد سفير المملكة لدى ألمانيا عواد العواد لصحيفة "فرانكفورتر ألجماينه» أنه لا معنى لوجود مدرسة سعودية في ألمانيا وهي الدولة التي تتمتع بأفضل مستوى تعليمي، وأضاف السفير أن القرار جاء لإعطاء «طلابنا في ألمانيا الفرصة للالتحاق بأرقى المدارس".
وعاود السفير التأكيد على إغلاق الأكاديمية في صفحة ألمانية على الانترنت قائلا: "لا ضرورة لوجود مؤسسات تعليمية سعودية في ألمانيا والتي تقوم المملكة بتمويلها".
واستطاعت أكبر أكاديمية سعودية في الخارج بعد أكاديمية الملك فهد في لندن تحقيق أهدافها، بيد أن النجاحات لم تشفع للأكاديمية التي أسست عام 1994 بمرسوم ملكي بالاستمرار، إذ تؤكد مصادر عزم إغلاقها نهاية العام الدراسي الحالي لأسباب تعزوها المصادر بسياسة رفع كفاءة الإنفاق التي تتبعها المملكة.
وشكل مبنى الأكاديمية اللائق مصدر إشعاع للانفتاح العربي والترحيب بالأوساط الأكاديمية الرصينة في القارة العجوز، واستطاعت أن تقدم نفسها خيارا مثاليا في تعلم اللغة العربية وثقافتها المتجذرة في التاريخ، كما عمدت على تنظيم يوم ينقل فعاليات المملكة بجانب الدول العربية، لتوضيح الرؤى السعودية للجانب الألماني، لاسيما في ما يخص مستقبل البلاد في «رؤية 2030» التي خطط لها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
ويدور في أذهان مرتادي الأكاديمية ممن ذاقوا قهوتها ولمسوا أثرها الإيجابي في تمرير مفهوم الاعتدال السعودي داخل المجتمعات الأوروبية والألمانية على وجه الخصوص، أسئلة عن أسباب إغلاق الصرح السعودي الوحيد على هذا المستوى في ألمانيا وفي أوروبا كاملة بعد أكاديمية لندن.
ولعل القوة الناعمة التي تمثلها الأكاديمية -بحسب مراقبين- تمثلت في احتفالها الأخير لليوم الوطني السعودي الـ86، إذ احتفلت بمشاركة غير معتادة تمثلت في باحثين وأصدقاء للأكاديمية، ولم يأت الحضور للمشاركة السلبية وإنما للتأكيد على أهمية دور الأكاديمية في فتح مجالات للحوار والتعريف بتعاليم الإسلام في وقت ترى فيه الساحة الألمانية والأوروبية نوعا من القلق من المسلمين، حتى أن جيرانها أشادوا بها من أكاديميين ورجال دين ألمان.
ويبدو أن وجود الأكاديمية في بون شكل جزءا لا يتجزأ من الحياة التعليمية والثقافية بالمدينة التي باتت مقررا لسكرتاريات الأمم المتحدة المختلفة، وحضنا لمدارس أجنبية عدة منها الدولية والأمريكية والبريطانية والفرنسية، حتى أنه جار العمل على افتتاح مدرسة يهودية في ولاية فستفاليا ورنانيا السفلى وهي الولاية التي تقع فيها مدينة بون.
وجاء افتتاح الأكاديمية بمرسوم ملكي من خادم الحرمين الشريفين الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز، الأمر الذي اعتبره الجانب الألماني ووسائل إعلامه خطوة لتشكيل صرح ثقافي وجسر للتفاهم والتقارب العربي - الأوروبي والعربي - الألماني. وتقع الأكاديمية على مساحة تقدر بـ5600 متر مربع، وتبلغ مساحة مسطحات البناء الرئيسية نحو 5 آلاف متر مربع، ويضم مجمع الأكاديمية مسجدا كبيرا يتسع لنحو 500 مصل، وجزءا للإدارة والمرافق العامة، إلى جانب صالتين للمؤتمرات والندوات والمناسبات الثقافية يتسع كل منها لنحو 250 شخصا.
<!--